تقرير حول تفاقم أزمة الصحافة الورقية الأردنية
الأردن العربي – محمد شريف الجيوسي ( السبت ) 7/3/2015 م …
** مطلوب من الدولة الأردنية التعامل مع الصحافة الورقية الأردنية كمؤسسات وطنية وليس كشركات مساهمة او مؤسسات تجارية باعتبارها من سمات البلد وعوامل استقراره
تتفاقم الحالة المتردية لأقدم وأهم صحيفتين أردنيتين ورقيتين وأكثرهما انتشاراً وهما على التوالي ، صحيفتي الدستور والرأي ، وذلك بعد أزمة صحيفة العرب اليوم ، والتي يقال أن صحيفة الغد ستلحق بصحف الأزمة هي الأخرى .
وقرر الصحفيون والعاملون في جريدة الدستور ، اليوم ؛ السبت ، منع مدير عام جريدة الدستور وكذلك مدير الادارة من دخول مبنى الجريدة ، وذلك اعتبارا من اليوم السبت ، بعد ان اصر المدير العام يوم الخميس ، صرف سلف بواقع 50 دينارا ، وتحويل المبالغ المخصصة للتامين الصحي الى سلف وزعها على العاملين، الامر الذي اعتبره الصحفيون اهانة لهم واصرارا على الخطأ واستقصادا بتأخير الرواتب للشهر الرابع على التوالي وتعطيل التأمين الصحي للشهر الثاني على التوالي .
وحمّل الصحفيون رئيس واعضاء مجلس ادارة الدستور مسؤولية الاخطاء التي يرتكبها المدير العام دون وضع حد لها .
يذكر ان رئيس تحرير صحيفة الدستور محمد التل كان قد قدم استقالته صباح يوم الخميس من عضوية مجلس الادارة تحفظا واحتجاجا على ما تقوم به الادارة التنفيذية .
وقال الصحفي محمود كريشان في جريدة الدستور ، أن الحكومة تعاملت مع ازمة “الدستور” على قاعدة “جوع كلبك.. يتبعك”..
منتقداً موقف الحكومة ( الحيادي ) المذهل في قضية بدء انهيار صحيفة الدستور، وهي الصحيفة الاعرق والاوسع انتشارا في الأردن ، هذه الصحيفة التي وقفت مع الدولة، على قاعدة (أنصر اخاك ظالما او مظلوما) في لحظات عصيبة من الربيع الاردني، الذي تجاوزناه بصعوبة بالغة. اليوم ..
ويعاني الصحفيون في (الدستور) من عدم تسلمهم للرواتب منذ نحو 4 شهور، وقد اصبح اليأس يتسلل الى قلوبهم، وهم ينظرون الى الدولة التي وقفوا معها في لحظات عصيبة تتخلى عنهم، وربما تجعلهم مثل (خيل الانجليز)! بمعنى .. ما أن تنتهي مهماتهم، تقوم بنحرهم، وتتركهم لمواجهة مصيرهم المحتوم بالموت .. والله لا يردهم!
وأضاف كريشان ، أن قضية (الدستور) تدعو للتأمل، واعادة الحسابات مطولا، لأن المثل الدارج (جوع كلبك .. يتبعك)! ليس صحيحا على الاطلاق .. لأنه وباختصار مفيد، ربما تتحول تحت وطأة القهر والفقر الى (جوع كلبك .. يعضك) مع فارق التشبيه.
واعتبرت مصادر إعلامية أردنية ، أن ( الخطر يبدأ من شارع الصحافة ) وان تحضيرات تجري لحراك ساخن جدا واعتصامات مفتوحة في صحيفتي الرأي والدستور .
وقال مسؤول مهم في الوحدة الاستثمارية بالضمان الاجتماعي ، صراحة امام اعضاء في مجلس ادارة صحيفة يومية كبرى، ان التوجه جارٍ لتحويل مبنى صحيفة الدستور في شارع الجامعة الى فندق سياحي5 نجوم، تمهيدا لقرار اغلاق الصحيفة خلال شهور قليلة، بخاصة وان المبنى مملوك لمؤسسة الضمان الاجتماعي.
وردد مسؤول حكومي رفيع المستوى ؛ صراحة ، بخصوص الازمات التي تعيشها الصحيفتين المثل الشعبي: (كل واحد يقلع شوكه بإيده) في اشارة الى ان الحكومة لن تتدخل لمساعدة الصحيفتين.
وتردد أن مسؤولاً مهماً جدا في الوحدة الاستثمارية بالضمان الاجتماعي يخضع لتوجيهات رئيس ديوان ملكي اسبق (إقليمي ) لتصفية الرأي والدستور.
من جهته طالب عضو في مجلس ادارة صحيفة الرأي اسرة التحرير في الصحيفة ؛ الإقتداء بيومية ( الغد ) بالجرأة في مهاجمة الحكومة.
ويرى الإعلامي الأردني المستشار في صحيفة الدستور جمال العلوي ، أن على الدولة الأردنية ؛ النظر ، الى الصحافة الورقية كمؤسسات وطنية وليس كشركات مساهمة ذات صبغة تجارية ، بخاصة أنها في السنوات التي كانت فيها رابحة كانت ترفد خزينة الدولة بالضرائب ، وتشغّل العديد من أبناء الوطن سواء كصحفيين او فنيين او إداريين ، والمطلوب من الدولة ان تقف اليوم بجانب هذه المؤسسات الوطنية ، عبر تعليق ضريبة المبيعات البالغة 16% المفروضة عليها لفترة سنتين ، ورفع رساميلها.
ونبه العلوي إلى ان سعر الإعلان لمؤسسات الدولة للصفحة ( بعد رفعه ) بلغ 100 ديناراً ، فيما للقطاع الخاص يبلغ 1800 دينار ، الأمر الذي يوضح كم هي أسعار الإعلان الرسمي مجحفة ، وقد أضر الرفع المحدود جداً لأسعار إعلانات الدولة إلى مطالبة الجامعات وغيرها إلى تطبيق ذات السعر عليها .
( أنتهت شهادة العلوي )
ولا بد من تحرير مستوردات الصحافة الورقية من الورق والأحبار والمطابع والمستلزمات الطباعية الأخرى ، وغيرها من الضرائب والرسوم حتى تتمكن من استعادة انفاسها ، كذلك ، إعادة إشتراكات الدولة فيها ، بعد أن أوقفها وزير إعلام سابق في عهد حكومة سمير الرفاعي!؟
إن تنافس بعض الصحف الورقية اليومية على إعلان الدعم للحكومات المتعاقبة ، أفقدها جميعها تمايزاتها وخصوصياتها النسبية ، وبالتالي أعداداً مهمة من القراء والإعلانات ، في وقت تحتل فيه المواقع الإلكترونية هوامش نقدية عالية للحكومات ، ولا يكلف المتابع كلفة شراء صحيفة ، ما استدعى ايضا تنافس الصحف فيما بينها على تخفيض أسعار الإعلانات ، وبالتالي انخفاض المردود المادي الإجمالي لها .
ويقال أن صحيفة ورقية أردنية ستفلس في حال توقف دعمها بالورق المجاني الذي يصلها من الخارج ، وأخرى تعبر عن جماعة سياسية ذات موارد ، ما يثبت استمرارها ، وصحيفتين أخريين تصدران بعدد محدود من الصفحات والنسخ ، واخرى أفلست سابقاً تصدر الكترونيا ، فيما اغلقت العديد من الورقيات الأسبوعيات نهائياً ، أو تحولت إلى مواقع ألكترونية ، او باعدت بين أوقات صدورها وافتتحت بالإضافة إلى ذلك مواقع الكترونية .
ما يعني أن الصحافة الورقية الأردنية تعيش أزمة حقيقية في مجملها ، وهي بحاجة إلى معالجات جذرية ، من الدولة ، باعتبارها مؤسسات وطنية ، وأحد علامات الخصوصية الأردنية ومن عوامل استقرار البلد ، جنباً إلى جنب ، المصارف والشركات الكبرى والجامعات والأحزاب الخ ، على الدولة اجتراح حلول لها عندما تتعثر مسيرتها ، وليس اهمالها ، بخاصة أن مصير العديد من الناس يرتبط بها .
التعليقات مغلقة.