قلب العروبة ينبض من جديد / الدكتور محمد سيد احمد

د. محمد سيد احمد ( مصر ) الجمعة 29/9/2017 م …

على مدار السبع سنوات الماضية لم تنقطع زياراتى الى سورية قلب العروبة النابض كما أطلق عليها قائدى وزعيمي جمال عبد الناصر, ومنذ الزيارة الأولى فى منتصف عام 2011 وحتى الزيارة قبل الأخيرة فى نهاية عام 2016 كنت أقوم برصد أحوال أهالينا بالإقليم الشمالي, وكنت ألاحظ تدهور الأحول بشكل كبير, وأرصد فى ذات الوقت حالة الصمود والتحدى فى عيونهم فى مواجهة المشروع الاستعماري الغربي الذى يقود الحرب الكونية على وطنهم عبر أدواته التكفيرية بهدف التقسيم والتفتيت.




وكنت أرصد ثقتهم وإيمانهم المطلق بجيشهم الباسل وقائدهم الشجاع, لكننى كنت أيضا ألاحظ فى كل مرة أن طبول الحرب يزداد ويعلو صوتها, ومع ارتفاع صوت الإنفجارات وانتشار الحواجز والمتاريس فى كل مكان كنت أشعر أن نبض القلب ينخفض بل يكاد يختفي فى ظل دوران الآلة العسكرية المعادية على كامل الجغرافية العربية السورية.
وكنت أحاول جاهدا عبر اطلالاتى المستمرة والمتكررة عبر المنابر الإعلامية المختلفة أن أبث روح التفاؤل والثقة فى قلوب هؤلاء الصامدون صمودا اسطوريا, وأحاول أن أضمد جراحهم رغم أن قلبى كان يتمزق على ما أصاب هذا الجزء العزيز من وطننا العربي من دمار, لكننى وفى ذات الوقت كنت على ثقة بأن بلدا تمتلك شعبا وجيشا وقائدا مثل ما تمتلك سورية لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تهزم.
وفى زيارتى الأخيرة السريعة والخاطفة قبل أيام الى قلب عروبتنا والتى جئتها بوفد يحمل مبادرة شعبية لعودة العلاقات المصرية – السورية, حيث تم استقبالنا كالعادة بترحاب شديد بدأ من الاستقبال الرسمى بقاعة الشرف فى مطار دمشق الدولى, ثم الترحاب بالمبادرة والاهتمام بها على كافة المستويات الرسمية والشعبية, فتعددت اللقاءات من مقابلة مع السيد وزير الإعلام والمشاركة فى مهرجان الإعلام السورى الأول, تبعها لقاء مع سماحة المفتى, ثم لقاء مع مجموعة من النواب بمجلس الشعب, ثم لقاء بجامعة دمشق مع مسؤول حزب البعث ورئيس الجامعة وعميد كلية الإعلام, ثم ندوة بكلية الإعلام جامعة دمشق مع طلابها, وندوة أخرى بمؤسسة دام برس الإعلامية ( التى أخذت على عاتقها التنسيق للزيارة ) مع مجموعة من الإعلاميين الشبان, ثم لقاء نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية التى تضم عشرة أحزاب سورية ويترأسها الرئيس بشار الأسد, هذا الى جانب لقاءات مع الفصائل الفلسطينية المقاومة والتى تخوض الحرب بجوار الجيش العربي السورى, وندوة بمخيم الشهداء مع قيادات حركة فتح الانتفاضة, هذا بخلاف الاهتمام الإعلامى الكبير بالوفد والمبادرة حيث استضافت كافة وسائل الإعلام الوطنى السورى المقروء والمسموع والمرئي أعضاء الوفد لإلقاء الضوء على المبادرة الشعبية لعودة العلاقات المصرية – السورية.
وبالطبع تأتى هذه الزيارة فى توقيت مختلف حيث حقق الجيش العربي السورى انتصارات مدوية خلال عام الحرب الأخير بداية بمعركة تحرير حلب وانتهاءً بمعركة تحرير دير الزور وسيطرة الجيش على الغالبية العظمى من الجغرافية السورية وتجفيفه لمنابع الإرهاب, وقد لاحظت بوادر وعلامات النصر فى كل مكان فأصوات الانفجارات وطلقات الرصاص التى كانت فى الزيارات الماضية من الطقوس التى أصبحت معتادة طوال الوقت قد اختفت وأصبحت نادرة, والساحات والشوارع والحارات التى كانت تحيطها الحواجز والمتاريس ويقف خلفها الجنود قد أزيل معظمها وعادت الحياة تنبض من جديد فى قلب عروبتنا.
وما زاد من طمأنتى هو خروجى بعيدا عن العاصمة دمشق, حيث لاحظت أن الطرق آمنة, فعبر رحلتى الى محافظتى حمص وحماه وهما من المحافظات التى شهدت معارك ضارية مع الأدوات التكفيرية الإرهابية التى تعمل بالوكالة لدى المشروع الأمريكى – الصهيونى فى حربه الكونية على الأرض العربية السورية, لم أشعر بأجواء الحرب فالحركة على الطرق طبيعية, وتمكنت من توثيق العديد من الجرائم التى ارتكبتها تلك العناصر الارهابية فى حق الشعب العربي السورى وفى حق الطبيعة والحضارة حيث تم قتل الانسان وحرق الأشجار والمحميات الطبيعية النادرة وتحطيم الآثار فى محاولة بربرية لطمث معالم حضارة ضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ.
ومع نهاية الرحلة كنت قد تأكدت أن سورية قد بدأت تتعافى وتخرج من أزمتها فكل شيئ يؤكد أن الحرب الكونية الدائرة عبر السنوات السبع الماضية قد أوشكت على الانتهاء, وأن سورية قد تمكنت من النصر على الأدوات التكفيرية وبالتالي أفشلت مشروع التقسيم والتفتيت الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية, وهو ما يجعلنى أطلقها عالية مدوية أن قلب العروبة ينبض من جديد, وعلى مصر أن تسرع فى عودة العلاقات الرسمية بشكل كامل ومعلن مع قلب عروبتنا التى خاضت معركة الدفاع عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.