لستُ مَاسُونياً و لستُ ضابطاً بالموساد / فهد الطاهر





فهد الطاهر ( الأردن ) الإثنين 28/8/2017 م …

“عزوف الأردنيين من الأصول الفلسطينية عن المشاركة في الإنتخابات، لماذا و إلى متى”؟

بدعوة من سعادة النائب طارق خوري توجهنا صباح الأمسلفندق اللاندمارك-قاعة البتراء لحضور ندوة بعنوان “عزوف الأردنيين من الأصول الفلسطينية عن المشاركة في الإنتخابات، لماذا و إلى متى”؟وتم الوقوف على أسباب العزوف وإيجاد الحلول المناسبة وتوفير الظروف اللازمة لأهمية التفاعل والمشاركة.

أكتب هذة المقالة على عجالة لأعرب عن إستغرابي الشديد عن حجم الإسائة و التخوين اللذي تعرضنا له من كُتاب و صَحفيين مَحسوبين على المُثقفين و أصحاب الرأيّ بسبب ندوة سياسية لم يُعجبهم عُنوانها الرئيسي بل وصل الحد من بعضهم بإتهامنا بأننا تابعيين لمحفل ماسوني ونمهدلتوطين الفلسطينيين بالأردن ونعمل بتمويل خارجي مشبوه.وأضيف;لم يدفع لي أحد ثمناً للحضور، لستُ ماسونياًولستُ ضابطاً بالموساد. لذالك أردت الرد بعدة نقاط سريعة عن الندوة، عن المشاركين و خلاصة رأيي وعقيديتي بهذا المبحث لمن يهمة الأمر.

عن عنوان الندوة:

أنا و الغالبية الساحقة إعترضنا على “عنوان الندوة”، ليس إنتقاصاً منسعادة النائب طارق خوري اللذي أكن له كل الإحترام و التقدير ولكن لإيماننا العميق بأن العزوف عن الإنتخابات كان جماعياً ومن كافة الأصول والمنابت ولم يكن عزوفاً أحادياً من قبل المواطنيين ذو الأصول الفلسطينية فعندما تكون نسبة الإقتراع حوالي ال20% إلى 30% من مجموع السكان لانستطيع أن نوعز هذا الضعف إلى مكون واحد وإن كانت النسب الأقل بأماكن تجمع الفلسطينيين مثل محافظة الزرقاء على سبيل المثال.فلو سألت المكون المسيحي لوجدت بأنهم يشعرون بالإقصاء أيضاً، ولو سألت أبناء العشائر من الشمال و الجنوب لقالوا لك نفس الإجابة. فالشعور بالتهميش هو شعور شعبي جماعي ناتج عن سوء إدارة الدولة للأزمات وعدم مقدرتها على رسم سياسات إقتصادية مدروسة ذات نتيجة واضحة بسبب الإرتباط بالبنك الدولي من جهه و إستشعار المواطنيين لعدم جدية الدولة بمكافحة الفساد اللذي وصل حداً خطراً من جهه أخرى ولانغض الطرف عن عدم تمكن النائب المنتخب من العمل كما يريد بسبب التجاذبات الإقليمية والدولية التي تفرض على الدولة إتخاذ قرارات صعبة لتقليل الضرر و الخسائر على المستوى القومي ككل وليس على مستوي الهويات و الهويات الفرعية لكافة المنابت و الأصول و المشارب الروحية بالبلاد.

عن المشاركون:

وإن كانت المناصب الحكومية تُغير القليل بالشخصية والسلوك و أحياناً الفِكر. وجود دولةالأستاذ طاهر المصري ودولة الدكتور عبدالرؤوف الروابده به رسالة واضحة جسدها الشخصين بأصولهم الأردنية و الفلسطينية بنفس الدرجة واللقب الوضيفيي بالدولة للحديث عن نفس الموضوع. أما وجود سعادة النائب صالح العرموطي كان له إضافة قانونية مهمة ليتوجها الرفيق الدكتور موفق محاديناللذي كان شجاعاً بتبنيه بعض أفكار “انطون سعادة” بخلفيتة الماركسية فأثرى النقاش بأنثروبولوجيته السياسية التقدمية بشكل جميل وإن كنت أختلف معه على بعض أطروحاتة وخصوصاً تنبؤه بتقسيم الهويات الوطنية أفقياً وهو ما أرى منافي للإستطراد الفكري الشعبي وتطورات الجغرافيا الأمنية القائمة حالياً. فالشاهد هنا، ان المكونات الفكرية التي ساهمت بالنقاش كانت تعددية من كافة الأديان، الثقافات الحزبية والمنابت، بال وأستطرد الأسلاميون بالحديث بكل رحب وسعه أيضاًوعلى الهوامش تحدثنا بكل صراحة ووضوح لم نعهدها على أنفسنا من قبل، هذة الندوة كانت صحية و أتفق مع ماقاله سعادة النائب طارق خوري بأن مصارحة المريض جزء من العلاج. لا اريد الدخول بمناكفات مع أحد، ولكن جميع المشاركيين كانو يعلمون”بموضوع الندوة” ولم يتفاجأ أحد بالعنوان،ومن يقول بأنة تفاجأ ولم يعلم بموضوع النقاش العام تُحسب له مناورة سياسية “ضعيفة التدبير” خصوصاً من المتحدثين الرئيسين اللذين تمت دعوتهم قبل اكثر من ثلاثة أيام للمداخلة أو التعقيب في الجلسات الثلاثة لغايات التنسيق العام.

خلاصة رأيي وعقيديتي بهذا المبحث

تماشياً مع التركيبة الفكرية لمجتمعنا اليوم;لا أعتقد بأن “الفلسطينيين” و “الأردنيين” قد حظوا بلحظة مصارحة كالتي حظينا بها الأمس و أعتقد أن النقاشات التي دارت و “العِتابات المُباشرة” من جميع الأطراف جعلتني أشعر بتفائل كبير على مستقبل التركيبة الإجتماعية بالبلاد وتماسك النسيج الأجتماعي بها.لكن من واجبنا– بق البحصة- وتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية لتعديل المفاهيم الخاطئة لدى الناس فنحن نعيش بزمن الثورة المعلوماتية وشعوبنا مسيسة جداً وقادرة على تحديد توجهاتها السياسية الشخصية على الأقل، بدونغض النظر عن حملات تشويه الفكر و المفاهيم التي طالت الكثير من عقول شبابنا بسبب ضحالة معرفتهم من جهه و حسهم الوطني المهزوز بسبب الفساد والمبنى على عقيدة راس مالية بحته من جهه أخرى.

كما يجب الإعتراف بأن أحداث “مَحْزنة أيلُول”بسبعينيات القرن الماضي كان لها أثراً كبير وواضحاً على ترسيخالكيانان و الهويتان الفرعيتان المُختلقتانالفلسطينية و الأردنية. فبعد اللحمة القوية التي جمعت المكونين،أتت أحداث “مَحْزنة أيلُول” وهو خطأ وتعنت من الطرفين وتدخل مباشر من ايدي خارجية وإقليمية كان لها مصلحة كبيرة بما حدثفكانت نقطة البدء ليس فقط بتكريس إنشطار الهويتين فحسب بل بوأد الحياة السياسية بالبلاد والعيش تحت وطأت الأحكام العرفية لفترة طويلة والتي تسببت بثورات إجتماعية وفقدان الدينار الأردني لـ 60% من قيمته.

وكان من نتائج هذة “المَحْزنة” تكريس الهويات الفرعية على حساب الهويات الجامعة لدينا جميعاً، فأردنياً اصبحت المناطقية و العشائرية هي الملاذ والحل للتكتلات السياسية و المطالبة بالحقوق و فلسطينياً اتفق تماماً مع أطروحة أخي عطا الشراري اللذي قال ” الهوية الفلسطينية هي هوية نضالية وتم تقزيمها من درجة (الميثاق القومي) إلى درجة (الميثاق الوطني). فالهوية الفسطينية لا تغدوا عن كونها هوية نضالية ولا ترتقي لمستوى هوية للفلسطينيين.

حقيقة العلاقة بين الفلسطينيين والأردنيين تجسدت بقصة رواها السيد بكر خازر المجاليوهو أحد الحاضرين بالندوة عندما كان بفلسطين ذهب إلى مدينة قباطية في قضاء جنين وزار احد المواطنين الفلسطينين اللذي رفض تسليم جثمان أحد شهداء الجيش العربيمن مدينة المفرق المدفون بمنزله وقال “هاذ الشهيد ضيف عندي ولن اقوم بتسليمة”.  فمما لاشك فية بأن إعادة الإعتبار للخطاب القومي العربي والمكافحة الجدية للفساد هي أحد اهم عناصر حل مشكلة الهويات الفرعية وتجاذباتها السياسية و الإجتماعية و تأثيراتها السلبية على الإقتصاد بالمحصلة. هويتنا الحقيقية الجامعة أننا عرب ومن يتمسك بهويته الفرعية سوف يندثر معها فكرياً لامحالة.

الواقع أن الفلسطينيين يشعرون بتحييدهم عن مواقع صنع القرار الأمني و العسكري وأن مواطنتهم تقتصر على دفع الضرائب مقابل الرقم الوطني و بالمقابل يتمتع الشركس والشيشان بمواطنة كاملة وبالرغم من عددهم المحدود جداً إلا انهم شركاء بصنع القرار الأمني و العسكري بالبلاد وأن وجود بعض الفلسطينيين بمراكز قيادية “ ليسة سيادية” لايغدوا عن كونة رفع عتب لا أكثر.وبالمقابل يشعر الأردنيون من أبناء العشائر بأن الفلسطينين محتكرين القطاع الخاص ورأس المال العام بأيديهم وهم لايملكون سوى القليل من وظائفهم الحكومية.

فالجميع يشعر بالغبن والإمتعاض بانياً مبدأ إمتعاضة على أساس هويتة الفرديةالتي رسختها الأحداث سالفة الذكر وهو ما أعتبره نتاجاً للثقافة الشعبية الرأس ماليه بإمتياز. فلم أرى الأردنيون و الفلسطينيون يتغابنون وينقمون بالولايات المتحدة أو كندا أو دول اوروبا لوجود البيئة المنفتحة إقتصادياً وتوفر الفرص بحد معقول للجميع، رغم أن تلك البلاد هي من أنشأ الرأس مالية، فأنا اتحدث عن الثقافة الفردية بالتعاطي مع المجتمع. لترسيخ هذا المثال، تجد بأن الفرد يشعر بإنتماء حين وصولة لدولة أوروبية وتجده يجتهد بتحدث لغتهابسبب الصورة النمطية الموجودة بذهن هذا الشخص عن المكان المنشود. فلو كانت العراق دولة قوية ومشابهه للمجتمع الأمريكي أو الألماني لوجدت الأكراد يفتخرون بعراقيتهم ولا ياكادوا يذكرون قوميتهم الكردية، بل لأصبحوا يكرهون تذكيرهم بهويتهم بسبب أنها تقلل من مواطنتهم تماماً كما يفكر العرب بالولايات المتحدة و أوروبا.و لنفس السبب يحب أن يَنعت اللبنانيون انفسهم “”بالفينيقيين” أي أنهم ليسو بعرب ويذكروها بكثرة بمحافلهم وخصوصاً امام الغربيين فلو بحثوا قليلاً لوجدوا بأنهم عرباً “فنقو” اي صعدواإلى الجبال “جبل لبنان” فَسُمْوا بالفينيقين وأننا عرباً “كنعنا” إي هبطنا إلى السهل “فلسطين” فسمينا بالكنعانيين وسُمْوا أبنا عمومتنا بالعموريين نسبتاً لشيخهم وهم بالعراق.

فما اريد إيصاله هنا لو أن لدينا دولة تعبر عن الصورة النمطية التي بداخلنا عنها لوجدنا اليمني جنوباً إلى الحلبي شمالاً و البحريني شرقاً إلى المغربي غرباً مصهورين بقالب واحد ولا تكاد تسمع عن المفاخرة بالهوية الفرعية التي تحقق له الشعور بالإنتماء لجماعة وتحقق له صفة وحد أدنى من الأمان الإجتماعي.

لهذا السبب تحديداً أختلف مع الرفيق الدكتور موفق محدين على أطروحتة التي تنبأ بها بتقسيم الهويات الوطنية أفقياً وهو ما أرى أنه منافي للإستطراد الفكري الشعبي وتطورات الجغرافيا الأمنية القائمة حالياً. فعوامل التقسيم الأفقي للمجتمع لا يحدث إلا بغياب عامل اللغة والتراكم الإقتصادي المشترك للفئة المراد تقسيمها أفقياً مع وجود عامل جغرافي مساعد لإحداث دفعة أمنية قادرة على تحريك المشروع للأمام، فلست قلقاً من برنارد ليفي ولا من تخطيط بريجينسكي لإحداث مشروع بهذا الحجم لعدم توفر الوسائل التي يحتاجون بأيديهم، ومع ضعفنا، الجغرافيا الأمنية و الاجتماعية و التقسيم الإقتصادي على أساس مشاركة الفرد تجعل من التقسم الأفقي مستحيلاً علمياً.

لهذا السبب تجد المنعمين مالياً من الطرفين الأردني والفلسطيني متحابين ولا تجد بينهم اي حساسية بالمقابل عندما تذهب إلى المناطق الأقل حظاً بالألوية والقرى و المخيمات ستجد نسبة التباغض حتى على مستوى العائلة الواحدة ناهيك عن العشيرةثم القبيلة ثم الهوية الفرعية الإقليمية لهذا السبب أيضاً ذهب منا أربعة الاف للجماعات الإرهابية ليحققوا ذاتهم بهوية فرعية أكبر وهي على مستوى الدين تماماً كالمجتمع السياسي المحلي والعلاقات الدولية التي كانت قائمة بالقرن الخامس عشر والتي إنحدرت إلى الهويات الطائفية الفرعية بالدين الواحد والتي تسببت بسطوة الكنيسة على المجتمع والتيبدورهاهيأت المجتمع فكرياً لثورة شعبية لاحقاً كان عنوانها العلمانية ليس كرهاً بالدين ولكن كرهاً بتصرفات المتدينين ولعدم وجود برنامج ديني بديل قادر على جذب المجتمع بعيداً عن الويلات التي عاشوها بوجود المتدينيين.

فنقول يستحيل علمياً أن نصف طابع العلاقة بين الكيانينو الهويتين الفرعيتين المُختلقتينالفلسطينية و الأردنية بالتنافر و العنصرية المتبادلة كما يستحيل علمياً إيعاز عزوف الفلسطينيين أصحاب الأرقام الوطنية عن الإنتخابات لأسباب أيدولوجية مبنية على هويتهم الفرعية لأنهم يشتركون حد التطابق مع الأردنيين بأسباب ترسيخ هذة الهوية الفرعية ومخرجاتها الإقتصادية وبعض الإفرازات الإجتماعية السلبية.

ختاماً أدعوا الشبيبة العرب لإعادة النظر بهوياتهم الفرعية و إعادة تأصيل توجهاتهم على النهج العربي القومي الحقيقي الجامع، ولينظروا إلى ماقدمت لهم هوياتهم الفرعية من إنجازات سياسية وإجتماعية و أمنيه وليقارنوها بالصورة النمطية للوطن الذي يريدون العيش فيه، وطن لايحلموا الهجرة منه ووطن يفتخرون بلغته وحضارتة بلسان عربي مبين.

على هامش الندوة وفي حديث جانبي جمعني مع دولة الأستاذ طاهر المصري طرحت علية سؤالاً مباشراً وصريحاً، هل مجتمعنا لازال يعاني من إرهاصات “مَحْزنة أيلُول” سياساً و إجتماعياً؟ فقابلني بالنفي الشديد والقاطع وقال “ايلُول إنتهت”. بعد الجلسة الثالثة تحدثت مع الرفيق الدكتور موفق محادين وطرحت علية نفس السؤال وقابلني بالإيجاب الشديد وقال “حتماً نعيش إرهاصات أيلوُل”.

لذالك أدعو الدولة بفتح تحقيق جدي و محايد عن أحداث “مَحْزنة أيلُول”من سبعينيات القرن الماضي وتنظيم ندوة يحضرها الجميع وخصوصاً من عاشها من الطرفين لينبعث ابناء الجيل الرابع بدون ملفات مفتوحة فالدولة لم تقم بأي تحقيق إلى الأن.فأهمية هذة الندوة هي المصارحة و الإعترف بالخطأ من الطرفين وليتسنى لنا تنظيف الداخل الفلسطيني من سياسييّ “العُصيّ والقَنْوات” اللذين لايزالون يتحكمون بمصير الشعب الفلسطيني وهذا ينعكس سلباً على الداخل الأردني.

وعلى الدولة وصناع القرار أن يعلموا بأن كل كروت القوة الإقليمية التي نستطيع أن ندافع بها أن أنفسنا أو لتقليقل الضغط علينا سياسياً على المستوى لإقليمي و الدولي هي كروت لا تتوفر إلا بوجود فلسطين بسياسة واضحة وتحالفات صريحة. فسياساً وأمنياً و إجتماعياًو إقتصادياً لن نستطيع العيش منفصلين حتى بعد زوال الإحتلال الصهيوني وعلى الجميع أن يدرك ذالك من الأن.

فهد محمد الطاهر

كاتب و متأمل عربي قومي مستقل مهتم بالشأن الأمني والإجتماعي

عَمّانْ 27/08/17

0777554424

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.