اللاءات السورية والتهديد الصهيوني – الأمريكي .. ماذا عن المرحلة الجديدة من الحرب!؟ / هشام الهبيشان

هشام الهبيشان ( الأردن ) الأربعاء 30/8/2017 م …




تزامناً مع ما نقلته صحيفة “جيروزاليم بوست”،وغيرها من الصحف الصهيونية والغربية بما يخص الملف السوري وتطوراته العسكرية تحديداً ،واخرها تهديد الكيان الصهيوني بالتدخل المباشر في جنوب سورية ، لنسف نظام وقف إطلاق النار جنوبي سوريا والذي تم التوصل إليه بين امريكا وروسيا في مفاوضات أستانا ،هذا التهديد الصهيوني يتزامن مع اللقاء الأخير بين رئيس الوزراء الصهيوني  بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي الأربعاء الماضي،والذي  لم يتم خلاله التوصل إلى أي تفاهم جديد بخصوص ملف الجنوب السوري .

وهنا يبدو واضحاً ووفق كل المؤشرات ، ان هذا التهديد الصهيوني ،وهذه الرسائل المنقولة للروسي عبر الصهيوني ، تؤكد ان هناك أزمة حقيقية وحالة ارتباك يعيشها الكيان الصهيوني بما يخص ملف الجنوب السوري ،ويبدو واضحاً كذلك ان ملف الجنوب السوري ، بات نقطة تهديد لمستقبل وجود وأمن الكيان الصهيوني ،فاليوم ورغم تأجيل مخطط كبير كانت تعمل القيادة العسكرية السورية وبالتعاون مع قوى المقاومة اللبنانية وبدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ،على إنجازه والرامي إلى اطلاق معركة كبرى تستهدف تطهير اجزاء واسعة من الجنوب السوري وخصوصاً المناطق الحدودية السورية المحاذية للحدود الشمالية للأراضي المحتلة والجولان العربي السوري المحتل ،هذه العمليات السورية التي كانت متوقعة قريباً كانت تقلق قادة ودوائر صنع القرار بالكيان الصهيوني  ،وخصوصاً بعد الحديث الذي كان يتداول بدوائر صنع القرار لحلف المقاومة ،عن تحويل المنطقة الحدوية واجزاء من محافظة القنيطرة بعد تحريرها  إلى نقطة مواجهة دائمة مع الكيان الصهيوني ،وهذا ماعبر عن خشية حدوثه صراحة نتنياهو ،ولكن التفاهمات التي تمت بين الروس والامريكان والتي انتجت اتفاق الجنوب السوري ،اجلت مرحلياً “ولم تنهي ” مخطط  حلف المقاومة المذكور اعلاه ،وعلى الرغم من هذا الاتفاق فما زال الصهاينة ينظرون لملف الجنوب السوري كملف تهديد لوجودهم ، واوصلوا خشيتهم هذه للأمريكي وللروسي ،وهذا ما تحدث به الروس ومن خلف الكواليس مع السوريين وتحدثوا به مع الإيرانيين ،وهنا سيحاول الروس بشكل أو بآخر محاولة ضبط  ظروف وواقع المرحلة المقبلة بالجنوب السوري،للتخفيف من حدة القلق الصهيوني،وبمحاولة تجنيب المنطقة حرب جديدة ومواجهة جديدة قد تتطور إلى صراع عالمي .

القلق الصهيوني هذا بالجنوب السوري ، بدأ فعلياً يسمع صداه بواشنطن ، فهناك ايضاً قلق أمريكي من عموم تطورات الملف السوري بشقه العسكري ، فلا يخفى هنا أيضاً أن الأميركيين ، قدموا بالفترة الاخيرة  السلاح وعادوا ليدربوا أعداداً كبيرة من المجاميع المسلحة “اسود الشرقية – احرار العشائر – مغاوير الثورة- احمد العبدو ” ، داخل وخارج الجبهة الجنوبية الشرقية السورية، وقدموا إضافة إلى السلاح أيضاً الإمداد اللوجستي والطبي لهذه المجاميع المسلحة بالجنوب الشرقي السوري  .

السؤال المهم هنا لماذا نرى في هذه الفترة إعلاناً صريحاً من قبل حكومات هذه الدول وتلك الكيانات، أنها بدأت تنظر بقلق لعموم تطورات الملف العسكري السوري ؟؟.

والإجابة على هذا السؤال نجدها ببساطة بهذه التقارير الاستخباراتية الغربية الإقليمية:

فقد سربت تقارير عسكرية استخباراتية «بريطانية –أميركية- صهيونية » ،وتقول هذه التقارير إن تحرير الجيش العربي السوري لمناطق مثلث«الريف الشرقي لحمص – التقاطع الواصل بين القلمون الشرقي وصولاً إلى عمق البادية السورية ومنها إلى ريف جماه الشرقي – اضافة إلى أجزاء واسعة من ريف حلب الشرقي  وصولاً لعمق ريف الرقة الجنوبي »، تعدّ نكسة كبيرة لمشروعهم الرامي لإعادة رسم موازين القوة في سورية، فبعد تحرير هذه المناطق تحت ضربات الجيش العربي السوري، فهذا التحرير كما يقولون سيحدث تغييراً جذرياً في الخريطة العسكرية لأطراف الصراع وتقول هذه التقارير أيضاً إن ريف حمص الشرقي «تحديداً» «وريفي حماه الجنوبي والشرقي » يعتبران من أواخر معاقل المجاميع المسلحة الإرهابية في محافظتي حمص وحماه باستثناء بعض المناطق الضيقة ببعض أريافهما، وهنا ينبع القلق الأميركي تحديداً من خسارة هذه المجاميع المسلحة الإرهابية للمزيد من حصونها وانهيارها واحداً تلو الآخر، وهذا ما لا تريده أميركا وحلفاؤها على أقل تقدير في الوقت الراهن.

ومن هذا التقرير نستطيع أن نعرف أن قادة وصناع القرار «الأميركي –البريطاني –الصهيوني » بدأوا يدركون أكثر من أي وقت مضى أن مشروعهم بدأ بالانهيار وأن الدولة السورية بدأت بالاستدارة نحو تحقيق نصرها على هذه المؤامرة، فهذا التقرير سبقته وتبعته تقارير عدة ودراسات أخرى صدرت من مراكز فرنسية وبريطانية وألمانية وغيرها، وجميع هذه التقارير والدراسات تتحدث بما تحدث به التقرير الأول، هذه التقارير بمجملها دفعت هذه الدول الشريكة بالحرب على سورية، باتخاذ قرار قد يذهب نحو التصعيد الميداني والعسكري للحدّ من تمدد الجيش العربي السوري بمناطق جديدة، هذا التصعيد قد يشمل مناطق وجبهات عديدة “تحريك  ميلشيا قوات سورية الديمقراطية  من الرقة باتجاه جنوب وغرب دير الزور ” تحريك الجبهة الجنوبية الشرقية عبر اسود الشرقية – احرار العشائر – مغاوير الثورة- احمد العبدو ،لقطع الطريق على عمليات الجيش بعمق البادية وبدير الزور” محاولة تحريك الجبهة الجنوبية من جديد عبر قيام المجاميع المسلحة بالجنوب السوري بعملية  عسكرية مبرمجة الاهدف والعناوين بحجة طرد تنظيم داعش من مناطق حوض اليرموك وغرب درعا والهدف منها بالاساس هو نسف اتفاق الجنوب واستفزاز الجيش العربي السوري .

ومن هنا نقرأ وبوضوح أن الدولة السورية تعيش الآن فترة صراع مفتوح مع قوى كبرى بهذا العالم، فاليوم أصبحت الدولة السورية بحالة حرب شبه مباشرة واشتباك شبه مباشر مع مشغلي المجاميع المسلحة الإرهابية  على الأرض السورية، فهي اليوم تحارب هذه القوى الكبرى، وجهاً لوجه فاليوم انتهت حرب الوكلاء، وجاء الأصلاء لأرض المعركة بعد أن استشعروا فشل مجامعيهم المسلحة على أرض المعركة في كل ساحات المعارك على امتداد الجغرافيا السورية، وخصوصاً بالجبهتين الجنوبية والشرقية.

فاليوم هذه القوى، تسعى لفتح مسار جديد للمعركة، اليوم هدفهم هو دير الزور وعمق البادية السورية… كما يستميتون اليوم بمعركتهم «بمحيط معبر التنف وصولاً للبوكمال » في محاولة يائسة لتحقيق إنجاز ما على الأرض يعيد خلط الأوراق من جديد بما يخص الوضع الميداني للمعارك على الأرض بعمق الشرق السوري تحديداً.

اليوم هناك حقيقة لا يمكن إنكارها ومفادها، أن هذه القوى الشريكة في الحرب على سورية قد فشلت هي ومجاميعها المسلحة باستراتيجية مسك الأرض والتقدم فنرى أن كل محاولاتهم لإحداث خرق ميداني ما على امتداد الجغرافيا السورية قد باءت بالفشل، كما نقرأ أن محاولاتهم لاستثمار تحشيدهم في مناطق المثلث  الحدودي السوري – العراقي – الأردني ،للتقدم نحو مناطق أخرى أيضا قد باءت بالفشل، وهذا الأمر بالطبع ينسحب على مناطق دير الزور وحماه وحمص ودرعا، فقد افشلت وأسقطت تقريبا جميع المخططات التي كانت تستهدف عموم هذه المناطق، فالجيش العربي السوري والحلفاء أدار المعركة بحرفية ونجح بالمحصلة بإسقاط وإفشال هذه المخططات من خلال استيعاب هذه المخططات “الرامية إلى تفكيك سوررية ديمغرافيا وجغرافياً والعمل على إعادة تركيبها بما يخدم مصالح المشروع الأمريكي – الصهيوني في المنطقة ” ونجح بتفكيك خيوطها التي كانت تستهدف سورية كل سورية من دون استثناء.

ختاماً، ورغم كل هذه المخططات وبهذه المرحلة بالذات هناك مجموعة من اللاءات السورية ومفادها أن مصير هذه الخطط والمخططات أن تزول وان تعلن فشلها قبل حصولها فاليوم الجيش العربي السوري يدك أوكار المجاميع المسلحة المتطرفة أينما وجدت بالإضافة إلى أن الشعب العربي السوري استشعر خطورة المرحلة «الحالية»، وقرر أن يكون بمعظمه بخندق الدولة، لأن المرحلة المقبلة هي مرحلة وجودية بالنسبة لسورية كل سورية، ولا بديل من النصر لإنقاذ سورية من ما يتهددها من خطر داهم، هكذا يجمع معظم السوريين اليوم ويلتفون حول دولتهم الوطنية، فاليوم تيقن معظم السوريين من أن هناك مؤامرة قذره تستهدف سورية كل سورية جغرافيا وديمغرافيا وأيقن هؤلاء بأن لا حل بسورية إلا بدحر الإرهاب ورجسه عن أرض سورية الطاهرة ولذلك نرى أن إرادة معظم السوريين تتوحد اليوم من أجل الحفاظ على هوية سورية الوطن والإنسان والتاريخ والحضارة والهوية، وهذا بدوره سيسرع من إنجاز الاستحقاق التاريخي السوري، والمتمثل بالنصر القريب على هذه الحرب والمؤامرة الكبرى التي تستهدف سورية كل سورية.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.