ماذا يفعل حمزة بن لادن في سوريا / علي شهاب
الثلاثاء 17/10/2017 م …
الأردن العربي – كتب علي شهاب …
بحسب التقارير الإعلامية، فإن تنظيم “القاعدة” قرر الحضور بشكل مباشر في سوريا بعد سبع سنوات على بدء الحرب.
تتجاوز التغطية الخبرية للموضوع حقيقة أنّ التنظيم كان حاضرًا في سوريا منذ اليوم الأول بعد أن بنى في السنوات السابقة لاندلاع “الربيع السوري” بنية تحتية معتبرة سمحت له لاحقًا بالظهور تحت مسميات مختلفة أبرزها جبهة “النصرة”، وهي إن كانت تُحسب تنظيمًا منشقًا عن الجماعة الأم، إلا أنها نموذج فعلي لفكر”القاعدة” وعقيدتها.
لم يراعِ خطاب الظواهري ومن قبله حمزة بن لادن الواقع السوري المستجد لناحية “ملل” السوريين أنفسهم من الحرب
الإشارات والأحداث التي سبقت تسريب النبأ عن تشكيل “أنصار الفرقان في بلاد الشام” تنحو بالقضية منحى الحدث المنظم والمرتب في الشكل والمضمون، ما يدفع المتابع إلى طرح أسئلة بديهية حول مغزى الإعلان في هذه المرحلة.
قبل أن تتحدث الصحافة البريطانية عن ملاحقة قوات خاصة لحمزة بن لادن في سوريا، كان زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري يُدلي بدلوه في مستجدات الوضع السوري، خاصة لناحية ملف الاقتتال بين الفصائل والانشقاقات التي تشهدها “هيئة تحرير الشام”، غامزًا في الوقت نفسه من خشية “النصرة” من التصنيف ونفيها العلني لأي ارتباط مع “القاعدة”.
سبق كلمة الظواهري خروج زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي عن صمته برسالة صوتية تناول فيها واقع تنظيمه بعد الخسائر التي مُني بها في الموصل والرقة و استعرض فيها رؤيته للمرحلة المقبلة.
كلمة البغدادي وحدها كانت تستوجب موقفًا عمليًا من “القاعدة”، خاصة وأنّ التنظيم المنافس أطلق “غزوة” عشية رسالة البغدادي و سعى لتسجيل انتصارات عسكريةً وأمنية في سوريا وخارجها تكون رافعةً لمعنويات عناصره. ومن باب المنافسة، كان من الطبيعي أن يرسم الظواهري في رسالة مقابلة رؤية تنظيمه في الشام.
لكن موقفًا آخر لا يقلّ أهمية عن موقفي البغدادي والظواهري سبقهما من دون أن يحظى بالاهتمام الكافي. ففي التسجيل الصوتي الذي حمل عنوان “محنة الشام محنة الإسلام”، تناول بن لادن الابن الاقتتال بين الفصائل وانشقاق جماعات عن “هيئة تحرير الشام” وتحدث عن مساعٍ لحلّ الخلاف بين الجولاني وشرعيي الهيئة، داعيًا الجولاني إلى “الإصغاء” لمشايخ “لجهاد”.
لعلّ موقف بن لادن كان السبب في الأنباء التي تداولتها أوساط المسلحين في سوريا حول انضمام السعوديين عبد الله المحيسني ومصلح العلياني إلى تشكيل “القاعدة” الجديد، ما حدا بالإثنين إلى نفي هذه الأنباء والنأي بنفسيهما.
هذا السياق، الذي سبق الحديث عن تواجد حمزة بن لادن في سوريا وتشكيل القاعدة فرعًا جديدًا لها هناك، يبدو للوهلة الأولى تطورًا طبيعيًا لحالة الانقسام والتنافس بين التنظيمات “الجهادية”، لكن إشارات وملاحظات على الهامش توسع نطاق الاستنتاج :
أولًا، لم يراعِ خطاب الظواهري ومن قبله حمزة بن لادن الواقع السوري المستجد لناحية “ملل” السوريين أنفسهم من الحرب، وحالة فقدان الثقة بين المقاتلين السوريين والأجانب داخل الفصائل، بل أعادا طرح رؤية “القاعدة” ضمن شعاراتها التقليدية المعروفة المستندة إلى الدمج بين “المهاجرين والأنصار”، في خطوة لا يمكن ترقب حصول تغيّر نوعي منها بل هي تصبّ في سياق حشد ما تبقى من مقاتلين من ذوي الفكر القاعدي في سوريا قبل القضاء عليهم!
ثانيًا، لم يقدم الحديث عن تشكيل الفرع الجديد للقاعدة في سوريا أي تصور جديد يتجاوز الإشكاليات والأزمات التي عانت منها كل الجماعات السابقة التي تشكلت تحت مسميات مختلفة، بل اكتفى بيان الفصيل الجديد برفع شعارات عامة كانت محل انتقاد في أوساط المسلحين.
ثالثًا، نُشر بيان تشكيل فرع القاعدة الجديد بعد يومٍ من دخول الجيش التركي إلى ريف إدلب الشمالي، وسط خلافات واضحة بين الفصائل الموجودة حول كيفية التعامل مع الأتراك، و اعتبار الكثيرين أنّ الدخول التركي كان منسقًا مع الجولاني والنصرة.
رابعًا، لم يعلن بيان القاعدة المؤلف من 10 صفحات اسم الأمير الجديد للتشكيل في سوري، في خطوة مستغربة فسرها البعض بالخوف من استهداف قيادات القاعدة من قبل “داعش” أو من قبل معارضين، بالرغم من تقاطع أكثر من تقدير بأن بن لادن قد صار داخل الأراضي السورية، علمًا أن الأشهر الأخيرة حفلت بإغتيالات من هذا النوع.
خامسًا، من الملاحظ أن الخطاب العام للقاعدة أعاد التركيز على الأميركيين كعدو على الرغم من تعقد المشهد السوري ووجود أكثر من لاعب إقليمي ودولي مؤثر فيه، فضلًا عن التركيز على دور “الشرعيين” الأجانب في الساحة السورية بسبب قدرتهم على الاستقطاب.
مجموع هذه الملاحظات وغيرها يصبّ في سياق إعادة تشكيل العمل “الجهادي” في سوريا بعد انهيار تجربة “داعش” وفشل “النصرة” في كسب أو الحفاظ على حلفائها. وهو سياق يخدم بشكل غير مباشر الكلام الأميركي الدائم عن الحضور في سوريا لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
علي شهاب | بحسب التقارير الإعلامية، فإن تنظيم “القاعدة” قرر الحضور بشكل مباشر في سوريا بعد سبع سنوات على بدء الحرب.
تتجاوز التغطية الخبرية للموضوع حقيقة أنّ التنظيم كان حاضرًا في سوريا منذ اليوم الأول بعد أن بنى في السنوات السابقة لاندلاع “الربيع السوري” بنية تحتية معتبرة سمحت له لاحقًا بالظهور تحت مسميات مختلفة أبرزها جبهة “النصرة”، وهي إن كانت تُحسب تنظيمًا منشقًا عن الجماعة الأم، إلا أنها نموذج فعلي لفكر”القاعدة” وعقيدتها.
لم يراعِ خطاب الظواهري ومن قبله حمزة بن لادن الواقع السوري المستجد لناحية “ملل” السوريين أنفسهم من الحرب
الإشارات والأحداث التي سبقت تسريب النبأ عن تشكيل “أنصار الفرقان في بلاد الشام” تنحو بالقضية منحى الحدث المنظم والمرتب في الشكل والمضمون، ما يدفع المتابع إلى طرح أسئلة بديهية حول مغزى الإعلان في هذه المرحلة.
قبل أن تتحدث الصحافة البريطانية عن ملاحقة قوات خاصة لحمزة بن لادن في سوريا، كان زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري يُدلي بدلوه في مستجدات الوضع السوري، خاصة لناحية ملف الاقتتال بين الفصائل والانشقاقات التي تشهدها “هيئة تحرير الشام”، غامزًا في الوقت نفسه من خشية “النصرة” من التصنيف ونفيها العلني لأي ارتباط مع “القاعدة”.
سبق كلمة الظواهري خروج زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي عن صمته برسالة صوتية تناول فيها واقع تنظيمه بعد الخسائر التي مُني بها في الموصل والرقة و استعرض فيها رؤيته للمرحلة المقبلة.
كلمة البغدادي وحدها كانت تستوجب موقفًا عمليًا من “القاعدة”، خاصة وأنّ التنظيم المنافس أطلق “غزوة” عشية رسالة البغدادي و سعى لتسجيل انتصارات عسكريةً وأمنية في سوريا وخارجها تكون رافعةً لمعنويات عناصره. ومن باب المنافسة، كان من الطبيعي أن يرسم الظواهري في رسالة مقابلة رؤية تنظيمه في الشام.
لكن موقفًا آخر لا يقلّ أهمية عن موقفي البغدادي والظواهري سبقهما من دون أن يحظى بالاهتمام الكافي. ففي التسجيل الصوتي الذي حمل عنوان “محنة الشام محنة الإسلام”، تناول بن لادن الابن الاقتتال بين الفصائل وانشقاق جماعات عن “هيئة تحرير الشام” وتحدث عن مساعٍ لحلّ الخلاف بين الجولاني وشرعيي الهيئة، داعيًا الجولاني إلى “الإصغاء” لمشايخ “لجهاد”.
لعلّ موقف بن لادن كان السبب في الأنباء التي تداولتها أوساط المسلحين في سوريا حول انضمام السعوديين عبد الله المحيسني ومصلح العلياني إلى تشكيل “القاعدة” الجديد، ما حدا بالإثنين إلى نفي هذه الأنباء والنأي بنفسيهما.
هذا السياق، الذي سبق الحديث عن تواجد حمزة بن لادن في سوريا وتشكيل القاعدة فرعًا جديدًا لها هناك، يبدو للوهلة الأولى تطورًا طبيعيًا لحالة الانقسام والتنافس بين التنظيمات “الجهادية”، لكن إشارات وملاحظات على الهامش توسع نطاق الاستنتاج :
أولًا، لم يراعِ خطاب الظواهري ومن قبله حمزة بن لادن الواقع السوري المستجد لناحية “ملل” السوريين أنفسهم من الحرب، وحالة فقدان الثقة بين المقاتلين السوريين والأجانب داخل الفصائل، بل أعادا طرح رؤية “القاعدة” ضمن شعاراتها التقليدية المعروفة المستندة إلى الدمج بين “المهاجرين والأنصار”، في خطوة لا يمكن ترقب حصول تغيّر نوعي منها بل هي تصبّ في سياق حشد ما تبقى من مقاتلين من ذوي الفكر القاعدي في سوريا قبل القضاء عليهم!
ثانيًا، لم يقدم الحديث عن تشكيل الفرع الجديد للقاعدة في سوريا أي تصور جديد يتجاوز الإشكاليات والأزمات التي عانت منها كل الجماعات السابقة التي تشكلت تحت مسميات مختلفة، بل اكتفى بيان الفصيل الجديد برفع شعارات عامة كانت محل انتقاد في أوساط المسلحين.
ثالثًا، نُشر بيان تشكيل فرع القاعدة الجديد بعد يومٍ من دخول الجيش التركي إلى ريف إدلب الشمالي، وسط خلافات واضحة بين الفصائل الموجودة حول كيفية التعامل مع الأتراك، و اعتبار الكثيرين أنّ الدخول التركي كان منسقًا مع الجولاني والنصرة.
رابعًا، لم يعلن بيان القاعدة المؤلف من 10 صفحات اسم الأمير الجديد للتشكيل في سوري، في خطوة مستغربة فسرها البعض بالخوف من استهداف قيادات القاعدة من قبل “داعش” أو من قبل معارضين، بالرغم من تقاطع أكثر من تقدير بأن بن لادن قد صار داخل الأراضي السورية، علمًا أن الأشهر الأخيرة حفلت بإغتيالات من هذا النوع.
خامسًا، من الملاحظ أن الخطاب العام للقاعدة أعاد التركيز على الأميركيين كعدو على الرغم من تعقد المشهد السوري ووجود أكثر من لاعب إقليمي ودولي مؤثر فيه، فضلًا عن التركيز على دور “الشرعيين” الأجانب في الساحة السورية بسبب قدرتهم على الاستقطاب.
مجموع هذه الملاحظات وغيرها يصبّ في سياق إعادة تشكيل العمل “الجهادي” في سوريا بعد انهيار تجربة “داعش” وفشل “النصرة” في كسب أو الحفاظ على حلفائها. وهو سياق يخدم بشكل غير مباشر الكلام الأميركي الدائم عن الحضور في سوريا لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
التعليقات مغلقة.