هل ستكون جبهة النصرة بسورية هي البديل للمعارضة السورية المعتدلة؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) السبت 7/3/2015 م …
لقد جاء تصريح جون كيري وزير الخارجية الامريكي خلال المؤتمر الصحفي المشترك بالرياض مع نظيره السعودي سعود الفيصل ,,حول احتمالات اعادة تكثيف الضغط العسكري المدعوم دوليآ وأقليميآ على النظام السوري لدفعه نحو القبول بالحل السياسي ,فهذا التصريح يوحي بشيء من الغموض ويؤكد أن هناك عمل ما جديد يستهدف سورية ,,فحديث كيري أثار الكثير من الشكوك حول النوايا الغربية والاقليمية للتصعيد العسكري المرتقب مجددآ في سورية ,,وخصوصآ مع الحديث مجددآ عن فكرة تعويم جبهة النصرة من جديد كبديل مقبول للمعارضة المعتدلة ,,وتحديدآ بعد ألانباء التي سربتها بعض وسائل ألاعلام الغربية حول نوايا قادة الجبهة ,لأعلان مبكر عن انفصال جبهة النصرة عن التنظيم الام وهو تنظيم القاعدة الدولي ,,وهذا المسعى تدعمه الأن بعض الدول ومنها على سبيل المثال لا الحصر “قطر –تركيا –فرنسا “.
بألاشهر القلية الماضية فقد شكل تمدد تنظيم جبهة النصرة بشكل واسع بمناطق شمال وجنوب وشمال غرب سورية بالفترة الاخيرة،نوعآ ما من أعادة خلط ألاوراق بالميدان العسكري السوري, وخصوصآ بعد تصفية جبهة النصرة للكثير من قوى ما تسميه واشنطن وحلفائها “بالمعارضة المعتدلة “بارياف ادلب وبريف حلب الغربي “جبهة ثوار سورية –وحركة حزم “,وهذا ما أزعج واشنطن وحلفائها ,,ولكن بالتزامن مع كل هذا الفعل على الارض ,خرجت مبادرة قطرية –تركية ومن خلف الكواليس,وملامح هذه المبادرة تنص على فكرة انفصال تنظيم جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة الام ,,والتزام تنظيم جبهة النصرة بمحاربة تنظيم داعش على ألارض مستقبلآ,,بمقابل حصول جبهة النصرة على تمويل ودعم كبير من بعض الدول الخليجية والاقليمية والدولية المنخرطة بالحرب على سورية .
وهذا ما دفع بعض قوى الأقليم للحديث عن ان يكون تنظيم جبهة النصرة هو البديل والوريث الشرعي للمعارضة المعتدلة مستقبلآ ولكن باعتراف وقبول دولي, فاليوم تحاول بعض الاطراف الاقليمية والدولية وعلى راسها “تركيا وقطر وفرنسا وامريكا” الترويج لتنظيم جبهة النصرة على انه تنظيم معتدل ,وخصوصا بعد ان قدم التنظيم بالفترة الاخيرة طقوس الولاء والطاعة للاسرائيليين ,وساهم التنظيم بشكل واسع بتقديم خدمات مجانية وبعمليات واسعة بالجنوب السوري ضد مواقع قوات الجيش العربي السوري ,خدمت مطامح الاسرائيليين الساعية لتشكيل منطقة عازلة بالداخل السوري تمتد من ريف القنيطرة الى الاراضي المحتلة من الجولان العربي السوري المحتل، تحميها قوة عسكرية مسلحة بالداخل السوري تدعمها اسرائيل تشبه الى حد ما تجربة جيش انطوان لحد بالجنوب اللبناني”هذه التجربة أفشلتها ألى حد ما العملية العسكرية للجيش العربي السوري وقوى المقاومة بالجنوب السوري مؤخرآ ” .
فاليوم يقرأ بعض المتابعين لمسار معارك تنظيم جبهة النصرة بالشمال السوري ,بمدينة حلب وريفها الشمالي وبارياف ادلب وخصوصا الجنوبي والغربي، ان هناك مشروع عسكري ما يحضر لتنفيذه بشمال وشمال غربي سورية، يهدف الى اقامة مناطق عازلة بالشمال السوري تكون نواتها تشكيل امارة لجبهة النصرة تمتد من ريف ادلب الجنوبي المحاذي لريف حماه الشمالي مرورا بمساحات واسعة من ارياف ادلب التي طردت منها جبهة النصرة مؤخرا ميليشات ما يسمى بجبهة ثوار سورية وصولا الى مساحات واسعة من ارياف مدينة حلب ,والتي تتصل بشكل مباشرجغرافيا مع الحدود التركية، وهذه الامارة كان قد اعلن عن نية تشكيلها ,زعيم التنظيم الملقب”بابو محمد الجولاني ” بحديث له بالثلث الاخير من شهر تشرين ثاني من العام الماضي .
وبالعودة الى معارك تنظيم جبهة النصرة بالشمال السوري , فالواضح الان ووفقا لتقارير استخباراتية مسربة ان هناك استعدادا واضحا من قبل الجبهة ومن خلفها الاتراك “تحديدا” لمعارك كبرى ستنطلق بالشمال السوري وستمتد على الاغلب الى الساحل السوري، كما تشير معظم التقارير السرية المسربة التي تتبادلها اجهزة الاستخبارات المعنية وتسربها وسائل الاعلام الغربية، وستكون هذه المعارك الكبرى بالشمال السوري والتي متوقع ان تشمل الساحل السوري هذه المره وبقوة وزخم اكبر من العمليات الماضية، وستمتد لتشمل الشمال الغربي لتشمل ادلب المدينة ومحاولة العودة وبقوة الى الوسط السوري الى ريفي حماة الشمالي والغربي وذلك سيتم من خلال دعم سخي لجبهة النصرة كبرى المجموعات المسلحة بهذه المناطق، والزج ببضع الاف من المقاتلين الشيشان والافغان و السوريين و التي تتحضر بعض اجهزة الاستخبارات للزج بهم بعد الانتهاء من مراحل تدريبهم وتجهيز تسليحهم بمعسكرات تدريب خاصة بدول الجوار السوري، وبعض طلائع هذه المجموعات المدربة قد وصلت بالفعل من تركيا حديثا وبدات بخوض معارك “فعلية” واسعة بالفترة الاخيرة بريف اللاذقية الشمالي وبجبل التركمان وبمناطق نبع المر وكسب وبمحيط المرصد 45.
بمطلع العام 2014ومع صعود نجم تنظيم داعش ,,بعض المتابعين كانو قد قراءو ان جبهة النصرة قد تتلاشى قوتها بمناطق شمال غرب سورية وخصوصا بعد المعارك الكبرى لتنظيم داعش وتمدده بشكل واسع بشمال وشمال شرق سورية ,,تزامنآ مع العمليات التي نجح بها الجيش العربي السوري بتحرير مساحات واسعة من مناطق ريفي حماه الشمالي والغربي بوسط سورية والتي كانت بمعظمها تخضع لسيطرة جبهة النصرة، ، ولكن عادت جبهة النصرة من جديد وبدعم تركي و بدات بحشد مقاتليها الفارين من معارك ريفي حماه الشمالي والغربي وبعض مقاتليها المتمركزين بمعظم ارياف ادلب، وبدات معركة كبيرة وواسعة مزدوجة الاهداف والمعايير بالربع الاخير من العام الماضي تمثلت اولا بطرد جميع مقاتلي ما يسمى “بجبهة ثوار سورية” وهي احدى اجنحة ما يسمى “بالجيش الحر-المدعوم غربيا” من معظم ارياف ادلب، ثم انطلقت باتجاه توسيع معاركها مع الجيش العربي السوري لتشمل اسقاط معسكري وادي الضيف والحامدية المتمركزين ببلدة معرة النعمان بريف ادلب الجنوبي، مستفيدة من عدد المقاتلين الكبير بصفوفها وكمية سلاح كبيرة غنمتها من “جبهة ثوار سورية” بعد طردهم من اجزاء واسعة من ارياف ادلب.
والمتوقع ان تتوسع عمليات جبهة النصره مستقبلا لتشمل ادلب المدينة، كما يؤكد بعض قادة التنظيم ويقولون انه بالتزامن مع ذلك ستقوم الجبهة بهجمات وعمليات انغماسية اخرى، ومحاولة العودة مجددا الى ريف حماه الشمالي من خلال العودة وبقوة الى بلدة مورك، كرد اعتبار لهم بعد الخسائر المدوية بريفي حماة الغربي والشمالي، والمؤكد هنا انهم سيقومون بهجمات انغماسية انتحارية على عدة جبهات بعد استجماع قواهم مستفيدين من وفرة السلاح والمقاتلين بمحاولة لاستعادة بعض المناطق التي خسروها بريفي حماة الشمالي والغربي، وخصوصا بلدة مورك بالريف الشمالي لحماه.
الجنوب السوري هو الاخر يشهد الان معارك كبرى وخصوصا بمدن تتصل جغرافيا مع العاصمة دمشق وريفيها الشرقي والغربي ، فهناك بمدن درعا والقنيطرة وريفهما تدور معارك كبرى، والهدف منها هو الوصول الى ربط ريف دمشق الغربي بريفي درعا والقنيطرة، ويبدو واضحا بهذه المرحلة قوة التحالف بين جبهة النصرة كبرى الفصائل المسلحة بالجنوب السوري وبين الاسرائيليين، الذين يديرون ويتحكمون ويدعمون ويمولون ويسلحون معارك بعض المجموعات المسلحة ومن ضمنها جبهة النصرة بالجنوب السوري وخصوصا بمدينة القنيطرة وريفها وذلك بدا واضحا من خلال معارك بلدات تل كروم و البعث وخان ارنبة بمدينة القنيطرة، فمع تجدد هذه المعارك برز الى الواجهة عمق التحالف بين النصرة والاسرائيليين.
بالنهاية، فان عملية تعويم جبهة النصرة مجددا ترتبط بمجريات معارك ريف حلب الشمالي ومعارك تطويق مدينة حلب وارياف اللاذقية، ومسار المعارك وموازين القوى بمدينة ادلب وريف حماه الشمالي وارياف درعا والقنيطرة، وبتطورات معارك القلمون، فهذه المعارك لها مجموعة محددات ظرفية وزمانية ومكانية، وليس من السهل التنبؤ بمسار حركتها او طبيعة وكيفية الحسم فيها، وخصوصا بعد فتح جبهة النصرة وبدعم تركي -فرنسي، لمعارك واسعة في عموم المنطقة الشمالية و الغربية لسورية، والهدف من هذه المعارك كما يتحدثون هو منع اي فرصة تسمح باختراق ما ينجزه الجيش العربي السوري يعطي القيادة السياسية السورية اوراق قوة جديدة بتفاوضها مع مشغلي المجاميع “الرديكالية” المسلحة بسورية، ومن هنا سننتظر مسار المعارك على الارض وخصوصا بالايام القليلة القادمة، لنقرأ مسار المعارك بوضوح بعيدآ عن التكهنات……
*كاتب وناشط سياسي –الاردن .
التعليقات مغلقة.