أمريكا لن تنتصر…وسورية ستبتلعهم / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الإثنين 9/3/2015 م …
تدخل الحرب المفروضة على سورية عامها الخامس، وأمريكا موغلة حتى النخاع في دعم الجماعات التكفيرية التي تقاتل الجيش السوري، وتنحاز إنحيازاً واضحاً لهذه الجماعات، وبعد تفكك الإتحاد السوفياتي، أصبح إقامة إمبراطورية طائفية مترهلة، تمثل كل أنواع التخلف والهمجية، وتقف بوجه روسيا والصين، فكانت الدوائر الغربية صاحبة المشروع الإستعماري الجديد في المنطقة مدركة جيداً إن مخططها عرضة للتخريب وعدم التحقيق طالما سورية بخير، فكان القرار ضرب مكونات الشعب السوري الذي كان من الصعب إختراقه لأنه يملك مقومات حضارية عريقة، فجاء إعلان حرب الإبادة التي تساهم بها أمريكا وحلفاؤها بكل ثقلهم، ولكن الحقائق على الأرض تؤكد أن هذا العام سيكون عام الحسم، وأن الجيش السوري سيضع النقاط على حروف الملحمة التي تسطرها سورية منذ بداية العدوان، بعد أن تمكنت من إفشال المؤامرة، التي شاركت فيها كل قوى الشر المتمثلة بأمريكا والغرب .
اليوم بات العالم يعرف التناقض المفضوح التى تتصف بها سياسة أمريكا في المنطقة، وأن هناك سياسة مزدوجة تقوم بها أمريكا، ففي الوقت الذي رفضت فيه تسليح الجيش الليبي خوفاً من وقوع الأسلحة في أيدي المتطرفين، تدعم وبقوة الجماعات المتطرفة ضد النظام السوري، كما أن مخطط أمريكا لتفتيت المنطقة وتقسيمها وخلق منها دويلات صغيرة أصبح واضح للجميع، لأن الولايات المتحدة تخطط من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، لذلك يواجه الرئيس أوباما صعوبات هائلة لتحقيق أهدافه التي لم يكن يتخيلها في سورية، بجيشها القوي وشعبها المصمم على الوقوف خلفه بكل قوة.
الغرب عندما شاهد داعش, وما تفعله بالمنطقة, لم يلجأ لحلول حقيقية وناجحة, بل بحث كيف يمكن أن يستفيد من الوضع المتدهور في المنطقة، لذلك أعلنت أمريكا أنها لا تستطيع إسقاط داعش فوراً, لأنها مهمة شبه مستحيلة كما تدعي أمريكا, ووضعت سقف زمني بالحاجة لسنوات ثلاثة أو تزيد, وعمدت إلى تشكيل تحالف دولي, يقوم بضربات جوية فقط, للحد من تمدد الدواعش, أي للحفاظ على الوضع, على ما هو عليه, لأنه يحقق مكاسب غير متوقع لهم, لذا لا يريدون الإنتقال للخطوة التالية, إلا بعد أخذ كل ما يمكن أخذه, من بيع سلاح, إلى تلاعب بالأسواق النفطية, إلى تشكل كيانات جديدة في المنطقة، هكذا يخطط الغرب, وداعش تنفذ على أرض الواقع.
في سياق متصل إن التوقعات التي خططت لها أمريكا وحلفاؤها جاءت في غير صالحهم، لو تابعنا المسار الذي رسمته أمريكا في سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها من أجل تفكيك الدولة السورية وإسقاط نظامها، نجد بأنه لم ينفع لإسقاط سورية بل فشلت وسقطت كل أقنعتها ورهاناتها، في هذا الإطار نرى إن سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فالأخبار القادمة من الشمال السوري لم تكن سارة بالمرة لأمريكا وحلفاؤها، الذين مازالوا يراهنون على وجود مقاتلين معتدلين في سورية، يمكن أن يراهنوا عليهم لإسقاط النظام السوري، حيث إبتعلت جبهة النصرة الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في بلاد الشام آخر ما تبقى من مقاتلين “معتدلين” أنفقت عليهم أمريكا أموالاً طائلة و زودتهم بأسلحة فتاكة، فهزيمة “حزم” التي كانت مفضلة لدى أمريكا من قبل “جبهة النصرة”، سهلت عليها الإستيلاء على مخازن الأسلحة النوعية التي زودت بها أمريكا والغرب “معتدليها” في سورية، وبالمقابل تعمل سورية على فرض سيطرتها على المنطقة الجنوبية، ليس فقط في الجولان وإنما على إمتداد المنطقة الجنوبية وصولاً الى الحدود مع الأردن، والمجموعات المسلحة التي كانت تشعر بالراحة والأمان، باتت تتعرض لعمليات ملاحقة عنيفة من جانب الجيش السوري وحلفائه حزب الله وإيران، مما زعزع سيطرتها على المناطق الحدودية، إذ ووجدت إسرائيل نفسها، والمجموعات المسلحة أيضاً أمام تحد وواقع جديد، يهدد المصالح المتبادلة بينهما، وأصبح ميزان القوى في المعركة الدائرة في المنطقة منذ أسابيع يميل لصالح الدولة السورية، وإسرائيل اليوم في مرحلة تاريخية بكل المقاييس، سوف تغير شكل ما يجري في الساحة السورية كليا، في حال تمكن الجيش السوري من السيطرة على الشريط الجنوبي لسورية من الحدود الأردنية وصولاً الى القنيطرة، وفي حال تحقق ذلك فهذا يعني أن حزب الله وإيران باتا على أبواب إسرائيل، وتراقب إسرائيل نتائج المعارك الجارية بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة وهناك تقديرات يومية وجمع للمعلومات لما يجري في الميدان، تؤكد أن إمكانية حسم هذه المعارك لصالح الدولة السورية كبيرة، خاصة مع وجود الضغط غير المسبوق، وتناقص قدرة العديد من الأطراف على تقديم الدعم لهذه المجموعات.
في هذا الإطار أن الاسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية، وهنا، فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، وجميع الإحتمالات واردة والجيش السوري يواصل انتصاراته، والذي قام بقلب الموازين, وأسقط حسابات أمريكا والغرب، لذلك نقول ونحن على يقين ثابت ومستقر لا يمكن إركاع سورية من خلال تحالفات بين دول ورؤساء وأمراء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها وإنجازاتها لإنهاء دورها المثال ووجودها الرمز.
مجملاً… يمكن القول لقد إنهارت المؤامرة الغربية وإنكشف الإرهاب المصنوع، وظهرت عمالة الواجهات السياسية العربية، ونحن لا نزال نؤمن بأن أي جهد لإستئصال الإرهاب، ليس ممكناً من دون أن تكون القوات السورية هي عماد ذلك الجهد، لقد صمدت سورية، بوجه هذه الحرب وسطرت ملاحم بطولية في تصديها لعصابات الإرهاب، بذلك يتضح يوماً بعد يوم الدور الوظيفي الذي تؤديه هذه المجموعات في خدمة المخططات الإستعمارية في المنطقة لزعزعة إستقرار دولها وتفكيك شعوبها، ولا ريب أن فشل المؤامرة على سورية بات أمراً محققاً ومؤكداً، وسيكون لهذا الإنتصار أثره الإستراتيجي لتقليص نفوذ وتغلغل أمريكا في المنطقة، وبإختصار شديد ليس أمام سورية كثير من الخيارات، فهي إمّا أن تنتصر أو أن تنتصر، لا خيار آخر أمامها، فلنعمل سوياً من أجل أن تنتصر سورية، ليرفع إنتصارها راية وحدة وطنية في وجه أميركا وإسرائيل وكل ذيولهما، ولتنقلب طاولة الطائفية على رؤوسهم كما أرادوها أن تنقلب على رؤوسنا ورؤوس أبنائنا، ولتكن حلب نقطة تحول وعلامة طريق فارقة لإنتصار سورية في هذا الصراع الشرس الذي لا يرحم متردداً.
التعليقات مغلقة.