الورقة الكردية .. محاولة اخيرة للهيمنة الامريكية / عبدالحفيظ ابو قاعود
عبدالحفيظ ابو قاعود ( الأردن ) الإثنين 18/9/2017 م …
مازالت الادارة الامريكية بالرغم من فشل استراتيجيتها الامنية في الشرق تناور في الورقة الكردية التي دسها المندوب السامي الامريكي في العراق “بريمر” لتقسيم ارض الرافدين في محاولة اخيرة ويائسة لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الكبير من جديد لخلط الاوراق لإشعال حرب حديدة لتفتيت الاقليم لأحياء مشروع الشرق الاوسط الكبير ،هي؛ الورقة الكردية بالانفصال عن العراق وسورية ،حيث تدعم علنا الانفصال الكردي في سورية ، ومن تحت الطاولة استقلال اربيل عن العراق باستغلال الشعور القومي الكردي في الوحدة واقامة دولة في الاقليم ، .كما راهنت زعامات كردية على حصان خاسر بتحقيق وعد بريمر بوطن كردي مستقل في العراق من اجل عيون يهود العالم ،
فالورقة الكردية للانفصال غير قابلة للصرف في زمن الاستبدال الحضاري ،فاعلن الحلف الايراني التركي في مواجهة خطوة الاستقلال الكردي في دولة مستقلة في الاقليم . فاختلطت الاوراق من جديد في وجه الامريكي المتصهين لانكشاف اوراقه ومشاريعه. فراح يتخبط على غير هدى في الجغرافيا السورية في دعم توجهات لدعم كونفدرالية كردية ،ويطلب في الوقت ذاته من زعامة اربيل تأجيل الاستفتاء على الانفصال عن العراق للإبقاء على شعرة معاوية مع عراق المحاصصة ” وعد بريمر ” .
فالانفكاك التركي من معاهدة التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي بالخروج من منظومة التحالف الامني الاقليمي ،والانفصال من التحالف الدولي في الحرب الكونية على سورية ومن سورية بالتوجه الى التحالف الايراني الروسي ،والتفاهم مع “قوس المقاومة ” شكلت بداية انهيار وانفراط عقد منظومة التحالف الامني الاقليمي الذي تشكلت في العام 1988 ، لتدمير دول المقاومة العربية والاسلامية لتحرير فلسطين المحتلة من الاغتصاب الصهيوني .
هل جاءت الصحوة التركية المتأخرة بالانفكاك من التحالف الغربي المتصهين في وقتها لتصحيح خطأ استراتيجي بحق سورية ؟!!!،ام تقسيم تركيا الى ثلاث دول ، هو ؛ الحل لإقامة وطن كردي مقدمته انفصال اربيل عن العراق ؟!!!،فالجواب في مخرجات الاستفتاء على الانفصال عن العراق في 25 ايلول الجاري .
لكن مواجهة مؤامرة تفتيت العراق ” وعد بريمر” ،بانفصال اربيل عن العراق ، التي يعتبرها الاكراد ؛مقدمة وخطوة اولى في اقامة وطن كردي في الاقليم ؛ جاءت في عصر الانتصار وتولي زمن الهزائم. فأحطأ الاكراد في الحسابات والتحالفات ولم يستقيدوا من الدرس التركي في مراجعة التموضع الدولي والاقليمي واعادة النظر في التحالفات المشبوه بالعودة الى التفاهم مع ايران وحلفها الدولي و المقاوم بعد عقدين من تحالف حزب التنمية والعدالة التركي مع الغرب المتصهين بإيصاله الى الحكم في تركيا عبر صناديق الاقتراع للمشاركة بتدمير محور المقاومة العربي الاسلامي بحجة مواجهة الهلال الشيعي في المحيط السني وقوسه الافتراضي .
التموضع الأردوغاني الجديد في المعادلة الدولية والاقليمية جاء بعد الخسارة في حلب والتغير في الحسابات الامريكية تجاه تركيا التي فقدت مجموعاتها المسلحة السيطرة على حلب واجزاء كبيرة من سورية من خلال الانتصارات التي سجلها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الجغرافيا السورية . لكن مؤامرة الامريكي بالإيحاء والتصريح والدعم الى الاكراد في الاقليم بالاستقلال والانفصال عن العراق وسورية ومستقبلا في تركيا وايران تنفذ في المكان والزمان الخطأ .
هل النضال الكردي الطويل لإقامة وطن قومي في الاراضي التي يتوجد الاكراد فيها حق مشروع في شرعة الامم المتحدة لتقرير المصير ؟!!!.ولماذا اتفاق سايكس – بيكو 1916، لم يمنح القومية الكردية حق اقامة وطن قومي لها ؟!!!، وهل ترسيم حدود الدول والقوميات التي كانت من ضمن تركة الامبراطورية العثمانية التي ورثها وتقاسمها الاستعمار البريطاني والفرنسي لم يتضمن الاعتراف بوطن للقومية الكردية ؟!!!,
النظام الدولي القائم “الامم المتحدة ” لم يتعرف بوطن قومي للأكراد في بقعة جغرافية محددة ضمن هذه التركة ، لكن صدام حسين في العام 1970 منح “اقليم اربيل ” في العراق الحكم الذاتي الكامل في اطار الدولة العراقية لم بشمل كركوك.
نظام المحاصصة الذي فرضة المندوب السامي الامريكي “بريمر ” في عام 2004 ،ابان الاحتلال الامريكي للعراق تضمن وعدا للأكراد بالاستقلال عن الدولة العراقية في حدود دولة معترف بها ضمن خطة امريكية غير معلنة يمهد له استفتاء على مناطق متنازع عليها لضمها للإقليم نض عليه دستور بريمر.
لجأت الادارة الامريكية على ضوء تطورات الاوضاع في العراق ومخرجات الاحتلال الامريكي منذ سقوط بغداد 2003 ، الى الخيار الاول “التقسيم” عبر مشروع اعلان دولة ” الدواعش ” على اراض جرداء وصحراوية لتفتيت العراق ، وليس الخيار الثاني ” استقلال اربيل ” اولا ، كما جاء بالخطة البديلة . لكن الخيار الاول فشل في تحقيق الاهداف المرسومة في الاستراتيجية الامنية الامريكية الاسرائيلية ليصار الى تطبيق الخيار الثاني في الوقت المستقطع من اللعبة .
الايام المقبلة حبلى بالأحداث والمفاجأة على الساحة الدولية والاقليمية في حال ارتكب حكام اربيل خطأ استراتيجيا في تنفيذ عملية الاستفتاء في 25/09/2017 بدون عطاء دولي واقليمي . فالورقة الكردية مازالت غير قابلة للصرف في الاسواق الدولية والاقليمية للاستثمار في الارهاب الدولي مجددا .
إقامة وطن قومي للأكراد على المناطق الي تقطنها الاكثرية الكردية في الاقليم ؛ يحتاج الى توافق وتفاهم دولي واقليمي لإعادة رسم خرائط الاقليم والمنطقة ،ولنظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات يخلف النظام الدولي القائم يكون بديلا عن خرائط سايكس بيكو وفرساي. وليس الاعلان من طرف واحد .
رسومات تشرشل التي اعتمدها في العام 1923 ،لحدود مستعمرات النفوذ البريطاني من مصر الى الهند لا يغيرها استفتاء اربيل ومخرجاته فحسب بل رحيل الاستعمار الغربي المتصهين وعملاؤه من ديار الملة ليصار الى تفاهم بين قوميات الملة لحل الخلافات الحدودية بينها في اطار مشروع التكوين السياسي والتشابك الاقتصادي في الاقليم .
حكام اربيل لم يقروا التاريخ والجغرافيا جيدا،ولم يأخذوا العبر و الدروس من اقدام صدام حسين من انتزاع عربستان من ايران بالقوة المسلحة والدعم العربي والغطاء الدولي وماذا حل بالعراق من جراء ذلك ، لان لا الزمان ولا المكان كانا معه ، وبالقوة الناعمة وانعدام التوافق الاقليمي والغطاء الدولي ؛ يكرر الاكراد الخطأ التاريخي لإقامة نواة الوطن القومي الكردي في اربيل ،التي لا يتوافر فيها مقومات الدولة المستقلة . فصلاح الدين الايوبي وحد الملة لتحرير بيت المقدس من الصليبيين ،والبرزاني يفرق الملة لحماية إسرائيل لاحتلال المسجد الاقصى.
صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.