من المذبحة نبت مجد المقاومة / صابرين دياب
صابرين دياب* ( فلسطين ) الثلاثاء 19/9/2017 م …
هكذا دورات التاريخ، من حدث الموت يكون نبت الحياة، ربما تصحّ لنا قراءة مذبحة صبرا وشاتيلا بهذه الأداة التي ابتكرها الإنسان الفلسطيني لفهم الحياة وإنجاز الاستمرار وتخليد فلسطينيته بالعمل والإنتاج.
لكن القناع الآخر المختلف للبشرية، أيّ القتل، قد واكب الجوهر الحقيقي للبشرية – وجه الإنسان – وبينهما كان وسيبقى التناقض، ولعلّ الفاشية اللبنانية، الكتائب ولفيفها، والصهيونية والسلطة الأميركية، خاصة المحافظين الجدد، هم التعبير الحقيقي عن القناع، في مواجهة وجه التاريخ.
شعبنا الفلسطيني وأحرار لبنان ومختلف الأمم، التي تعرّضت للمذبحة الممتدّة على مرّ تاريخ البشرية، وكانت مذبحة صبرا وشاتيلا المذبحة الشاهد الأشدّ وحشية على امتداد المذبحة ضدّ فلسطين، من دير ياسين والدوايمة والطنطورة وكفر قاسم والحرم الإبراهيمي، إلى العديد العديد، وهي التأسيس للفوضى الخلاقة في ثوب القاعدة وداعش والوهابية بالطبع، حيث فتح الوحش الغربي فكّيْه لتبيّن أنيابه الداعشية وتنغرس في بدن الأمة.
في صبرا وشاتيلا وقف الطفل الفلسطيني الأعزل والمرأة والشيخ، بين فيض دموع ترحيل الفدائيين، غيلة وغدراً ومساومة، وبين سكين شارون وعملائه، الممتدّة بطول المكان من البنتاغون وحتى الكنيست!
ورُوي للأجيال اللاحقة عن كثير من الكذب، حول التعاطف والعواطف! لم يبكِ على الفلسطيني أحد! الا أهلُه في الدم والإنسانية الصافية، فأيّ مشهد عجيب هذا؟ قبل المذبحة ويوم المذبحة وحتى اللحظة، مطلوب رأسك أيها الفلسطيني، لأنّ المطلوب أرضك! حتى اليوم بل اليوم، وهذا الأهمّ، يرتجف الصهيوني أمام هول المقاومة، فيأتيه الوهابي راكعاً طائعاً متطوّعاً، ليغدر بالقديس الذي نبت على أرض المذبحة!
غادرت المقاومة، وحبلت الأرض بالمقاومة، وجاء الجديد أعلى وأشدّ عزيمة من القديم، ولم يتغيّر شيء، لا يزال جعجع يبكي شارون، ويستورد أدواته للقتل، وقد اندمج كلاهما في شخص واحد، وحين لا تقوى يده النجسة على فعل القتل المباشر، يلجأ للغدر!
وفي النهاية، إنه لبنان الذي يضمّ بين جنباته أشدّ التناقضات تناحرية وحِدَّةً: سيد المقاومة وأداة المذبحة جعجع وأضرابه! لبنان أصغر بقعة جغرافية تتكثف فيها أشدّ التناقضات تناحراً، بقعة تتعايش فيها نقائض لا يُحيط بفهمها أعتى الفلاسفة، وجه وجوهر التاريخ الحياة مقاومة، وقناع التاريخ…
الفاشي لا يتعايش، بل يركع للقوة والحذر والوعي، يطعن في الإعلام المريض لأنه لا يقوى، وحين يقوى سيقتل، وبين كونه لا يقوى وحتى يقوى يلدغ، ولا بدّ أن يغدُر.
المجد لدماء صبرا وشاتيلا…
المجد للدم الفلسطيني الذي لن تشربه الأرض!
* كاتبة وناشطة فلسطينية
التعليقات مغلقة.