لماذا صمد الأسد ؟…سؤال محرج فعلا / أحمد الحباسى

 

أحمد الحباسى ( الأحد ) 22/3/2015 م …

منذ فترة بث التلفزيون السوري برنامجا وثائقيا مهما حول التاريخ السري للحرب على سوريا ، في التفاصيل أن الحرب على سوريا قد بدأت منذ عام 2001 ، أن حلف المؤامرة المتكون من ائتلاف “أصدقاء سوريا ” قد سخر كل الجماعات الإرهابية التكفيرية للقيام بهذه الحرب في حين تكفلت قطر و المملكة السعودية بمهمة التمويل و التحريض الإعلامي على سوريا بالتزامن مع تكفل المخابرات التركية و الصهيونية بمهمة نقل هذه “القوات ” الإرهابية من جحورها و مكامنها في بعض الدول المغاربية ،الأوروبية و الأسيوية ، المثير في التحقيق أن الإدارة الأمريكية قد قامت بداية من عام 2014 بمراجعة كل خططها حول سوريا بما فيها حل حركة حزم التي أنشأتها المخابرات الأمريكية و دربت عناصرها المخابرات القطرية و التركية ، حتى تتولى تكوين قوة ما يسمى “بالثوار المعتدلين ” و هو عبارة عن لفيف من الجماعات الإرهابية و من بعض المرتزقة و الفارين من الجيش السوري منذ بداية الحراك في سوريا .

المهم في التحقيق أنه نقل على لسان أكثر من طرف متابع للشأن السوري كل تفاصيل الحرب الإرهابية الدموية التي نفذتها الجماعات الإرهابية السعودية بقيادة الأمير بندر بن سلطان رئيس مخابرات الملك السعودي الراحل عبد الله ابن عبد العزيز خدمة للأغراض الصهيونية بإسقاط الرئيس الأسد ، و حين تدخل الأزمة السورية اليوم العام الخامس يتساءل الملاحظون كيف صمد الرئيس الأسد و كيف خسر تحالف الشياطين الإرهابية هذه الحرب رغم الفارق الشاسع بين الإمكانيات المتاحة للطرفين المتصارعين ، سؤال مهم ، لان سوريا دولة لها دور و تأثير على مصالح العالم في المنطقة ، و لان ما يحدث في سوريا قد تم وفق إستراتيجية صهيونية واضحة و بالتالي فان خروجها من هذه الأزمة يعد انتصارا استراتيجيا بكل المقاييس .

 

على سبيل المثال سخرت الصهيونية العالمية منظومتها الإعلامية المتطورة بما فيها بعض المحطات العربية و بعض الصحف مثل جريــدة ” الشرق الأوسط ” التي يشرف على خط تحريرها جهاز المخابرات السعودي الموالى للموساد و المخابرات المركزية الأمريكية في مقابل منظومة إعلامية سورية بيروقراطية غائبة عن الوعي لكن المفاجأة أن هذه المنظومة الهشة هي التي تمكنت من إحداث المفاجأة الصادمة بنقلها للحدث السوري بكل تضاريسه المخيفة دون تحريف أو تخريف مما دفع المخابرات القطرية السعودية إلى ” حجز ” و منع ذبذبات الاتصال السورية بقرار ذليل من بعض الدول النافذة في الجامعة الدول العربية المسخرة لخدمة الصهيونية ، على سبيل المثال أيضا سخرت الصهيونية العالمية جهازها الدبلوماسي الكاسح الخبير بكل الضغوط و الممارسات الدنيئة لفرض هذه الحرب و إعطاء الانطباع للعالم بأنها حرب بين نظام مستبد وشعب راغب في التغيير ، لكن الدبلوماسية السورية استطاعت رغم قلة الأصدقاء الحقيقيين أن تفرض لصالحها مواجهة إعلامية ناجحة في مجلس الأمن بين السيد بشار الجعفري و خصومها كشف فيه عورات هذا النظام العالمي الجديد و بين للعالم المتابع حقيقة الجماعات التكفيرية التي تديرها السعودية و قطر لإسقاط نظام مؤسس لمنظومة الأمم المتحدة .

لقد لعبت المؤامرة على تفخيخ العلاقة بين الكيانات الدينية في سوريا ، و لعبت على التأثير على ضعاف النفوس في كل المجالات للتخلي عن النظام ، و حاولت فرض ضغوط على إيران و حزب الله للابتعاد عن نظام بات قريبا من الانهيار ، و سوقت منظومة الإعلام إلى وجود مفاوضات على قبول الرئيس بالهروب الآمن ، و فرضت حصارا اقتصاديا و سياسيا و دبلوماسيا يوميا ، و قامت عدة مخابرات إقليمية بأدوار عسكرية لفرض منطقة عازلة على الحدود مع تركيا أو الأردن ، و تم تنفيذ ضربات جراحية داخل الأراضي السورية من طرف العدو الصهيوني بالتزامن مع توجيه رسائل عدة للنظام حتى يعلن الاستقالة من دوره القومي في مواجهة إسرائيل و عملاءها العرب في المنطقة ، و في نهاية الأمر تم تكليف العميل الأخضر الإبراهيمي بإعداد مشروع الاعتراف بالهزيمة في ما سمى بمؤتمر جينيف 1 و 2 يتم بمقتضاه تسليم السلطة من الرئيس الأسد لهذا الائتلاف السوري المزيف و العميل .

 

تدخل المؤامرة اليوم سنتها الخامسة و الرئيس الأسد في السلطة بقوة الشرعية الانتخابية ، أصبح العالم يتحدث اليوم عن وجود إرهاب حقيقي في سوريا تنفذه الجماعات السعودية بتمويل خليجي بحت ، و بعد أن فرضت الضغوط الدولية في بداية الأزمة مساندة ما لا يقل عن 150 دولة لما سمى بالمعارضة السورية ، إضافة إلى دعم إعلامي و لوجستى و سياسي كبير ، بات الائتلاف المتكون من عملاء للمخابرات الصهيونية في عهدة التاريخ ، في حين تغيرت أولويات الإدارة الصهيونية الأمريكية وبات الرئيس أوباما يفكر أنه يجب التعامل مع الرئيس السوري كواقع فرضه الصمود السوري الذي شكل مفاجأة لكل المحللين في العالم بما فيهم “أصدقاءنا” في محطة الجزيرة التي سقطت نسبة مشاهدتها بشكل غير مسبوق في العالم ، تغيرت كثير من الأشياء و تغير التكتيك السياسي الأمريكي و لم يعد هناك حديث عن المعارضة السورية و لا عن رحيل النظام و لا عن مؤتمر جينيف بمواصفات صهيونية.

هذا التحول على لسان جون كيرى ، نواب البرلمان الفرنسي ، وزير خارجية ألمانيا ، ليس حدثا معزولا عن الواقع و السياق ، و هو أحد ثمار الصمود السوري الذي شكلت المرأة السورية قوامه و سنده ، و نتاج تشابك الأهداف بين ثالوث المقاومة لمواجهة الغزو الصهيوني الخليجي لهذا الحلف كمفهوم و كواقع على الأرض ، و لعله من أول نتائج سقوط مفهوم القطب الواحد و رجوع روسيا إلى واجهة الأحداث في أكثر منطقة مهمة و حيوية في العالم ، أيضا “سقطت ” الكذبة السعودية القطرية بكونهما يساندان مشروعا حضاريا ديمقراطيا في سوريا لصالح الشعب السوري ، أيضا فشلت منظومة الإعلام الصهيونية في إقناع الرأي العام “بالديمقراطية” الأمريكية ( لنتذكر ما حصل في العراق ) ، بالنتيجة ، صمد الأسد و ردت المقاومة في شبعا و تعاظمت القوة الإيرانية،بالنتيجة حصد ” أصدقاء سوريا ” خيبة مرة ، بالنتيجة تحتاج إسرائيل إلى تقرير “فينوغراد ” جديد لتفهم ما حدث و تكتشف حجم خسارتها.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.