هل ولّى زمن تقريع إسرائيل؟ / د.فايز رشيد

 د.فايز رشيد ( الإثنين ) 11/9/2017 م …

يولي الكيان الصهيوني قضية تناول الإعلام العربي لإسرائيل, أهمية كبرى! ولذلك اشترطت الأخيرة على الدول العربية التي وقعت معها اتفاقيات ما يسمى بـ”اتفاقيات السلام”, تغيير مناهجها الدراسية للطلبة, وعدم تناولها كعدو, وإنما كدولة تعشق السلام, وكدولة لها الحق الكامل في السكن في أرضها التاريخية المطوّبة باسمها منذ ثلاثة آلاف عام!




السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي صهيونية أكثر من هرتزل, وكذلك رئيسها, لطالما أكدت هيلي: “أن زمن تقريع إسرائيل قد ولّى”. كان ذلك, في خطابها أمام أكبر لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب شن في كانون الاول/يناير هجوما حادا على سلفه باراك أوباما, بسبب عدم استخدام الإدارة الديمقراطية في آخر أيامها, حق النقض في مجلس الأمن الدولي, لمنع صدور القرار 2234 الذي أدان الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكانت تلك المرة الأولى منذ 1979 التي امتنعت فيها واشنطن عن التصويت ولم تستخدم الفيتو لمنع صدور قرار يدين الدولة الصهيونية. وقالت هيلي أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية (ايباك), أكبر لوبي داعم للدولة الصهيونية في الولايات المتحدة، إن هذا القرار الذي صدر في نهاية العام المنصرم كان بمثابة “ركلة في البطن” شعرت بها الولايات المتحدة. وأضافت: “كل ما يمكنني قوله لكم هو إن الجميع في الأمم المتحدة يخافون من الحديث معي عن القرار 2234″. وتابعت: “أريدكم أن تعرفوا أن هذا الأمر حصل طبعا، ولكنه لن يتكرر” مشددة على أن “زمن تقريع إسرائيل ولّى”.
الولايات المتحدة الأميركية في زمن الرئيس ترامب, لا تريد لأحد أن ينتقد حليفتها الإستراتيجية, وإن فعل ذلك, يكون قد كفر! بالطبع وفي ظل تصريحات نتنياهو بأن دولا عربية تمتلك مع إسرائيل أفضل العلاقات في السر, وتؤيد كل ما تقوم به, ستحاول الولايات المتحدة الضغط على صديقاتها العربيات أن تمنع مواطنيها من تقريع اسرائيل في أجهزتها الإعلامية, بما في ذلك في صحفها! فتصور عزيزي القارئ هذه الحالة: أن يبدأ البعض من الكتاب العرب في مدح “العدالة” الإسرائلية” وفي “تبجيل” احتلالها للأراضي الفلسطينية! و”الإشادة “بمذابحها ضد الفلسطينيين والعرب”, وينتقد “مقاومة” الفلسطينيين لإسرائيل! رأينا بعضا من هذه النماذج من قبل بعض الكتّاب الذين لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة, ولربما بعد الضغوطات الأميركية والغربية على الدول, سيحاكم كل من ينتقد دولة الكيان الصهيوني! ألم تسن أوروبا قانون “غيسو”, الذي ينص على محاكمة كل شخص يشكك في الرواية الصهيونية للهولوكوست؟ ألا تطلق إسرائيل على من ينتقد سياساتها الفاشية, تهمة “العداء للسامية”؟
يولي الكيان الصهيوني قضية تناول الإعلام العربي لإسرائيل, أهمية كبرى! ولذلك اشترطت الأخيرة على الدول العربية التي وقعت معها اتفاقيات ما يسمى بـ”اتفاقيات السلام”, تغيير مناهجها الدراسية للطلبة, وعدم تناولها كعدو, وإنما كدولة تعشق السلام, وكدولة لها الحق الكامل في السكن في أرضها التاريخية المطوّبة باسمها منذ ثلاثة آلاف عام! إسرائيل تريد أن يجري تناولها في الإعلام العربي كدولة محبة للسلام, وليست كعدو لما كل هو إنساني. علينا أن نمتثل للأساطير التضليلية الصهيونية: “أرض الميعاد”, “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”, علينا أن نستجيب لمتطلبات الأمن الإسرائيلي ونرضخ لها! علينا أن نعترف بأننا “صراصير وفئران”! وأن “العربي الجيد هو العربي الميت”! علينا أن “نئد” أطفالنا كي لا يكونوا أعداء لإسرائيل! علينا “تمجيد “مذابح إسرائيل لشعبنا وأمتنا العربية, في دير ياسين, وكفر قاسم, وبحر البقر, وقانا الأولى والثانية, ومذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل. علينا مدح إسرائيل في تهويدها للقدس, ومصادرة أراضينا الفلسطينية واغتيالاتها لنا واعتقالاتها للآلاف من أبناء شعبنا وهدمها لبيوتنا. علينا الإشادة بعدالة محاكمها وبذلك نكون أمة تحب السلام وتستحق الحياة.
مآخذ إسرائيل على بعض الإعلامين الفلسطيني والعربي ,أنه يصور إسرائيل كعدو وزعاماتها كمصاصي دماء, وينادي بهزيمتها, ويؤشر عليها بالدولة الفاشية والعنصرية, ويصورها بصورة المرابي شايلوك, ويؤمن تماما بإزالتها من الوجود. إسرائيل تريد إخراس هذا النمط من الإعلام, ولذلك ستظل تضغط على النظام الرسمي العربي لإخراس هذا الإعلام, وستجند حليفها الأميركي وسفيرته في الأمم المتحدة لقطع هذا النمط الإعلامي الكاشف لحقيقتها من الوجود.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.