فتح صناديق الشر الكامن في كردستان العراق / المحامي محمد احمد الروسان
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) الإثنين 2/10/2017 م …
“*اسرائيل” جديدة نتاج خمسة عقود من العشق الممنوع
*التوظيفات والأستثمارات الأمريكية للحركات الأنفصالية
*التكوكب الأمريكي حول القاعدة وزومبياتها من جديد
لماذا أينما وجد النفوذ الأمريكي ونفوذ حلفائه الغربيين وجدت القاعدة ومشتقاتها وجلّ الزومبيات الإرهابية؟ من الذي جعل القاعدة وعائلتها في سورية والعراق أخطر وأعمق اللاعبين في المنطقة؟ من المنتج والأب الروحي لها؟ لماذا تقدّم العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي المجهود الحربي والمجهود الأستخباري كدعم لمحاربة القاعدة وداعش في العراق ولا تقدمها للدولة الوطنية السورية؟
ولماذا تفتح خزائن السلاح الأمريكي للعراق في محاربته للقاعدة وداعش ولا تفتح لدمشق الرسمية، والأخيرة تحارب ذات الجذور القاعديّة الإرهابية المدخلة؟ ولماذا تقدّم صور الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية للعراق، كنوع مساند للدعم اللوجستي لأماكن تواجد القاعدة وداعش وجلّ زومبيات تلك العائلة الإرهابية، ولا تقدّم لسورية الرسمية، بالرغم من أنّ الأخيرة تحارب ومنذ سبع سنوات جذور القاعدة وما تفرّع ويتفرّع عنها؟ لماذا يدفع بتمنهج مجتمع المخابرات الأمريكي بعض المنظّمات الراديكالية الأخرى بالتوجه إلى الشمال اللبناني تحديداً من جديد الآن وبعض المخيمات الفلسطينية؟
هل المطلوب مثلاً جعل طرابلس لبنان حواضن اجتماعية لتلك الزومبيات الإرهابية حيث لا سلطة قانون فيها وتعاني من عنف مستتر؟ وهل هي كذلك مخيمات اللجوء الفلسطيني في الشتات غدت حواضن للقاعدة ومشتقاتها؟ هل يدفع ذات المجتمع الأستخباري الأمريكي داعش وإخوانه والقاعدة وأبناء عمومتها بالتوجه والتغلغل في الداخل الأردني، وعبر تنشيط بعض الحواضن الجاهزة لاستقبال القاعدة وزومبياتها لخلق المشاكل واللعب بورقة الديمغرافيا السكّانية، مع انطلاق مفاوضات التقريب على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي كجزئية مهمة من جلّ الصراع العربي الإسرائيلي، وتمّ اختزال الأخير فيه كمسار ثنائي ومسألة ثانوية بحته تحل فقط بين رام الله وتل أبيب وعبر صفقة القرن التي تحدث عنها أزعر الحي المعولم ترامب، عبر دولة فلسطسنية بغزّة مع ربط الضفة الغربية بالأردن مثلاً؟
الموقف الأمريكي في ظاهره مرتبك ومتناقض بشكل واضح وصريح وعميق، وحسب منطق البيت الأبيض الأعوج والمعوّج أنّ القاعدة وزومبياتها خطر كبير في العراق يجب إسقاطه، بينما في سورية الخطر ليس القاعدة وزومبياتها والدواعش، بل النظام الحاكم والحكومة والنسق السياسي، فأيّة صفاقة ووقاحة أمريكية هذه؟! لا بل تبلورت تلك الصفاقة والوقاحة للولايات المتحدة الأمريكية في أنّها تسلح الطرفين في العراق القاعدة ومشتقاتها وداعش ومشتقاته وكذلك حكومة الرئيس حيدر العبادي.
من الزاوية الأمريكية الصرفة، مسألة تسليح القاعدة وجلّ أفراد عائلتها من جهة والحكومة وجيشها من جهة أخرى في العراق لا يعتبر تناقض ؟! بل هو وكما أسلفنا صفاقة وبمثابة هبة حقيرة لصناعة الأسلحة الأمريكية وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي.
فالبنتاغون والسي أي إيه ووكالة الأمن القومي الأمريكي يضعون تصوراتهم على الورق بعد تلقيهم التعليمات من إدارة المجمّع الصناعي الحربي، حيث تعليمات الأخير من البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين)، ثم ينفذونها على أرض الميدان وعبر أدواتهم المحلية والإقليمية فيخلقون مشكلة إرهابية، ثم يقومون وعبر كونغرسهم الديمقراطي بتشريع تشريعات تسمح للحكومة الأمريكية بتزويد السلاح لكل الأطراف المتصارعة، للتعامل مع ذلك المشكل الإرهابي وهذا يعني الربح السريع وبدون خسارة.
ولأنّ القاعدة وزومبياتها وداعش ودواعشه الأخرى(عائلة الأطفال الأمريكية المدللة)، والأخيرة تخدم كإطار أيديولوجي متلون متحوّل كالحرباه، ومستعد للتدخل الأمريكي الإمبريالي في الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط، وقد مرّت وتمر تلك العائلة الإرهابية الأمريكية بعمليات استنباط وتحولات كثيرة، مع تغيرات مخادعة وماكرة إن لجهة الاسم وان لجهة الطريقة، وهي في الحقيقة صنيعة واشنطن وبعض مشيخاتها العربية، وتتقلّب بين كونها عدواً لما هو ملائم لمصالح البلدربيرغ وقلبه المعتم (جمعية الجمجمة والعظمتين) في بعض الدول، ووكيلاً لا يرحم لذات البلدربيرغ وقلبه المعتم في دول أخرى، من أجل القيام بتفجير الأنسقة السياسية القائمة من الداخل( سورية مثال)، ليصار لتغييرها والتي لا تتلائم مع مصالح محور واشنطن –تل أبيب ومن ارتبط به من بعض العربان والعرب.
ولأنّ مشروع الطاقة الأمريكي الضخم( ترياق البلدربيرغ الأمريكي وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين) على سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة، قد اعتراه وأعاقه صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها العربي العقائدي وتماسك القطاع العام السوري، كل ذلك بإسناد روسي كبير مدعوماً بإسناد صيني نوعي وعميق أيضاً ولكن بنعومة، وإسناد إيراني استراتيجي، فانّ الولايات المتحدة الأمريكية أصابها التكويع السياسي وعلاقاته بالطاقة وعجلة الاقتصاد، فانّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بدأت (تتكوكب) من جديد، حول القاعدة ومشتقاتها وداعش ودواعشه وتدفع بعائلتها الإرهابية هذه نحو لبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وحتّى إزاء ” إسرائيل ” نفسها والتي غدت عبء على جنين الحكومة الأممية( البلدربيرغ)، ليصار لإعادة إنتاج الأخيرة من جديد عبر تفجير الائتلاف الحاكم فيها وهندسة منظومة حكم جديدة في ” إسرائيل”.
والسؤال هنا: هل يلجأ بنيامين نتنياهو إلى خيار ومسار حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، تعرقل وصول ترياق الغاز والنفط الطبيعيين للقلب المعتم(جمعية الجمجمه والعظمتين) للبلدربيرغ الأمريكي( جنين الحكومة الدولية) رغم انّه جزء من ذات المحفل؟ ولحين نضوج الظرف الدولي والإقليمي للحل في المسألة السورية والمسألة الفلسطينية، وإنجاح الفوضى الخلاّقة على الساحة الأردنية عبر الولايات المتحدة الأمريكية مخرجات تنفذ على الأرض لساحات أخرى؟
معطيات جديدة طرأت على جلّ كينونة المشهد الدولي، حيث موسكو تعمل على اعادة تركيب المفكّك وتفكيك المركّب في المنظومة الدولية واسقاط الأحادية القطبية بصورة كاملة ونهائية، انطلاقاً من اعادة انتاج المنتج لرسم الخريطة السياسية من جلّ أوراسيا، فمن يسيطر على الأخيرة يسيطر على العالم والتحكم الى حد ما بصور مسارات تشكلاته وخطوط امدادات الطاقة منه واليه، وفي مسألة الضم والفصل الجغرافي لبعض مناطق مجالاته الحيوية ازاء بعض الكيانات السياسية. مع معطيات جديدة أخرى حدثت على المشهد الأقليمي في المنطقة، بدءً من العراق المراد تقسيمه، مروراً بغزّة والتي تشهد صور من الرد الطبيعي لمحور المقاومة على تحريك الدواعش وانتاج ومنتجت الجديد منها في العراق ولبنان وسورية ولاحقاً الأردن، وان كان ما جرى وسيجري في غزّة من عدوان بربري هو استكمال لمتطلبات حرب تموز 2006م على لبنان وشعبه وحواضن المقاومة الأسلامية وخاصةً على الضاحية الجنوبية، وان كانت حرب تموز أيضاً أسقطت استراتيجية الشرق الأوسط الجديد شرق ذات السيقان السوداء الملساء الكونداليزا رايس والأحتلال العسكري المباشر، فانّ المقدّر لمجتمع المقاومة الفلسطينية بحواضنه الشعبوية، والذي يخوض معركة صياغة المعادلات الجديدة في المنطقة وفي الداخل الفلسطيني المحتل وخاصة في غزّة المحتلة، هو افشال استراتيجية الفوضى الخلاّقة أو البنّاءة في المنطقة دفاعاً عن العرب والمسلمين وكانتوناتهم السياسية البالية، كمنتجات لحقبة استعمارية سابقة يعاد انتاجها مرةً ثانيةً. ملامح الأستراتيجيات الأمريكية المستحدثة ما زالت أسيرة الأستراتيجيات السابقة من القرن الماضي، ونواة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي ذراع جنين الحكومة الدولية، تجترّها اجتراراً مع تعديلات وتحسينات واضافات هنا وهناك، وتجديد لللأدوات من دول وظيفية وحركات وأحزاب وتيّارات تنفذ الخطط والعمليات القذرة، مع تحسينات للمبرّرات واستخدامات للمصطلحات بكثافة على شاكلة المعزوفات التالية: الحرية والتحرر، وحقوق الأنسان والأنعتاق من نير الظلم، والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، والحاكمية الرشيدة وتطوير الموارد البشرية، والشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد، وما الى ذلك من مصطلحات وكلمات تستلذ لسماعها الأذن البشرية وتطرب. جزء من هذه الأستراتيجيات الأمريكية حول العالم بعناوين فرعية لكنّها هامة، تتمفصل في تشجيع واسناد جلّ الحركات الجهادية المسلّحة في أماكن النفوذ الأمريكي وما يعتبر مجال حيوي وجزء من أمنه القومي، على المطالبات بالأنفصال وتشكيل الكيانات او الدويلات وعلى طول الحدود ما بين تواجدها ومراكز الدول التي تطالب بالأنفصال عنها. الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب وبعض من عرب مرتهن، تعمل على توظيفات وتوليفات لسوق الجهاد الأممي كفردوس جهادي في تعزيز الفكر الأنفصالي الذي تنادي به الحركات المسلحة، في الرغبة بالأنفصال والأبتعاد عن مراكز الدول التي تفعّل عملها العسكري فيها، وتحت معزوفات الأستراتيجيات الأمريكية السابق ذكرها خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها. بعبارة أخرى البعض يوهبن الحركات وبالتالي الثورات، والبعض الآخر يعمل على أخونة بعضها، أمّا الأمريكي فيوظّف ويولّف فيستثمر ويحصد. فالولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتأمين الاعتراف الذي يتيح للحركات الإسلامية السنية الانفصالية أيّاً كانت الغطاء القانوني الدولي، وعلى وجه الخصوص عدم اتهامها بواسطة أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلفائهم بالإرهاب، طالما انّ ذلك يخدم المصالح ويحقق لها نقاط ربح في ساحات الخصوم. تتحوصل وتتموضع جلّ الحركات الأنفصالية الأنشقاقية في العالم، حول فكرة وبرنامج فصل جزء من أرض دولة ما عن أراضي الدولة الأم، وانشاء دولة و\ أو دويلة أخرى مشوّهة على هذه الأرض المختارة، طلباً للأستقلال والحكم الذاتي بدعاوي مختلفة، فتارة عرقية وتارة دينية، حيث القواسم المشتركة لجميع هذه الحركات الأنفصالية الأنشقاقية تتمفصل في مقاومة الدولة الأم وحكومتها المركزية لها. المجتمعات الحيّة غير المتأمركة وغير المتصهينة، ان لجهة المحلي منها وان لجهة الأقليمي وان لجهة الدولي، تقاوم الحركات الأنفصالية الأنشقاقية وتصفها كمنظمات ارهابية، وبالرغم من تلقيها دعماً استثنائياً في بعض الحالات من جهات معينة لها مصالح خاصة في الأبقاء على هذه البؤر الساخنة. وقد يكون الأنفصال مفهوماً ان كان بهدف الأختلاف العرقي(الأثني)أو الأختلاف الديني، لكنه لا يكون مفهوماً ولا مبرّراً عندما لا تكون هناك فوارق من أي نوع كان، وتصبح في هذه الحالة مجرد مصالح خاصة للقائمين على هذه الحركات والتي من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين، عبر اختراقها لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعدم الحفاظ على وحدة وسيادة الدول. والارهاب الأممي والصعود الى التطرف والانفصال، موجود في عدة بقاع في العالم وخاصة الساحة الاكثر اشتعالا في سورية والعراق كذلك، حيث بدأ تنظيم القاعدة المتطرف ومشتقاته، مساعيه لفرض ما يسمى دولة الخلافة وامارة العراق وما الى ذلك من امارات ودويلات قادمة، وقد انتشرت الشعارات واللافتات في عدة مناطق سنيّة(تبشر)بهذه الخطوة، كذلك يوجد نوايا للانفصال في منطقة القوقاز الشمالي والشيشان، وهي ليست وليدة اليوم بل موجودة منذ سنوات وتسعى للاستقلال عن روسيا الفدرالية، بدعم من الولايات المتحدة التي تسعى لتعويض نقص النفط لديها من بحر قزوين، واصبحت هذه الخطوة جدية بعد سيطرتها على افغانستان، مع أمركة واشنطن للأقتصاد الدولي عبر المؤسسات الأقتصادية الثلاث: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، في القيام بادماج الأقتصادات العالمية ضمن اطار النفوذ الأقتصادي الأمريكي، على النحو الذي يتيح للأقتصاد الأمريكي وضعاً استثنائياً ومزايا اقتصادية دولية استثنائية خلاّقة، من شأنها أن تعزّز القدرة على نقل التضخم والبطالة وانحفاض معدلات النمو وغيرها من المؤشرات الأقتصادية الكليّة السلبية الى الأقتصادات الأخرى، يعني بالعربي هو أن يدفع الآخرون خسائر الأقتصاد الأمريكي، فعلاً شيء محزن ومضحك لدرجة الجنون. فالى جانب العديد من الحركات والتنظيمات التي تهدد الاستقرار والامن العالميين، حيث أن صعود الراديكاليين والمتشددين يدفع الى عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يضاف الى مطبات اقتصادية خطيرة، ستشهدها هذه المناطق زيادة على توسيع شرخ الطائفية كما يجري في سورية، والسعي الحثيث الى تقسيمها(فشلوا حتّى اللحظة)لأفراغ قوّة ديكتاتوريتها الجغرافية. وكذلك العراق والعلاقات المتوترة بين السنة والشيعة والعرب والاكراد، حيث أن التطرف الديني يهدد هذا البلد تهديداً حقيقيا بالانقسام الى ثلاثة أجزاء، وعندما كانت الزعامات العراقية تنفي وجود نوايا للتقسيم، كانت آلاف الأسر العربية تهجر من المناطق الكردية وكركوك والالاف من العائلات تهجر بيوتها، تحت قوة السلاح من المناطق الجنوبية حيث الغالبية الشيعية. وكذلك الحال في الباكستان أيضا يوجد ظرفا مماثلاً وان كان مضبوطاً باتجاه السلم بدرجة أكثر، حيث المشاكل مع البشتون والبيلوجستان مستمرة، وفي العربية السعودية واجه النظام الحاكم مشاكل صعبة للغاية وما زال، مع مجموعات يسميها البعض الخارجي بالانفصاليين في البلاد خاصة في المناطق الشرقية، حيث يقطن الشيعة وحيث منابع النفط والغاز وثروات أخرى طبيعية كامنة في جوف الأرض. والسودان ليس غائبا بدوره عن الصراع الداخلي، ولتقسيم الشمال السوداني الى دولتين بعد أن نجحت الحركة الشعبية لتحرير السودان، في اقامة دولة جنوب السودان، والتي يصفها كاتب هذه السطور باسرائيل أفريقيّا، والأمر يمتد كذلك في الغرب حيث المشاكل في دارفور، وينسحب نفس السيناريو استراتيجياً لاحقاً، على لبنان واليمن، وأندونيسيا وتركيا، وأفغانستان وفلسطين المحتلة، وليبيا ومصر، والمغرب والجزائر. وعلى الرغم من أن الدول العربية والاسلامية تنظر بعين القلق لمواطن الارهاب وآثاره، الا أنّ بؤراً كثيرة ينتشر فيها الارهاب بأشكال متعددة لكنها في النهاية تنصاع للتصنيف الاميركي، مهما كان الوضع الحقيقي للاطراف الواقعة تحت التصنيف سواءً ارهابا حقيقياً أم لا، لذلك أغفلت معارك مهمة كثيرة فيما وجهت قوتها لأخرى لم تكن تشكل ذلك الخطر الذي يهدد الامن الداخلي لها، مثل الوضع في تركيا واليمن والحرب في الشيشان، وفي هذه المنقطة كانت منظمات غير حكومية مدفوعة من واشنطن، تعتبر أن ما يجري في القوقاز غير خاضع للحرب على الارهاب، وأن المقاتلين هم من أجل الحرية والانفصال، علماً أنّ غالبية المقاتلين في الشيشان هم من الاجانب وعناصر في القاعدة، تماما مثل القاعدة في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان وعلى الحدود المشتركة للأردن مع دول جواره، لكن المصالح تقتضي بعدم وضع المعركة هناك في سياق الحرب على الارهاب أي في الشيشان، والواضح ان عرقلة ادراج ما يجري هناك يعرقل المساعي التي تدفع لتحديد أطراف الارهاب الحقيقي، ويؤدي الى تشجيع الراديكالية والتطرف والانقسام الذي يصيب الدور الاسلامي في العالم في العمق، حيث ان حاجة الدول الاسلامية للدور الروسي تصب في عدة اتجاهات، وهي الدولة المحورية في العالم ومجلس الامن واللجنة الرباعية الخاصة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. فعلى سبيل المثال ولتقريب الفكرة، لا يخفى على أحد أنّ الحركات السنية الأصولية الموجودة في مناطق القوقاز الشمالي: الشيشان، داغستان، أيداجيا – الشركسية، كاباردينو – بلغاريا، أنفوشيا، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجماعات الأصولية السنية الموجودة في السعودية والخليج العربي وعلى وجه الخصوص مع الزعماء الوهابيين والساسة السعوديين والخليجيين. فهي تقدّم الملاذ الآمن لزعماء الحركات السنية الانفصالية القوقازية، وتقديم الدعم المالي واللوجستي لهذه الحركات، وتقديم المتطوعين من المجاهدين الراغبين في القتال إلى جانب الحركات الأصولية السنية القوقازية، ونقل بعضها الى الداخل السوري مثالاً حاضراً وغيره من ساحات جغرافية تريد الهابها واشنطن، وتقول المعلومات والتسريبات بأن المخابرات السعودية لها اليد الطولى في مناطق القوقاز الشمالي، وعلى وجه الخصوص في داغستان والشيشان وأنغوشيا، وتقول التحليلات السياسية والأستخبارية بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وباقي وكالات المخابرات، تعتمد بقدر كبير على دعم المخابرات السعودية لها في هذه المناطق والتي تعد مناطق في صميم وجوهر بل نواة الأمن القومي الروسي. انّ تحركات مجتمع المخابرات الأمريكية في مناطق القوقاز الشمالي، ستعتمد بقدر كبير على استخدام المخابرات السعودية للقيام بدور البروكسي المخابراتي الأمريكي في هذه المناطق، والتي ظلت الحركات الوهابية السعودية تنظر إليها كمناطق للجهاد الإسلامي المقدس منذ أيام حرب الجهاد الأفغاني التي رعتها المخابرات الأمريكية والباكستانية والسعودية ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وعبر حرب الجهاد الأفغاني نشأت القاعدة وتفرعاتها ومشتقاتها وجلّ زومبياتها. كذلك المثال الصيني ماثل أيضاً:- مع الإشارة إلى أهمية العامل الصيني، كجزء من مفاعيل تأثيرات العامل الخارجي ومثال ذلك ما حدث في قرغيزستان: ففي الصراع القيرغيزستاني – الداخلي الذي اندلاع قبل أكثر من خمس سنوات، لارتباطاته بالصراع الصيني – الداخلي، حيث جمهورية قيرغيزستان، تتموضع جغرافياً في شمال شرق أسيا الوسطى، على جبال تيان شان، ويحدها من الشرق الصين، ومن الغرب كازاخستان وأوزبكستان، ومن الجنوب طاجيكستان، بحيث تتمتع قيرغيزستان بحدود طويلة جدّا، مع مناطق شمال غرب الصين عبر المناطق الجبلية الشديدة الوعورة، ولمسافة تزيد عن 600 كم، حيث تقع مقاطعة(سينكيانج) في شمال غرب الصين، ويسكنها أعداد كبيرة من المسلمين الأيغور، والقيرغيز المسلمين، والمطالبين بالأنفصال عن الصين، كما توجد العديد من الفصائل المسلحة الصينية المعارضة في قيرغيزستان، حيث تقدم القاعدة العسكرية الأميركية في ميناس، الدعم المالي والسياسي والعسكري والمخابراتي لها، كي تقوم هذه الجماعات المسلحة بحرب مغاوير، وعصابات داخل مقاطعة(سينكيانج) الصينية المسلمة، وتقول معلومات استخبارية ذات مصادر مختلفة ومقنعة, أنّ شبكات المخابرات الأسرائيلية، وبالتعاون مع شبكات المخابرات الأميركية والتايوانيّة، تساهم في تدريب واعداد الحركات الصينية المسلمة المسلحة والمعارضة لبكين والمطالبة بالأنفصال. وكذلك الأمر فيما يجري في بورما – ميانمار عبر عناوين المذبحة للروهينغا المسلمين وما الى ذلك، بطريقة صناعة الكذبة في بورما، تماما كما جرى في الحدث السوري في بداياته عبر صناعة الكذبة في الداخل السوري، مع عدم اغفالنا أن نظام بورما نظام عنصري بامتياز، ولكن الأمريكي يريد ضرب الصين واشغالها بنفسها، عبر خلق مسارات جديدة جغرافية للجهاد الأممي من بورما، من خلال حركة يقين الوهابية المتطرفة والتي يرأسها بورمي ولد بباكستان ودرس وعاش في السعودية لسنوات فصار نتاجاً وهابيّاً بامتياز، كل ذلك من أجل اشغال بكين، كونها العدو رقم واحد بجانب روسيا لواشنطن بالمعنى الأقتصادي والعسكري والتقني …. الخ. قطعاً، المخابرات الصينية غير غافلة عمّا يجري، وهي تملك أكبر شبكات التجسس في العالم، وان كانت تركز على المعلومات العلمية، ودقائق العلم الأكتروني، وآخر ما توصل اليه العلم الحديث، من اختراعات الكترونية مختلفة، الاّ انّها تراقب الوضع عن كثب، وتعمل بهدوء وصمت، كونها بصورة نوايا محور واشنطن – تل أبيب الساعي، الى المزيد المزيد من تدهور وتفاقم الأوضاع من جديد ان في بورما وان لاحقاً ومن جديد في قيرغيزستان، وإعادة إنتاج الصراع السياسي الأثني الطائفي العرقي فيها، بعد تعثر وفشل المشروع الأمريكي في سورية عبر الحدث السوري، كون ذلك من شأنه أن يؤدي الى تفكيك جزء يسير من الجغرافيا الصينية وجزء أكبر من دول أسيا الوسطى الأخرى، ويقود الى فوضى خلاّقة في كل أوراسيا العظمى، وهذا ما تسعى جاهدةً لأحداثه واشنطن وتل أبيب، عندّها وفي هذه اللحظة الزمنية بالذات، سوف تتدخل الصين وبقوّة وبشكل علني وغير علني، لحماية أمنها القومي والداخلي، من أخطار الأخطبوط الشيطاني الشرّير، لمحور واشنطن – تل أبيب، ومن تحالف معه من الغرب الأوروبي. تقول المعلومات حول دولة كازاخستان، أنّ الأخيرة ذات مساحات كبيرة وشاسعة وسكّانها، الكازاخ وطنيون حتّى النخاع، ويمتازون بالتماسك والشعور الوطني والأعتزاز بقوميتهم، وبالتالي هي بمثابة دولة حاجزة وعازلة، وتفصل بين الفدرالية الروسية بشكل عام، ومناطق جنوب روسيا الفدرالية بشكل خاص من جهة، وكل من قيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان من جهة أخرى، ومن هنا نجد أنّ موسكو صنّفت الصراع القرغيزي الداخلي عندما اندلع وقبل سنوات، بالنسبة لها بأنّه خطر ثانوي آني، فجاء التدخل الروسي عبر منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في وقته وحينه، ولكنه لا يخرج عن إمكانية تحوله إلى خطر رئيس في حالة إعادة إنتاجه أمريكياً بعد تعثر الأخيرة في سورية. المستفيد الوحيد من الذي يجري في الداخل العراقي من مكوناته المعروفة للجميع هم الكرد والكرد وحدهم فقط، أضف اليهم الطرف الثالث في الحدث العراقي الحالي من محور واشنطن تل أبيب استراتيجيّاً وبعض عرب تكتيكيّاً، وهذا من شأنه أن يدفعنا لتحفيز العقل على التفكير من خلال التساؤلات التالية:- هل دخل الوضع والحال في العراق حالة من الأستنقاع السياسي والعسكري؟ العراق الى أين في ظل قعقعة السلاح وقعقعة المصالح؟ ما يجري في العراق هل هو نتاج مؤامرة خارجية، تستهدف العراق وتستنزف ايران، وتمهّد لأشعال الساحة السعودية عبر شمالها الشرقي وتهديد وحدة الكويت عبر استقطاعات من شمالها وضمها الى دولة الجنوب الشيعي المراد تأسيسها حسب وجهة نظر البلدربيرغ الأمريكي، ومزيد من استنزاف الدولة الوطنية السورية، ثم تفجير تركيا من الداخل التركي عبر الملف الكردي ككل، ثم نقل نسخ من داعش الى الداخل الأردني لتعم الفوضى وجعله مخرجات لساحات أخرى بما فيها الساحة الفلسطينية عبر ما قاله أزعر الحي المعولم ترامب: صفقة القرن!، حيث تجاوز الأردن مرحلة البيئة المنتجة الى مرحلة البيئة الحاضنة عبر تعقيدات ديمغرافيته وعبر اشتباكاته بالحدث السوري عبر سنوات اشتعاله وما زال؟ أم أنّ الحدث العراقي الحالي هو نتاج حراك عراقي داخلي يستهدف التغيير وتحت عنوان داعش وتسربله ببعثية البعض ونقشبنديته؟ وكون الدواعش نواتج استخباراتية هل أدركت الثالوث الخطير في كسب الحروب من عامل اقتصادي واستثمار الأعلام واجادة فنون القتال؟ هل دقّة ساعة الهولوكوست العراقي؟ لماذا استقبلت بعض العشائر العراقية أبو بكر البغدادي وكأنّه خالد بن الوليد كمخلّص لهم من سلطة المالكي وطائفيته واقصائه كما يقولون في وقته عام 2014 م؟ ولكن أيّ خلاص هذا يقوده هؤلاء البرابرة الجدد؟ لماذا بعض عرب وبعض مسلمين تنشرح صدورهم للمشهد العراقي الحالي؟ وهل تستنسخ صيغة الأقاليم السبعة في اليمن في العراق النازف ولكن بثلاثة، دولة كردية في الشمال ودولة شيعية في الجنوب يضاف لها مناطق شمال شرق السعودية واستقطاعات مناطق حيوية من الكويت لها ودولة سنيّة في الأنبار بمحاذاة سورية، حيث اقليم كردي مزدهر ومنتعش واقليم شيعي مضطرب واقليم سني ضعيف؟ لماذا “اسرائيل” جديدة في الشمال العراقي بفعل الملف الكردي؟ لماذا تعمل واشنطن وبعض عربها على الأيحاء بأنّ الأرهاب في العراق نتاج خلل في الحكومة العراقية؟ هل نجحت أمريكا في فك عقدتها العراقية بارسالها مستشاريها العسكريين والأستخباراتيين؟ ان كانت حقوق الطبع محفوظة لأبي مصعب الزرقاوي بما يخص السفله داعش ومنظومته، فمن سنّ أنبوبة تشريعه وتأسيسه غير الأمريكي؟ دعوة المالكي لواشنطن في تنفيذ الأتفاق الأمني عام 2008 م خطأ استراتيجي! فلماذا ضغطت ايران عليه لتغير موقفه؟ لماذا آعاد مقتدى الصدر جيش المهدي من جديد بعد حله ولبس البزّة العسكرية العراقية، وهل وحّدت داعش الشيعه وعمّقت المذهبية في العراق؟ الغلبة في العراق لمن؟ هل هي لقعقعة السلاح أم قعقعة المصالح؟ هل هدّدت السعودية العراق في آخر اجتماع لما يسمى بمجلس وزراء الخارجية العرب بقولها: لن يبقى عراقاً ان عاد المالكي رئيساً للوزراء في الأنتخابات القادمة والقريبة؟ ما هي المواقف الكاريكاتورية لجلّ العرب ازاء المشهد العراقي؟ لماذا بالغ الأعلام العراقي والصديق للعراق في انتصارات الجيش العراقي والقوّات الداعمة له من العشائر والحشد الشعبي؟ ولماذا بالغ الأعلام المعادي للعراق ولنظام الحكم فيه هو الآخر في انحيازاته للدواعش وحلفائهم الأرهابيين من بعض بعث ونقشبنديّة، وفاحت من هذا الأعلام الروائح الطائفية وكفل بشن حرب نفسية لصالح داعش وغطائها من بعض بعثية ونقشبندية حيث خرج هذا الأعلام عن كل القيم الأخلاقية والمهنية؟. للمسألة الكردية مفاعيل وتداعيات وهي مقدمة لتغير شكل المنطقة والجغرافيا السياسية فيها، بعقابيل على الصراع الكوني في الشرق الأوسط وعلى الشرق ذاته وعلى العراق جرح الأمّة النازف بشكل خاص، وبعمق وباستمرار بروزاً وتصاعداً، وعبر متتاليات هندسية سياسية وأمنية وعسكرية، من خلال سعي حثيث محموم لزعماء الحركات الكردية الأنفصالية في الأستقواء بالخارج واستغلال حركة الدواعش، عبر بناء تحالفاتهم الأمنية السياسية العسكرية مع الأرهابيين من دواعش وغيرهم ومع القوى الخارجية وخاصةً “اسرائيل” وغيرها، كونه يريحهم الذي يجري في العراق الآن، هذه القوى الأرهابية في الداخل العراقي والخارج العراقي هي ذات التوجهات المعادية لشعوب وتاريخ منطقة الشرق الأوسط وللعراق تحديداً، ودول جواره الأقليمي والعربي، تركيا، سورية، ايران، السعودية، الكويت، والأردن. تقول المعلومات، أنّ عناصر البشمركة الكردية، تلقت وما زالت تتلقى التدريب العسكري النوعي الأحترافي، وتحت اشراف عناصر النخب في الكوماندوز الأسرائليين، وفي مناطق بعضها سرّي في مناطق اقليم كردستان الجبلية النائية، وبعضها في مناطق معلنة للبعض، واعطاء دورات تدريبية لهم على يد خبراء اسرائليين وأمريكان وبريطانيين، تشمل العمليات الأعتراضية المتعلقة باعتراض ومهاجمة الدوريات العسكرية، وعمليات حماية المطارات، ومن خلال الأتفاقيات التي وقعتها حكومة كردستان العراقية الأقليمية، مع الشركات الأمنية والعسكرية الأسرائلية، بحيث يتم الأشراف على تدريب عناصر البشمركة ضمن أحدث المواصفات العسكرية، والعمل على بناء مطارات صغيرة لأداء مزدوج للأغراض العسكرية والمدنية. ومع تدريبهم على أعمال “القنّاصة” وآداء المهام الخاصة، من حيث تنظيم وتخطيط الأغتيالات وعمليات “فرق الموت”، وكيفية جمع المعلومات وارسالها سواءً داخل اقليم كردستان العراق، ولجهة جمع المعلومات عن الداخل التركي والداخل الأيراني، عبر أكراد تركيا المتواجدون في جنوب تركيا وجنوب شرقها، وعبر أكراد ايران المتواجدون في شمال ايران وشمال غربها، وعن الداخل السوري، عبر بعض أكراد سوريا (المرتبطون بالخارج) وغيرهم المتواجدون في شمال شرق سورية. وتؤكد بعض المعلومات الأستخبارية، أنّ حكومة كردستان العراقية الأقليمية، تعاقدت مع شركة “انتاروب الأسرائلية”، ومع شركات مسجلة في سويسرا كفروع لشركات اسرائلية أخرى هما: شركة “كيودو” وشركة”كلوزيوم”، كي يتم تزويد المطارات الصغيرة ومطار أربيل الأممي، بأجهزة أمنية حسّاسة ذات تقنيات عالية، مربوطة بالأقمار الصناعية الأسرائلية والأميركية التجسسية، والأشراف على تجهيز وتركيب وتشغيل نظام الأتصالات الأمنية في المطارات الأخرى ومطار أربيل الدولي، وكذلك تعاقد آخر مستمر مع شركات اسرائلية متخصصة في مجالات الأمن وتكنولوجيا مكافحة الأرهاب، تعد وتشرف على معسكرات تدريب باقليم كردستان العراق- سريّة ومعلنة – تحت شيفرة اسم كودي أمني هو:(Z )، كل ذلك من أجل اعداد جيش”نظامي” كردي محترف متحالف مع قوى خارجية، بعقيدة عسكرية كردية قومية، تهدف الى قيام دولة كردية فدرالية مركزها شمال العراق، وحكوماتها المحلية في الجيوب الأقليمية لأقليم كردستان العراق، الجيب التركي في جنوبها، والجيب الأيراني في غربها، والجيب السوري في شرقها). بحيث يجيىء بناء هذا الجيش “الكردي النظامي”، عبر رؤية استراتيجية لجهاز “الموساد” الأسرائيلي كفرع خارجي، بدعم من جهاز المخابرات الأسرائيلي الداخلي، بالتنسيق مع السي أي ايه وجهاز المخابرات البريطاني الفرع الخارجي MI6، وبالتعاون والتنسيق مع (مجمّع) مخابرات أممي له مصالحه الأستراتيجية في المنطقة. وتتحدث المعلومات، أنّ ضابط الأرتباط بين تل أبيب والأكراد وحركاتهم السياسية وأذرعها العسكرية، هو رئيس جهاز الموساد السابق(داني ياتوم) وبعض رفاقه من مجتمع المخابرات الصهيوني. وتستمر المعلومات المخابراتية، بسرد الحقائق والوقائع في المشهد الكردي في شمال العراق، حيث يقدّم الأسرائليون المعلومات تلو المعلومات الأستخبارية للأكراد، ضمن برنامج تبادل المعلومات الأمنية بين الحركات الكردية والأسرائليين، فمهمة الأسرائليون ودورهم في الشمال العراقي المتاخم، لكل من تركيا وسوريا وايران، مهمة خطيرة جداً متشعبة، من خلال اعداد وحدات خاصة من نخب البشمركة الكردية، لتعمل كقوّات كوماندوز ذات تدخلات سريعة ومهمات خاصة، بحيث يتم استخدامها في شمال العراق وفي وسطه وجنوبه، وكذلك الحال لدى جواره الأقليمي والعربي. نعم العلاقات الأسرائلية – الكردية، تدخل في صميم وجوهر مذهبية الحركات الكردية الأنفصالية المعروفة، حيث تتوافق مع استراتيجيات حلقات الدور الأسرائلي – الموسادي في اقليم كردستان العراق، اقليم ظلّت وما تزال “اسرائيل” حاضرة فيه على الدوام. وتؤكد تقارير مخابرات اقليمية، أنّ واشنطن وتل أبيب تقدمان دعماً غير محدود لأكراد العراق، من أجل فرض سيطرة شاملة على اقليم كردستان، وجعله اقليماً كرديّاً بامتياز لجهة سكّانه، وتطهيره من أي أعراق واثنيات أخرى، عبر طرد السكّان العرب والآشورييين والتركمان، والمطالبة ببقاء القوّات الأميركية وعودتها من جديد. هذا وقد جعلت واشنطن واسرائيل من كردستان العراق( محمية كردية)، مما جعل من الأقليم الموصوف أعلاه، ملاذاً آمناً لكل الحركات الكردية الموجودة في المنطقة، ولهذا الإقليم أدوار عميقة لجهة الداخل السوري تتساوق مع رؤوس المثلث الأفعواني في الحدث السوري( لندن، باريس، واشنطن) ومن يغذيّه من بعض العرب. ورغم أنّ الأكراد في العراق يمثلون حوالي 16 % من سكّان العراق، الاّ أنّ الحركات السياسية الكردية وبفضل الدعم الأميركي والأسرائيلي، صار لها حصة كبيرة في البرلمان العراقي ومنذ احتلال العراق عام 2003 م وذلك بنسبة مقاعد تعادل ضعف استحقاقاتها الديمغرافية، كما عملت وتعمل واشنطن على استيعاب أفراد وضباط الميليشيات الكردية في الجيش وقوى الأمن والشرطة في العراق، بحيث صار الأكراد يشكلون أكثر من 51 % من تكوين عناصر هذه الأجهزة وبدون أدنى مبالغة. وفي مقارنة سريعة، بين ما تقوم به الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، وما تقوم به “اسرائيل” لوجدنا الآتي:
تعمل الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، على طرد السكّان المحليين واقامة دولة كردية، وهي بذلك تطبق ذات النموذج الأسرائيلي الذي ما زال يركز، على أطروحة الحق التاريخي في الأستيلاء على أرض العرب، باعتبار أنّها تمثل آراضي دولة “اسرائيل”، في حين يقول الكرد: أنّ هذه الآراضي تمثل مملكة(مها آباد الكردية) التي كانت في الماضي, فالتساوق والتطابق واضح, بين المنطق الكردي والمنطق الأسرائيلي الأحتلالي في نفي الآخر وتاريخه. ومرةً ثانيةً الأخطر في النموذج الكردي لكردستان العراق, يقوم بالأساس على نفي التاريخ, حيث هناك الآشوريون والكلدانيون وهم أصحاب حضارة مدنية تاريخية, بأفق سياسي أقدم من كيان مملكة الكرد ( مها آباد). الدولة العبرية والولايات المتحدة الأميركية, ليس المهم والمطلوب بالنسبة لهما بالمعنى الأستراتيجي (كردستان), وانما الذهب الأسود بالمعنى الأستراتيجي الأقتصادي, فكانت ملحمته\ ملحمة الذهب الأسود \ عبر اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين, كما المهم بالنسبة لهما بالمعنى السياسي الأستراتيجي, كل من تركيا وايران وسوريا, ويهدفون الى تفريغ المنطقة الكردستانية من سكّانها, وبدأ ذلك في دعم الكرد في عملية طرد العرب والآشوريين والتركمان, عبر المحطة الأولى في مخطط وسيناريو التفريغ, عن طريق قوّات البشمركة الكردية و وحدات الكوماندوز الخاصة فيها, حيث قامت وتقوم بعملية تطهير أثني- ثقافي, وستأتي المحطة الثانية من هذا المخطط, وهو طرد الأكراد أنفسهم عندما تحين اللحظة التاريخية المناسبة. كما تفصح المعلومات, عن تطورات خطيرة بطبيعة ونوعية الدور الأسرائيلي – الموسادي في كردستان, بحيث لم يعد منحصراً الأمر, بالتعامل فقط مع الحركات الكردية, وانما بتنفيذ الكثير من العمليات السريّة عبر استهداف منظم وممنهج للمسيحيين الآشوريين والكلدان, وذلك من أجل استعادة المناطق التي يزعم الأسرائيليون أنّها تتضمن آثاراً اسرائيلية قديمة, وتحديداً الآثار والمواقع ذات الطبيعة المقدسة بالنسبة لليهود, من خلال شراء الأراضي من العراقيين المالكين لها, واستخدام الترغيب والترهيب لأبعاد السكّان عن المناطق المستهدفة اسرائيليّاً. وكل ذلك يتم بموافقة ودعم حكومة كردستان الأقليمية, عبر صفقة كردية – اسرائيلية تتمثل, في اعادة توطين اليهود الأكراد في المناطق المستهدفة, أيضاً عبر اغراء السكّان المحليين وكلّهم من المسيحيين(الأشور والكلدان), بالأموال وتسهيل الهجرة لهم الى الدول الغربية وأمريكا وكندا واستراليا, مقابل التنازل عن ممتلكاتهم, وفي حالة الرفض يتم استهدافهم بعمليات القتل والأرهاب, بما يدفعهم ذلك الى الهجرة والنزوح القسري. ومخططات التفريغ الآنف ذكرها, تتم بدعم المنظمات الكنسية المسيحية – الصهيونية, لتنفيذ هذا المشروع الموسادي, في تهجير طوعي ونزوح قسري للمسيحيين من مناطق شمال العراق, حيث رؤية المسيحية الصهيونية تتساوق, مع وجهة ومنظور الجماعات الحاخامية لبعض أجزاء العراق, باعتبارها ضمن خارطة مملكة “هرمجدون” التي وعد بها الرب اليهودي, وعملية اعادة توطين اليهود الأكراد في المنطقة من خلال مشاريع الموساد الأسرائيلية, ليس الهدف منها العودة الى مناطقهم بالدرجة الأولى, وانما سيطرة اليهود على المناطق المقدسة, وكل هذا يندرج ضمن وعد الرب اليهودي بحق العودة اليهودية اليها. وعلى هامش معلومات استخبارية أخرى ذات مصداقية, يفصح صندوق المعلومات, على أنّ زعيم اللوبي الكردي في واشنطن العاصمة هو قوباد جلال الطالباني, حيث يقوم بدور كبير في تنفيذ مخططات الموساد – الأسرائيلي في كردستان العراق, والجارية لطرد المسيحيين من مناطقهم, وحتّى والده جلال ورغم مرضه, صار أكثر حماساً لتنفيذ مخططات الموساد وخاصةً وأنّ زوجته اليهودية(هيرو إبراهيم احمد) والدة قوباد, تفرض على زوجها المزيد من الضغوط ةتستغل حالته الصحيّة, لجهة القيام بدعم مخططات الموساد في تلك المنطقة من العراق المحتل والتحالف مع البرازاني مسعود، العميل الكردي المعولم والد مسرور برازاني الشبق في علاقاته مع سارة نتنياهو. ومسألة قتل المسيحيين في شمال العراق, تمت وتتم بواسطة الوحدات السريّة الخاصة بقوّات البشمركة, التي أشرف ويشرف الموساد على عملها, لكي تكون على غرار “فرق الموت” التي أشرفت وتشرف عليها “السي أي ايه”والموساد, حيث تم استئصال الحركات اليسارية في السلفادور وجواتيمالا وهندوراس. انّه مخطط أميركي – اسرائيلي, بأدوات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية واجتماعية كردية وغير كردية, يسعى الى فتح صناديق الشر الكامن الجديدة والمستحدثة, مرةً واحدةً في اقليم كردستان العراق, فنجد واشنطن وباستمرار تدخل في عمليات اقناع للحركات الكردية الأنفصالية, بأن أميركا سوف لن تتخلّى عنهم وعن دعم طموحاتهم الكردية القومية, في دولة كردية فدرالية في المنطقة, مع طمأنة اسرائيل لزعماء الكرد بأنّها, قادرة على ممارسة الضغوط على الأدارة الأميركية من أجل حماية الكرد أينما وجدوا.
وأعتقد أنّ الأستراتيجية التركية لجهة العلاقات مع اقليم كردستان العراق,تتموضع وتتنمط من خلال ممارسة أنقرة, استراتيجية سياسية بحيث صارت أكثر ميلاً, للعمل وفق استراتيجية الأغلاق المبكرللأبواب قبل اشتداد العاصفة وريحها ومطرها, أو من خلال مواصلة الأسلوب الذي كانت تقوم به تركيا سابقاً, ازاء التعامل المبكر الأستباقي مع الأزمة الكردية. صحيح أنّ حزب العمّال الكردستاني, وبعد دعم الموساد والسي أي ايه وجهاز المخابرات البريطاني, صار قويّاً وذو عتاد عسكري, لكن الأخطر من ذلك, هو ذلك الكيان الكردي الجديد في المنطقة وهو ما يطلق عليه باللغة الكردية( حكومة تي هه ريمي) حيث تعني بالعربية(حكومة كردستان) وعاصمتها أربيل. فأنقرة ترفض رفضاً مطلقاً اقامة دولة كردية في شمال العراق, مع تعاظم لفيتو اقليمي رافض لوجودها, وترفض أنقرة ضم منطقة كركوك الى اقليم كردستان, والحرب ضد حزب العمال الكردستاني. مقابل هذه الأستراتيجية التركية, هناك ثوابت ومبادىء كردية, تتمثل في اقامة مناطق حكم ذاتي كردية في جنوب تركيا, غرب ايران, شمال سوريا, على غرار اقليم كردستان العراق, مع ضم كركوك الى الأقليم الكردستاني, مع عدم قيام أي جهة بالتدخل سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً في اقليم كردستان العراق, كي يكون الأقليم ملاذاً آمناً للحركات الكردية التركية والأيرانية والسورية المعارضة, كما أسلفنا في السابق من القول. كما أنّ أنقرة تؤكد, أنّ الوجود العسكري الأميركي في العراق وعودته من جديد, أدّى ومن شأنه أن يؤدي الى المزيد, من تقييد حرية حركة تركيا الدولة والمؤسسات, في مواجهة الخطر الكردي المحدق بها, فملف العراق بالنسبة لتركيا أهم من ملف الأنضمام للأتحاد الأوروبي, هذا ما أكّد عليه أكثر من مرة الرئيس التركي طيب رجب أرودوغان, في حين دعا رئيس الأستخبارات التركية أكثر من مرة, الى ضرورة أن تدخل أنقرة الدولة كلاعب رئيسي في العراق. وكلّ المؤشرات السياسية والأمنية تشي، بأنّ استراتيجية أنقرة ازاء العراق, أصبحت تسير بعمق وباتجاه المحافظة على وحدة العراق وسيادته الكاملة غير منقوصة، حيث مصالحها تكمن هنا، في حين نجدها ترتكب حماقات في الحدث السوري، كما تسعى أنقرة إزاء العراق إلى تصحيح خلل توازنات المجموعات العراقية الطائفية والدينية والعرقية, اشراف الحكومة المركزية العراقية على عائدات النفط العراقي, واشرافها على أداء مهامها السيادية من ادارة المعابر الحدودية, ومنح التأشيرات للداخلين والخارجين, وعقد الأتفاقيات الدولية, ضرورة مراجعة الدستور العراقي, والغاء كل فقرة أو بند يتضمن أبعاداً انفصالية تكرّس التقسيم والأنفصال, حل مشكلة مدينة كركوك وحماية السكّان المحليين من عرب وتركمان وأشوريين وكلدان, وانهاء أي تواجد لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق, والعمل على انهاء التواجد الأسرائيلي الموسادي في كردستان وفي العراق نفسه. لقد قام ويقوم حزب العمّال الكردستاني\وتحديداً جناح الصقور فيه, بعمليات عسكرية إرهابية في منطقة تومسيبي وغيرها من مناطق جنوب شرق تركيا, مستهدفاً عناصر من الجيش التركي مخلّفاً قتلى وجرحى, حيث الخلافات تعصف به لجهة تحديد موقفه من ما تسمى بمبادرة المسألة الكردية, حيث رأى جناح الحمائم في الحزب, وهم من كبار السن وقدامى المحاربين, أنّ المبادرة تشكل تطوراً ايجابياً يجب التعامل معه بايجابية وانفتاح, من شأن ذلك أن يؤدي الى تحقيق جزء من مطالب الحزب الملحّة وحسب وجهة نظرهم. لكن الجناح الصقوري العسكري بالحزب العمّالي الكردستاني, ذهب باتجاه اعادة انتاج مسلسل اشعال بؤر الأزمة التركية – الكردية, وبتحريض ودعم من محور واشنطن- تل أبيب وداخل الأراضي التركية نفسها هذه المرة, كونه يرى هذا الجناح أو الأتجاه الصقوري, أنّ مبادرة المسألة الكردية لن تحقق له كيان كردستاني يتمتع بالأستقلالية في تركيا, فكانت عملياته الأخيرة لكي يعيد بناء وتقوية قوته الرمزية السياسية وأمجاده العسكرية الأولى, لكي يحصل على دعم ومساندة السكّان المحليين الأتراك, مما يسهّل عليه نقل عناصره وعتاده وقواعده الموجودة في شمال العراق, الى داخل المناطق التركية الجنوبية الشرقية, حيث تتميز ببئتها الجبلية الوعرة. كما يحاول قادة هذا الحزب العسكريين والسياسيين, لتوظيف الخلافات التركية – الأرمنية لصالحهم, وعبر اقامة قواعد عسكرية للحزب داخل الآراضي الأرمنية, لخلط الأوراق وفتح صناديق الشر كلّها مرةً واحدةً, وبمساعدة حدثيثة من محور واشنطن – تل أبيب, عبر تساوق اللوبيات في واشنطن العاصمة, من اللوبي الأرمني المعادي لتركيا, اللوبي الأسرائيلي المعادي لأنقرة, الى اللوبي الكردي بزعامة قوباد جلال الطالباني ابن هيرو إبراهيم احمد وزوج شيري كراهام بدعم من الشبق مسرور برازاني المعادي لتركيا ذو العلاقات الكاماسوترية مع سارة نتنياهو والتي تخضع لتحقيقات داخل كواليس شرطة الكيان الصهيوني, واستراتيجيتها الجديدة ازاء العراق. وبالتعاون والتنسيق التام مع النسخ الجديدة من المحافظين الجدد، من صقور الأدارة الجمهورية الأميركية بنسختها الجديدة، ذات الأجندات الفوق جمهورية – بوشيّة، لجهة العمل المشترك المتوازن وحل الخلافات، للوصول الى تفاهمات وعناصر مشتركة لمواجهة العدو الأستراتيجي الأول بالنسبة للمكون الكردي, والمتمثل في حكومة حزب التنمية والعدالة التركي، بقيادة اردوغان الرئيس. نعم اسرائيل جديدة في الشمال العراقي، لضرب محور المقاومة والممانعة في خاصرته العراقية، ولتشكل دولة حاجزة تفصل ايران عن العمق العراقي وعن سورية ولبنان، ولكي تكون نموذجاً للدويلات الأثنية العرقية الطائفية في المنطقة وليسهل على “اسرائيل” تسويق نفسها كدولة يهودية.
* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
التعليقات مغلقة.