حافظ أسد ودبلـــــــــومــاسيـــة المثـــــــــــــانـــة / أحمد مرعي

 

أحمد مرعي ( الثلاثاء ) 17/3/2015 م …

كان كل مبعوث امريكي خاص بالشرق الأوسط, يأتي الى سوريا في ثمانينيات القرن الماضي, وفي التسعينيات,

بدءاً من ادارة ريغن ومبعوثه فيليب حبيب مروراً بجورج بوش الأب ومبعوثه مارتن اندك, وليس انتهاءً بكلينتون ومبعوثه دينيس روس ..

كانوا يعانون من نوبة صرع حينما يلتقون الرئيس حافظ الاسـد”. كانوا يتكوبسون من ملاقاته , اذ انه كان كما يقولون هم مفاوضاً شرساً. لا يتنازل عن اي حبة تراب, ثابت وراسخ لا يقدم اي هدية بالمجان ولا حتى كلمة شكر واحدة مقابل لا شيء. كانوا يقدمون له المبادرات الامريكية مقابل ان تعلن سوريا السلام مع اسرائيل , على شرط ان تفتح سوريا سفارة لتل ابيب اولاً في دمشق, ومن ثم تفتح سفارة لسوريا في تل ابيب.. وان يزور الرئيس حافظ الاسد كيان العدو على غرار السادات ! ومن بعد هذا لسوريا ما تتمنى وتشتهي من ارض الجولان وحتى طبرية وانسحاب اسرائيلي دائم حتى حدود 67! ولكن القائد الخالد كان صعب المراس فذاً محنكاً .. لم يقبل ان يقدم اي تنازل مشروط مسبقاً حتى تقدم اسرائيل كل ما هو ملموس لانه لا ثقة بهم كما كان يخبر الامريكان, كانت وفود واشنطن كلما زارت سوريا وقابلت الرئيس الاسد, تتمنى منه قبل الجلوس ان لا يطيل الجلسة وان يكون موعدها الاقصى 3 ساعات .

كان رد الرئيس الدائم : فلنرى ما لديكم اولاً, وسنتفق على ما تبقى .

دبلوماسية المثــانة “. : هو الاسم الذي اطلقه الامريكان على الجلسات الديبلوماسية التي كانوا يجرونها مع الرئيس الاسد . كانت اقل جلسة سجلت في 95 مدتها 7 ساعات , اما بقية الجلسات المعتادة فكانت تتجاوز العشر ساعات , من 8 ص , وحتى 6 او 7 م .

كان الرئيس يتخمهم ويمرمرهم بالشاي وعصير الليمون , ومن المعروف ان الليمون يسبب جفافاً بالحلق ومرارةً في الزلعوم اضافة الى احتقان يخرج البلغم, والشاي من اكثر السوائل المدرة للبول, وكان يصر على اكثر من جولة لضيافة الشاي والليمون حتى السطم, وهكذا يتم حشرهم في خانة اليك. وبعد ساعتين واكثر يبدؤون بالتململ والتقلب والتمني على الرئيس ان يقل بالشرح والطلبات.. وبعد 4 ساعات يضعون ايديهم بين ارجلهم, ويبدؤون بفرك الفخدين وحكهم ببعضهم البعض, وبعد 5 ساعات يستسلمون لينتزع منهم الاسد كلمة واعتراف فيصيبهم في مقتل فيطلبون منه الاذن بالذهاب الى الحمام , ويعيدهم جارين ذيول الخيبة الى واشنطن .

يقول بيل كلينتون في كتاب مذكراته : كان الاسد الاب من اقسى المفاوضين الذين عرفتهم, واكثرهم تمترساً خلف قضية يعتبرها حقاً شرعياً من حقوق ابائه واجداده !

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.