تغيرات مثيرة تشهدها المنطقة… وسورية كلمة السر / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) الثلاثاء 10/10/2017 م …
دخلت المنطقة الآن ومن البوابة السورية مرحلة إستراتيجية هامة، بعد أن نجحت سورية في تضييق الدائرة على تنظيم داعش الإرهابي ومحاصرته والحد من قوته وأنشطته، وبالمقابل هناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، وتصريحات عدة لمسئولين دوليين وإقليميين، تشير في جملتها إلى أن المنطقة على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المشرق العربي، في السنوات الأخيرة، قد إستنفذت غاياتها، وأننا نتجه نحن مرحلة التسويات، فالزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز إلي موسكو أسفرت عن تفاهمات جديدة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري، يتبعها زيارة الرئيس التركي أردوغان الى إيران، ليعلن مرحلة جديدة للعلاقات بين أنقرة وطهران بعد أن شكلت الأزمة السورية العقبة الكبرى أمام تطور العلاقات الإيرانية التركية، كما في العلاقات الروسية التركية
على ما يبدو أن فشل الإدارة الأمريكية الحالية في ملف الأزمة السورية، هو ما جعل تركيا تتجه نحو روسيا، إضافة إلى اغتيال السفير الروسي في أنقرة ما أدى إلى تعاون كبير بين البلدين وامتصاص الصدمة وازدياد فرص التعاون بينهما على الأرض، بالتالي أن المواقف المتخاذلة من الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الملف السوري وعدم قدرة البيت الأبيض على تحقيق تقدم في الملف، إضافة إلى دعم أمريكا ما عرف باسم “قوات سوريا الديمقراطية”، دفع تركيا إلى اعتبار ذلك دعما لجماعات كردية مسلحة ومتطرفة، وهو ما كان له تأثير واضح في توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
وإذا أضفنا ما حدث في إقليم كردستان، بإجراء الاستفتاء حول الانفصال عن العراق، والدور الأمريكي الخبيث والإسرائيلي المعلن في إجرائه، والتعثر الواضح لمشروع الانفصال تحت ضغوط العراق وإيران وتركيا، فإننا نجد أن المنطقة مقبلة علي مرحلة جديدة تعكس موازين القوى في المنطقة، خاصة بعد أن بدأت روسيا تلعب دوراً محورياً في العديد من القضايا الاستراتيجية على المستويين الإقليمي والدولي على حساب التراجع التكتيكي للنفوذ الأمريكي، من خلال بناء بروتوكولات دبلوماسية عسكرية مع دول المنطقة، ومن هنا كان سوء الإدارة الأمريكية في الملفات الإقليمية والدولية أحد الأسباب التي أدت إلى عودة الدب الروسي إلى المياه الدافئة مرة أخرى والتي شجعت روسيا أن تدخل بقوة، ورأينا ذلك فى الأزمة السورية التي وقفت إلى جانب سورية وكذلك فى أزمات أخرى فضلاً عن الإقبال من جانب بعض الدول بالعودة إلى أحضان الدب الروسي من جديد، ومن هذا الباب جاءت إتفاقيات ومذكرات التفاهم السعودية الروسية في سياق التأقلم مع الوجود الروسي في المنطقة، بذلك لم تعد واثقة من نتائج الانفراد الأمريكي في إدارة الأزمات المتفجرة، بينما تقدم روسيا نفسها بأنها يمكن أن تلعب دوراً هاماً على احتواء الأزمات و الحرائق الممتدة من سورية والعراق إلى اليمن وليبيا.
ما نُدركه جيداً أن المشروع الأمريكي “الشرق أوسط الجديد” يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية داخل سورية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم سورية تحت وهم إرساء الديمقراطية قد إنهار بعد أن إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في العراق وليبيا واليمن من مجازر ودمار.
في هذا السياق وفي ظل التغيرات الميدانية التي تجري فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، فإن السوريين باتوا اليوم على مقربة من إعلان نصر إستراتيجيٍ لا سيما بعد دخول الجيش السوري وحلفاؤه أطراف مدينة الميادين، في وقت تواصل فيه القوات السورية محاصرة أحياء مدينة دير الزور تمهيداً لاقتحامها، هذا الإنتصار سيكون نكسة للقوى المتطرفة وللسياسة الأمريكية في المنطقة، فواشنطن التي لم تتأخر يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها اليوم أمام واقع مُغاير رسخه صمود الجيش السوري، فالتدخل العسكري الروسي في سورية ، قلب المعادلة في سورية، و إستطاع الجيش السوري إستعادة وإسترداد المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش والقوى المتطرفة الأخرى، بالإضافة الى دفع الأمريكان إلى السعى للتوصل لحل سلمي للأزمة لأنهم أدركوا بعدم قدرة حلفاؤهم من المسلحين داخل سورية على حسم المعركة لصالحهم بسبب قدرة الجيش السوري وحلفاؤه على المواجهة،كما أن هناك تقديرات يومية وجمع للمعلومات لما يجري في الميدان، تؤكد أن إمكانية حسم هذه المعارك باتت قريبة لصالح الجيش السوري وحلفاؤه.
مجملاً…. ستظل سورية صامدة شامخة بعد أن أغلقت الأبواب بإحكام وأبقت على فتحات إستنزاف الغرب وحلفاؤهم، وهنا يمكن القول إن الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه، لذلك فإن الأيام المقبلة حاسمة، خاصة في الميدان الذي يميل لمصلحة الحكومة السورية التي حسمت أمرها في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي، وبذلك أثبتت سورية أنها الوحيدة والقادرة على هزيمة الإرهاب وأنها حائط الصد وصمام الأمان في المنطقة.
التعليقات مغلقة.