الحريري يدق باب الأسد / نبيه البرجي





نبيه البرجي ( لبنان ) الإثنين 18/9/2017 م …

يقول وزير سابق، لا يعوزه الألق السياسي ولا الألق الأخلاقي، وكان من رفاق الرئيس الراحل رفيق الحريري ثم ابتعد لأن الغلبة كانت لأهل الضوضاء حيناً ولأهل الغوغاء حيناً آخر، ان الشيخ سعد، ومنذ ان تبنى ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بات يشبه أباه.

لا يستسيغ أن تكون المحاكاة الميكانيكية بين الشخصيتين. هذه كانت نصيحته للرئيس سعد الحريري غداة غياب الأب. لابد أن يكون هناك افتراق، بشكل أو بآخر، في الأداء، وحتى في الرؤية أحياناً، مع التأكيد على الاطار الفلسفي، والاطار الأخلاقي، الذي يربط الاثنين.

في رأيه ان الرئيس الراحل كان «نجم الواقعية السياسية». بطبيعة الحال، كان لا بد لعلاقاته الاقليمية والدولية، كما لثروته المترامية، ان تظهره، في لحظة ما، «فوق الآخرين»، والى حد النظر اليه على انه السوبرمان الذي لم تشهد السرايا مثيلاً له.

هذا لا يعني انه لم يكن يستشعر ماذا يعني، وعلى تلك الأرض الرخوة أوالحافلة بالتضاريس السياسية والطائفية، تجاوز المعادلات الداخلية او الخارجية على السواء. كان يتقن اللعب مع الأعاصير بأعصاب هادئة. الساسة اللبنانيون يفاخرون بالامبراطورية اللبنانية غير انهم يمارسون السياسة بلغة الزقاق.

الواقعية السياسية، وهنا بداية التماهي مع الأب، جعلته يدرك ان زيارة واشنطن، ولقاء الرئيس دونالد ترامب، لا تكفي، لا بل انها قد تتحول الى عبء عليه. لا بد من زيارة موسكو ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين.

هو يعلم أن الرئيس الروسي أكثر عمقاً، وأكثر صدقية، من نظيره الأميركي الذي لم يكتشف بعد أن الجلوس في المكتب البيضاوي  غير الرقص تحت الثريات في لاس فيغاس. ادارة الامبراطورية تختلف كلياً عن ادارة الكازينو.

نتوقع أن يكون الرئيس الحريري قد سمع من مضيفه كلاماً يهز اعصاب العديد من رواد بيت الوسط، أكانوا من تيار المستقبل او من الحلفاء الذين يصرون على تصوراتهم البهلوانية حول مسار التطورات في سوريا.

اذا كان هناك من يراهن على بنيامين نتنياهو، وهؤلاء موجودون فعلاً  وينظرون الى هذا الاخير على أنه المخلص، فهذه ليست حالة الشيخ سعد الذي لا يمكن، في حال من الأحوال، أن يتخلى عن الأساسيات في شخصية الأب والتي يفترض أن يكون قد ترعرع عليها.

في تلك الأجواء المكفهرة اقليمياً، وحيث السعودية تجد نفسها داخل المتاهة، لا أحد يقول بتحول دراماتيكي في مواقف رئيس الحكومة. هذا ليس وقت الصدمات الكهربائية. انه وقت الصدمات المخملية.

غير أنه قد يلتقي، او يلتقي فعلاً، مع الرئيس بوتين في أن خلاص لبنان، الخلاص الاقتصادي الذي قد يعيد الازدهار الى البلاد، انما يمر بسوريا.

ستفان دو ميستورا، الناطق باسم الكبار، هو من قال ان المعارضة تلاشت في سوريا، دون أن يعني ذلك ان النظام ليس مدعواً الى ادخال رؤوس جديدة، واتجاهات جديدة، الى هيكلية السلطة. بشار الأسد باق، ولا مناص من التعامل بمنتهى الواقعية مع هذا الواقع.

هذا لأن  الاقتصاد اللبناني مرتبط الى حد بعيد بالجغرافيا السورية، ولأن اعادة الاعمار تولي لبنان دوراً فائق الأهمية. منذ الآن بدأ رجال الأعمال يضغطون، وان بأصابع ناعمة، من اجل اعادة تطبيع العلاقات مع دمشق، دون الأخذ بالاعتبار صراخ الذين هالهم ما آلـت، وما تؤول، اليه الأوضاع على الأرض السورية.

نتصور أن الكرملين نصح الرئيس الحريري باعداد المناخات للحقبة المقبلة. استراتيجية البروباغندا، وهي استراتيجية الببغاءات، التي يتمسك بها البعض تفضي الى خراب البلد. أصحاب الرؤوس الباردة قرأوا بدقة ما قاله الشيخ نعيم قاسم الذي يزن كلماته بميزان الذهب حول المواقف العقلانية لرئيس الحكومة.

الدين اللبناني الهائل لا تطفئه سوى المعجزة. هي موجودة على الأرض السورية. لا يبارح ذاكرة الرئيس الحريري ما حدث لشركته العملاقة في السعودية. خياره الآتي سوريا. متى يدق باب بشار الأسد ؟ الروس يتولون المهمة. البداية لقاء مع السيد حسن نصرالله. بعد ذلك لكل حادث حديث…

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.