المحامي قيس علي محافظة يكتب … قراءة في واقع مركبات النقل الخصوصية مقابل أجر والمركبات العمومية غير المنظمة والمطورة: المشكلة والحل

 




الأحد 15/10/20/17 م …

الأردن العربي –

لقد بيَّنت المادة (4) من قانون السير الأردني رقم 49 لسنة 2008 أن فئات استعمال المركبات تحدد بموجب نظام يصدر لهذه الغاية. وبالرجوع إلى نظام تسجيل وترخيص المركبات رقم 104 لسنة 2008، نجد أن المادة (4/ج و /د) حددت صفات تسجيل المركبات بتعريف المركبات الخصوصية بأنها ” المركبات المسجلة والمرخصة بالصفة الخصوصية ولا تعمل مقابل أجر”، والمركبات العمومية بأنها “المركبات المسجلة والمرخصة بالصفة العمومية والتي تعمل مقابل أجر”. وهذا يعني أن المركبات الخصوصية لا يحق لها بحكم النظام أن تعمل مقابل أجر. كما أن المركبات العمومية تحتاج إلى تصاريح معينة حتى تعمل بأجر، فقد نصت المادة (7/ح) من ذات النظام على أنه “تسجل وترخص مركبات نقل الركاب على اختلاف انواعها بالصفة العمومية بعد الحصول على التصاريح اللازمة من الجهات المختصة”. وعدا عن ذلك، نجد أن المادتين (24) و (29) من قانون السير الأردني أوقعت مخالفات سير على من يستعمل مركبة غير مرخصة بالصفة العمومية لنقل الركاب مقابل أجر. وهذه العقوبات لا تتعدى الحجز على المركبة لمدة لا تزيد عن أسبوع وبالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (200) مائتي دينار أو بكلتا العقوبتين.

على ما سبق ذِكْرُهُ،  ومن متابعتنا وما يصل إلى مسامِعنا فإنَّ هناك فوضى قائمة ومتزايدة لها انعكاسات سلبية من جرَّاء قيام شركات النقل بالأجرة والتي تستخدم التطبيقات الذكية على الموبايل، كشركة كريم وأوبر، وهي شركات عالمية، بتشغيل أصحاب المركبات الخصوصية مقابل أجرةٍ وذلك ضمن مواصفات معينة للمركبات وعدا عن تدريب أصحابها ضمن دورات للتعامل مع الزبائن، وتكون هذه الشركات بذلك قد خالفت القانون والنظام المذكورين أعلاه بشكل صارخ، مع العلم أن هذه الشركات قد مُنحت تراخيص مؤقتة في الوقت الحالي من الجهات المختصة للعمل بالأردن دون وضع أية قيود عليها أو حتى تنظيم عملها ليتماشى مع القانون والنظام.

إن هذه الفوضى القائمة لها تبعات وانعكاسات اقتصادية واجتماعية على المجتمع. وجديرٌ بالذكر أن دولاً قد عانت ولا تزال تعاني من ذلك ،  منها على سبيل المثال المملكة المتحدة. وقد نُشر مقالٌ في جريدة “الجاردين” (The Guardian) بتاريخ 22/9/2017 أوضحَ أن وزارة النقل البريطانية قد منعت إعادة ترخيص شركة أوبر في مدينة لندن نظراً لأنها شركة نقل بالأجرة وانها تعتبر “غير لائقة ومناسبة” وأنها “تفتقر إلى مسؤولية الشركات” يضاف إلى ذلك إفتقارها التبليغ عن أية جرائم وانتهاكات من قبل سائقي المركبات الخصوصي، هذا مع عدم حصول السَّواقين على شهادات عدم محكومية وعدم دخولهم في نظام  التأمين الطبي . وحري لفت الانتباه إلى أن شركة أوبر قد منعت الجهات المختصة في مدينة لندن من الدخول الكامل لتطبيقها الذكي بهدف متابعة تنفيذ القانون!

إن هيئة تنظيم النقل البري قد خاطبت قبل عدة أيام عطوفة مدير الأمن العام لتشديد الرقابة على عمل المركبات الخصوصية مقابل أجر وتغليظ العقوبات الواردة في المادتين (24) و (29) من قانون السير الأردني. كما أن الهيئة قد وجهت كتاباً لشركات النقل بالأجرة التي تستخدم التطبيقات الذكية تمنعها من تقديم خدماتها والدعاية والإعلان عنها كونهالم تقم باستكمال إجراءات الترخيص ولعدم تحقيقها للشروط والمتطلبات المطلوبة منها.

إن الإجراءات المتخذة حالياً من الهيئة تعد إيجابية على نحوٍ ما،  لكنها لا تحل المشكلة ولا تطور هذا النوع من النقل. فالفوضى ليست متعلقة فقط بالمركبات الخصوصي العاملة مقابل أجر وإنما أيضاً تتعلق بالمركبات العمومية التي تعمل ضمن الإطار القانوني الذي ذكرناه ولكنها غير منظمة ومطورة لتلبي حاجات المواطن الأردني. فالمواطن أو ضيف الأردن عندما يستقل مركبةً عمومية فإن من حقِّه أن تكون ذات مواصفات ترتقي للمستوى المأمول من نظافة كما أن يحظى بمعاملة حسنة صادقة مقابل الأجرة التي يدفعها. وهذا مع الأسف غير متوفر لدى الكثير من المركبات العمومية مَا جعل المواطن الأردني وغيره يتجه نحو التعامل مع شركات النقل بالأجرة التي تستخدم التطبيقات الذكية.

إن الحل الأمثل لتطوير هذا القطاع يكونُ في بَسْط الرقابة الكاملة عليه من قبل وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل البري من خلال رقابة كاملة تأخذ صفة الديمومة على التطبيقات الذكية لمنع استخدام المركبات الخصوصي مقابل أجرةٍ، مَا يعني أن جميع المركبات التي تشغل من قبل الشركات التي تملك التطبيقات الذكية يجب أن تكون خاضعة لتعليمات المركبات العمومية نفسها ودون أي استثناء. وبمقابل ذلك، لابد من تعديل التعليمات الحالية المتعلقة بالمركبات العمومية لترقى إلى مستوى النظافة وحُسن هندام السواقين ولباقة تعاملهم مع المواطنين وكل مَن يحل على أرضنا من ضيوف وسواحٍ، بل ومنع وضع أشرطة تسجيلٍ تشكل أصواتها المرتفعة ونماذج ما يتم بثه إزعاجاً للركاب، عدا عن ربط جميع المركبات العمومية الحالية مع تطبيق ذكي موحد في المملكة يخدم هذا القطاع ويفرض رقابة عليه للحد من تغول ومزاجية السائقين على المواطن والزائر، وكل ذلك يكون مقابل إعادة النظر بأجور النقل الحالية بشكل يتناسب مع التعديلات المطلوبة والتكاليف المفروضة على المركبات العمومية.

إن غاية مقالي هذا هو الإرتقاء بهذا القطاع كوننا جميعنا شركاء في المسؤولية ومسيرة الإصلاح لما فيه خير الوطن والمواطن.

المحامي الدكتور قيس علي محافظة

  • يرجى من الكاتب الكريم التواصل مع إدارة الموقع على الإيميل التالي :  

[email protected]

أو ، رقم هاتف :

0791328422

شكرا

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.