مؤشرات الى حل بشأن الأزمة السورية / د.خيام الزعبي

على ما يبدو وحسب مراقبين دوليين بدأ العد العكسي للأزمة السورية, إذ تستعد أطراف الأزمة السورية القيام بعدة تحركات وتغييرات لها دلالاتها على الساحة السورية، سأحاول هنا الربط بين الأحداث المختلفة لنتتبع من خلالها ما نعتقده ظهور بوادر تدل على قرب إنفراج في الأزمة السورية الراهنة، وتتمثل تلك البوادر في السعي الحثيث الذي تبديه أطراف خارجية وداخلية للذهاب بالأزمة السورية صوب خيارات الحل السلمي وإيقاف الحروب الدائرة هناك، ويمكن ترتيب تلك البوادر على النحو التالي:




أولاً: القرار الأمريكي قبل عدة أسابيع بإنهاء برنامج وكالة المخابرات الأمريكية “سى آي آيه” لدعم وتدريب وتسليح المعارضة السورية، وذلك لرفع الغطاء عن الدول التي ما زالت تقوم سراً وعلانية بدعم فصائل متطرفة كتنظيمي “النصرة وداعش”، ويبدو ان واشنطن أُرغمت على قبول الحل السلمي للأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية من خلال عجزها عن إسقاط حكومة الأسد رغم دعمها للجماعات الارهابية، وخشيتها من الدخول في نزاع مسلح مع روسيا التي عززت قواتها في سورية بشكل مكثف.

ثانياٍ: اشتداد الأزمة القطرية -الخليجية -المصرية على خلفية رفض الدوحة تفاهمات دولية -إقليمية حول سورية، تقضي بوقف الحرب وبدء مرحلة التسوية السياسية .

ثالثاً: المبادرة السلمية التي أعلنتها القاهرة ، نعتقد أنها يمكن أن تشكل لبنة أساسية تبلور من خلالها مبادرة كاملة لحل الأزمة السورية بصورة سلمية، إذ أظهرت الوساطة المصرية بين طرفي الأزمة لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في معظم المدن السورية دوراً إيجابياً في جهود حل الأزمة وذلك بالاستفادة من العلاقة القوية مع موسكو في توسيع مناطق خفض التصعيد وسط التعقيدات الميدانية على الأرض.

رابعاً: القرار الأمريكى -الروسى، بالتفاهم مع مصر والأردن وقوى أخرى، لتوسيع تجربة مناطق خفض التوتر، ووضع تركيا وحلفاؤها أمام خيارات صعبة ومحاصرة مشروعها العبثي في سورية. وهذا يبعث رسالة مفادها أن الوقت قد حان لإيجاد حل سياسي لهذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية، وتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لضرب داعش ووقف تمويل المجموعات المسلحة ومنع عبور المسلحين عبر حدود الدول المجاورة لسورية.

خامساً: فشل مشروع المعارضة المسلحة في سورية فبعد سنوات من الدعم والتمويل والتسليح والتدريب وصلت واشنطن وحلفاؤها من العرب إلى قناعة أساسية وهي أن التحكم في هذه الفصائل مستحيل، وبالنظر إلى كل هذه العوامل والتطورات، طُلب من جميع الأطراف المنخرطة في دعم الفصائل المسلحة وقف التمويل والتدريب والتسليح. وبادرت عدة دول كانت قد ساهمت من قبل في تمويل الكثير من هذه الفصائل، إلى الإلتزام بالتفاهمات وأوقفت الدعم والتمويل للجماعات المسلحة.

اليوم تعيش تركيا أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة، ومن المعروف إن التدخل الروسي في سورية قلب الطاولة على الأتراك، فقد كانت أنقرة قبل التدخل الروسي بأشهر قليلة، قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مبتغاها بإنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري، لكن سياسة بوتين الحذرة جعلت الخطوة بعيدة المنال لذلك يبدو رهان تركيا الوحيد مقتصراً على دعم القوى المتطرفة وأدواتها في سورية، وبالطبع وبدون أمريكا لن تسطيع تركيا وحلفاؤها التدخل العسكري في سورية لان هذا الأمر يحمل في طياته الكثير من الصعوبات وأهمها عدم وجود تأييد دولي لها. وفي هذا الإطار تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي، فتركيا التي أدارت الصراع في سورية خسرت رهانها بعد أن فشلت من إعادة خلط الأوراق وإحداث فوضى عسى أن تتمكن من تحقيق أهدافها، ولكن كل هذه الأوهام تلاشت وإنهارت لأن قوات الجيش السوري على مختلف المكونات والأطياف هبوا ليقفوا صفاً واحداً للقضاء على داعش وطردها، وبذلك فأن تركيا دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامرتها الطائشة في سورية،

مجملاً… الكل يبذل الكثير من الجهود في المشاورات والمباحثات الإقليمية والدولية لإنجاح الحل السياسي في سورية، لذلك أرى إنه في الأسابيع والأشهر المقبلة سوف يكون هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، كما أن هناك بعض الدول ستخسر رهانها بالحرب على سورية ويعود ذلك على أن المعارضة المسلحة أبدت تراخي ومرونة بالقبول بالحلول السياسية، أما المجموعات المتطرفة “داعش وأخواتها” تشير الأحداث والوقائع الميدانية بأن دورها سينحسر ويتشتت خاصة بعد الإنتصارات التي حققها الجيش في مختلف المناطق السورية، وهنا يمكنني القول إن التحرك الروسي والأمريكي والايراني لحل الأزمة في سورية هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص التطرف ويساعد على مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية، وبإختصار شديد يمكن القول أن اللعبة إنتهت بالنسبة لأعداء سورية بعد أن قرر حلفاء دمشق قلب الطاولة على الجميع في المنطقة، أنني على يقين تام بأن الشعب السوري الجبار سيتمكن من تجاوز أزمته وسيعم الأمن والاستقرار وسينحر دعاة الفتن والطائفية الذين يريدون تدمير سورية، فسورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب لأنها قلعة منيعة في وجه الغزاة، لذلك من حقنا ان نتفاءل بهذا العام “2017 م”، ويمكن ان نجعله عام القضاء على داعش وأخواتها.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.