الاخوان المسلميين ..وضغوط الرياض على عمان والقاهرة..ماذا أستجد ؟ / هشام الهبيشان

 

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الإثنين 9/3/2015 م …

 هل يمكن وصف ان ما يجري اليوم بالاقليم من تحولات سياسية بأنه أنقلاب كامل بمسار التحالفات ألاقليمية؟؟ ,الجواب ببساطة انه لم يصل للأن لهذه الدرجة من التعقيد والتشابك ,فما يجري اليوم من تحولات كبيرة بمسار التحالفات الجديدة بألاقليم ككل ,,هو العنوان ألاكثر حضورآ بالمرحلة الحالية ,وسيكون كذلك ايضآ على المدى الزمني المتوسط على الأقل ,فما جرى مؤخرآ من تبدلات “مرحلية “بطبيعة التحالفات بالمنطقة,,يعكس بشكل كبير صدى هذه التحالفات على المنطقة بشكل واسع “مرحليآ “,,وخصوصآ ان حللنا بوضوح طبيعة تشكل هذه التحالفات والصدى المسموع لها بدوائر صنع القرار لكل دولة بألاقليم ,,فما جرى مؤخرآ من تقارب سعودي –تركي ,أثار العديد من التكهنات حول التداعيات المستقبلية لهذا التقارب على الاقليم ككل ,فهذا التقارب عكس بجملة ما يعكس سعي الرياض وأنقرة وبدعم مباشر من واشنطن ولندن وباريس لاعادة احتواء جماعات الأسلام السياسي بألاقليم ككل “الاخوان المسلميين “,,والهدف هو الضغط  على الدول التي تقيم بها جماعات الاسلام السياسي ولها قواعد مجتمعية وبيئات حاضنة لها ,,لاعطاء دور جديد لهذه الجماعات بهذه الدول وتحويل دورها من دور القائد لهذه الدول كما كان مخططآ له وفشل هذا المخطط بمراحل تطبيقه لعدة ظروف وأسباب موضوعية ,ألى دور الشريك بالسلطة ,وهنا يمكن تعميم هذا المفهوم والتطبيق العملي له على دول مثل “مصر –ألاردن -تونس “,,وعلى كل دولة عربية أخرى لديها حواضن مجتمعية للأسلام السياسي بمجتمعاتها.

 

 

 وبالفعل كان هناك ضغط أقليمي ودولي واسع على أنظمة الحكم بهذه الدول”مصر –ألاردن –تونس ” ,لتقديم تنازلات حقيقية لجماعات الاسلام السياسي داخليآ ,فقد ما رست بعض ألانظمة الخليجية والاقليمية والدولية ,,ضغوطآ كبيرة بالفترة ألاخيرة على كل من مصر والاردن  وتونس تحديدآ ,,والهدف هو انجاز مشروع شراكة بالسلطة بين هذه ألانظمة وجماعات ألاسلام السياسي ,وهذه الضغوط تنوعت بطريقة عملها بشكل كبير ,,من ضغوط اقتصادية وسياسية الى ضغوط وصلت ألى حدود التهديدات “المبطنه” ألامنية الداخلية بحال عدم وجود شراكة فعلية بين ألانظمة الحاكمة وجماعات ألاسلام السياسي بهذه الدول,,فالسعوديين والاتراك تحديدآ يحاولون بهذه المرحلة بما يملكون من قوة أقتصادية وعسكرية متوازنة ونفوذ اقليمي ,,يحاولون احتواء جماعات الاسلام السياسي بالمنطقة من جديد تحت عباءتهم,,وذلك من خلال اشراكها الفعلي بالسلطة بالدول التي تتواجد فيها ,,وهذا بدوره سينعكس بشكل أيجابي على نفوذ كل من السعودية وتركيا حسب رؤية أنقرة والرياض وخصوصآ اذا علمنا ان جماعات الاسلام السياسي بالاقليم ككل بدأت بالمرحلة الاخيرة تقدم صكوك الطاعة لحلف أنقرة -الرياض ,,وهذا سيزيد بشكل ملموس من مساحة النفوذ التركي السعودي بالمنطقة العربية والاقليم ككل,,وخصوصآ اذا علمنا ان دوائر صنع القرار الدولي تبارك هذا المسعى السعودي التركي .

هذا المسعى السعودي –التركي,,أثار استياء الكثير من حلفاء الرياض بعمان والقاهرة تحديدآ ,,وخصوصآ بالقاهرة ,التي مالبثت ان أضافة حركة حماس الى قوائم الارهاب لديها ,ليأتي خبر دعوة الملك السعودي لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لزيارة الرياض ,ليزيد الهوة التي بدأت بألاتساع بين الرياض والقاهرة بالفترة ألاخيرة, فمن الواضح بهذه المرحلة ,,أن فوضى ألاقليم قد أثرت بشكل كامل على مسار بناء تحالفات هشه بالسابق ,,والواضح اليوم ان هناك مسار جديد لطبيعة التحالفات بالاقليم ككل ,وخصوصآ أذا علمنا ان النظام المصري قرر البدء بأولى خطوات التصعيد المرحلي مع السعودية ,وهي المرحلة الأعلامية فالمتابع للاعلام المصري يعلم وبشكل لايقبل الشك حجم تصعيد ألاعلام “الخاص “المصري أتجاه السعودية وبعض دول الخليج بالمرحلة ألاخيرة ,ومع ذلك فمازال النظام المصري يحاول قدر ألامكان الحفاظ على خطوط تواصل ولو كانت بحدها ألادنى مع السعوديين ,,فالمصريين يعلمون أن قطع الامدادات المالية الخليجية عن القاهرة “مرحليآ “,,يعني بجملة ما يعني سقوط النظام ومصر ككل بفوضى اقتصادية وأمنية عارمة ,,وهنا يبدو واضحآ ان السعوديين ومن خلفهم ألاتراك يستغلون الظرف المصري الداخلي والخارجي الصعب للضغط  على المصريين بشكل كبير بهدف اطلاق يد ألاخوان بمصر من جديد وهذا ما ترفضه القاهرة للأن .

مع العلم أن ضغوط الرياض على القاهرة بخصوص جماعة الاخوان المسلميين المصرية ,هي نفس الضغوط التي تمارس على عمان بهذا الأطار طبعآ مع ألاخذ بالعلم فروقات توصيف حالة ألاسلام السياسي في كل من الأردن ومصر ,,فعمان هي ألاخرى تتعرض لضغوط دولية واقليمية تهدف الى أشراك جماعة الاخوان المسلميين ألاردنية بالسلطة بشكل واضح وملموس ,,وهذه الضغوط لا تخفيها دوائر صنع واتخاذ القرار بالاردن ,,ومع أن هناك رؤية أكثر أنفتاحآ بعمان لفكرة قبول أشراك حقيقي للجماعة بالسلطة ,,ولكن ضمن شروط ومحددات زمانية ومكانية وظرفية ,,وهذا ما ترفضه الجماعة  ألاسلامية بالاردن التي تعرضت لصدمات وأنشقاقات كبيرة بين صفوفها بالفترة ألاخيرة .

هذه الضغوط بمجملها على كل من مصر والاردن “وتونس -التي استطاعت بالفترة الأخيرة انجاز مشروع شراكة داخلي مع أخوان تونس”النهضة “,,فهذه الضغوط تركت أنطباعآ سيئآ عن النظام السعودي الجديد عند كل من النظامين المصري وألاردني ,,فهذان النظامان كانا يعتبران الى وقت قريب جدآ السعودية هي ركن الأرتكاز الاول لهما,ولكن مع تغير ملحوظ وظاهر للعيان بالسياسة السعودية بالتعامل مع كلا النظامين ,,بدأ كلا النظامين بمحاولة المناورة بأوراق ميزان القوة والاقطاب الاقليمية من جديد بهدف أخضاع الرياض لسياسة ألامر الواقع ,,فعمان دقت ابواب طهران بعد غياب عمان شبه الكامل عن ابواب طهران بالعقد ألاخير,, وبالطبع هنا تجدر الاشاره الى ان هذا التقارب أن تم فعلآ  بين عمان وطهران فسيكون هذا التقارب عنوانآ لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة وسيخلط أوراق الاقليم ككل من جديد ،،ولكن بالتزامن مع طرق عمان لأبواب طهران ,ودعوة عمان  من طهران للعرب للانفتاح على طهران وتعزيز التعاون معها,,لم نسمع أي موقف سعودي او خليجي يدعو من جديد للتوقف عن الضغط على عمان بورقة الأخوان المسلميين,,بل نرى صمت شبه كامل وكان الخليج راضي على تقرب عمان من طهران ,,وان موضوع هذا التقارب لايعنيه بالمطلق ,,وكأن دول الخليج وخصوصآ دوائر صنع القرار السعودي متيقنه من عودة الأردن الى احضان الخليج مجبرآ على تنفيذ ما يملى عليه فهو كما يقولون مأزوم داخليآ سياسيآواقتصاديآ,ومتضرر بشكل كبير امنيآ من فوضى المحيط العربي,,ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يستغني عن الدعم الخليجي –السعودي,,وان جميع أوراق المناورات الاردنية لابتزاز الخليج ستسقط سريعآ .

 ختامآ ,,لايمكن انكار حقيقة ان السعودية تشكل ثقل كبير بميزان القوى بالاقليم نظرآ لما تملكه من نفوذ اقتصادي ومالي أقليمي واسع ,,ولكن عندما يتم أستغلال هذا النفوذ لتنفيذ أملاءات على دول وانظمة أخرى بالأقليم ,فهذا سيستدعي وبشكل طبيعي حالة من الصحوة الذهنية عند الانظمة والدول التي تمارس عليها السعودية هذه الضغوط والاملاءات,,مع العلم أن دول مثل مصر والاردن  مازالت بحاجة الى وقت أطول وألى عمل شاق للخروج تدريجيآ من تحت العباءة السعودية ,,وهذا ما سيعكس بدوره حقيقة أن تبقى هذه ألانظمة وهذه الدول تدور طويلآ بفلك الضغوط والاملاءات السعودية ,,مع العلم ان هناك مؤشرات على  انقلاب تدريجي مصري على الدور السعودي بالمنطقة واعادة تشكيل واقع عربي اقليمي جديد يضمن  التحالف بشكل كامل مع روسيا القوة العسكرية ودول جنوب شرق أسيا الصناعية  والانفتاح عى القارة الافريقية والتعاون مع امريكا اللأتينية القارة الصاعدة وبقوة دوليآ,,لضمان خروج مصر الكامل بالنهاية من تحت العباءة السعودية –التركية –الامريكية –الفرنسية ,,وهذا ما يستلزم قرارات جريئة ومصيرية وتاريخية كذلك من الدولة والنظام الأردني,,بحال أستمرار الضغوط والاملاءات السعودية على الاردن ,,فالانفتاح ألاردني على أيران والحفاظ على علاقات توازن مع السعودية سيعطي ألاردن ميزة جديدة بعلاقاته الاقليمية,فهل سيقدم الاردن على أتخاذ هذه الاجراءات المصيرية والتاريخية ؟؟,ومن هنا سننتظر القادم من ألايام ليعطينا تفاصيل واجابات أكثر عن علاقات ومسارات التحالفات ألاقليمية المقبلة ……

 

 

 *كاتب وناشط سياسي –ألاردن .

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.