النفط مصدر الطاقة والازدهار …..ولكن ! / النائب حسن عجاج عبيدات

 

النائب الأردني حسن عجاج عبيدات ( الأردن ) الثلاثاء 10/3/2015 م …

مازال النفط كمادة استراتيجية مؤثراً في السياسات والمصالح الدولية مع صعوبة إيجاد البدائل للطاقة بالكميات المطلوبة وبالأسعار الملائمة. ولأن المخزون النفطي الأكبر هو في الشرق الأوسط وخصوصاً المخزون العربي فمن الطبيعي أن تبقى هذه المنطقة عرضة للتدخلات الدولية وسط تجاذبات المصالح الاقتصادية والسياسية.

تعاظمت أهمية الخليج العربي  بعد اندثار الحرب الباردة في المنظور الاستراتيجي الأمريكي ، في ظل قناعة أمريكا بإمكانية قيادتها منفردة للعالم ، وشهدت فترة ما بعد الحرب الباردة مزيداً من التفاعلات الأمريكية الخليجية على المستويات الاقتصادية والتجارية والأمنية. وظل النفط العنصر الأكثر أهمية في هذه التفاعلات.

يعتبر الخليج العربي من أهم مناطق النفط في العالم، ويشكل مصدر 42% من الصادرات النفطية العالمية . كما يحتوي على ثلثي المخزون النفطي في العالم، ويبلغ معدل الاعتماد الأمريكي على نفط الخليج 60% واعتبرت الولايات المتحدة النفط العربي أحد المقومات الحيوية لأمنها القومي ، لذلك اهتمت ومعها دول الغرب بالسيطرة على منابعه في دول الخليج ، للهيمنه على سوق الطاقة في العالم لأسباب سياسية ولتعديل الميزان التجاري الأمريكي . وعليه فإن النفط بالنسبة للغرب هو سلعة سياسية في المقام الأول ، وهو بهذا أهم وسيلة للهيمنة على العالم انتاجاً وتسويقاً وتسعيراً وتوزيعاً. وكذلك فإن من وجهة نظر الولايات المتحدة والغرب احتمال القيام بعمل عسكري ضد دولة نفطية في حال فرضها حظراً نفطياً ، وأعلنت بريطانيا أن الاستقرار المالي لها سيتعرض إلى تهديد حاد إذا لم يكن نفط ومنطقة الخليج العربي تحت السيطرة البريطانية . وبهذا أصبح هدف الغرب هو إدامة الوصول إلى النفط والسيطرة عليه، وعدم تحقيق هذا الهدف يعني أن الغرب لا يتقدم باقتصاده ، وأنه سيفقد زعامته على العالم. وبالمقابل إذا قام صراع عسكري بين إحدى الدول الأقليمية في المنطقة وإحدى الدول الخليجية فإن الحاجة إلى التدخل العسكري الأمريكي ستكون أمراً بديهياً ومؤكداً طالما أن ذلك الصراع سيؤثر على المصالح الاقتصادية الأمريكية. وإن الضمان الأمثل هو أن تسيطر الولايات المتحدة على موارد انتاج النفط في الدول الخليجية.

وجاء غزوالعراق للكويت ليكون مبرراً للتدخل السريع والمكثف لتدمير العراق والقضاء مقدراته لأن أمريكا تعتبر القوى القومية العربية خطراً عليها. يقول نعوم تشومسكي في كتابه ” الهيمنة أم البقاء  “:”إن الفشل في السيطرة على القوى القومية هو أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة ، لأن ذلك يجعلها عاجزة عن ممارسة التأثير الكبير على المناطق المنتجة للنفط في الجزيرة العربية. والبيت الأبيض قد اعترف في تقرير استراتيجية الأمن القومي المقدم عام 1990 إلى الكونغرس الأمريكي أن العدو الأساسي لهم هو القومية في العالم الثالث الذي يوجد فيه من يريد أن يلعب الفارس الوحيد في الحلبة، وعليه يعتقد أن تهديد مصالحنا يأتي على الدوام من القومية المحلية”.

ومن أجل أن تحقق الولايات المتحدة الهيمنة على مصادر النفط فإن عليها أن تُبقي الوطن العربي ضعيفاً ومجزأ غير قادر على تكوين سلسلة موحدة في إنتاج النفط الخام وتصديره، ولم يكن للولايات المتحدة أن تشن الحرب على العراق لولا هذا الاعتبار ، لذلك تقوم سياسة الولايات المتحدة الثابتة على مقاومة الوحدة العربية بشتى الوسائل والسبل وإدامة التجزئة، ومنع أي محاولة عربية للنهوض الحضاري ، والحفاظ على التفوق العسكري الصهيوني المطلق، والوقوف بوجه أي زعيم عربي يعمل على تحدي الإرادة الأمريكية.

في ضوء تطلعات الولايات المتحدة والغرب، سيظل الوطن العربي حافلاً بالصراعات الدولية التي تكمن أسبابها في الموقع الاستراتيجي الهام وفي المخزون الهائل للنفط الذي يسكن باطن أرض الوطن .

يمتلك العرب ثروة هائلة خُيّل للجماهير العربية أنها ستغير أحوالهم ، وترتفع بهم إلى أعلى المراتب الحضارية والعمرانية ، وأن الأمة التي تملك سلاح النفط يمكن أن تستخدمه ضد أعدائها، ولكن المؤلم أن أشدّ الدول عداوة للعرب هي أكثرها استفادة من ثروتهم النفطية. وكان على العرب أن يحولوا النفط إلى ثروة تجمعهم وتضعهم في خارطة العالم المتقدم . ولكن الشركات النفطية العالمية هي التي تجني معظم الأرباح ، مما جعل تأثير النفط في حياة الأمة سطحياً وهامشياً . ولم يرتفع بمستواهم العقلي والمعيشي إلى الحد الممكن والمعقول.

لقد كانت السياسة الاستعمارية وما زالت تستهدف الثروة النفطية مستخدمة كل أنواع الخداع والنهب وبث النزاعات بين دول المنطقة لتحقيق المزيد من الهيمنة والسيطرة على مقدراتها .

وتبرز معالم الأخطار والتحديات التي تواجه الأمة العربية في الحاضر والمستقبل نتيجة السيطرة الأمريكية على نفط الخليج . فلا بد للأمة من مواجهة هذا التحدي الخطير قبل فوات الآوان.

ومن خلال هذا الوضع يطرح السؤال المحرج هل النفط العربي نقمة أم نعمة على العرب ؟ وهل تمكن العرب من الاستفادة من هذه الثروة العظيمة لبناء مجتمعهم ؟ أم إنها  ستبقى حكراً على عدد قليل من العرب يستأثرون بها ويستغلونها بشكل خاطىء ؟ .

                                                     النائب حسن عجاج عبيدات

   

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.