«المعارضات السورية»: فات زمن.. «الترميم»
محمد خروب ( الأردن ) الأحد 20/8/2017 م …
الأردن العربي – فيما تستعد اليوم «الهيئة العليا» للمفاوضات المنبثقة عن منصة الرياض للإلتقاء بمعارضي منصة القاهرة التي أبدت استعدادها للتجاوب مع رسالة الهيئة العمل على «توحيد» المنصات الثلاث، أبدت فيها المنصة الثالثة (منصة موسكو) موقفاً حذراً ومشروطاً ازاء الالتقاء في الرياض، تلك الشروط التي لم يُفصَح عنها حتى الان والتي قد تعرف هذا اليوم (الاحد) عندما تنقل وسائل الاعلام اسماء و»عدد» الحضور، في خضم ذلك كله جاء انضمام «فيلق الرحمن» الى هدنة الغوطة الشرقية هذا الفيلق الذي يخوض حرباً مع جيش الاسلام المنخرط هو الاخر في الهدنة، مثابة صفعة للهيئة العليا للمفاوضات (والائتلاف بالطبع) التي يتواصل نزيفها السياسي والتنظيمي بخروج المزيد من صفوفها بعضهم يُغرّد وحده مكتفياً بما حققه من ثراء ووجاهة وغيرهم يعودون الى دمشق مُبدين فعل الندامة بعد ان اكتشفوا كيف ولماذا تم اختراع مجلس اسطنبول وبعد ائتلاف هيلاري كلينتون ولاحقاً الهيئة العليا التي اريد لها ان تحتكر التمثيل وتغدو كما خطاب الائتلاف الممثل الشرعي والوحيد ليس فقط للمعارضات السياسية والفصائل العسكرية بل وايضا للشعب السوري بأكمله، ورأينا كيف تهاوت مكانته ودوره، وكيف يبدو الان متصدعاً ومرشحاً للإختفاء او إعادة الهيكلة او للترميم ولكن بشكل يريد الرعاة والممولون والمشغلون إلباسه قناعاً آخر عبر ضم منصتي موسكو والقاهرة، كي يبثوا فيه بعض ماء الحياة، بعد ان غادرته الحيوية وتحول الى جثة سياسية لا أحد يحفل به او يراهن عليه كي يهزم النظام او حتى يبدو شريكاً في المرحلة الانتقالية.
لا يَغُرّن أحد ما يسمعه الان وقبل لقاء اليوم مع منصة القاهرة وحدها، نحسب ان وفد منصة موسكو لن يحضر الاجتماع، لان الفوارق والهوّات التي تفصل بين مواقف كل منهما يصعب تجسيرها او القفز عليها سواء في ما خص طبيعة الخطاب «الجديد» الذي ستحمله «الهيئة» الى جنيف بنسختها «الثامنة» والمقرر ان تعقد في تشرين اول (او الثاني) المقبل، بعد ان أعلن ديمستورا تأجيل انعقادها الذي كان مقرراً اواخر الشهر الجاري كون «أطياف المعارضة تمر حالياً بمرحلة صعبة في مناقشاتها الداخلية ولا داعي لإجبارهم، إذا كانوا غير جاهزين حتى الان»، على ما قال المبعوث الدولي حرفياً قبل يومين.
ما الذي سيحدُث اليوم وما الذي سيُبحث إذا ما هبط ممثلو منصة القاهرة في الرياض او جدة وخصوصا إذا ما غاب ممثلو منصة موسكو؟
من السذاجة الاعتقاد بان مجرد اللقاء سيكون كفيلاً بتشكيل وفد «موحّد» من المنصتين (دع عنك رفض منصة موسكو المعلن والحاسم من حكاية تسمية الوفد بـِ»الموحّد») لان ليس مجرد التقاء المنصتين على عدم الموافقة على بقاء الرئيس الأسد ولو في المرحلة الانتقالية، على ما يصرّون، يعني ان الخلافات بينهما قد انتهت لان عقد «التفوق» و»التفرد» والشرعية الدولية والاقليمية المزعومة ما تزال تسيطر على اذهان مَن نُصّبوا على منصة الرياض سواء في الائتلاف ام في الهيئة العليا التي جيء على رأسها بنصر الحريري بديلاً عن اسعد الزعبي وايكال وظيفة كبير المفاوضين (…) لمحام مغمور اسمه محمد صبرا الذي وصف كل من يوافق على بقاء الأسد في الحكم او الترشح بعد انتهاء المرحلة الانتقالية بأنه عديم الشرف وعديم الاخلاق (هكذا حرفياً) فيما تبدي منصة القاهرة او لنقل بعض اطرافها «مرونة» في ذلك أما منصة موسكو فهي حاسمة في هذا الشأن بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية وله حق الترشح في اي انتخابات رئاسية تجري.
إذاً مسألة الوفد الموحّد، التي يطمح اليها بقايا ائتلاف الرياض والهيئة العليا، غير واردة تماماً ومحاولة ترميم المعارضات محكوم عليها بالفشل ليس فقط في ان منصة موسكو كذلك منصة القاهرة لا توافق على صيغة كهذه حتى لو تم توزيع (اقرأ اغراء) عدد الوفد بالمفاوِض بالتساوي وانما ايضاً في ان عملية «الهيكلة» التي سيخضع لها الائتلاف اواسط شهر تشرين الاول المقبل، قد تحمل في طياتها تغييرات جذرية في اسماء ومسميات وحجوم المشاركين في ائتلاف الرياض، ما قد يترتب عليه انسحابات واشكالات وهجمات اعلامية متبادلة وخصوصا إذا ما تم استبعاد بعض او كل من سيوكل اليهم اليوم «التفاوض» مع منصة القاهرة او التواصل مع منصة موسكو.
منصة موسكو كما هو معروف تدعو الى ان يكون وفد المعارضات «وفداً واحداً» لا موحداً، اي ان لكل منصة الحق في حمل وجهة نظرها والدفاع عنها وليس تبني موقفاً موحداً يدرك الجميع ان منصة الرياض تريد ان تملي على الجميع رأيها وموقفها المعروف انه موقف الداعمين والمشغلين، وقد كان ذلك واضحاً منذ اختراع الائتلاف وتنصيب الهيئة العليا عندما كانت لا تعترف بالمعارضات الاخرى وترفض مجرد وصفها بالمعارضة، بل كانت – وبعضها ما يزال – تصفهم بأنهم عملاء للنظام، هذا كان عندما كان يشعر قادة الائتلاف ومن يدعمهم انهم في وضع مريح وانهم «مقبولون» اقليمياً ودولياً، لكن الان وبعد الهزائم المدوية التي لحقت بهم سياسياً وبالجماعات الارهابية التي كانوا يدعمونها ميدانياً شعروا ان لا ارضية صلبة يقفون عليها فراحوا يتوسلون ويقدمون التنازلات (التي هي بلا رصيد سياسي او ميداني كما يجب التذكير)، لكن اصواتهم خافتة ومرعوبة وفاقدة الثقة بالنفس وبالمشغّلين خصوصاً بعد ان اثبت مسار «استانا» جدية وتحقق انجازاته ودائماً بعد ان انسحبت الفصائل المسلحة من عضوية الائتلاف والهيئة العليا وراحت (الفصائل) تفاوض في استانا وتلتحق بالهدن وبمناطق تخفيض التصعيد.
يفضح تصريح الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان اغا رهان معارضة مزيفة كهذه التي ابتلي بها الشعب السوري عندما يقول: اعتبر ان تسليم بعض الدول ببقاء الأسد في السلطة ليس إلاّ نتيجة غموض الموقف الاميركي الذي يشكل (البوصلة) الأهم وبالتالي تُغيّر المواقف بناء على توجهه.
أنهم مُعارضة.. ماما أميركا راهنوا عليها فخسروا ودفع الشعب السوري «الفاتورة» من دماء ابنائه.
التعليقات مغلقة.