الإرهابي فضل شاكر / جهاد المنسي
جهاد المنسي ( الأردن ) الخميس 19/3/2015 م …
فجأة من دون مقدمات، حلق الإرهابي فضل عبدالرحمن شمندر، الملقب بـ”فضل شاكر” ذقنه، وأعد عوده، ووضعه خلف ظهره لكي يظهر في الكاميرا. عدل من هندامه، وخرج للناس في محاولة لتبييض صفحته التي سودها بفعل يديه.
لست هنا في معرض إصدار حكم قضائي على الإرهابي الفار من وجه العدالة فضل شاكر، فالمحكمة هي التي تقرر، ولكن من حقنا نحن جمهور المراقبين والمتابعين، قرع جرس التعجب من قيام جماعات ضغط لبنانية وخارجية عربية، لتلميع صورة إرهابيين رأيناهم يتحدثون عن القتل، يتلذذون بشهوة في الكلام عن الموت وإزهاق أرواح الأبرياء، وسمعنا ما قام به هو ومجموعته من اعتداءات على الجيش اللبناني، ما استدعى صدور طلب إحضار له ومن ثم فراره، والحكم لاحقا عليه بالإعدام بقرار غيابي، حيث وجهت المحكمة له ولمجموعته تهمة تأليف عصابة مسلحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال، والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، بقصد القيام بأعمال إرهابية والهجوم على عناصر الجيش اللبناني وقتل عسكريين عمدا وجرح آخرين.
ساعد على صدور حكم الإعدام ظهور فضل شاكر في أكثر من شريط فيديو، وهو يتباهى بقتل اثنين من أفراد الجيش اللبناني أثناء اشتباكات، استغرقت ساعات بين أنصار مجموعة الإرهابي أحمد الأسير والجيش اللبناني إثر هجوم على حاجز للجيش، وأدت المعارك إلى مقتل 18 عسكريا، و11 مسلحا، إلا أن الأسير وعددا من مرافقيه أبرزهم فضل شاكر، تمكنوا من الفرار وتواروا عن الأنظار منذ ذلك الحين.
اليوم يريدنا الإرهابي فضل شاكر وجماعات الضغط اللبنانية والعربية أن نصدق ما يقوله شاكر، ونقتنع بتوبته وندمه، وجماعات الضغط تلك، من أجل ذاك، تتواصل مع الدولة اللبنانية لتبييض صفحة إرهابي فار، أملا في تسليمه للمحكمة ومن ثم إصدار حكم بتبرئة ساحته.
صحيح أن القصة تحصل في لبنان، ولكن حال لبنان لا يختلف كثيرا عن حال القاهرة ودمشق وبيروت وغيرها من عواصمنا الحبيبة، ومن المؤكد أن وجود جماعات تؤمّن للقاتل الظهور على شاشات التلفزيون وتسجيل حوار مطول معه، وإعداد صيغة الأسئلة والأجوبة، كلها تشي بأن اللعبة أكبر من فضل شاكر، وأوسع من محيط بيروت، وتتعلق بدول وأنظمة وجماعات.
شخصيا أرفض التعامل مع كل صاحب فكر متطرف وإرهابي، تلوثت يداه بالدماء من منطلق أنه تاب لربه، والصفح عنه، فليس بعد الكفر ذنب، وليس بعد الإرهاب ذنب، وليس بعد القتل ذنب، فمن قتل، وسار في طريق الإرهاب، لا يمكن أن يكون يوما تائبا، ويخرج من دون محاكمة أو حساب، فأولئك الذين ماتوا، لهم أقارب وأهالي، ذرفوا الدموع، وأبناء تيتموا، وزوجات ترملن، وبيوت أغلقت.
أما أولئك الذين يسعون اليوم لتبرئه صفحة إرهابي، عليهم إن يخجلوا من أنفسهم، ويعتذروا، ليس للبنانيين فقط، وإنما للإنسانية جمعاء، فالقتل لا يبرر، ومن يسير في طريق تبييض صفحة قاتل، وإخراجه من السجن، كما يتم إخراج الشعرة من العجين، علينا أن نطالب بمحاكمته، ووضعه معه في نفس السجن، لأنه قاتل مثله ولكن أمره غير مكشوف.
لو نجحت جماعات الضغط تلك في مساعيها، فإن ما قامت به في لبنان قد يطبق في أي مكان، وبالتالي يكون من غير المستغرب أن تتم تبرئة صفحة البغدادي وجماعته، وكل القتلة في تنظيمه، فما سيطبق في لبنان، يمكن أن ينطبق على كل شبر عربي لاحقا، وتصبح القصة كلها عبارة عن واسطات، ومن يملك واسطة لا يحاسب، ومن لا يملك يذهب تحت الاقدام.
القتل والإرهاب والتدمير وقطع الرؤوس والسبي، والخطف، ليست وجهة نظر، وليست حقا في التعبير، تجيزه شرعة حقوق الإنسان، فلو كان ما قام به فضل شاكر خلافا في الرأي مع الدولة اللبنانية، أو وجهة نظر حول موضوع خلافي، فإن حبسه سيكون، وقتها، ترفا وردة عن حرية التعبير والرأي، ولا يجوز الخلط بين حرية الرأي والفكر والمعتقد، المصانة عالميا، وبين الإرهاب الأسود والقتل.
التعليقات مغلقة.