مقال هام جدا عن اليمن … إعلان التعبئة العامة في اليمن : هل يتدخل درع الجزيرة؟ / ضياء أبو طعام

 

ضياء أبو طعام ( الثلاثاء ) 24/3/2015 م …

*  اليمن إلى مواجهة مفتوحة بعد تفجيرات صنعاء وصعدة.. وتعز أولى أحجار الدومينو

تدحرجت سريعاً كرة الأزمة الأمنية في اليمن. فالدماء التي هدرها لهب المجموعات التكفيرية داخل مساجد صنعاء وصعدة أذابت كل الخطوط الحمر التي كانت مبادرات الحوار تضمن عدم الانزلاق إلى ما بعدها.

دون أي عنف انتشر الجيش اليمني ومعه اللجان الشعبية الثورية في تعز، ثاني أكبر المحافظات اليمنية، وهي المحافظة التي تشرف مباشرة على مضيق باب المندب، وتشكل المدخل الضروري نحو معركة الحسم الكبرى في لحج، والتي يعني دخولها الإطباق مباشرة على عدن، المدينة التي فرّ إليها الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي بعد سيطرة اللجان الشعبية على مقرّه الرئاسي في صنعاء قبل نحو شهرين.

في المبدأ، كان بديهياً أن تتجه الأنظار بعد مفاجأة تعز إلى محافظة مأرب في الشطر الشمالي من البلاد، والتي أعلنت رفضها للإعلان الدستوي قبل أن تشكل ملاذاً للمسلحين التكفيريين المنهزمين من محافظة البيضاء المجاورة بعد ضربات الجيش واللجان الشعبية. لكن المفاجأة الثانية تمثلّت في أن مأرب لم تتحرك فيها سوى بعض جيوب صغيرة للمسلحين التكفيريين، تجري مواجهتها من قبل الجيش بغطاء قبلي لطالما حاولت دول خليجية تحويله إلى ضباب مذهبي يحجب حقيقة الحراك الثوري في الشطر الشمالي من اليمن.

سيناريو معركة الجنوب: كفي كماشة على لحج، ودور لقبائل الجنوب

يؤكد مصدر أمني يمني لموقع “العهد الاخباري” أن إعلان التعبئة العامة من قبل اللجنة الأمنية العليا سيؤمن أرجحية عددية غير مسبوقة للجان الشعبية الثورية، فعشرات آلاف المقاتلين سيكونون بأتم الجهوزية الحربية والمعنوية للانتشار في جميع المحافظات الشمالية وخصوصاً في مأرب والبيضاء وإب لحماية ظهر الآلاف من رفاقهم الذين سيفرضون طوقاً على محافظة لحج بعد إتمام السيطرة على الضالع والتي بدأت الاشتباكات تصل إلى وسطها منذ مساء السبت الفائت.

المصدر الأمني يكشف أن دخول تعز والسيطرة على مطارها أنهى بساعات قليلة تحضير الجبهة الخلفية للمعركة المتوقعة، وذلك أن لتعز ميزات كثيرة، لعل أبرزها يتلخص في ثلاثة بنود:

    الميزة الأولى تتمثل في التماس الجغرافي الطويل مع لحج، وهي وإن كانت ميزة للطرفين، إلا أن اختلاط جنسيات المسلحين التكفيريين في لحج – حيث يشكل غير اليمنيين أكثر من النصف – يعطي اللجان الشعبية أرجحية في الحركة داخل التضاريس الجبلية الوعرة في المنطقة.

    الميزة الثانية تتمثل في التضاريس نفسها، إذ أن الاستيلاء على تعز تمهد للسيطرة على منطقة جبل صابر التي ترتفع 3070 متراً عن سطح البحر، وبالتالي تعطي اليد الطولى للقوات المهاجمة في السيطرة بالنار على الأهداف الراجلة والمتحركة باتجاه تعز.

    الميزة الثالثة، وربما الأهم، فهي الموقع الساحلي لتعز على مضيق باب المندب، وهو ساحل مترامٍ لا يبعد كثيراً عن ساحل عدن، وهي فرصة الزوارق المطاطية والمراكب السريعة للانتشار على ساحل لحج تمهيداً للوصول إلى عدن.

المعارك في اليمن

هذه الميزات طبعاً لا تأخذ بعين الاعتبار الدور الذي من المتوقع أن تلعبه القبائل الجنوبية في كل من لحج وعدن. فحسابات القبائل تختلف عن حسابات السياسيين على الرغم من أن تأثير القبائل سياسياً في الجنوب ليس قوياً كتأثير قبائل الشمال. لكن أبناء المحافظتين شهدوا خلال الساعات الثمانية والأربعين الفائتة حدثين لافتين قد يغيِّران المزاج العام برمته: الأول إعدام نحو 45 ضابطاً وجندياً من الجيش اليمني على يد مسلحي تنظيم القاعدة، وهو حدث الإعدام الأول من نوعه، إذ أن غالبية قتلى الجيش السابقين كانوا يسقطون في عمليات اغتيال وليس بأسلوب الإعدام، ما أثار حفيظة ومخاوف الجنوبيين ووجهاء القبائل من سيناريوهات شبيهة بما تفعله داعش في العراق وسوريا وليبيا.

أما الحدث الثاني، فهو حال الفوضى التي ضربت مدينة عدن لساعات يوم الأحد، والتي اجتاح فيها مسلحون من الميليشيات التي شكلها الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي أسواق عدن ونهبوا بعض محالها ومؤسساتها التجارية قبل تدخلات سياسية أفضت إلى انكفاء المسلحين عن أرزاق العدنيين. هذه الحادثة إذا ما أُضيفت إليها الأنباء عن مغادرة عبد ربه منصور هادي قصره الرئاسي إلى جهة مجهولة، فإن سكان عدن الذين لم يرحبوا أصلاً بوجود هادي والسفراء الأجانب بينهم، بدأوا يشعرون بأي كابوس حلّ عليهم بفعل تدويل محافظتهم التي لم تعرف من الغرب إلا الغارات الأميركية بطائرات من دون طيار على امتداد السنوات الخمس الماضية.

سيناريوهات ما بعد اندلاع المعركة: هل تأتي قوات دولية أم يتدخل درع الجزيرة؟

بالمختصر، لا هذا ولا ذاك. فحسب مصدر مقرّب من المبعوث الدولي جمال بن عمر لا إمكانية في المدى المنظور لاتخاذ قرار بالإجماع تحت الفصل السابع حيال ما يجري في اليمن، بل أن القوى الدولية الكبرى مجمعة على اعتبار أن المواجهة المباشرة مع حركة أنصار الله في ظل الظروف الراهنة لا يعدو كونه مجرّد لعبة قمار على طاولة باب المندب، ناهيك عن أن واشنطن ما زالت تؤكد أن التهديد الحقَّ على أمنها يأتي من تنظيم القاعدة في اليمن بشكل أساس، وخصومتها مع “أنصار الله” لا يمكن أن تمتد إلى ما خلف البحار على الرغم الحساب الذي أصبح للحوثيين في ذمة التدخل الأميركي في اليمن.

حتى أن إدارة باراك أوباما التي قد يأتيها تمويل خليجي لغزو اليمن، فإنها حتى الساعة عالقة في قفص المساءلة أمام الكونغرس عن مصير نصف مليار دولار من المساعدات العسكرية لليمن خلال العامين الماضيين، ويبدو أن تطمينات البنتاغون لن تؤتي نفعاً مع بدء الكونغرس تحقيقات في تقارير مكتب المحاسبة الحكومي التي كشفت أن برنامج مكافحة الارهاب في اليمن يفتقر إلى الرقابة، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في الثامن عشر من الشهر الجاري، والذي كشف أن وكالة الاستخبارات الأميركية قدّمت برامج سريّة غير معروفة الحجم منذ العام 2012، ما يضع إدارة أوباما في ورطة أمام الكونغرس وحرج أمام الناخب الأميركي الذي ينوء تحت أعباء ضريبية تجعله لا يسامح على أية “حماقة” في تضييع الأموال.

إذاً، لا خيار أمام مجلس التعاون الخليجي إلا اتخاذ القرار بإرسال درع الجزيرة إلى اليمن لمواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية بحال وجد أن دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي يستأهل ذلك!!

المصدر المقرّب من بن عمر لا يستبعد استعداد دول الخليج لتحريك درع الجزيرة، لكن ذلك لن يحصل إلا في حالة واحدة: أن ترتكب “أنصار الله” ما من شأنه أن يضع حكام الخليج أمام خيار الحياة أو الموت، وهذا أمر مستبعد وفق المصدر. وأيضاً، أن تشارك الدول الغربية في تغطية قرار كهذا، وهذا لن يحصل إلا إذا توفرت أسباب أخرى…إذاً فحركة درع الجزيرة مقيدة بأقفال تعقيدات ليس من السهل فتحها.

بالخلاصة، تسير الأمور منطقياً نحو معركة واقعة لا محالة في الجنوب، وتكفي معاينة مسار معارك الحوثيين منذ عمران في تموز/يوليو الفائت للتوقع بحتمية انتصار “أنصار الله” وحلفائها، وعلى الأرجح، فإن سيناريو تعز سيتكرر كثيراً وليس دائماً، فهناك حتماً من لم يتعرف بعد على “الجنبية” الحوثية حين يتم العبث … مع دماء الأبرياء.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.