كل اللّغاتِ على مَصارِعِنا التَقت ( شعر ) / صالح أحمد كناعنه

صالح أحمد كناعنه ( فلسطين ) الأربعاء 18/10/2017 م …

*********




عَطَشُ الجُنونِ إلى الجُنونِ حِكايَتي = واللّيلُ يغرَقُ والسّوادُ جَديلَتي

لا يَضحَكُ الأفقُ الذي فينا انتهى = لا يهتَدي الشّجَنُ الشّرودُ لوُجهَتي

عِشقي التِحاقُ الوَهمِ بالوَهمِ الذي = عَرّى الجِهاتِ، نَبا، وغرَّبَ قِبلَتي

لاذَت ليالي الطُّهرِ من فَزَعٍ إلى = فَزَعي، يُراوِدُني السُّدى عن حِكمَتي

ناحَت عيونٌ كانَ يعشَقُها الصَّبا = هل لي بروحٍ تَستَجيبُ لدَمعَتي؟

إنّي أذوبُ هُناكَ في وَجَعِ النّوى = من لي بِدَربٍ لا يُضَيِّعُ بَصمَتي

ليتَ المَزاميرَ التي احتَفَلَت بنا = سَكَبَت رُؤاها في سُكونِ حِجارَتي

كلُّ اللُّغاتِ على مَصارِعِنا التَقَت = رَجَمَت فَواصِلُها ملامِحَ يَقضَتي

دَمُنا بكُلِّ خرائِطِ الأرضِ انتَفى = تيهي جراحَ الأرضِ صرتِ شَبيهَتي

دربَ البِدايَةِ من جِراحي أنبَتَت = عينُ الشُّروقِ لدى مَراقي غايَتي

كم عِشتُ نِدَّ النّورِ في صَدرِ الفَضا = أرعى الوفاءَ على حدودِ وِصايَتي

إنّي التِحامُ الفجرِ في شَمسِ الصَّفا = شَوقي الفِدا والتَّضحِياتُ إرادَتي

زَحفي امتِثالُ الرّوحِ آياتِ النّهى = رَسَمَت تَضاريسَ الطَّهارَةِ نَهضَتي

أمَنَحتُ قلبَ البيدِ صَرخَةَ مَولِدي = لتَظَلَّ قابِعَةً بِظِلِّ خُرافَةِ

قلبانِ في جَسَدِ الغَرابَةِ ينبِضانِ شَهادَتانِ على هَباءِ الخُطوَةِ

لا البيدُ تَحفَظُ بصمَتي كُثبانُها = وحنينُ قلبي ملَّ فيها غُربَتي

ليلٌ على صَمتِ المَواجِعِ زَحفُها = يأبى صَداها أن يُضارِعَ زَحفَتي

فزَرَعتُ في قَلبِ البِحارِ سَفينَتي = فتمَخَّضَت، وتَوَلَّدت أسطورَتي

أنا شارِعٌ لا يَستَقيمُ لعاثِرٍ = ولَدَتهُ ريحٌ في مَخاضِ الهِجرَةِ

أنا بيدَرُ الفَصلِ الذي سيُعيدُني = روحًا ستَجتاحُ المَواسِمَ غَلَّتي

واصِل شُرودَكَ يا غُبارَ العُذرِ ضَلَّ السَّعيُ لم يألَفهُ موجُ هِدايَتي

سَهلٌ صَفيرُ الرّيحِ في جَسَدٍ قَضى = صَحراءُ ذودي الرّيحَ دونَ مَرارَتي

هانَت صَواهِلُكم على نَزفِ السّدى = وهَوى الشُّروقُ يُحِلُّكُم مِن بَيعَتي

البيتُ يجهَلُكُم وكلُّ البيدِ تُنكِرُ أنّكم أهلُ الرّجا والنّجدَةِ

بَطَرٌ مَعيشَتُكُم، نزوعٌ للخَنا = قادَ الفراغُ جميعَكُم للغَفلَةِ

فذَهَلتمو لاهينَ عَن هَولٍ مضى = يَجتَثُّ شِريانَ الحَياةِ لِأُمّتي

كَيدُ الأعادي يستَبِدُّ بِشَرقِنا = وخُنوعُكُم يزدادُ، رَغمَ الفِتنَةِ

أعدَدتُمو لهوًا وبَذخًا صارِخًا = أغفَلتمو وَهنًا شؤونَ القُوَّةِ

ظَنًّا بأنَّ المالَ سُلطانَ الدّنى = قَدّستُمو الدّولارَ فوقَ الخِبرَةِ

أجَهِلتُمو ما نالَ أندَلُسًا هَوى = لما ارتَضى عيشًا بظِلِّ الفُرقَةِ

ظَنًّا بأنَّ المُلكَ يَعصِمُ أهلَهُ = هانوا، أضاعوا مُلكَهُم وحَضارَتي

ياللجَهالَةِ هل سيَصمُدُ مالُكُم = عمرانُكُم في وَجهِ عاتي الهَجمَةِ

أم هل تَظنّونَ العَدُوَّ يرى بكُم = وَلَقد أعَدَّ لكُم شديدَ القَبضَةِ

إلا شُعوبًا يَستبيحُ بلادَها = حتى إذا هانَت فخيرُ فَريسَةِ

فلتَسألوا التّاريخَ يُنبيكُم بما = حَمَلَ الشُّعوبَ إلى سنامِ القِمَّةِ

ما عَزَّ شَعبٌ بالقُصورِ ولا بما = كَنَزَ الطُّغاةُ، وإنَّما بالفِطنَةِ

لوذوا بأبراجٍ وأموالٍ لكُم = لوذوا بظِلٍّ قَبيلَةٍ أو عُصبَةِ

أنا لن ألوذَ سوى بشِرعَةِ خالِقي = وسطوعِ تجرِبَتي بأفقِ العِزّةِ

أنا لن أسَلِّمَ للأعادي ما عَتَوا = وجَعَلتُ حِصني للخُطوبِ إرادَتي

سأواجِهُ الدُّنيا بما مَلَكَت يَدي = وأعيشُ مُعتَصِمًا بروحِ كَرامَتي

لا يَملِكُ العادي لنا إلا أذى = بالصَّبرِ نسمو في مَراقي الغايَةِ

نُؤذى ويألَمُ خصمُنا وعَدُوُّنا = والله يُؤتي نَصرَهُ للثّابِتِ

نُؤذى فلا نُعطي الدّنِيَّةَ إنّما = سَنَظَّلُّ نَذخَرُ صَبرَنا للوَثبَةِ

روحوا لأبراجٍ بَنَيتُم وانعَموا = يا مَن أطَعتُم رومَكُم بِجَهالَةِ

بغدادُ تُنبيكُم بما فَعَلت يدٌ = للغَربِ ناصَرَها المَجوسُ بِخِسَّةِ

والشّامُ تهديكُم بواطِنَ كَيدِهم = حِلفِ المَسونِ مع المجوسِ لفِتنَتي

رومٌ وفُرسٌ يجمَعونَ لحَربِكُم = ثأرًا لما نالوا ببأسِ صَحابَةِ

يا سادِرين كفى هَوانًا وانفِضوا = عَنكُم غُبارَ الجَهلِ لونَ الذِّلّةِ

هاهُم أعدّوا فاستَعدّوا مثلهم = عِلمًا بأنَّ الوَعيَ خيرُ العُدَّةِ

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.