الفاسدون في بلادنا / صبري ربيحات

 

صبري ربيحات* ( الأردن ) الأربعاء 11/3/2015 م …

*وزير ثقافةأردني أسبق

الفاسدون في بلادنا…أشخاص طيبو المعاشر….يستقبلونك بدفء غامر….

يلبسون ملابس فاخره….يطرحون الأسماء التي يعتقدون إنها مهمة….يعبرون عن ولائهم الشديد جدًا …بعضهم يسافر كثيرا…وبعضهم يهديك سيجارًا ..أو ربطة عنق حريريه

يتحدثون عن امتداداتهم العربية والدولية…..يتذاكرون وأصدقائهم الفاسدون جدًا

ويتبادلون الملاحظات حول أهم الفنادق الأوروبية…والأفلام….بعض كبار السن وحتى الشباب منهم قد يذهب في رحلة عمره او حج مرة على الأقل….

يمكن أن يكون في أعناقهم سنسال أو أكثر…..لدى الفاسدون سيارات دفع رباعي للسهرات يقودها رقيب متقاعد…ولديهم مرافقون…..يحملون عدد من الهواتف النقالة…..يلتقي غالبية فسادونا فى خمسة مطاعم عمانية على الغداء…ويتوزعون على مساحة البلاد عند العشاء.

لا يغيب الفاسدون عن المناسبات الاجتماعية التي تتيح لهم فرص الظهور والاستعراض فهم في كل جاهه خطوبه….وفي كل الصور المنشورة والمستورة

يحرص الفاسدون أن يكونوا في كل بيوت العزاء بين السادسة مساء والثامنة والنصف من ثاني أيام العزاء.

يسلمون على الجميع ويبدون قدرا مناسبًا من الخشوع عند الدخول والخروج

.إذا طاب لهم الجو يمكن أن يمددوا وجودهم لساعة أو أكثر.

أطيب الطعام هو الذي يعده الفاسدون….إذا أقاموا وليمة عامة فيمكن أن ترسم خريطة العلاقات التي ترعى فسادهم….الكثير من الحكوميين يحضرون الولائم التي يحرص على إدارتها الفاسدون بصورة فصلية……في الأردن قلة من المعازيب يمكن أن يعدون قوائم لا متناهية من المأكولات البحرية…

غنى الموائد سمة أردنية…..لكن المبالغة فيها طبع من طبائع الفاسدين…الأجواء في بيوت الفاسدين أكثر مرحا …والطعام أطيب مذاقا…..والمضيف أكثر دفئا…

ربما أن الفاسدين يحرصون أكثر من الغير على أن يرى الناس آثار الفساد عليهم

ليقولوا للجميع لقد أثرينا رغما عنكم …وعن قوانينكم….ورغما عن الهيئات التي أوجدت لكفاح أفعالنا……في كل مرة اسمع عن ولائم الفاسدين….أتخيل أنهم ينتشرون بالانتصار على كل القيم التي تدين أفعالهم ..والتحايل على القوانين التي وضعت للحد من نشاطهم…..والدعوة لمباركة المدعوين لقفزاتهم الطبقية

والقبول بهم……بعض الأشخاص الطيبين يستغلوا فيحضروا الولائم الفاسدة ليخففوا من تركز الفاسدين واكتظاظهم…..الأشخاص المحترمين يستنفذون احترامهم لأنفسهم بتكرار حضور المناسبات التي تنبعث من فضائها روائح الفساد ولا يعرفون من فرط سذاجتهم إنهم يستغلون ولا يكرمون.

الفاسدون أكثر تعلقا بالحياة….واقدر على الاستمتاع بها….واقل اكتراثا بالقيم…

واهتماما ظاهريا بما يقوله الآخرين….أبناء الفاسدين فلاسفة…وبناتهم يدعون إلى الإصلاح….وزوجاتهم يعمان في الجمعيات الخيرية…….للفساد رائحة…ولون..

وثقافة….ورموز…فضاءات….للفساد شبكات….ينظم لها المئات يوما بعد يوم

الفساد يعني فقدان الأشياء لخواصها…..الخشية أن يصبح الانحراف سواء

ونستمر جميعا الممارسات التي تثير لدى بعضنا قدرا من التقزز والاستنكار .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.