أحلال عليهم .. حرام علينا ؟!
عدنان الروسان
إن نجا هذا المقال من المنع كما حدث في الشهرين الأخيرين لمقالاتي مع الصديق الحبيب ناشر عمون فقد يكون ذلك ضربة حظ أو شيء من هذا القبيل ، و لا ألوم عمون و ناشرها فهو لا يريد أن يخسر عمون ليربحني ، و نحن في زمن انج سعد فقد هلك سعيد و لكن لا بد من النظر إلى الأمور من زاوية أخرى و لا بد أن نجري نقاشا في هذه النقطة بالذات ، و سأكون موضوعيا و مهنيا و أكاديميا قدر المستطاع في رؤيتي لموضوع ما هو مسموح و ما هو ممنوع من النشر.
نحن في الأردن متهمون بأننا ديمقراطيون ، و هي تهمة جيدة لا بد من الاستفادة منها كما أننا متهمون بسعة الصدر و ارتفاع سقف الحريات و هذا أيضا أمر لا بد من الاستفادة منه و توظيفه توظيف جيدا ، و كلنا يعلم اليوم أن لا أحد قادر على منع الكلمة من الانتشار فما لا تنشره اليوميات الرسمية و المواقع الإخبارية يتسع له فضاء الشبكة العالمية للإنترنت بدون حدود و بالتالي فقد صار المنع لا قيمة له ، و أحيانا أنشر على صفحة أو موقع صغير مقالا تتداوله مئات المواقع و يقرأه عشرات الآلاف إن لم يكن أكثر و الأمر متاح للجميع بالتأكيد .
إذا كنا لا نستطيع أن نكتب عن موقف دول الخليج في موضوع حصار قطر و رأينا فيها ، و إذا كنا لا نستطيع أن نكتب عن الشأن السوري ، أو عن هيمنة الموقف الأمريكي على سياساتنا أو عن الموقف الإسرائيلي التافه من الأردن ، و إذا كنا لا نستطيع تناول ما يتحدث به خلفان و قرقاش ، و إذا كنا لا نستطيع أن نغوص في تفاصيل ملفات الفساد و شخوصها فعن ماذا نستطيع أن نكتب ، هل نكتب عن مسرحية ريا و سكينة ، أو عن بطولات الجنرال صلاح الدين السياسي ، أم نكتب عن نتائج التوجيهي و أثرها في الوضع العربي مثلا .
الأردن قادر على تحمل تبعات الكتابة بكل طمأنينة و أمان فلماذا نضيق الأمور على أنفسنا و نميل إلى التضييق على الآخرين ، لحساب من و لإرضاء من ، كتاب و وزراء و نواب و مسئولين عربا و أجانب يشتموننا و يشتمون الأردن شعبا و حكومة و ملكا و لا تمنعهم حكوماتهم و لا تتحرك وزارة الخارجية عندنا لتحتج ، فلماذا لا يحق لنا ما لا يحق لغيرنا و لا نريد أن نورد تفاصيل الموقف الإسرائيلي من الأردن و مواقفهم العدوانية الفجة و قذارتهم في الحديث عن الشعب الأردني و معه ، فذلك شأن آخر ، نحن قادرون على تحمل تبعات أن نفسح المجال لصحافتنا لتتمتع بحرية أكبر و أوسع ، و كلما ازدادت حرية الصحافة و اتسع صدر الدولة للمعارضة و المعارضين كلما قويت الدولة و ترسخت مؤسساتها ، و ازدادت مناعتها ، فالحرية موقف إنساني رائع و الحرية تمنع التطرف و الديمقراطية تمنع الإرهاب و سعة الصدر تجعل من الدولة دولة راشدة رشيدة و الديكتاتورية الشمولية لم تدم أبدا في أي مكان .
نحن بحاجة إلى نقرأ و نكتب و نتحدث و نتحاور ، رغم الكثير مما تتعرض له الكتابة و الكتاب و العارضة و المعرضين من الشتائم و السب و اللعن على بعض المتعطلين و المنافقين على مواقع التواصل الاجتماعي و الذين لا يملكون القدرة على القراء العميقة و الكتابة النافعة و لا وقت لديهم لتثقيف أنفسهم ، رغم كل هذا تبقى الحرية و الديمقراطية سياجان يحميان أمن الوطن و مؤسساته الوطنية ، و المعارض الوطني لا خوف منه ، فهو ينتقد حبا لوطنه و خوفا عليه ، حتى أكثر المعارضين صراحة و ربما فجاجة يبقون وطنيين أكثر من المنافقين الذين يعملون بدون أجر في جوقات الدحية و أفواج الدبكة .
الخوف من أن نغضب دولة ما لا يجب أن يمنعنا من ممارسة حقنا الطبيعي في الحرية و قول الحق ، و إغضاب دولة أقل ضررا مهما كانت قوة تلك الدولة و عظمتها من إغضاب الشعب الذي هو مصدر السلطات و صاحب التفويض الحقيقي للحكومة أن تحكم و للسلطة أن تقود ، نحن بحاجة إلى الكتابة و القراءة و الحوار و الحديث حتى لا نكون كبراقش ، و نحن نرى و نسمع و متأكدون أن القوة الحقيقية هي القوة الذاتية ، و أن لا أحد يأخذ بخاطرنا .
لم نعد مهمين للسعودية و لا للإمارات و بالطبع و لا لقطر ، و لسنا مهمين لإسرائيل فدول الخليج تهرول لوحدها نحو إسرائيل و لسنا مهمين لأمريكا ، لندع المجاملات و نتحدث بصراحة ، و ضيعنا إيران حتى لا يغضب الخليج و هاهو الخليج يغازل إيران ، و خسرنا حماس و خسرنا رصيدنا الشعبي في فلسطين ،و ها نحن نقف كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا و لم يبق لدينا إلا عباس ، عباس وحده لا شريك له ، هل هذا هو حجم الأردن الذي نريد .
نحن نريد كل الخير و المنعة و القوة لبلدنا و لا نريد أن نبقى دائما على قائمة الانتظار على أمل أن يدعونا أحد إذا بقي متسع لنا ، الأردن بيده أن يكون قويا ا وان يبقى ضعيفا كما هو الآن و نحن نريده أن يكون قويا بإذن الله.
التعليقات مغلقة.