انفصال الأكراد والحلم الإسرائيلي / د. خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأربعاء 27/9/2017 م …
في الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل بإزالة الحدود بين دول منطقة الشرق الأوسط، يعمل الأكراد على وضع الحواجز الرملية والخنادق على الطرقات خاصة المناطق التي سيطروا عليها ، لذلك ليس من المستغرب أن يكون الكيان الصهيوني الوحيد تقريباً على مستوى العالم الذي أعلن دعمه للاستفتاء الذى أصرت رئاسة إقليم كردستان العراق على إجرائه لفصل هذا الإقليم عن العراق، و يأتي هذا الموقف منسجماً مع سياسة إسرائيلية تاريخية مع أكراد العراق منذ عقد الستينيات، ويعيد ذلك إلى الأذهان ما كان قد تردد عن علاقة الملا مصطفى البارازانى بإسرائيل، أو ما تردد بعد غزو العراق عن النشاط السياحى والبترولي الإسرائيلي فى مناطق الأكراد.
كما تعكس الحال التي وصلت إليها سورية مؤخراً دليلاً آخر تقدمه أمريكا على مدى الخراب الذي تخلفه وراءها في كل مكان تتدخل فيه ، حيث سعت في إطار دولي إلى تحقيق مشروع سياسي كردي فى سورية قد يكون نواة لدولة كردية أكبر، تضم لها لاحقاً مناطق التواجد الكردي، في شمال وشمال شرق سورية، ليضعف سورية إستراتيجياً، ويضمن تحقيق المصالح الإسرائيلية في سورية، متمثلة في الهدف الإستراتيجي وهو تهديد وحدة وتماسك الأراضي السورية، ويطرح نفسه كبديل فى يد الغرب لمشروع داعش، ولهذه الأسباب جاء موقف بثينة شعبان المستشار السياسي والإعلامي للرئيس الأسد، حين أكدت أن دمشق ستحارب قوات سورية الديمقراطية مثل داعش إذا أصرت على التمرد فوق الأرض المحررة من التنظيم الإرهابي.
ليس التدخل الإسرائيلي في العراق أمراً مستجداً أو فريداً من نوعه، ويمكننا حصر مصلحة الكيان الصهيوني بقيام دولة كردية مستقلة في التالي: إطلاق مخطط إعادة تقسيم دول المنطقة الكفيل بإنهاء خطر الدول الكبيرة على إسرائيل، والتأسيس لواقع إقليمى بديل يرتكز على دويلات صغيرة طائفية وعرقية ودينية من شأنه أن يعطى للكيان الصهيوني القدرة على السيطرة والهيمنة ، ومن هذا المنطلق فإن هدف إسرائيل الإستراتيجي هو عدم السماح للعراق أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي، كون ان العراق الغني بالنفط من ناحية والقوي عسكرياً من ناحية أخرى تشكل أكبر تهديد لإسرائيل، وبالتالي فإن تقسيم العراق هو من أهم الإستراتيجيات الإسرائيلية، بالإضافة الى فرض وجود إسرائيل في المنطقة، ومن هذا المنطلق ليس سراً على أحد أن إسرائيل وحدها وقبل غيرها هي الطرف المستفيد قبل أي طرف آخر من التحولات الحادة التي تحصل في المشهد العراقي، وليس سراً أن أول شحنة نفط كردية وصلت تل أبيب فعلاً وسط مظاهر الإحتفال الإسرائيلي في وقت إنشغل العرب والعراقيون بأزماتهم، في إطار ذلك من الواضح تماماً أن التحولات في العراق قفزت بالعلاقات الإسرائيلية الكردية إلى مستوى الإنتاجية الفعالة والإستراتيجية، فضلاً عن الإستيلاء على النفط على حساب الأمن القومي العراقي ووحدة العراقيين في المنطقة، وأشار إلى ذلك تقرير صحفي أمريكي كشف المخطط الجديد وجاء بنصه “مخطط إسرائيلى جديد يتم تنفيذه الآن، يعتمد على نقل اليهود الأكراد من إسرائيل إلى مدينة الموصل ومحافظة نينوى فى شمال العراق”، تحت ستار زيارة البعثات الدينية والمزارات القديمة.
الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن إسرائيل أصبحت تتمدد في قلب الوطن العربي وان الدول العربية مهدده بالتقسيم وإنها تسعى لعودة نفوذها وإستحواذها على مقدرات المنطقة، لذلك هناك مخاطر جمة يهدد العراق وسورية ومصر وليبيا واليمن ولبنان وفلسطين، وفي إطار ذلك أصبح يتطلب إعادة النظر في السياسات العربية وضرورة إستعادة إتفاقية الدفاع العربي المشترك والعمل باتجاه إستراتجية تجمع وتوحد العرب في إستراتجية عربية تقود للتصدي لمؤامرة التقسيم ومنع إنفصال إقليم كردستان عن العراق لان المسبحة إن إنفرطت فإن المنطقة في طريقها للتقسيم وهي تتعرض للمخاطر التي تتهدد وجودها لصالح إسرائيل الداعمة لاستقلال إقليم كردستان وإنفصاله عن العراق ضمن مخطط ما هو مرسوم للمنطقة.
مجملاً…….ربما أستطيع القول أن قوات سوريا الديمقراطية هى جزء من مشروع أمريكي إسرائيلي يحاول حرمان الجيش السوري والقوات الروسية من ثمار انتصاراتهما حول دير الزور والرقة، ولا بد أمام هذا الواقع من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الإستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل في العراق وسورية والسيطرة على مقدراتهما ونهب ثرواتهما. لذلك فإن الخيار الوحيد حالياً أمام الشعب العراقي في الوضع الراهن الإبتعاد عن التعامل مع الغرب وخاصة أمريكا، وتشكيل حلف عسكري وسياسي مع سورية ودول الجوار المستعدة لتقديم الدعم لمواجهة العدو الذي يسعى لإضعاف الدولتين السورية و العراقية في المنطقة.
نهايته…. يجب على الأكراد أن يحافظوا على وحدة التراب العراقي، لأن إنقسام البلاد إلى مناطق للسنة وأخرى للشيعة وأخرى للأكراد سيؤجج حروباً عرقية وطائفية بين أبناء الشعب الواحد، كما أن المصلحة الحقيقية لكرد سورية مع الدولة السورية التي تعتبرهم أحد المكونات الرئيسية للمجتمع السوري ، نظراً لأن الكرد في سورية موزعون على كامل الجغرافيا السورية، وليس ثمة جغرافيا خاصة بهم،إذ ثمة فواصل جغرافية واسعة بين مناطق تواجد الكرد، وبالتالي فأن قيام دولة للأكراد في سورية سيبقى حلماً مستحيل التحقيق.
التعليقات مغلقة.