الحرب العالمية الثالثة .. ارهاصاتها .. اطرافها .. نتائجها
تتجه القوى الامبريالية واتباعها من الرجعية العربية والانكشارية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الى تصعيد ظاهر للصراع وتوسيع قاعدته جغرافيا ، بخلق مشكلات جانبية للمحور الاخر المواجه لها ؛ متعدد الاقطاب صديق القوى التي تنزع نحو التحرر والحرية والتنمية بهدف اشغاله عن تركيز جهوده في المنطقة العربية وتحديدا في سورية والعراق وليبيا واليمن ، تمهيدا للإستفراد بهذه البلدان وتحقيق ما فشلت عن تحقيقه حتى الان سوى التدمير وقتل المدنيين ـ بعد توقف قطار التآمر على سورية التي بقيت صامدة في وجه المؤامرة الدولية الامبريالية عليها على مدى 43 شهرا ونيف .
حيث فتحت هذه القوى جبهة اوكرانيا لاشغال روسيا ما امكن ، وجبهة افغانستان لاشغال ايران في صراع جانبي ، وجبهة باكستان ” كشمير ” مجددا لاشغال الهند عن مواكبة روسيا والصين ودول بريكس عموما في مواقفها الموضوعية من قضايا الصراع ، وجبهة هونغ كونغ لاشغال الصين ، وتدبير محاولة انقلاب فاشلة في فنزويلا ..
اما على صعيد موضوع الصراع ، ما زالت امدادات السلاح القطري للجماعات الارهابية في ليبيا في أوجها ، وفي مصر يجري امداد الاخونيين والقاعدة بكل عناصر الاستمرار لمتابعة الاعمال الارهابية ، وصولا الى فرض الانخراط الكامل عليها في التحالف الامبريالي الامريكي ، وفي اليمن يجري تنشيط وتفعيل القاعدة لاستنزاف الحالة الراهنة التي تبشر بالاستقرار والتقدم في معزل عن النفوذ الخليجي الرجعي وبخاصة السعودي فيه .
وفي سورية والعراق تفتق الذهن الامبريالي الرجعي عن عبقرية غاية في الشر، فلجا الى تقسيم الجماعات الارهابية التابعة له الى فئتين (على طريقة المثل العربي شهاب الدين .. من .. ) !؟ ارهاب معتدل وآخر متطرف ، فمد الارهاب المعتدل بكل صنوف الدعم التدريبي والتسليحي والمالي والاعلامي والسياسي والاستخباري .
أما على صعيد الارهاب المتطرف، فزعم الامبرياليون واتباعهم، انهم بصدد التصدي له، فشنوا غارات على اطراف تواجد الارهابيين لكي تكون خسائرهم في حدها الأدني ، واستخدموا تطرف المتطرفين ذرائع للتدخل والتمدد العسكري وتدمير بنى تحتية جديدة لم تصل اليها يد الارهابيين بعد، او استخدموها لمنفعتهم لكي يحرموا الدولة الوطنية السورية من استخدامها لاحقا بعد استكمال النصر .
كما بدأ هذا الحلف باستخدام النفط كسلاح ، بخفض اسعاره، ليس للتخفيف عن البلدان الفقيرة من اعباء ارتفاع اسعاره،ولكن لضرب اقتصادات الدول الصديقة لهذه البلدان، بعد ان خزنت واشنطن احتياطيات كافية منه الى حين اعتقادها بأنه ستكسب جولة الصراع عبثاً .
وهكذا نجد ان التحالف الامبريالي الرجعي الانكشاري بقيادة واشنطن مزمع على اشعال حرب عالمية ثالثة،وجر اطراف اليها ليست راغبة في الحرب لكنها ترفض التسلط الامبريالي على مقدرات الامم والشعوب كما ترفض احادية القطبية وسياسة الحروب العدوانية والقواعد العسكرية والتحكم في اقتصاديات الدول الضعيفة والتسلط الصهيوني.
تختلف هذه الحرب عن الحربين العالميتين الاولى والثانية من حيث السلاح الاكثر تقدما عنه في تلكما الحربين، ومن حيث اتساع جغرافيتها، وتعدد اطرافها،وتباعد المسافات بينها ،وتداخل مواقفها الداخلية بين رافض وقابل الانخراط فيها،أو تباين الانحياز الداخلي لأطرافها ، واشتراك الاقتصاد والنفط والاسواق في فرض شروطها ،واستخدام الدين استرة لها، وتعدد اليات الحرب الى جانب القوى النظامية ، بانخراط جماعات ارهابية مسلحة فيها، يقابلها قوى شعبية محلية رافضة للحرب والتدخلات الخارجية .
ستنتج الحرب نظاما عالميا جديدا متعدد الاطراف أكثر عدلاً من الواقع الراهن،وستدفن دول امبريالية كرستها الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتظهر منظمات دولية واقليمية جديدة تعكس الواقع الجديد غير تابعة ، وتتكرس شراكات سياسية واقتصادية وثقافية واعلامية واسعة ، وتتوحد دول جزأها الاستعمار القديم وكرستها من بعد الامبريالية العالمية ، ككوريا ، وبلاد الشام والبلقان ، وتتقارب وتتكامل اكثر شعوب ودول متماثلة ومتقاربة جغرافيا كأمريكا اللاتينية والوسطى ، وافريقيا .
كما ستتراجع ظواهر رافقت الحقبة الاستعمارية الامبريالية الامريكية الرجعية الانكشارية الصهيونية ،من التفكك الاجتماعي والاسري، والطائفية والمذهبية والاثنية والتطرف والارهاب والتكفير، والتلاطم الحضاري،والاحتراب، وانتاج المخدرات وتجارتها وتعاطيها ، كما ستزول ظاهرة تبييض العملة والفساد العابر للحدود بزوال هيمنة الدولار الامريكي على الاقتصاد العالمي .
ستعود دول الاستعمار القديم الى مكوناتها القديمة الحقيقية ، كـ بريطانيا التي تقسر مكوناتها على الوحدة ومثل ذلك فرنسا واسبانيا والمانيا .. والى احتراباتها القديمة بفقدانها لما كانت تسرقه انكلترا وفرنسا والمانيا من خيرات الشعوب الاخرى .
اما الولايات المتحدة الأمريكية فتتشظى ، ولن تعود الى مكوناتها ( القديمة ) لأنه لا قديم لها كما هو حال فرنسا وبريطانيا والمانيا ، وسيسود ولايات كثيرة منها التطرف والعنصرية ومشاعر الاثنية والتمييز العنصري ( أكثر مما هو عليه الحال بكثير جدا ) ويغادرها اغلب المهاجرين العرب والآسيويين والأفارقة والأمريكان اللاتينيين الى بلدانهم الأصلية ، بما يحملون من خبرات وبقايا مال وحصادات اعمارهم وذكريات تصبح مؤلمة .
وستجنب دول محسوبة على الامبريالية كـ اليابان وكندا واستراليا وغيرها نتائج الانخراط الكارثية ، في حال لم تتورط في التحالف الإمبريالي الأمريكي .
ستعمل الولايات المتحدة في جر العديد من الأنظمة السياسية بالقطعة، وبالتدريج،وصولا الى توريطها بالكامل،حتى لا تجد فكاكا من الانجراف (الموضوعي) في التحالف الدولي، في مسعى ذكي خبيث، ما كان ليتم التورط لو اشترط ذلك بالكامل ابتداء .
وسيكون الكيان الصهيوني من اكبر الخاسرين بنتيجة هذه الحرب، رغم أن اولى أولويات التحالف الدولي الأمريكي في فرض الحرب، تدعيم هذا الكيان العدواني العنصري الاستيطاني الاحلالي التوسعي،الذي ما عاد قادرا على ممارسة دور الهراوة في المنطقة وفرض رؤية الإمبريالية عليها . حيث سينتهي هذا الكيان أو يتقلص بالحد الأدنى الى حد كبير.
اقول رغم حجم التضحيات البشرية الكبيرة والخسائر في البنى التحتية وفي المقدرات الاقتصادية والمعالم الحضارية والثقافية وتلويث البيئة والتربة والمياه والهواء وغير ذلك ، فإن التحالف المواجة لمحور الشر والخراب الإمبريالي الأمريكي ، سينهض مجددا ويعيد التوازن للحياة الانسانية والمجتمع الدولي على نحو اكثر عدلا واستقرارا وأمنا ونموا وحرية ، ويحقق معادلات اجتماعية نزيهة تكرس القيم الحضارية والايمانية والثقافية والاجتماعية للأمم والشعوب.
بكلمات، يريد التحالف الإمبريالي الامريكي فرض مفاهيمه وقواعده العدوانية في الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع على العالم ، بالقوة والعسف والتطرف وتشويه المعتقدات الإيمانية والفتن والارهاب والحروب ، ويصر على ذلك ، لكن ذلك اصبح خلف قدرة وارادة اغلب الشعوب والامم والدول الصاعدة في العالم ، الامر الذي يبشر على قرب انتهاء هذا التحالف المغرق بالعدوانية بنتيجة الحرب التي سيشعلها ، والتي ستمتد لسنوات وعلى اوسع رقعة من الكرة الارضية لم تسبقها حرب من قبل بمثل اتساعها واسلحتها وضراوتها وحجم ضحاياها .
عمان في 23 تشرين أول ، 2014
التعليقات مغلقة.