المعارضة السورية .. تاريخ من الأوهام

زهير ماجد ( الإثنين ) 11/9/2017 م …




لم تكن هي المرة الأولى التي تدخل فيها المعارضة العراقية على ظهر دبابة أميركية إلى العراق، فقد دخلتها في العام 1963 إثر انقلاب بعثي قال فيه أبرز وجوهه علي صالح السعدي إنه جاء على ظهر دبابة أميركية، وفي المرة الثانية كما نعرف، جاءت المعارضة العراقية محمولة من الخارج على متن دبابات أميركية احتلت العراق بكامله، وزينته ببعض قوى المعارضة.
هذان الشكلان سقط شكل منهما في المؤامرة على سوريا، صحيح أن المعارضة السورية انتقلت إلى الخارج وقررت أن تكرر اللعبة العراقية، فتدخل على ظهر دبابات متعددة الأوصاف لتتسلم الدولة السورية، وهو كل مبتغاها وحلمها في الوصول.
لكن أمرها اختلف جذريا، مما سيجعلها مجرد تاريخ مكتوب على أوراق صفراء باهتة ليس إلا .. رغم أن أكثرها لم يقتنع حتى الآن أنه أصبح بلا غد سياسي، مجرد اسم في المجهول، وشخص يعيش في المنفى إلى وقت ليس معلوما، ومع هذا يصر بعضها على ترداد كلام سقط بالقوة العسكرية للجيش العربي السوري والحلفاء، فنرى أحدهم جورج صبره مثلا يصر على رحيل الرئيس الأسد، أو ذاك الحريري الذي يكرر جمله في الهواء مستعينا بقدرة صوتية تدرب عليها طويلا.
لم تقتنع المعارضة السورية أنه مرت سبع سنوات على المؤامرة على سوريا، ما تم حفظه في الأيام الأولى منها، ظل على ترداده، هي نعمة على كل حال، أن لا يتغير المرء وهو يسقط من سوء إلى أسوأ، ثم يلفظه حتى التاريخ، فيبدو في العراء بلا سقف.
في الشهور الأولى من المؤامرة على سوريا أخبرني أحدهم أن بعض المعارضين ظلت ثيابه في حقيبته أملا في أنه عائد للتو إلى دمشق وقد ابتسمت الدنيا لخطط هو فيها مجرد رقم أو مأمور. لم يفهم هؤلاء من هي سوريا وماذا تكون ومم تتألف؟ ومن هو الشعب السوري؟ وما هو التاريخ المختبئ في روح سوريا من علاقات استراتيجية ومن قوى سوف تنهض من أجلها، ومن عالم سوف يستميت للدفاع عنها، ومن أحلام وطنية تحققت فصنعت دولة بحجم معجزة؟
كان معلوما أن تجربة الدبابات الأميركية في العراق ليس لها مكان في سوريا، وإن كان الأميركي يستميت من أجل موقع قدم، وهي حاله دائما في أي مكان..
حين تكاثر الأعداء على سوريا تكاثر الأصدقاء والحلفاء للدفاع عنها .. كانت مفاجآت للكل وخصوصا للمعارضة في الخارج، لكنها لم تكن مفاجأة للعارفين بما كان مرسوما وقد بدأ يظهر تباعا ثم سيطر على كل الوقائع العسكرية .. لم يكن هنالك سوى الميدان أسلوب للتعريف من هي سوريا ومن هم الحلفاء والأصدقاء، بدت سوريا أكبر بكثير من مساحة وجغرافية، إنها العالم الخير الذي من حق قواه الدفاع عنها حتى آخر رجل، وإنها الحق في صراعه مع الباطل.
الميدان السوري أوضح فهم لمن يريد أن يفهم، لكن جمالية الصورة أن ثمة في المعارضة السورية من لم يفهم بعد أن الدبابات الأميركية غير معتمدة ولن تكون، وهم بالتالي عراة في منافي، أسلوبهم الباقي لهم هو العلف الذي تقدمه دول أسقط في يدها أيضا، مثلهم.
يا لها من نهاية فاجعة كانت متوقعة لهم، وقد تبين أنهم لم يقرأوا سوريا جيدا ولم يحفظوا تاريخها، وأنهم الآن مجرد تواريخ منسية، بعدما تقرر محو أسمائهم المنسية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.