التناغم الزمني بين عهر منظمات “المجتمع الدولي” وانجازات محور المقاومة في سوريا / د. بهيج السكاكيني
د. بهيج سكاكيني ( الإثنين ) 11/9/2017 م …
أقرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول وضع حقوق الانسان في سوريا مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم بغاز السارين على مدينة خان شيخون وذلك في الرابع من نيسان الماضي والذي أدى الى مقتل ما يقرب من 90 شخصا. كما وذكر التقرير أن السلاح الكيماوي قد استخدم 33 مرة في سوريا بينها 7 هجمات للنظام السوري بين مارس ويوليو.
قد يعتقد الانسان العادي أن مثل هذه المنظمة الأممية من المفترض أن تكون على جانب من المهنية العالية وتتوخى الدقة والمصداقية المبنية على التحقيق الذي لا يقبل الشك عند تقديم الأدلة قبل أن توجه التهم الى هذا الفريق أو ذاك. كما وان الانسان العادي مثلنا يتوخى من أن يكون أعضاء مثل هذه اللجنة على درجة من احترام الذات وأن يرفضوا أن يستجيبوا للضغوط والابتزاز أو الرشوة من أي طرف من الأطراف المشمولة بالتحقيق بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن الواضح أن هذه اللجنة لم تلتزم بالمعايير المهنية أو الأخلاقية وارتضت أن تكون مطية للضغوطات والابتزازات من قبل رأس الافعى العالمية الولايات المتحدة وزبانيتها. فكيف للجنة أن تحكم بهذا الشأن الجدي والخطير بتبعاته وهي بحسب رئيسها تعترف ” لم نتمكن من الدخول إلى الأراضي السورية منذ بدء النزاع ولكن تمكنا من الحصول على المعلومات والأدلة من خلال خبراتنا، وأضاف بأنهم لم يحققوا في كل الهجمات في سوريا التي راح ضحيتها المدنيون”.
وما هي يا هل ترى هذه الخبرات!! التي ارشدتكم للوصول الى النتيجة دون وجود أية دلائل حسية كوجود مواد كيماوية على سبيل المثال. القضية برمتها اعتمدت على مقابلات لأشخاص سمح لهم بمغادرة المناطق التي يسيطر عليها الارهابيون الى تركيا حيث تم مقابلتهم. والسؤال هنا من الذي عمل على إخراج هؤلاء الأشخاص؟ تركيا والمجموعات الإرهابية المرتبطة بها وبترتيب من المخابرات المركزية الامريكية التي افتضح أمرها بتمويل وتسليح المنظمات الإرهابية. المنطق يقول ان كل هؤلاء لهم مصلحة في توجيه التهمة للجيش العربي السوري وأخذ ذلك كمبرر للتحالف الغير مقدس الذي تقوده أمريكا بالاعتداء على الجيش العربي السوري وحلفاءه، الى جانب رفع التقرير لمناقشته في مجلس الامن الدولي. شهادات الزور هذه والفبركة تعطي مبررا لما قامت به الولايات المتحدة بالهجوم الصاروخي للولايات المتحدة على المطار الذي “اعتقد” ان الطائرات السورية أقلعت من لتنفيذ الهجوم الكيماوي المفترض.
هذه الفبركات للوقائع والاكاذيب التي عادة ما تصاحبها هجمة إعلامية مبرمجة في الصحافة الغربية والصحف الصفراء للأدوات والاذناب في منطقتنا رأيناها في العديد من الحالات وما زال الكثيرون منا يتذكرون لأننا لسنا من عائلة الزهايمر السياسي، نذكر عام 2003 وأسلحة الدمار الشامل العراقية وبأن هناك صواريخ باليستية محملة بالسلاح الكيماوي موجة الى واشنطن وأن “النظام” العراقي يهدد السلام والامن في المنطقة والعالم ولا بد من أخذ الخطوات الازمة وبأسرع وقت ممكن لتفادي “الكارثة المحتومة” قبل حدوثها.
ولا زلنا نذكر المسرحية المتقنة والأدلة “الدامغة!!!!” التي قدمها وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول في إحدى جلسات مجلس الامن الدولي عن مصانع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية المتنقلة في عربات (التي ظهرت كعلب كبريت في الصور) تجوب العراق تهربا من ضربها من الطائرات الامريكية. ولم يظهر وجود أي من كل هذا على الرغم من عمل لجان التفتيش أكثر من خمسة أعوام قلبت فيها كل حجر في العراق وأوقفت العديد من البواخر في البحار والمحيطات لتفتيشها أيضا لنفس الغرض. ولم يتبقى سوى ربما الصعود الى المريخ لعل العراق كان يملك الامكانية للوصول الى بعض الكواكب لإسقاط الحمولة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية عليها!!!!
ولم ننسى بعد أيضا ليبيا عام 2001 والعقيد معمر القذافي الذي شيطن كما شيطن الرئيس العراقي السابق صدام حسين وكما شيطن الرئيس الأسد منذ بداية الاحداث. واتهم العقيد القذافي بقتل شعبه وبحالات الاغتصاب الجماعية ..الخ من الفبركات الاعلامية التي ما أنزل بها الله من سلطان لتأليب الرأي العام العالمي ضده والذي استخدم كستار دخان لتطبيق السياسة الامريكية في “تغيير النظام”. وكان أن تدخل حلف الناتو وبمباركة الجامعة “العبرية” تحت ذريعة حماية المدنيين ما سمي عندها بـ ” التدخل الإنساني” الذي أدى الى قتل الالاف من المدنيين وتحولت ليبيا الى دولة فاشلة، ومرتع للمنظمات الإرهابية وأمراء الحرب، وتهريب المهجرين الغير شرعيين الى الدول الأوروبية، وتجارة وتهريب الأسلحة، وإرسال المرتزقة بحسب الطلب وما زالت البلاد تعاني من حالة الضياع وانعدام الامن وتقسيم البلاد لتحكم بحكومتين للان.
هذه بعض الأمثلة وغيرها كثيرة في هذا الكون الفسيح التي صالت وجالت به رأس الشر في العالم دون رادع لعقود. واليوم تهدد باستخدام الأسلحة النووية ضد كوريا الشمالية من ضمن خياراتها المفتوحة على الطاولة، والتدخل العسكري السافر ضد فنزويلا لان رئيس الدولة يريد الكرامة لبلده وشعبه ويرفض الاملاءات والسطوة الامريكية وفتح البلاد على مصراعيها لتنهب من قبل الشركات الامريكية الكبرى وتحقق مليارات الأرباح من الثروات الطبيعية للبلد هذه الشركات التي تمول الانقلابات هنا وهناك عن طريق المخابرات المركزية الامريكية والتي تدفع مئات الملايين من الأوراق
الخضراء في الانتخابات الامريكية لضمان الرئيس الذي يتماشى مع مصالحها في نهب ثروات الشعوب والإبقاء على حالة عدم الاستقرار في العديد من البؤر في العالم وذلك لبيع مزيد من الأسلحة للإبقاء على الصحة والعافية المالية لمجمع الصناعات العسكرية وكل من ارتبط به من بعيد أو قريب.
ولا بد للإنسان العادي أن يتساءل لماذا تثار قضية الأسلحة الكيميائية الان مرة أخرى وتوجيه الاتهامات للدولة السورية والجيش العربي السوري على الرغم من عدم أي وجود دليل مادي من قبل هذه اللجنة الأممية. وهذه طبعا ليست المرة الأولى التي تتم فيها توجيه مثل هكذا اتهامات جزافا ولأسباب سياسية محضة ليس الا. فقد سبق وأن اتهم الجيش العربي السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية لدمشق كذريعة لشن هجوم عسكري غربي (أمريكي فرنسي) دون غطاء أممي لولا التدخل الروسي بقوة آنذاك. ولم تظهر الحقيقة الا بعد ذلك بمدة طويلة من ان من استخدم هذا الهجوم بالأسلحة الكيماوية كان المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية بغرض استخدامها كذريعة للتدخل الأجنبي لصالح “المعارضة السورية”. وقد حصل هذا الهجوم بعد أيام من تهديد الرئيس أوباما بالتدخل العسكري فيما إذا ما استخدم السلاح الكيماوي من قبل الجيش السوري، حيث اعتبر أن ذلك خط أحمر سيجابه بالقوة العسكرية. وتبين لاحقا أن المجموعات الإرهابية قد حصلت على غاز السارين عن طريق الحدود التركية لهذا الغرض.
والحديث عن الأسلحة الكيماوية يطول ولكن يجب أن ننوه هنا الى أن هذه المنظمة الأممية العاهرة وحتى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية رفضت الدخول الى حلب حتى بعد تحريرها بالكامل للتحقق من المناطق التي سيطرت عليها المجموعات الإرهابية والتي كانت تستخدم الأسلحة الكيماوية بين الحين والآخر في قصف المناطق المدنية التي كانت تحت سيطرة الجيش العربي السوري. ولم تعبر هذه المنظمات المارقة العينات التي جمعها الخبراء الروس ورفضوا استلامها ولم يأخذوا بالصور التي التقطها الصحفيون مباشرة لمخازن تصنيع الأسلحة الكيماوية هناك بعد تحرير حلب.
كما ولم تلتفت أو تعبر هذه المنظمات التي لا تملك الحد الأدنى من النزاهة المهنية أي من التحقيقات التي أجريت من قبل صحفيين تحقيقيين أمثال هيرست الذي رفضت صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جرنال أن تنشر التحقيقات التي أجراها والتي أثبتت بشكل مقنع تماما أن الجيش العربي السوري لا يمكن أن يكون هو من استخدم الغازات السامة في الغوطة الشرقية بل المجموعات الإرهابية. ولم يعبر أو يتابع كذلك البحث العلمي الدقيق الذي أجراه البروفسور ثيودور بوستل الأمريكي في ام أي تي الأمريكي المشهور حيث قدم خرائط على درجات الحرارة واتجاه الرياح والصور التي نشرت ومواقعها..الخ وبالتفصيل الشديد الذي عرض في جداول والتي تبين بشكل قاطع علميا وليس على تخمينات ذاتية بأن الرواية الامريكية حول استخدام الغازات السامة هي رواية مفبركة لا يمكن تصديقها على الاطلاق. وأكتفت هذه المنظمات بما يسرده المرصد السوري ومديره القاطن في لندن والذي يدار من المخابرات البريطانية بما يدور على الأرض بحسب التليفونات التي ترده مما هب ودب من الناس والذي كان يشار اليهم مصادر موثوقة!!!!! والى المعلومات المقدمة من طرف الإرهابيين باعتبارها أيضا مصادر موثوقة!!!! أما الطرف الرسمي السوري الممثل بالدولة السورية الذي دعى الى التحقيق على الأرض من قبل المنظمات الدولية فقد رفض الاستجابة له.
المتتبع لإثارة موضوع الأسلحة الكيماوية بين الحين والآخر وترديدها كالببغاء يرى بكل وضوح انه كلما تحقق نصر استراتيجي للجيش العربي السوري وحلفاؤه المخلصين الذين يقاتلون جنبا الى جنب معه من مقاتلي حزب الله والقوى الرديفة على الأرض السورية تظهر أكذوبة الأسلحة الكيماوية، وتنضم جوقة الأجهزة الإعلامية الغربية الى حملة الأكاذيب هذه. فما بالنا الان ونحن نرى تسارع غير مسبوق في تحقيق الإنجازات الاستراتيجية وقرب انتهاء التخلص من إرهابي داعش وأخواتها في الوطن السوري. فكل القوى المعادية تريد فرملة او تأخير هذا الاندفاع المتسارع بأي شكل من الاشكال والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من داعش وقياداتها على وجه التحديد لاستخدامها في مناطق أخرى من العالم أو الحفاظ عليها لحين الحاجة أو بروزها تحت مسميات أخرى، أو رفع معنويات المجموعات الإرهابية هنا وهناك على الأرض السورية. من هنا نستطيع ان نتفهم بعض أهداف الغارة الإسرائيلية الأخيرة على موقع عسكري في سوريا وكذلك نقل قيادات من داعش وربما الخبراء العسكريين وأجهزة المخابرات التي تنتمي الى دول غربية أو إقليمية التي تعمل جنبا الى جنب مع قيادات داعش بعمليات الانزال من طائرات أمريكية في الموصل وتلعفر والرقة ودير الزور وصحراء تدمر والمناطق الحدودية العراقية السورية التي تسيطر عليها تنظيم داعش وذلك لإخلاء قيادات داعش وغيرهم. هذه االعمليات التي جرت لإخلاء الإرهابيين ومن معهم قد رصدت رصدت من قبل القوات السورية والروسية والعراقية وخاصة من الحشد الشعبي.
التعليقات مغلقة.