فلسطين لم تمت فلا تجهزوا لها الكفن

تهديد ووعيد ، صراخ وزمجرة ، شراء وبيع ، تخاذل وتنازل ، ونكبة ونكسة ، نكبات وهزائم ، مؤامرات ومفاوضات ودفع بالدولارات ، رواتب وامتيازات ، زعامات وعصابات … فمنذ عام 1917 والحال مستمر على هذا النحو,, كيان وليد مسرطن وابن كنعان تائه في اصقاع الأرض يبحث عن أرضه هويته ، يعيش في غربة ولو كان على تبقى من وطنه ، يسعى للعودة الحتمية ولو حتى بتنفيذ قرارات أممية تناست كونه صاحب حق وصاغت له قرارت لا تخلو من الشفقة وأنشأت له وكالة متخصصة للإغاثة تجاوز عمرها الستة وستين عاماً .. سمعنا من رئيس سلطة اوسلو التهديد تلو التهديد حول توجهه اللجوء لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال خلال مدة زمنية محددة وانتزاع اعتراف بدويلة برئاسته على جزء من فلسطين وعاصمتها القدس ، صدقنا ذلك التهديد الذي برز بعد أن ظهرت الحقيقة الناصعة والتي قضت بفشل كل سيناريوهات مفاوضات استمرت لأكثر من عشرين عاماً ، ومع اني كنت اتوقع منه بأن يقوم بخطوة تحت يده وبإرادته وذلك بأن يعلن حل السلطة وتسليم ” المفاتيح للحاكم العسكري الصهيوني ” بدلا من استمراره القيام بدور الشرطي بالوكالة ، ولكن ، ما الذي حصل ، خابت التوقعات والسلطة باقية ما بقي التنسيق الامني ” حفظته منظومة السلطة وأطالت عمره ” وإذ بالسلطة تخرج علينا بمشروع تم تقديمه لمجلس الأمن لا يختلف كثيراً عن ما تطمح له دولة العصابات ، من خلال التشابه الكبير بين مقترح السلطة والمقترح الفرنسي ،فقد جاء المشروع المقدم منسجماً إلى حد كبير مع الطروحات الغربية القاهرة لإرادة الشعوب الحرة  وهي طروحات تنسجم تماماً مع ما كان الكيان الصهيوني يرنو إليه …

فبعد الإشارة للقرارت الأممية وهي كثيرة وإن كانت لا تلبي طموح شعب يسعى للحرية ، وإذ بالمشروع المقترح يتضمن في مواده الأساسية أموراً وقضايا ما كنت أتوقع بأن هناك من يقبلها من القيادة الفلسطينية ، فالمقترح يحوي الكثير من التراجع والتنازل المعيب علاوة على تنكره لحق شعب بالوجود والعيش بحرية على تراب وطنه وذلك من خلال ما احتواه من تنازل عن أرض نعشقها ونقدسها ومن خلال نصه على إلغاء كافة مطالبات الشعب بحقوقه بما فيها حق العودة ، ولعل النقاط التالية توضح قليلاً من الأمر :

    ينص المقترح على الحاجة الملحة لتحقيق حل سلمي عادل وشامل ودائم في موعد لا يتجاوز 12 شهراً بعد- الموافقة على مشروع – ليضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي القائم منذ عام 1967 ويحقق رؤية الدولتين المستقلتين ، دولة إسرائيلية، ودولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافيا وقابلة للحياة ، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها دولياً وبشكل متبادل ، على أن يكون  الحل عن طريق التفاوض وعلى أساس الحدود التي تستند إلى خطوط 4 يونيو/حزيران 1967 مع تبادل متفق عليه، ومحدود، ومتساوٍ للأراضي ، وهو بهذا لا ينص صراحة على الإنسحاب لحدود 4 يونيو / حزيران 1967 فكلمة تستند تفتح الباب على مصراعيه للتفاوض وقبول التنازلات بما في ذلك تبادل الأراضي ، وهو بذلك يتدنى إلى مستوى أقل كثيراً من أي شعار تم طرحه وتنبنيه سابقا بما في ذلك ما يسمى بمبادرة السلام العربية التي أكدت على ضرورة الإنسحاب لحدود 4 يونيو / حزيران 1967 ، كما ويفتح هذا المشروع الباب لقيام الكيان الصهيوني بتحقيق مطالبه استراتيجياته وطرد من بقي من الفلسطينيين على أراضيهم منذ عام 1948 من خلال مبدأ تبادل الأراضي المرفوض قطعاً.
    يؤكد على أهمية الترتيبات الأمنية، بما في ذلك من خلال وجود طرف ثالث وضمان واحترام سيادة دولة فلسطين الوليدة ، بما في ذلك الانسحاب الكامل والتدريجي لقوات الأمن الإسرائيلية والتي سوف تنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 خلال فترة انتقالية متفق عليها ضمن إطار زمني معقول ، لا يتجاوز نهاية عام 2017 ، وبما يضمن أمن كل من إسرائيل وفلسطين عن طريق منع ظهور الإرهاب والتصدي بفعالية للتهديدات الأمنية.
    حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس مبادرة السلام العربية، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ، فما هو الحل العادل الذي سيتم الاتفاق عليه ، إن حق العودة والتعويض حق كفلته كل المواثيق الدولية فلكل لاجئ الحق في العودة بالإضافة إلى التعويض فهما حقان متلازمان وواجبا التحقيق ، ولا يلغي أي منهما الآخر ، أما أن يترك الموضوع لحل يتفق عليه أي بما يعني إلغاء هذا الحق من قبل من لا يملكه فالمنطق يقضي بأن هذا الحق هو حق شخصي لا يسقط بالوكالة او بالادعاء بالوكالة او بالتفويض .
    القدس عاصمة مشتركة للدولتين فعن أي قدس يشير ذلك المشروع ، هل يعني القدس بشقيها الشرقي والغربي ، أم ان القدس هنا هي القدس الشرقية التي تحوي الاماكن المقدسة ، فالمشروع هنا يغطي الصهاينة الحق في قدسنا وهو أمر اقل ما يقال عنه بانه شيء مفجع.
    بموجب اتفاق الوضع النهائي يجب وضع حد للاحتلال ووضع حد لكافة المطالبات وبما يؤدي إلى الاعتراف المتبادل فوراً وهنا أقول من هو الطرف الذي يحتاج للاعتراف ، فقد سبق للسلطة التي قدمت المشروع ان اعترفت بدولة الكيان فهل بادلها بذلك أم تم تحويل منظمة التحرير الفلسطينية من منظمة تهدف التحرير إلى منظمة تعمل شرطياً على شعب ادعت تمثيله ، من خلال قيامها بتطبيق التنسيق الأمني مقابل بضعة دولارات ، علاوة على أن مثل هذا المشروع يلغي أي مطالبة بحق العودة أو بالحق التاريخي لشعب فلسطين بتراب وطنهم .
    يشجع الجهود المتزامنة لتحقيق السلام الشامل في المنطقة، الأمر الذي يفتح الإمكانات الكاملة لعلاقات حسن الجوار في الشرق الأوسط ويؤكد في هذا الصدد على أهمية التنفيذ الكامل لمبادرة السلام العربي إلا النص المتعلق بالانسحاب لحدو الرابع من حزيران يونيو 1967.
    يدعو الطرفين إلى الامتناع عن اتخاذ أية إجراءات غير قانونية أحادية الجانب، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية، التي يمكن أن تقوض قابلية حل الدولتين على أساس المعايير المحددة في هذا القرار ، فعن اي استيطان يتحدثون ، وهل هو ذلك الاستيطان الذي تم قبل طرح المشروع أم ان هناك استيطاناً آخر ينتظرونه بعد اقرار المشروع .

وهنا أقول جازماً بأن هذا المشروع يتضمن السيناريو الأسوأ منذ بداية القضية الفلسطينية واغتصاب فلسطين ، فهو مشروع يعطي الجانب الصهيوني كل ما يريد وبالمقابل لا يعطي الفلسطينيين أي شيء إلا التنازل عن الحقوق ، ولعل الهدف هنا يتمحور حول استمرار لعبة المفاوضات واستمرار سلطة اوسلو، فإن كانت المشاورات قد حدثت بين الدول العربية فلماذا لم يتم تقديم المبادرة العربية للسلام كمشروع بديل أم أن المطلوب يجب أن يتضمن تنازلات أكبر مما تضمنته المبادرة وعلى أن تكون تلك التنازلات ممن يدعون تمثيلهم للشعب الفلسطيني ، واقول مستذكراً بأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني عندما كانت ترفع راية وشعار تحرير فلسطين ، كل فلسطين وبما يكفل حق العودة ، كما نص عليه الميثاق الوطني الفلسطيني قبل إن يُلغى من قبل الزاحفين نحو أوسلو، واستغرب هنا موقف تنظيمات تبجحت برفضها للمشروع وارتضت بالبقاء ضمن منظومة منظمة تتبنى مثل هذا المشروع مقابل رواتب وامتيازات وحفنة من الدولارات …. وختاماً أقول لسلطة اوسلو التي اقترحت المشروع “” فلسطين ما زالت حية طالما هناك قلب شخص فلسطيني ينبض .. فلا تشتروا بدولاراتهم الكفن “””.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.