لماذا نعم .. للأسد
لعل من المفيد أن نتذكر أنه صاحبَ تسلمْ دكتور بشار الأسد لمهام رئاسة الجمهورية العربية السورية عام 2000 ، جملة اصلاحات ، وهو ما اطلق عليه في حينه ( ربيع دمشق ) لكن اصلاحات الرئيس الأسد ووجهت في حينه بعقبتين محليتين ، وعقبتين خارجيتين ، تمثلت اولى العقفبتين المحليتين، بالحرس القديم ( الذي كان يرى في الاصلاحات مساسا بامتيازاته ) والذي من رموزه الرئيسة عبد الحليم خدام ومصطفى طلاس اللذان انشقا لاحقا عن الدولة الوطنية السورية ومعهما ابناؤهم وآخرين،وليتبين ان الرجلين وامثالهما كانوا عبئا على الدولة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، ووراء الكثير من الخطايا في لبنان(بالنسبة لخدام) وحالة استثمار المؤسسة العسكرية ( بالنسبة لطلاس ) وما كانت عليه بفضله من ترهل و( تسريبات ) مشبوهة واستثمارٍ له طبيعة فساد.
اما العقبة الثانية فتمثلت في الكروش المفتوحة المتعجلة من مؤسسات محلية ممولة اجنبياً ، مما يطلق عليها صفة (المجتمع المدني ) متوهمة ان الفرصة حانت لها للإطاحة ببنية عقود من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لصالح الحاق الدولة بعجلة التبعية والتغريب .. والمركسة المزيفة ؛ التي لم يعد يربطها بالماركسية غير الماضي السحيق فيما هي ( الان ) ممولة اجنبيا، وبنى كانت قومية لكنها باتت مهترئة مزيفة،تحولت بفعل الضغائن والعقلية الثأرية الى النقيض بغض النظر عن النتائج ، وجماعات عملت بصمت؛ ادعت الاسلام من تكفيريين ووهابيين واضرابهم، استغلت وجود حماس مطلقة اليد في سورية ( اكثر من البعث الحاكم ) للتمول والتدرب وحفر الانفاق والتخابر ، وبناء الخلايا النائمة ، والتحضير لما هو قادم.
وارتكبت الحكومة السورية السابقة اخطاء،حيث اقتربت من الخصخصة واقتصاد السوق وتراجعْ الاهتمام بالزراعة نسبيا وهمّشت ايجابيات أو الغيت كانت تميز الدولة السورية ، فتقلصت قاعدة الدولة الوطنية السورية؛شعبياً،ووجدت الجماعات الارهابية لاحقا في المتضررين من تحولات الدولة ( حواضن شعبية ) في بدايات الأزمة .
وأما العقبة الخارجية الأولى فتمثلت في احتلال العراق ، والتهديدات الأمريكية الرسمية باحتلال سورية ما لم تلب 8 مطالب كانت محل رفض سوري حازم ، وهجرة قرابة مليوني مواطن عراقي لسورية، الأمر الذي حمل الدولة السورية اعباء كبرى، حيث عوملوا كالسوريين ، دون ادنى مساعدات اجنبية حقيقية ، وكان معظم من غادروا منهم الى سورية من فقراء العراق.
واما العقبة الخارجية الثانية فتمثلت في قرارات أمريكية ودولية اتخذت ضد سورية منها قانون محاسبة سورية ( الأمريكي ) وغيرها من قرارات العقوبات ، والضغط على سورية فيما يتعلق بلبنان ، وما رافق من محاولة جعل خروجها منه قسريا وليس اختياريا ، وما لحق من اعمال انتقامية ضد العمالة السورية في لبنان.
وأقر مؤتمر حزب البعث القطري المنعقد عام 2005 ، خطة تحولات واصلاحات شاملة ، لكن جملة احداث توالت سريعة ،ابتداء بمقتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري واتهام سورية بقتله واحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية، فالحرب على المقاومة اللبنانية عام 2006 ( حيث هاجر لشهور مئات الاف اللبنانيين الى سورية) فالحرب على المقاومة الفلسطينية أواخر 2008 ومطلع 2009،فاحداث الربيع الأمريكي بدءا بتونس اعتبارا من اواخر 2010، فسورية اعتبارا من 17 آذار 2011 .
الأمر اذي اعاق مجددا ظهور النتائج الطيبة لجملة اصلاحات اقرتها الدولة الوطنية السورية ، بل استبدلت الجماعات الارهابية؛النتائج الإيجابية،بتدمير الكثير من البنى التحتية للدولة السورية ، ونهب مقدراتها ، والعودة بها الى الخلف على غير صعيد .
لكن لم تضافرت كل هذه العقبات في وجه الدولة الوطنية السورية ؟ سواءكان ذلك بشكل مباشر أو كنتائج وتداعيات ..
لقد كان المطلوب دائما الحيلولة دون تحقيق اصلاحات حقيقية وواسعة في سورية،تضمن استمرار الدولة الوطنية السورية التي استقرت عبر عقود من النضالات والتضحيات،جعلت منها دولة مكتفية ذاتيا غير مدينة وغير تابعة،يتمتع فيها المواطن بتعليم مجاني وتامين صحي واسعار انتقال مقبولة، وحياة آمنة،في دولة مهيبة الجانب محترمة اقليميا ولها صداقات قوية على مستوى عالمي، وتتمتع بقوة عسكرية،ان لم تتح لها تحرير الجولان بعد، لكنها تتيح لها استقراراً استراتيجيا دون تفريط او توقيع اتفاقيات مهينة مع العدو الصهيوني او سواه .
إن انجازات سورية المتحققة،لم تكن في معزل عن استقرار الحكم فيها، ووقف دائرة الانقلابات والثورات المتتالية خلال ستينات القرن الماضي،ووضع حد للتدخلات الخارجية ،وشد الاحزمة على البطون في سنوات ليست قصيرة،فرضت سورية على نفسها خلالها حصارا قبل أن يفرضه الأخرون، وصولا الى الانجازات العظيمة المتحققة على الأرض .
من هنا ،فإن استقرار الدولة الوطنية السورية بنظامها السياسي وتقاليد تطورها التي تبدو أنها بطيئة وتحولاتها غير المتسارعة لكنها ثابتة قوية مدروسة ؛ استراتيجية وحكيمة ، لم تترك على مدى عقود من الاستقرار منعكسات سلبية أو خاطئة ، سوى تحولات اقتصادية غير ايجابية سبقت الأزمة، و تم ويتم تداركها الآن، فيما تحاول الجماعات الإرهابية المدعومة غربيا،افشال اية تطورات ايجابية، تقدم عليها الدولة رغم كل العقبات .
أقول ان الايجابيات التي حققتها الدولة الوطنية السورية، ارتبطت باستقرار نظامها السياسي وطبيعة تطوره،على مدى عقود، وليس العكس( بمعنى ان استقرار النظام خدم الدولة ولم يكن عقبة أمام تطورها) ، فيما يريد اعداء سورية بذريعة التغيير والديمقراطية والحرية اغتيال هذا الاستقرار، كـ عملاء يتبعون للأجنبي، متشددون متعصبون ظلاميون تكفيريون، ينفذون في الحصيلة النهائية مخطط الغرب من امريكا حتى الصهيونية .
إن اعادة انتخاب دكتور بشار الأسد لدورة رئاسية جديدة وفق الدستور الجديد لسورية ، يعني إستقرارها ونهجها القومي العروبي المقاوم ، كما يعني استمرارنهج الاكتفاء الذاتي والاستقلال عن التبعية لراس المال العالمي، ويعني ثبات استراتيجية رفض التبعية للأجنبي ولمعاهدات الذل والتفريط ، والعودة بقوة لنهج دعم الزراعة والقطاع العام وكل الايجابيات التي تكرست عبر عقود، ويعني تكريس قاعدة الدفاع عن الوطن عبر اشراك فئات أوسع من الشعب السوري ، ويعني الوفاء لمن رفض التفريط ووقف بمواجهة المغريات والمكتسبات الذاتية على حساب الوطن .
ويعني اعادة انتخاب الأسد الوفاء لدماء الشهداء، والوفاء للجيش العربي السوري ولقوات الدفاع الوطني، ويعني اعادة انتخابه التصويت بنعم للمقاومة والوحدة العربية والاشتراكية والتحرير والحرية.
كما يعني التصويت للأسد رفض التعصب والظلامية والتكفيرية والمذهبية والطائفية ومع حرية العبادة للجميع ونعم العلمانية .
كما يعني التصويت للأسد بنعم ، التصويت بـ لا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ، ولعواصم الغرب الاستعمارية،ولا قوية للكيان الصهيوني، ولسلاجقة تركيا وقطر والسعودية،ولا لللأخونة والتكفيرية والظلامية والإرهاب بعامة، ولا لكل من تبعهم او تعامل معهم أو تستر عليهم.
لذا نعم للأسد .. نعم للأسد .. نعم للأسد
التعليقات مغلقة.