أين يقع طوق النجاة للاقتصاد الأردني؟

الأحد 24/9/2017 م …




الأردن العربي –

يعود شريان التجارة بين الأردن والعراق إلى الانتعاش بعد إعادة فتح معبر ‘طريبل- الكرامة’ في وقت يشتد فيه الخناق على الاقتصاد الأردني. هل ينجح المعبر في إعادة تجارة البلدين إلى العصر الذهبي ووصول الأردن إلى السوق الإيرانية؟

تحتضن بعض المعابر الحدودية، كمعبر ‘طريبيل- الكرامة’ بين الأردن والعراق، مجمل التبادل التجاري، الذي مر حتى عهد قريب بفترات ذهبية بين البلدين. غير أن هذا المعبر البري الوحيد بينهما توقف عن القيام بدوره في عام 2014 بعد سيطرة تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ الإرهابي (داعش) على مناطق واسعة من غرب محافظة الأنبار العراقية، التي يمر عبرها الطريق الدولي بين بغداد وعمّان. أما الآن فيعود المعبر بشكل تدريجي كشريان حيوي لتدفق البضائع والأشخاص بعد إعادة افتتاحه أواخر آب/ أغسطس 2017 باحتفال رسمي كبير عكس أهمية هذا المعبر.

معبر وطوق للنجاة؟

أهمية معبر ‘طريبيل- الكرامة’، المعبر البري الوحيد بين الأردن والعراق، يشهد عليها تاريخه القريب والآمال الكبيرة المعلقة على إعادة افتتاحه، حسب تصريحات مسؤولي البلدين. وزيرا الداخلية الأردني غالب الزعبي ونظيره العراقي قاسم الأعرجي اعتبرا إعادة الإفتتاح بمثابة ‘عودة لشريان الحياة المقطوع بين البلدين’. أما عيسى مراد، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة عمّان فذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن عودة المعبر تشكل ‘طوق نجاة للاقتصاد الأردني برمته’.

على أرض الواقع تكمن أهمية المعبر فعلياً في استيعابه لحركة المسافرين براً بين البلدين، لاسيما من قبل العراقيين، الذين وجد الملايين منهم ملاذاً في الأردن خلال سنوات الحرب والدمار، التي يمرون بها منذ ثمانينات القرن الماضي.

أما بالنسبة للأردن فكان المعبر حتى إغلاقه في عام 2014 منفذاً اقتصادياً حيوياً إلى سوق عراقية، قوامها 38 مليون نسمة. وكانت هذه السوق حتى عام 2014 تستوعب لوحدها خُمسَ الصادرات الأردنية، بقيمة لاتقل عن 1.2 مليار دولار سنوياً؛ لتكون بذلك أهم سوق لها. وكانت هذه الصادرات في غالبيتها من الأغذية والسلع الاستهلاكية الأخرى ومواد البناء، ذات القيمة المضافة العالية، التي يعمل في مصانع إنتاجها عشرات الآلاف من قوة العمل الأردنية.

وبعد إغلاق المعبر تراجعت هذه الصادرات بنسب تراوحت بين 50 إلى 65 بالمائة. ولم يكن العراق أهم سوق للصادرات الأردنية فقط، بل كان أيضا أهم مصدر للنفط إلى الأردن بأسعار أقل من سعرها العالمي، كنوع من الدعم للاقتصاد الأردني، الذي كان يتلقى جزءً من وارداته النفطية العراقية بدون مقابل أيضا.

إعادة افتتاح في وقتها

تأتي إعادة افتتاح معبر ‘طريبيل- الكرامة’ في وقت يعاني فيه الأردن من تبعات الأزمة الخليجية- القطرية، التي كبدته خسائر كبيرة بعد منع عبور صادراته إلى السوق القطرية عبر السعودية. كما يشتكي الأردن من ديون مثقلة في وقت تراجعت فيه مساعدات دول الخليج له لأسباب منها التراجع الدراماتيكي في أسعار النفط، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي لها. ومنذ ست سنوات خسر الأردن السوق السورية الهامة جداً بالنسبة له؛ بسبب الحرب وإغلاق المعابر الحدودية معها، والتي حرمته أيضا الوصول إلى لبنان والأسواق التركية والأوروبية عبر البر.

ومن هنا يأتي افتتاح المعبر العراقي الأردني في وقت مناسب جداً، لاسيما وأن هناك رغبة عراقية قوية بإنعاش مشروع مجمدٍ لمد أنبوب نفط من البصرة حتى ميناء العقبة الأردني، الذي كان بوابةً بحرية للصادرات والواردات العراقية من وإلى أوروبا حتى فترة ليست بعيدة.

وهناك توقعات بعودة قريبة جدا لإعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي الرئيسي بين سوريا والأردن، الأمر الذي يعني عودة تدفق السلع والبضائع بين البلدين وكذلك مع لبنان، وصولاً إلى أسواق العراق والكويت وإيران. وفي هذا السياق يُرَجَّح ألا تكون الدعوات المتزايدة لإعادة العلاقات الأردنية الإيرانية بعيدة عن الاهتمام الأردني المتزايد بالسوق الإيرانية، التي تضم 80 مليون مستهلك. وعلى ضوء العلاقات الاقتصادية القوية بين إيران والعراق يمكن للأردن ترجمة هذا الاهتمام بسرعة من خلال الشركاء العراقيين.

مخاطر أمنية

رغم مررو حوالي شهر على إعادة افتتاح المعبر العراقي الأردني تفيد المعطيات الواردة بأن حركة التبادل التجاري ما تزال بطيئة عبر هذا المنفذ الحيوي. ويعود السبب في ذلك، حسب مصادر عراقية رسمية عديدة، إلى استمرار العمليات العسكرية للجيش العراقي وحلفائه شمال الطريق، حيث ما تزال هناك جيوب يسيطر عليها تنظيم ‘داعش’ الإرهابي في مناطق: راوة، عانَّة، والقائم غربي محافظة الأنبار.

ومن هنا فإن المخاطر على الطريق ما تزال قائمة، لاسيما وأن الجماعات الإرهابية قد تلجأ إلى هجمات كر وفر متكررة؛ بهدف قطع الطريق، الذي كان بالنسبة لهذه الجماعات مصدراً للتمويل، من خلال فرض الأتاوات والضرائب والرسوم على السيارات العابرة.

ويحذر محللون أيضا من مخاطر أخرى تتمثل في وجود قوى خليجية وأجنبية ليس لها مصلحة في تقارب أردني مع العراق. وبما أن هناك جماعات مسلحة وإرهابية محسوبة على تلك القوى، فليس من المستبعد قيام تلك الجماعات بهجمات لتعطيل انسياب عبور السلع والأشخاص بين البلدين. ومن هنا فإن مسؤولية السلطات الأردنية تكمن في تكثيف جهود المراقبة على طرفي الحدود لأن معبراً بمثل هذه الأهمية لا بنبغي أن يُغْلَق مرة أخرى. (دويتشه فيله)

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.