سماسرة البلطجية … من يحاسبهم ؟! / هاشم نايل المجالي
هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الأحد 10/9/2017 م …
مع تكرار مشهد البلطجة من مكان لآخر ومن فترة زمنية لأخرى حيث انهم يصادرون حق المواطنين في قوتهم ومالهم وعرضهم حتى في ابداء رأيهم الانتخابي وهم يزدادون يوماً بعد يوم باستقدام اعداد من المطلوبين واصحاب الاسبقيات ليصبحوا جحافل مسلحة من الكائنات الطفيلية التي تقتات من الاقتصاد الشعبي الهامشي من اصحاب المحلات بانواعها وهؤلاء ذوي سوابق واصبحوا عبيداً عن البرلمانيين وبعض المسؤولين حيث تم تجنيدهم بكل انواع الاسلحة على انهم البدي جارد لهم يستعين بهم وقتما يشاء ولهم مخصصات مالية ثابتة ويرافقونه بالمناسبات العامة وبسيارات وكأنهم المافيا الايطالية في عهدها القديم منتظرين اشارات التدخل كان اخرها الاعتداء والتحرش بالنساء وقتل المواطنين كرسالة لمن لا يعتبر باعتداء اجرامي في مشهد مخزي فهم جماعة من الوحوش الجهلة ويحملون اسماءً اجنبية ذات مغزى بطلجي فكيف يمكن قراءة المشهد ومن اي زاوية فهو مشهد عصي على التحليل الامني والسياسي والاجتماعي فهم متنصلون من انسانيتهم واصبحوا ادواتاً منفذة ايضاً لرغبات مسؤولين يعتبرون انفسهم اسياد الاحياء الشعبية حيث انهم يتمركزون في اعلى نقطة في ترتيبه الهرم الاجتماعي للمناطق الشعبية الفقيرة فلقد اصبحوا اداة قمع في دائرة تزداد بالاتساع لتغطية مساحات اكبر يوماً بعد يوم يتقاسمون النفوذ فيما بينهم ومستعدون لسحق اي مواطن لا يخضع لطلباتهم ورغباتهم وشهواتهم اليس في هذا السلوك مخاطرة تمس هيبة الدولة ومكانتها وتضرب شرعيتها الا يرفع سلوك استعانة بعض النواب المسؤولين بالبلطجية صفة المسؤولية عنهم ويحولهم الى رجال عصابات فهل يمكن التوفيق بين عصابات البلطجة وبين اسلوب عمل الدولة ومكانتها وهيبتها الا ينشرون الكراهية والعنف ان منطق البلطجة يتناقض تناقضاً صريحاً ومنطق الامن المجتمعي والدولة في فرض النظام وحماية المواطنين منهم ليس بعد فعلهم السيء لا بل قبل ان يكبروا ويتمردوا ويهددوا المواطنين فهو عنف فاقد للشرعية عنف منفلت وبلطجة ذاتية انفعالية تقوم على مصالح خاصة وهي توحش وبدائية .
والبلطجة فوضى وعمياء والدولة متبصرة والدولة لها نظام مقيد بالقوانين خاصة ان هؤلاء البلطجة قد رفعوا في مناطق نفوذهم شعار من اليوم مفيش حكومة احنا الحكومة مستغلين عدم التواجد الامني في مناطقهم اوالغياب الامني ففي كثير من المناطق يقدمون البلطجية عروضاً للاستثمار مثل ارصفة للايجار او شوارع للبيع ( غسيل سيارات وغيرها ) وهكذا وسكان تلك المناطق يرفعون شعار لا ارى لا اسمع اي ان القوة تفرض نفسها في تلك المناطق على حساب القوانين ولقد اصبح البلطجية سلاح المتهورين لبعض المسؤولين عندما يغضبون على شخص يعارض سياستهم او قراراتهم حيث ينتقمون منه بفتوات ليفيض حقدهم الشخصي وعقدهم الذاتية فالزمن قد تغير فاسحاً المجال لهذا النوع الجديد من البلطجية ليأخذوا مكانتهم في المجتمع واخذت ترتسم لوحات فريدة لهم متنوعة ومتعددة الاشكال في كثير من المجتمعات في الاحياء الشعبية ولقد اصبح سلاح التمويل مصدر رزق لافعالهم في الانتخابات والمناسبات وغيرها فهل ستقوم الحكومة بمحاسبة المملولين لهؤلاء البلطجية ام ستبقى تدعمهم بالسكوت عن سلوكياتهم خاصة انهم يجلسون بالمقاعد الامامية في رسالة واضحة لمكانتهم السياسية والاجتماعية حيث اننا سنحتاج الى شجاعة سياسية حقيقية لمحاسبة هؤلاء المسؤولين حتى لا يصبح هناك انفلات مجتمعي وتشكيل تكتلات لمواجهة هؤلاء البلطجية وحتى لا تكون الاسلوب الامثل للحصول على كل شيء من مال وسطوة ونفوذ وشهوات وفي كثير من الدول لا تنتشر البلطجة الا في غياب القانون والامن وانتشار الفساد خاصة فساد القضاء عندما يخلي سبيل بلطجية ويكفلهم وهم مرتكبون لابشع انواع السلوكيات الاخلاقية والسرقات ليضطر المتضرر ان يأخذ حقه بنفسه فيلجأ لنفس الاسلوب اي البلطجة او استئجار بلطجية من مكان اخر لتنفيذ المهمة نيابة عنه ولقد اصبح هناك قائمة اسعار لدى البلطجية والتي تختلف بحسب طبيعة الطلب من الزبون كذلك تختلف ان كان الزبون من نفس المنطقة او خارجها فكل منطقة لها سعر خاص بها انها بلطجة اصحاب النفوذ التي يمارسونها على المستضعفين من الناس والتي بدأت تستقطب العاطلين عن العمل وهي لها ابعاد نفسية حيث يوجد التوتر والقلق والكراهية داخل هؤلاء الشباب ومنهم المتعلمين حيث يبدأ انحرافهم مع اول دخل مالي يحصلون عليه من فعل مشين او سلوك منحرف والاعمال المنافية للقانون حيث لا يبدون اي تأنيب للضمير ولا ينزعجون مما يقومون به على اعتبار ان الدولة قد قصرت بحقهم بعدم تشغيلهم ويصبح تواجدهم في المجتمع تعبيراً عن كراهيتهم وقوة عنفهم وسلوكهم المشين رداً على التقصير بحقهم حتى ان هناك من يستأجرهم ليضربوا معلماً او طبيباً او موظفاً قد اعاق طلبهم في السير في معاملة مخالفة للقانون او عدم اعطائهم حبوباً مخدرة وهكذا .
كما واصبح هناك انتشار للبلطجة بين المراهقين الذين يعشقون الاثارة والمغامرة واصبحوا يشكلون عصابات دون مراعاة لابعاد ونتائج هذه السلوكيات فأفلام المغامرة والقتال والالعاب الالكترونية كذلك تؤثر على نفسياتهم وتؤثر في تشكيل شخصياتهم ومنهم من يريد ان يرسم صورة وهمية كبيرة عن نفسه امام الاخرين وهذا يعود ايضاً لخلل في تربية ومتابعة الابناء وتركهم لمشاهدة افلام العنف والمغامرة المتكررة فهم يتلقون قيمهم السلوكية والاخلاقية من تلك الشاشة ليمارسوها سلوكياً بالشوارع والمحلات كما وان الشباب المعنفين من قبل الاهل او المدرسة يفرغون الكبت من خلال قيامهم بسلوكيات عدوانية عنيفة .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.