بمناسبة مرور مئوية وعد بلفور … هدف وعد بلفور استعماري وعنصري لخدمة المصالح البريطانية والصهيونية / د. غازي حسين
د. غازي حسين ( فلسطين ) السبت 14/10/2017 م …
تمر في الثاني من تشرين الثاني مئوية وعد بلفور غير القانوني وغير الشرعي الذي أعطت بموجبه بريطانيا وعدا للورد روتشيلد لأقامة إسرائيل في فلسطين العربية وجسد الوعد المشؤوم تلاقي مصالح بريطانيا الاستعمارية مع المخططات الصهيونية بإقامة إسرائيل فيها على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني
ولايزال الشعب الفلسطيني وبلدان المشرق العربي تعاني من ممارسة إسرائيل للحروب التوسعية والعنصرية والتميز العنصري كسياسة رسمية .
ان بريطانيا هي رأس الافعى التي ارتكبت جريمةعظمى بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية والأسلامية.
بدأت مأساة ونكبة وكارثة شعبنا العربي الفلسطيني المستمرة على يد بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم وغير القانوني والباطل. وطرحت فكرة التقسيم لتنفيذ الوعد لأول مرة عام 1937 لالتزامها في تحقيقه والذي وافقت عليه الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا. منحت بريطانيا بموجب الوعد المشؤوم ما لا تملك لمن لا يستحق، ففلسطين عربية وليست بأرض بريطانية وسكانها عرب وليسوا ببريطانيين.
يستند الشعب العربي الفلسطيني في نضاله لرفض الوعد ولتأسيس دولة عربية في كل فلسطين التاريخية من رأس الناقورة ومروراً بقرية أم الرشراش العربية (إيلات حالياً) حتى رفح ومن النهر حتى البحر إلى الأسباب التالية:
ــ الحق التاريخي للعرب في فلسطين منذ بدء التاريخ البشري.
ـــ بطلان وعد بلفور وقرارات مؤتمري فرساي وسان ريمو حول فلسطين.
ـــ عدم شرعية قرار التقسيم واستخدام العدو الإسرائيلي للقوة.
ـــ حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال والسيادة الوطنية.
ـــ وإلى العديد من قرارات الأمم المتحدة.
اتفقت بريطانيا والمنظمة الصهيونية العالمية أن تعمل الصهيونية لقاء وعد بلفور في مؤتمر الصلح في فرساي على مساعدة بريطانيا بفرض الانتداب البريطاني على فلسطين.
ووقع د. حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية والأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها بتاريخ الثالث من كانون الثاني 1919 وثيقة تضمنت الإقرار بوعد بلفور وإنشاء مجتمع للتعايش «بين العرب واليهود» في فلسطين. ونص البند الثالث من الاتفاقية حرفياً على ما يلي:
]]عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ في اليوم الثاني من نوفمبر «تشرين الثاني» سنة 1917 [[ونص البند الرابع من اتفاقية فيصل ووايزمان على أنه «يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الإسكان الواسع والزراعة الكثيفة».
وشاهدت على موقع ويكيبيديا صورة للأمير فيصل مع د. حاييم وايزمان وهما يرتديان اللباس العربي عام 1918، مما أظهر العلاقات الحميمية بينهما.
تزعم أوساط يهودية أن اللورد بلفور أصدر الوعد لرفع الاضطهاد عن اليهود في أوروبا وعن إحساس عميق بالشفقة عليهم للاضطهاد الذي عانوه في أوروبا. وحان الوقت لأن تنهي الحضارة المسيحية معاناة اليهود في أوروبا بإرسالهم إلى فلسطين. لذلك رأى بلفور بحسب رأيهم أن إنشاء إسرائيل هو أحد أعمال التعويض عنهم.
من المؤكد تاريخياً أن بلفور كان لا سامياً أي معادياً لليهود ومعارضاً لهجرتهم إلى بريطانيا. وأراد من وعده المشؤوم التخلص منهم ومن مكائدهم في أوروبا وإرسالهم إلى فلسطين وحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين.
ويتبين من قراءة الوعد أن الهدف منه سياسي استعماري وعنصري لخدمة المصالح المشتركة للإمبراطورية البريطانية والحركة الصهيونية في الوطن العربي وبقية بلدان الشرق الأوسط.
وكان موقف اللورد بلفور المعادي لليهود قد تأكد مسبقاً وبوضوح عندما تولى في عامي 1903 و1905 رئاسة الوزارة البريطانية. وهاجم المهاجرين اليهود إلى بريطانيا لمقاومتهم للاندماج في المجتمع الإنكليزي. وأصدر العديد من التشريعات التي تحد من هجرة يهود أوروبا الشرقية إلى إنكلترا.
وعندما انعقد مؤتمر فرساي عام 1919 أقر المؤتمر الاستعماري فصل سورية الجنوبية أي فلسطين عن سورية الأم لإقامة «إسرائيل» فيها.
أكدت المؤتمرات السورية التي انعقدت في عامي 1919 و1920 من ممثلين عن سورية وفلسطين ولبنان رداً على مؤتمر فرساي وإيماناً بالواقع القائم المجسّد لوحدة سورية الطبيعية «استقلال سورية الطبيعية» (سورية الكبرى) المكونة من فلسطين وشرق الأردن وسورية ولبنان ورفض وعد بلفور والهجرة اليهودية إلى فلسطين.
اجتمع مجلس الحلفاء للدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى لاقتسام مناطق النفوذ التي كانت تخضع للإمبراطوريتين العثمانية والألمانية في سان ريمو من 19 ــــ 25 نيسان 1920.
وقرر المؤتمر وضع فلسطين وشرق الأردن والعراق تحت الانتداب البريطاني ووضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. وجاءت قرارات المؤتمر كما أرادت بريطانيا والحركة الصهيونية وبموافقة الأمير فيصل ومخيبة للآمال والحقوق العربية في الحرية والاستقلال الوطني وبشكل خاص وحدة واستقلال سورية. وجاءت تطبيقاً لتقرير كامبل لعام 1907 واتفاقية سايكس ـــ بيكو الاستعمارية لعام 1916 ولوعد بلفور عام 1917 الاستعماري والصهيوني.
وانعقد المؤتمر السوري في الثامن من آذار عام 1920 واتخذ عدة قرارات رداً على وضع البلدان العربية تحت سيطرة الاستعمارين البريطاني والفرنسي منها: «إعلان استقلال سورية بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً بما فيها فلسطين ورفض وعد بلفور ومطالبة الصهيونية والاستعمار إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وهجرة اليهود اليها.
نجحت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الغربية والصهيونية العالمية في تحقيق وعد بلفور المشؤوم باستخدام العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة للقوة واستغلال قرار التقسيم وإقامة «إسرائيل» في 15 أيار عام 1948. وهكذا تكون بريطانياً قد ساهمت مساهمة أساسية في النكبة والمآسي والويلات التي حلت بالشعب العربي الفلسطيني ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
لذلك من المفروض انطلاقاً من الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والقيم القانونية والإنسانية والحضارية أن تتحمل بريطانيا مسؤوليتها عن نكبة فلسطين وتعتذر رسمياً للشعب وتلتزم بالعمل على تنفيذ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم وتعويضهم عن ريعها وعن الخسائر والأضرار والعذابات التي لحقت بهم انطلاقاً من مبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 ولقرارات الأمم المتحدة وأسوة بالتعامل الدولي.
التعليقات مغلقة.