اتفاق فيينا في الميزان (1) / عبدالحفيظ ابو قاعود
عبدالحفيظ ابو قاعود* ( الأردن ) الإثنين 16/10/2017 م …
اتفاق “ فيينا التاريخي” بالاعتراف بالجمهورية الاسلامية الايرانية بالقوة العظمى وعضو بالمنتدى النووي العالمي ،كخطوة اولى يوازي في مضمونه وشروطه ونتائجه ومالاته ؛ صلح الحديبة / اتفاق الرسول الاعظم مع قريش/ ، الذي مهد الطريق لفتح مكة بعد ثلاث سنوات من إبرامه ، تحالف خلالها مع قبائل في الجزيرة العربية ضد قريش وحلفها اليهودي،
الثورة الصناعية انطلقت من ايران كخطوة اولى لتمكين الملة من ولوج الدورة الحضارية الانسانية الثالثة. فالإنجاز النووي الايراني السلمي توازن نوعي قوى ومتغيرويراكم المزيد من قدرة الجمهورية الاسلامية الإيرانية ومحورها المقاوم وحلفها الدولي المتنامي العسكرية والاستراتيجية رغم التصميم الصهيو أميركي على متابعة الاستهداف بأدوات القوة الناعمة وعبر الحرب الباردة ومن خلال حروب استنزاف ” الهلال المقاوم “من طهران الى دمشق لعرقلة المشروع النهضوي العربي حليف الجمهورية الاسلامية، الإيرانية لولوج “الامة والملة” الدورة الحضارية الانسانية الثالثة في الذكرى المئوية الاولى ل”سايكس-بيكو2016.
ولقد حقق الاتفاق النووي الايراني مع القوى العظمى 5+1 مجموعة من الانجازات الكبرى، وهي؛
1- الاتفاق النووي الايراني يمهد الطريق الى مصالحة تاريخية بين “الملة ” والغرب الاستعماري ، بعد امتلاك الجمهورية الاسلامية الايرانية قوة الردع الاستراتيجي” الخيار النووي”.
2- مخرجات الاتفاق يحول الجمهورية الاسلامية الايرانية من ولاية الفقيه الى ولاية الامر في الشرق بأسقاط مشروع الصراع المذهبي بين هلال شيعي افتراضي وقوس سني افتراضي . ويجعلها تمتلك السلاح الاستراتيجي الكاسر مع قوى الاستكبار العالمي .
3- رسخ الاتفاق النووي الايراني مع الدول العظمى 5+1 ؛التحالف الاستراتيجي والشراكة المصيرية مع الجمهورية العربية السورية توأم الجمهورية الإسلامية الايرانية في مشروع تحرير الشرق من الهيمنة الاستعمارية الصهيونية، ومشروع اتباع ابن تيمة وفكرة التكفيري الارهابي.
4- – أسقط الاتفاق مشروع الشرق الاوسط الكبير الجديد ،الذي بشر به الارهابي شمعون بيريز، وتبنته الادارات الامريكية المتعاقبة ،ووضع نهاية قريبة للحرب الكونية على سورية ومن سورية.
فقد انطلقت الثورة الصناعية الاسلامية من ايران تحت حصار غربي متصهين وبإرادة الاستقلال السياسي والاقتصادي في بلد غني بالموارد الطبيعية المتنوعة، توج بالإنجاز النووي السلمي ،امتلاك الخيار والسلاح النووي بلا منازع ،لتدخل الجمهورية الاسلامية الايرانية المنتدى النووي الدولي ونادي القوى العظمى ،بعد ثمانية وثلاثين عاما من الحصار والعقوبات الاقتصادية منذ انتصار الثورة ،التي رفعت راية الاستقلال السياسي والاقتصادي ومقارعة الحلف الصهيوني الامريكي في العالم .
لقد تمكنت الثورة الاسلامية الايرانية من بناء أجيالا من المهندسين والخبراء والمنتجين المؤهلين علميا وتقنيا لبناء قاعدة علمية متقدمة ،و قوة عسكرية عملاقة مؤهلة للدفاع عن قلعة مهمة من قلاع التحرر مقاومة الاستعمار في العالم، وقدمت إمكانات ومساهمات جليلة في دعم مستمر ومتواصل للدولة الوطنية السورية ولحركات المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة والمستضعفين في الارض.
وقادت القيادة الإيرانية بزعامة قائد الثورة الإمام أية الله الخميني ومن ثم بقيادة رفيقه وخليفته صاحب العقل الاستراتيجي الراجح آية الله علي الخامنئي مقاومة مبدعة وتحركت وفقا لقاعدة تحويل التهديد والحصار إلى فرصة. ورسخت شراكة مصيرية مع سورية الاسد توأم الجمهورية الإسلامية الايرانية في مشروع تحرير الشرق من الهيمنة الاستعمارية الصهيونية ، ووضع نهاية للمشروع التكفيري الارهابي ،عبر معارك وتحديات سياسية واقتصادية وعسكرية زرعها الحلف الاستعماري الصهيوني لإيران ومحورها المقاوم، من خلال الحروب الاقليمية والاحتلالية المباشرة والحروب بالوكالة، وعبر الصراع المذهبي من خلال المشروع التكفيري الارهابي “الدواعش”، ومنظومة التحالف الامني الاقليمي لاستنزاف فائض قوة إيران الاقتصادية والعسكرية خدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة.
الوقائع والمعطيات ؛
عند إجراء دراسة تحليلية مقارنة لظروف مناخ وشروط صلح الحديبة في العهد النبوي وظروف مناخ وشروط الاتفاق النووي الايراني مع القوى الدولية 5+1 في العصر الحديث نجد انهما متشابهان في الظروف والشروط والاهداف والمخرجات،
وان المفاوض الايراني بقيادة مرشد الثورة الاسلامية حوُل التهديد والحصار الاقتصادي الى فرصة نجاح تاريخية ، وذلك بالاقتداء بالرسول الاعظم في ترسيخ بناء الدولة الديمقراطية المنتجة . سواء بالقبول بشروط الطرف الاخر للاستفادة من عامل الزمن لاستكمال عناصر القوة الكاسرة لخلق التوازن الاستراتيجي في المعادلة الدولية القائمة ، وفي بناء التحالفات مع الدول في العصر الحديث ،او بالمفاوضات المباشرة والحوار السلمي مع “الولايات المتحدة الامريكية ” كما كان الحال مع قريش وتقويض قدرات حلفائها في ذاك الزمان والمكان .
وكان اتفاق تصلح الحديبة الخطوة الاولى للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ،التي مهدت لفتح مكة سلما ،الذي ابدى بعض الصحابة امتعاضهم ومخاوفهم من احد شروطه الاربعة ، حيث عقد الرسول الاعظم تحالفات .مع القبائل العربية لمواجهة قريش وحلفائها . وبعد بضع سنوات من الصلح ” جاء نصر الله والفتح “، فكان فتح مكة سلما.
واستطاعت إيران من تحقيق اختراق نوعي في الاستراتيجية العدوانية المتوحشة، والتي استهدفت حظر المعرفة على العرب والمسلمين، وذلك من خلال التوجه الى مشروع ” فن الحياة” ،لثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على ” الامة والملة” للنفاذ لامتلاك “تكنولوجيا الناتو” وتعميمها. فخرجت من دائرة الاستهداف الرأسمالي المتوحش عبر الاتفاق النووي في فيينا للانضمام الى مجموعة الدول الكبرى 5+1 ،ولرسم مستقبل المنطقة والاقليم وفق تفاهمات دولية لإدارة الازمات تمهيدا لتقاسم النفوذ في المنطقة.حيث استمرت المفاوضات لسنوات طويلة دون جدوى من التوصل الى اتفاق بين طرفي المعادلة .
فقد لجأت ادارة اوباما في النهاية الى الوساطة العمانية لدى القيادة الايرانية لأقناعها بالقبول بالمفاوضات حول مشروعها النووي للوصول الى تفاهم مرض بينهما للوصول الى اتفاق بين لأطرافه السبع .
فقد تمكنت إيران ؛ الثورة الاسلامية والدولة المدنية قبيل الاتفاق من كسر طوق الحصار العلمي ، الذي فرضه الغرب المتصهين على الامة والملة ، من امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا المحضورة والسلاح النووي والاستراتيجي الكاسر وبالانضمام للنادي النووي العالمي بزمن قياسي ابهر العالم .
وكان الهدف الامريكي من الاتفاق الحد من القدرة العلمية الايرانية في تخصيب اليورانيوم لمنعها من امتلاك الخيار الاستراتيجي السلاح النووي الرادع ، لكنها في الوقت ذاته طورت قدراتها في مجال الصواريخ العابرة للقارات ، فأصبحت قوة اقليمية لها وزنها الدولي ، وتمكنت من إيجاد ثقب كبير في جدار الحظر الغربي المتصهين على المعرفة العلمية المتقدمة ل”الامة والملة” في أطار” مشروعها الحضاري.. تعلم ” فن الحياة”، ورعاية العلم والعلماء المؤدي الى ولوج الدورة الحضارية الانسانية الثالثة ل”الامة والملة”.
واللافت للنظر ان الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما قد نصح مملكة” ال سعود “خلال زيارته الاخيرة الى الرياض في نهاية ولايته بان تتقاسم النفوذ في المنطقة مع إيران ، لكن اعمى البصيرة لدى حكام “نجد والحجاز” حال دون التقاط فكرة اوباما في تقاسم النفوذ في المنطقة ؛ في زعم انهم سيربحون معركة سورية والعراق عبر” الدواعش ” ، فالناصح الامين” اوباما ” كان على معرفة تامة الى اين تتجه الجمهورية الاسلامية الايرانية في قدرتها العلمية في امتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر مع الغرب المتصهين .
لم تحظ نصيحة اوباما لحكام مملكة ال سعود بتقاسم النفوذ مع إيران في الاقليم والمنطقة بالاهتمام من لدن مملكة ال سعود،
وكذلك لم يحظ موقف نتنياهو المعارض للاتفاق من ادارة اوباما التي ابرمت اتفاق العصر من اجل امن إسرائيل بالأساس باهتمام المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين والباحثين في المجالات الامنية والعسكرية ،وبالقدر الكافي من البحث والدراسة لرسالتها ودلالاتها على مستقبل العلاقات الدولية، .
ادارة اوباما اعتبرت الاتفاق جاء في الاساس لمصلحة إسرائيل ، حينما كشف اوباما نفسه عن انضمام “عضو إسرائيلي ” ضمن الوفد الامريكي المفاوض للاطلاع على سير المفاوضات اولا بأول، ولم ترض إسرائيل بالاتفاق النهائي وراحت تسعى لتقويضه من خلال اصدقائها في الكونغرس ، لكن دون جدوى ،حيث مضى الرئيس اوباما في توقيع الاتفاق ، ولم تفلح مساعي نتنياهو في تقويضه في عهد الرئيس السابق .
والمستغرب في هذه المسألة معارضة السعودية للاتفاق بحجج واهية ،وتفتقر الى البراهين ،هي ؛ ان ايران تهدد امنها بامتلاكها المشروع النووي السلمي ، والتحريض عليها في حين ان السعودية بارعة في دعم برامج ” اراب إي دل ” لبناء اجيال من القانيات بدلا من امتلاك” تقانيه الناتو، لأعداد القوة لإرهاب اعداء الله والانسانية .
يتبع 2/ 2 *صحافي ومحلل سياسي
التعليقات مغلقة.