ترتيب الأوراق والمرحلة الجديدة من العدوان / د. يحيى محمد ركاج

 

 د. يحيى محمد ركاج* ( سورية ) الخميس 19/3/2015 م …

* باحث في السياسة والاقتصاد

تتعاقب الأحداث تباعاً في منطقتنا العربية مدفوعة بتوجيه أمريكي وغربي بناء على أفعال هادفة أو ردود أفعال احتوائية لما تقوم به القوى المقاومة في هذه المنطقة من أعمال. فهاهو الجولاني الملقب بأمير التنظيم المسمى (داع ش) يعيد البريق إلى تنظيم القاعدة بقوله أنه وإرهابيوه لم يخرجوا أبداً عن القاعدة، وها هي المسميات الجديدة للإرهاب المستتر بعباءة الدين تظهر من جديد مستقلة أو معلنة ما يطلقون عليه البيعة والولاء للتنظيمات الإرهابية الأكثر انتشاراً وصيتاً. وبين هذا وذاك، وتنظيم متناحر مع أخر طمعاً في أموال وأراضٍ أكثر للسرقة والسطو تعيد القوى الغربية المعتدية على سورية ترتيب بيوتها الداخلية وملفات حربها المعلنة على هذا البلد المقاوم ،فما نشهده هذه الأيام على الساحة الدولية من تصريحات ومواقف متباينة للدول المعتدية على سورية يؤكد قوة الدولة السورية وحلفائها في المرحلة السابقة، ويُنبِئُ بمرحلة أخطر من حيث النتائج وأقل عنفاً ودموية من حيث الأسلوب والأدوات، حيث تقوم الدول الأوروبية ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية مستترة بالمنظمات الدولية بسحب السوريين خارج بلادهم وتأمين القبولات الجامعية المجانية لهم ووثائق الهجرة لتقوم بإعادة تأهيل أفكارهم وغسل معتقداتهم ومن ثم استثمارهم وفق حاجات هذه الدول وأهوائها، ولنا في السيناريو العراقي خير دليل إذ تم العمل على غسيل الأدمغة العراقية منذ حرب الكويت ومن ثم تم استثمارهم في دخول الدبابات الأمريكية لبغداد وتدمير العراق واغتصاب أبنائه الأمر الذي يتجلى حالياً بإخراج أكثر حداثة في سورية من خلال ما تعلنه الولايات المتحدة الأمريكية بين الحين والآخر وهو ناجم بالدرجة الأولى عن تضرر مصالحها، وبين ما تقوم به وآخره الطائرة التي تم إسقاطها في سماء موطن الأبجدية الأولى في العالم (اللاذقية ) إن السيناريوهات المتبدلة التي تقوم بها هذه الدول المعتدية تشير إلى تضررها من جراء الحرب على سورية رغم ما حصدته من مكاسب ومنافع كثيرة، وتشير أيضاً إلى عدم مقدرة هذه الدول على تنفيذ أجنداتها في المنطقة طالما بقيت سورية العربية على عروبتها وصمودها، وتشير أيضاً إلى حروب استنزاف طويلة من نوع جديد سوف تخوضها هذه الدول على الشعب السوري من أجل إركاعه وإهانته كما عملت مع من احتضنتهم من شعوب البلدان السابقة التي دمرتها. وفي الوجه المقابل للأحداث، يأتي إسقاط الدفاعات الجوية السورية للطائرة الأمريكية محملاً بعدة رسائل متباينة التوظيف للداخل والخارج الأمريكي ولحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الأوضاع في المنطقة واضمحلال نفوذ الإرهابيين في العديد من المناطق السورية وتبدل الأسلوب الأمريكي في التعاطي معها والذي تم تتوجيه باعتراف صريح للولايات المتحدة الأمريكية بسيادة سورية وقيادتها وقوتها في مواجهة الأحداث التي دعموها، وفي اتجاه أخر لا يجب أن نقف في سورية عند حدود إسقاط الطائرة الأمريكية أو التصريحات الأمريكية التي تخفي وراءها ما تخفيه وإن كنا نرى به رسالة واضحة المعالم تقول أننا على العهد والوعد صامدون واثقون في الذود عن أرضنا وكرامتنا،فليس من عادة الدول التي تصنف نفسها بين الدول المسيطرة في مصير العالم القبول بهزيمة، وهي في عرف الاستراتيجيات الدولية لا تهزم، إنما تناور وتسلك طرقاً ملتوية كثيرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب أو لتجنيب حلفائها القدر الكبير من الهزائم، وعليه فإننا أمام أسلوب أمريكي قذر جديد يتطلب منا المزيد من الصبر والعمل الدؤوب لإعادة بناء ما تم تدميره من بلدنا حتى لا يكون إعادة البناء هو البوابة الجديدة للمتأمركين لتسهيل دخول الأعداء مجدداً لبلادنا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.