الاكراد ينتحرون وينحرون العراق؟ / طلال سلمان

طلال سلمان* ( لبنان ) الثلاثاء 3/10/2017 م …




يمضي رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود برازاني في مشروعه التقسيمي بإعلان انفصال هذا الاقليم عن دولة العراق، وهو بعضها، ليكون “دولة ذات سيادة” برغم الاشكالات والتعقيدات الكثيرة التي تعترض هذه الخطوة المتسرعة والتي ستنعكس سلباً على العراقيين جميعاً، عرباً وكرداً، كما على جوار العراق، وبالذات على كل من إيران وتركيا وسوريا، وان بنسبة أقل.

صحيح أن حلم “الدولة” يعيش في وجدان الاكراد، الذين كانوا دائماً اشقاء حقيقيين للعرب، تاريخهم مشترك، وبعض أبرز الابطال في التاريخ العربي ـ الاسلامي هم من الاكراد، ولهم موقعهم المميز في الوجدان العربي.

ومن حق الاكراد، من حيث المبدأ، أن يتطلعوا إلى “كيان” سياسي لهم، لكن الصحيح ايضاً أن العراق وحده قد لبى هذه الرغبة، فقرر العهد الجديد ـ ما بعد الاحتلال الاميركي واسقاط صدام حسين ـ أن يكون للأكراد في الشمال العراقي استقلالهم الذاتي داخل الجمهورية العراقية… وتجسد القرار باختيار رئيس كردي للدولة العراقية (جلال طالباني ثم معصوم) وتولية العديد من الاكراد مناصب سامية في الحكومة أبرزهم وزير الخارجية لفترة طويلة ثم وزير المالية هوشيار زيباري (وهو خال البرازاني).

على أن التطلع إلى الدولة يصدم برفض يتجاوز العراق إلى دول الجوار، تركيا وايران، اساساً، ثم سوريا.. هذا قبل الحديث عن الدول الكبرى، التي لم ترحب أي منها، حتى الولايات المتحدة الاميركية، بهذا القرار.

ومما يعقد الامر أن مسعود برازاني قد وضع يده على كركوك، وأجلت قواته عنها الآلاف من سكانها العرب، وقرر اعتبارها كردية طمعاً بثروتها النفطية التي قد تخفف عنه حدة العوز.

أن اعلان استقلال كردستان، في هذه اللحظة، هو بمثابة اعلان حرب على بغداد، المنهكة بتركة صدام وبحربها ضد داعش وبفساد الحكومات التي تعاقبت على السلطة فيها في الاعوام الاخيرة.

وليس من بشائر الاخوة أن يقرر البرازاني، من طرف واحد، قراره بالاستقلال عن عراق يحاول اعادة بناء دولته المتصدعة والتي تتآمر عليها اطراف عديدة، عربية واجنبية، لتمنع عودتها إلى الحياة والى دورها الحيوي بل والضروري الذي يحتاجه العرب كما الكرد وسائر اطياف الشعب العراقي.

أن قرار البرازاني، إذا ما تم تنفيذه، سيفتح جبهات حروب عدة على الاكراد، ليس في العراق وحده، بل من مجمل جيران العراق الذين طالما تعاملوا مع الكرد بعنصرية وفوقية، اولهم وأخطرهم تركيا.

كذلك فان ايران لن ترحب بمثل هذه الخطوة التي قد تحرك اكرادها..

اما الاميركيون الذين لم يرحبوا بقيام مثل هذه “الدولة” فانهم قد يستفيدون منها بقدر ما تضعف دولة العراق الطامحة إلى السيادة والاستقلال وإيران ذات الدور الخطير في المنطقة، فضلاً عن تركيا التي تقتل الاكراد كل يوم.

مع التمني بأن يراجع مسعود البرازاني حساباته…

يكفي العراق المصائب التي ضربته فكادت تدمر وحدة شعبه وتهدد دولته بأن تصبح دول الطوائف، ولا دولة!

*كاتب عربي ومؤسس صحيفة “السفير” ورئيس تحريرها

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.