أحفاد ابي رغال لا يصنعون التاريخ / فهد الريماوي
فهد الريماوي* ( الأردن ) الجمعة 1/9/2017 م …
*رئيس تحرير جريدة “المجد” الاردنية …
يقتضينا العدل والانصاف ان نقدم اعتذاراً مسبقاً لمفهوم الفشل، قبل ان نلصقه بفصائل المعارضة السورية.. وان نبدي شديد التأسف للصفر المكعب، قبل ان نلحقه بحصيلة ”انجازات” نضالها.. وان نطلب العفو والمغفرة من سلالة الحماقة والتياسة والرعونة والحمرنة، قبل ان ننسبها الى هكذا معارضة استعراضية اتخذت بادئ الامر هيئة طاووس منتفخ ومهووس، ولكنها وصلت بعد ست سنوات من العمالة والجاسوسية والاستقواء بالاجنبي الى خاتمة انهزامية مفلسة تجلت باوضح الصور والمعاني في اجتماعات الرياض الاخيرة.
منذ البداية انسلقت هذه المعارضة الكشكولية في “طنجرة بريستو” على عجل، ولم تنضج تدريجياً وعلى مهل.. كما انطلقت من عقد واحقاد نفسية، وليس من مبادئ وحسابات سياسية.. ثم وضعت اقدامها على الطريق الخطأ، وليس على درب الصح والصواب.. واسترشدت في مشوارها ببوصلة اخوانية، وليس بخارطة طريق وطنية.. واستهدفت الثأر والانتقام وتصفية حسابات قديمة مع النظام الحاكم، وليس خير الوطن وخدمة الصالح العام.. ناهيك عن استقوائها على الدولة السورية بكل ما هب ودب من صهاينة وخلايجة وسلاجقة وفرنجة على شاطئ المحيط الاطلسي شرقاً وغرباً.
هذه المعارضات الملفقة والمسلوقة ركبت انتفاضة محافظة درعا ولم تصنعها او يكن لها يد في اشعالها ودور في حراكها.. فالصانعون هم اولو العزم في المراكز الاستعمارية والصهيونية المعروفة، والحراكيون الدرعاويون الذين بادروا الى تفجير الاوضاع، هم عملاء بالاسم واللقب والكنية لاجهزة امنية عربية مكشوفة.. بينما المتواطئون سلفاً والمتربصون ضمن اعلى درجات الجاهزية والاستعداد، هم الاخوان المسلمون الذين اوحى لهم اوباما واردوغان والمرزوقي وحمد آل ثاني، ان ساعة الخلاص من ”الحكم العلوي” قد دنت، وان انتصار الربيع السوري بات قاب قوسين او ادنى.
بين عشية وضحاها، او كلمة ورد غطاها، تكاثرت هذه المعارضات على مذهب طفيليات الاميبا التي لا تتوقف عن التوالد والانشطار.. فقد سمعنا باسماء وقوائم وهيئات ومنصات وتنسيقيات ما انزل الله بها من سلطان، ولا كان لها محل من الاعراب او صوت وصيت في دفاتر النضال، وما امكن لها ان تظهر وتشتهر وتتكاثر لولا التمويل الخليجي الفلكي الارقام، والتشجيع السياسي والاعلامي الغربي العابر للقارات، والتهافت الانتهازي المحموم على كعكعة السلطة السورية التي توهم الكثيرون انها باتت في متناول اليد.
يتعين على العقل ان ينقلب على ذاته، ويتشكك في سلامة قدراته، ويتنكر لسائر معارفه ومداركه وخبراته، ويعبّ الكثير من مياه نهر الجنون، لكي يقوى على استيعاب كل هذا العهر والفحش والفجور السياسي الذي اقترفته هكذا معارضة لم تتورع عن تحريض اوباما على تدمير بلادها، وتنصيب اردوغان اماماً لها وولياً لامرها، واتخاذ بندر ونتنياهو وهولاند والمرزوقي والعياط والحمدين حلفاء لها، وتفويض داعش والنصرة وجيش علوش وعرموش لتحصيل حقوقها وحرياتها المسلوبة من قبل نظام الاسد !!
يا الهي ما احقر الكاذب حين يتخذ هيئة الصادق، وما اخطر الخائن حين يستعير لغة المناضل، وما اقذر الوصولي حين يرتدي ثياب الاصولي، وما اقبح احفاد ابي رغال حين ينتسبون زوراً وبهتاناً الى ارومة يوسف العظمة وسلطان الاطرش وجول جمال.
المؤسف ان هذه المعارضة السورية لم تخن ذاتها وتسئ الى نفسها فقط، بل اساءت ايضاً الى المفهوم التاريخي للمعارضات العربية التي طالما اتصفت بالوطنية والتقدمية والروح الكفاحية طوال تصديها لغزوات الصهيونية والاستعمار من جهة، ولفساد واستبداد وعمالة معظم الانظمة العربية من جهة اخرى.
وعليه، فلا مصالحة مع هكذا معارضة ملعونة، ولا عفو عنها او مغفرة لها بعدما اقترفت كل الموبقات، وتحالفت مع كل الاعداء، واحرقت كل السفن، وتجاوزت حدود اللاعودة.. وليس امامها اليوم بعد انهزامها وسقوط مشروعها، الا البقاء بعيدة عن الحمى السوري، والاقامة الدائمة في العواصم الاجنبية والخليجية التي انعمت عليها بما تيسر من ارصدة دسمة، وفنادق فخمة، وجنسيات بديلة، وصفقات تجارية مربحة.. ولا نامت اعين الجبناء
التعليقات مغلقة.