الاستفتاء المنسي أم فخ الأمجاد الخلبية / د. يحيى محمد ركاج
د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الأربعاء 4/10/2017 م …
* باحث في السياسة والاقتصاد…
كشر الذئب عن أنيابه، وانتقل الأصيل من المواجهة السرية خلف الصفوف إلى المواجهة العلنية بتحريك دمى الشطرنج على رقعة شرق المتوسط الهامة، فكان إعلان الإستفتاء الكردي المدعوم أمريكياً وصهيونياً باعتبارهما أصحاب المصلحة الكبرى في تفتيت المنطقة، والمدعوم أيضاً من بعض حلفائهم العرب -باعتبارهم أذناب لأسيادهم، وحائزون على نوبل في الغباء السياسي والتفريط بسيادة الشعوب- بمثابة ترجمة عملية لبقايا مخططهم الذي أفشله الصمود السوري في المنطقة.
فلم نتفاجأ بهذه الأحداث، ولا بما تحمله معها من ترهات سياسية، فاستراتيجية المواجهة التي تبناها الجيش العربي السوري كانت تأخذ في حساباتها حتى أدنى السيناريوهات الهامشية المرسومة للمنطقة، حيث كتبت في الشهر السادس من العام 2014 مقالة عنونتها آنذاك ((مائة عام مفقودة)) جاء فيها:
(فهل من مؤتمر سان ريمو جديد ينتظر نتيجة معركة ميسلون 2014 التي لم تتجسد إلى الآن بمضمونها السياسي وبأجندتها المستندة على الميكافيلية الكردية لترسخ مفهوم مائة عام مفقودة من ذاكرة الأمة وكرامة الشعوب، ينعشها سلخ أراض جديدة من العراق وتقسيم جديد لليمن والسودان والصومال وباقي الدول العربية)
وبعدها بعدة أشهر وتحديداً في نهاية الشهر العاشر من العام نفسه كتبت مقالاً عنونته ((لعبة المدن المتروكة)) وتم نشره بالشهر الحادي عشر من العام نفسه جاء فيه:
(بما يقوم عليه الثاني من إشغال وإخراج مناطق إستراتيجية متباعدة خارج الحسابات السورية لفترة طويلة زمنياً، الأمر الذي يقود إلى ضرورة التكيف المرحلي على الاستمرارية دون بعض هذه المناطق، فيتم العمل على سلخها تدريجياً تحت وطأة التكيف وأولويات المرحلة الراهنة كما حدث سابقاً مع لواء اسكندرون وفلسطين وغيرها وهو ما تؤكده أحداث لبنان والعراق والجولان السوري، ويقود في النهاية إلى جغرافية سياسية تكرس القوة المتكاملة للكيان الصهيوني وتحقق له التفوق الديموغرافي في المنطقة كقوميات وأقليات)
الأمر الذي جعل مجريات المواجهة التي يخوضها الجيش العربي السوري تأخذ زمناً أطول مما كان متوقعاً لها لإنهائها، وقد تبين الآن صوابية هذه الخطوات بعد دخول المخططات العدوانية الاستعمارية حيز التنفيذ. فما مصير هذه المخططات؟
إن استراتيجية المواجهة التي تبناها الجيش العربي السوري مكنته من وأد الكثير من الأعمال الشيطانية المخطط لها على مستوى عصابة الكبار المتحكمة بالعالم، ولم يبقى أمامه إلا القليل في لعبة المدن المتروكة حتى يعلن وفاة المخططات الصهيونية لشرذمة المنطقة برمتها عموماً، ولسورية ومحورها المقاوم على وجه الخصوص. الأمر الذي يفتح الباب على مصرعيه أمام احتمالات جديدة أتى على ذكر بعضها سيد المقاومة اللبنانية وهي الحرب القريبة، لأن صمود وبسالة الجندي العربي السوري جعل الأحداث تسير بأحد اتجاهين:
الأول: حرب يشنها الكيان الصهيوني تعيد له اعتبارات التفوق النسبي بعد إفشال الجيش العربي السوري وحلفائه لعملياته الموجهة عبر الإرهاب، فيُلهينا جزئياً عن الوجود الكردي الذي يقوم الآن بإشغال الحليف الإيراني في الخاصرة العربية ريثما يستعيد الكيان الصهيوني بعض اعتباراته، ومن ثم لا يهم مصير الابن الكردي غير الشرعي مهما يكن كما حدث في السابق لامبراطوريات الأكراد قصيرة الأمد أو الخلبية.
الثاني: قبول الانتصار السوري كأمر واقع وتهيئة الأجواء للانقلاب على هذا الانتصار عبر إحداث عمليات إرهابية تصيب الشعوب الغربية في أوروبا وأمريكا كما حدث في لاس فيغاس وتهيئ الأجواء لصرف الأنظار عن الانتصار السوري بضرورة تدخل مباشر بالمنطقة مدعوم أممياً، لتشارك به عصابات الكيان تحت ستار الأمم المتحدة، وهنا أيضاً يكون الكيان الكردي غير الشرعي ورقة تفاوض وكبش فداء لتحقيق المكاسب للحلف الصهيوأمريكي، وبالنهاية لا يهم مصير هذا الكيان مقابل من يكسب أكثر، ولكنه في هذه الحالة يتمتع بوجوده لفترة ليست بالقصيرة.
وأياً كانت الخيارات المتاحة لسيناريوهات المنطقة فإنها تشترك في نهاية مأساوية تقوم على تقديم الأكراد ككبش فداء للصراعات الصهيوماسونية في المنطقة، ولن يحمي دمائهم سوى عباءة الدولة المؤسساتية في سورية.
عشتم وعاشت سورية منتصرة بحكمة قائدها وبسالة الجيش العربي السوري حماة الديار.
التعليقات مغلقة.