أسير سابق: ماذا يعني أن تكون مريضاً في سجون الإحتلال الصهيوني؟!

الجمعة 25/8/2017 م …




الأردن العربي – قيس أبو سمرة – مُلقون على أسرَّة المرض، في سجن “مستشفى الرملة” في إسرائيل، تُقيَّدُ أطرافهم بالسلاسل، لا يقوون على الحركة وحدهم، وبالكاد يستطيعون التنفس، في سجن تكدست فيه أعداد الأسرى الفلسطينيين المرضى.

بتلك الكلمات وصف الأسير الفلسطيني السابق، إياس الرفاعي (34 عاماً)، مستشفى الرملة الإسرائيلي، المخصص لعلاج الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وقال الرفاعي الذي تحرر بعد 11 عاماً من الاعتقال، عانى خلالها أوضاعاً صحية صعبة:” الوضع في الرملة مأساوي جداً، كل مريض بحاجة للمساعدة ولا يوجد من يساعدهم”.

يتنهد قليلاً قبل أن يقول:” الرملة” هو عبارة عن مقبرة حقيقية”.

وأفرج عن الرفاعي يوم الأحد 13 آب/ أغسطس، بعد قضائه 11 عاماً بالسجن بتهمة مشاركته بهجمات ضد أهداف إسرائيلية.

سنوات “تجمدت” فيها حياته خلف قضبان السجن، ليخرج بعدها وكأنه ولد من جديد، بعد رحلة معاناة كادت أن تقتله إثر الإهمال الطبي في السجون، كما يقول.

ويصل عدد الأسرى الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية لنحو 100 أسير، مصابون بأمراض خطيرة ومزمنة في السجون الإسرائيلية، منهم نحو 30 يواجهون خطراً حقيقياً يهدد حياتهم، بحسب نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي).

وعن رحلة العلاج داخل السجون، يصف المحرر الرفاعي بعض اللحظات التي كان يعيشها خلال مرضه بأنها أقرب للموت.

ويقول:” مررت بمواقف أيقنت أني مفارق الحياة”.

يقف على شرفة منزله، ويقول:” مشتاق للحياة بكل تفاصيلها، كل شيء تغير، لكني أشعر وكأنني ذلك الشاب الذي كان بالأمس هنا”.

ورغم فرحة الحرية، ووجوده وسط ذويه في بلدة كفر عين شمال غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، يروي قصة معاناته مع المرض.

ويمضي بالقول:” شعرت خلال شهر رمضان من العام 2014 بإرهاق وتعب شديدين، إثر عزلي في زنازين سجن النقب الصحراوي شمالي إسرائيل”.

ولم تشفع طلبات الرفاعي المتكررة على مدار ثلاثة شهور بعد إخراجه من العزل الانفرادي للأطباء لإجراء فحوصات طبية، مكتفين بتقديم المسكنات فقط، فخسر نحو 30 كيلو غرام من وزنه خلال تلك الفترة.

ويشير إلى أن حالته الصحية ساءت، مما أدى إلى إصابته بانهيار وغيبوبة متقطعة استدعت نقله لمستشفى “سوروكا” الإسرائيلي.

ورغم الحالة الطارئة للرفاعي، نقل للمستشفى بمركبة نقل عسكرية وهو مقيّد اليدين والرجلين، ولمدة أربع ساعات.

وأظهرت الفحوصات الطبية للمريض بحسب قوله، وجود التهابات حادة في الأمعاء، تستدعي إجراء عملية جراحية عاجلة، لكن تقدم الالتهاب حال دون ذلك.

يكمل حديثه قائلاً:” مكثت ثمانية أيام في مستشفى سوروكا ثم تم نقلي لإكمال العلاج في مستشفى سجن الرملة”.

لم يمض الرفاعي طويلاً في مستشفى سجن الرملة بسبب الاكتظاظ، مما دفع إلى نقله للسجن من جديد، حيث ساء وضعه الصحي بشكل كبير، مما استدعى نقله لمستشفى “سوروكا” من جديد.

وقال:” تنقلت خلال سنة كاملة بين المستشفى والسجن حتى تقرر إجراء عملية جراحية في الأمعاء”.

يشير إلى بطنه قائلاً:” عندما استيقظت وجدت بطني مفتوحاً، جزء من الأمعاء خارج البطن، مع وجود أنابيب كثيرة”.

وأضاف:” قال لي الطبيب حينها:” أشكر الله أنك ما تزال على قيد الحياة، تم استئصال كتل من داخل الأمعاء وقص جزء منها بسبب تعفنها”.

لم تنته معاناة الرفاعي حيث أعيد لمستشفى سجن الرملة، ومن ثم لسجنه، وتناوب على زيارة العيادات الطبية، وأجريت له عملية أخرى بعد عدة شهور”.

ثلاثة سنوات من المرض والعلاج يقول عنها الرفاعي:” مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة”.

مرض الأسير السابق لم ينته بعد، بحسب قوله، حيث يتطلب وضعه الاستمرار بالعلاج في المستشفيات الفلسطينية، مشيراً إلى أنه لا يستطيع حتى اليوم تناول الطعام بشكل طبيعي، وهناك جزء من الكتل لا تزال داخل أمعائه.

وعبر عن مخاوفه من تطورها.

واتهم المحرر الفلسطيني مصلحة السجون الإسرائيلية “بقتل الأسرى ، نفسياً وجسدياً”.

ولفت إلى أن أوضاع الأسرى المرضى عامة والقابعين في مستشفى سجن الرملة “بحاجة لتحرك رسمي وشعبي ودولي لإنقاذ حياتهم”.

وقال:”6400 أسير فلسطيني في السجون جميعهم يحبون الحياة، دخلوا المعتقلات مرغمين مكرهين عليها”.

وأضاف:” الأسير في انتفاضة مستمرة منذ اعتقاله، يتعرض لمضايقات يومية تحاول السلطات الإسرائيلية كسره، الحياة تتجمد منذ لحظة الاعتقال”.

وأردف:” الاعتقال مدرسة ومجتمع كامل، استطاع المعتقل أن يكسر كل الحواجز ويتخطى كل العقبات”.

واستطاع الرفاعي إكمال تعليمه الجامعي داخل المعتقل، وحصل على دبلوم تأهيل دعاة وبكالوريوس “تاريخ”، بالتنسيق مع جامعة الأقصى في قطاع غزة.

واعتقل الرفاعي في العام 2006، بتهمة “الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي”، وصدر بحقه حُكماً بالسجن (11 عاماً).

ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو6400 أسير، منهم (62) سيدة، بينهن (10) قاصرات، ونحو (300) طفل، ونحو (450) أسيراً إدارياً، علاوة على وجود (12) نائباً في المجلس التشريعي (البرلمان)، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.

وكان قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قد قال سابقاً، إن مئات الأسرى مرضى بأمراض لا تهدد حياتهم بشكل فوري.

وأضاف:” مصلحة السجون تتبع برنامجاً يتمثل بأن لا يصل المريض إلى مرحلة الوفاة لما يترتب على ذلك من مسؤوليات”.

وقال :”هناك إدارة للمرض وليس علاجه”.

وبين فارس إن السجون تفتقر إلى مختبرات صحية، ويتم تشخيص المرض عبر الاحتمالات، مما يترتب عليه معاناة للأسير المريض وتأخر في إعطاءه الدواء المناسب، حسب قوله.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.