المعارضات السورية وصاعقة فشل المشروع / فايز رشيد
أريد لسوريا أن تكون مسرحا “للفوضى الخلّاقة” التي رسمها المحافظون الجدد في كل من واشنطن وباريس ولندن وتل أبيب, لذا عاثت المعارضة السورية فسادا وتخريبا في بلدها, في محاولة لتدمير جيش بلدها, كمحطة ثانية بعد تدمير الجيش العراقي, في سبيل ومن أجل إراحة دولة الكيان الصهيوني, من أقوى ثلاثة جيوش عربية: العراقي, السوري والمصري.بالمعنى العملي, فإن قوى 14 آذار اللبنانية ومحاور المعارضات السورية الثلاثة, وقع عليهم فشل مشروع تفتيت سوريا, كما الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري, وقع كالصاعقة. قوى 14 آذار راهنت على إسقاط النظام السوري. لذا, فإن الانتصار الذي تحقق في تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والبقاع من عصابة “داعش” أساءهم كثيرا. مع العلم, أن هناك دعوات لبنانية لفتح تحقيق في الظروف والملابسات التي أدت لاختطاف الجنود اللبنانيين, والافتراضات المبنية على أسس قوية, أنه كان بإمكان الجيش اللبناني تحريرهم من خاطفيهم! الأمر الذي يضع رئيس الحكومة السابق تمام سلام وقائد الجيش السابق الجنرال جان قهوجي على لائحة المساءلة. من ناحية أخرى يحتدم الجدل في لبنان على اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم, ونظيره اللبناني جبران باسيل على هامش الدورة الحالية للأمم المتحدة في نيويورك, بطلب من الأخير.
قوى 14 آذار لا تريد لقاءً مع النظام السوري, لأنه اعتراف منها بهزيمتها. فقد انتقد سمير جعجع, كما أقطاب تيار المستقبل هذا اللقاء, وصبوا جام غضبهم على الرئيس ميشال عون, ومعادلته التي استند إليها اتفاق انتخاب رئيس جمهورية, بعد أن عانى لبنان ما يقارب الثلاث سنوات من عدم وجود رئيس له. هذه الاتفاقية هي التي أوصلت سعد الحريري إلى منصب رئاسة الوزراء, ومن دونها ما كان ليصل. مهاجمة عون خلال هذه المرحلة تهدف إلى إيجاد شرخ في معادلة اللبناني ـ اللبناني, التي تم التوصل إليها في الساحة اللبنانية. هذا فضلا عن قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب, الأمر الذي سيفرض تبعاته على وزارة الحريري, إن لم تقم بزيادة رواتب الموظفين, وهو ما سيؤدي إلى إضرابات واعتصامات واحتجاجات من بسطاء الموظفين, وهو ما قد يؤثر على بقاء الحكومة.
يسيء قوى 14 آذار النهج الوطني العروبي للرئيس ميشال عون, الذي يرفض السير في المخطط الأميركي ـ الصهيوني ـ الغربي ـ وبعض العربي الرامي إلى استعمال لبنان كساحة لإسقاط الحكومة السورية وتقسيم سوريا. وبالفعل, لماذا تمنع قوى 14 آذار اللاجئين السوريين من العودة إلى بلدهم السوري, رغم أن اللبنانيين يعتبرونهم بلاء ومصائب حلت عليهم؟! بالطبع عودة السوريين إلى بلدهم, تحتاج إلى التنسيق مع الحكومة السورية, وهذا ما لا تريده الحكومة اللبنانية. بالرغم من أن معظم الدول الغربية وبضمنها فرنسا (الملهم الروحي لقوى 14 آذار) اضطرت بناءً على ظروف ومعطيات الواقع, إلى تغيير وجهة نظرها من الرئيس بشار الأسد, وأفتى رؤساؤها بأن لا مانع لديهم بأن يظل الأسد رئيسا للجمهورية. قوى 14 آذار تنطلق من أنها قوة عظمى, لا تريد تسجيل اعترافها بالنظام السوري. نسأل: من من الطرفين بحاجة إلى اعتراف الطرف الثاني به؟ بالطبع كل عاقل يعرف الجواب.
من زاوية أخرى, فبعد فشل مخطط تقسيم سوريا , تبدو المعارضات السورية في تيه كبير! فلا هي حققت شيئا على الأرض, وتبين أن كل وعودها كاذبة, وليس لها أصل, ولا هي قادرة على الاستمرار بوجودها السياسي, حتى. هذا رغم ما وُضع بين أيديها من إمكانيات مادية كبيرة وأسلحة, وهو ما أدى إلى اغتناء بعض رموز المعارضة ماديا, والتي سميت في مرحلة ما بمعارضة “السبعة نجوم”! هذا رغم مساندتها صهيونيا من خلال القصف الإسرائيلي لنقاط تابعة للجيش السوري, ودخول قوات أميركية, أمر بدخولها الرئيس الحالي ترامب إلى هذا البلد العربي! ورغم المساعدة اللوجستية الإقليمية والبعض عربية والمحلية التي راهنت على إسقاط النظام السوري. من جانبه, فإن الكيان الصهيوني لم يدخر وسعا في مساندة المعارضة: إن في استقبال جرها في المستشفيات الصهيونية, أو دعوة رموز منها إلى حضور المؤتمرات الاستراتيجية الصهيونية كـ(مؤتمر هرتزيليا وغيره), أو مد المعارضة بالسلاح والمعلومات, ومثلما قلنا قصف أهداف سورية.
أريد لسوريا أن تكون مسرحا “للفوضى الخلّاقة” التي رسمها المحافظون الجدد في كل من واشنطن وباريس ولندن وتل أبيب, لذا عاثت المعارضة السورية فسادا وتخريبا في بلدها, في محاولة لتدمير جيش بلدها, كمحطة ثانية بعد تدمير الجيش العراقي, في سبيل ومن أجل إراحة دولة الكيان الصهيوني, من أقوى ثلاثة جيوش عربية: العراقي, السوري والمصري. أرجوكم اقرأوا مذكرات ديفيد بن جوريون, وفصلٌ فيه مخصص للكيفية التي ينظر بها إلى العالم العربي. اقرأوا مذكرات موشيه شاريت. اقرأوا مخطط برنارد لويس. بالمناسبة مسعود البرزاني دُفع من الكيان الصهيوني, لإثارة المسألة الكردية في هذا الوقت بالذات, من أجل تقسيم العراق, ولهذا جاء برنارد هنري ليفي ليتصور معه ويشارك في تقسيم العراق, تماما مثلما ظهر في ليبيا لتفتيتها إلى مناطق عديدة. أثناء الصراع السوري على مدى ست سنوات, سمعنا عن قادة وزعماء ووزارة تشكلت, وقادة جيش, تبين أنهم بلا جنود, طبقوا المقولة على الولاءات المتنقلة لزعماء وقادة المعارضات السورية على مدى ست سنوات وحتى اللحظة! ما نقوله: إن مرحلة ما بعد انتصار سوريا هي بالتأكيد مرحلة مختلفةعما قبله.
التعليقات مغلقة.