“الرئيس” هنية يحقق “إختراقا” سياسيا مع الأردن! / حسن عصفور




"الرئيس" هنية يحقق "إختراقا" سياسيا مع الأردن!

حسن عصفور* ( فلسطين ) الخميس 26/10/2017 م …

*وزير فلسطيني أسبق …

منذ توقيع اتفاق التصالح بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، يوم 12 أكتوبر 2017، أظهرت “القيادة الحمساوية الجديدة” شكلا ديناميكا في حركة التواصل مع “الغير السياسي”، دولا وأطرافا وقوى، عربية، دولية وفلسطينية، إستخدمت بها “مهارات التواصل” بكل مظاهرها، وكان قائد الحركة اسماعيل هنية، الأبرز في كسر “جدر” العلاقة الرسمية العربية والدولية، ليمارس دورا “رئاسيا” في شرح تطورات المشهد الفلسطيني وتفاصيل حوارات القاهرة، بما فيها “الاتفاق التصالحي”..

ورغم قيمة كل ما حدث من “حركة تواصل” بين “نيو حماس”، والأطراف الأخرى، جاءت مبادرة الأردن باستقبال  “هاتف سياسي” من رئيس الحركة اسماعيل هنية، ليلقي ضوءا مميزا لما يتم من”حراك غير هادئ” في ترتيبات القادم السياسي..

المكالمة الهاتفية تمثل “حدثا سياسيا” بالمعنى الشامل للتعبير، من حيث المضمون والتوقيت، فقد جاءت بعد زيارة قام بها الرئيس محمود عباس الى عمان، والتقى الملك عبدالله، في زيارة رسمية وليس مرورا عابرا، كما يحدث في مختلف سفراته الخارجية، ما يفتح الباب لكل “التكهنات السياسية” أو “النميمة السياسية” المنتشرة منذ فترة عن إستياء الأردن الرسمي من سلوك الرئيس عباس في أكثر من واقعة سياسية، وليس الأردن، بما له من ثقل واثر مميز في المسألة الفلسطينية، من ينتظر أسابيع كي يستمع من رئيس السلطة وحركة فتح، ما حدث في القاهرة، وأن تبادر مصر بشخص رئيسها السيسي في وضع الملك عبد الله، وإن تأخر الاتصال، في صورة الاتفاق، وهو الاتصال الرسمي الوحيد للرئيس المصري مع اي طرف عربي، ما يكشف عن “عتب وغضب” أردني مما كان..

وبالتأكيد، أن يستقبل الملك عبدالله، محادثة هاتفية من رئيس حماس، بعد قطعية سياسية منذ العام 1999،عدا زيارات إجتماعية لقيادات حمساوية، ولقاء عابر بين الملك وخالد مشعل، يمثل “إشارة سياسية” ذات دلالة خاصة في هذا التوقيت، ما يمنح ذلك الاتصال  قيمة مركبة، ومن يقرأ ما تم توزيعه رسميا من الديوان الملكي الهاشمي عن مضمون الإتصال، وعله من النادر ان يحدث مثل هذا “التعميم السياسي” لإتصال بين الملك و”فصيل”، وهو ذات النص الذي كشفت عنه حماس..

حديث أكدت حماس من خلاله على “مبادئ” قد تكون المرة الأولى التي تتحدث عنها بذلك الوضوح القاطع، بل والإشارة للدور الأردني في معركة الكرامة عام 1968، وحماس حينها لم تكن “ولدت بعد” بل أن جماعتها الإخوانية لم تكن من مؤيدي المقاومة في حينه، ليس مرورا عابرا لحدث تاريخي، مترافقا مع التذكير بدور الملك الراحل حسين باطلاق سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين، ومشهد الملك عبدالله متبرعا بالدم لأهل القطاع خلال حرب اسرائيلية عليه..

هنية في اتصاله تحدث عن “مبادئ سياسية” في العلاقة مع الأردن تؤكد أن رسالة حماس للمملكة الأردنية تحمل مضمونا جديدا، وأنها حركة فلسطينية بامتياز، أكدت على ، رفضها لـ”الوطن البديل”، وأعلنت إعترافا صريحا، بـ”الوصاية الهاشمية” على المقدسات في الأقصى، وتلك مسألة غاية في الحساسية للأردن والمك عبدالله..

مضمون “الهاتف السياسي” يمثل “فتحا خاصا” لحركة حماس وعلاقتها بالأردن، يمثل تطورا نوعيا ومختلفا عن مراحل العلاقات السابقة بين الحركة “الإخوانية” وبين المملكة، التي إستضافت قيادتها لما يقارب الـ12 عاما “ضيافة سياسية “كاملة..

استقبال الملك عبد الله لـ”هاتف هنية”، هو اعتراف الأردن سياسيا بدور حماس في المعادلة الفلسطينية القادمة، وأنها ركن لن يتم يتحاوزه في الحراك الذي يتم الإعداد له، خاصة بعد إقرار الحركة بدور الأردن التاريخي – الخاص على المقدسات في القدس، وهي رسالة لأمريكا ودولة الكيان وبعض دول الغرب، ان حماس لم تعد “خارج المعادلة” ولن تكون..

رسائل ما بعد “الهاتف السياسي”، ستفوق كثيرا ما بدأ ظاهرا بسرعة برقية في ساعات الحدث الأولى، ما بعده لن يكون كما قبله، وليس بعيدا أن تستقبل الأردن رسميا “وفدا سياسيا” لزيارتها من “نيو حماس”، لرسم أسس أكثر وضوحا من “مضمون الهاتف الجوال” لرئيس الحركة أبو العبد هنية..

الأردن يعلم ملامح القادم السياسي لصياغة “تسوية إقليمية” للصراع الشرق أوسطي، وفي القلب منه الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي..ويعلم يقينا أن “حماس” باتت ركنا لا بد منه لتلك التسوية، فلا تسوية بدونها، وحماس أدركت ذلك جيدا، وتعيد “إنتاج ذاتها” للتوافق مع “العاصفة السياسية الشاملة”، وليس تطور علاقاتها بايران والبحث عن عودة أقدامها الى الشقيقة سوريا سوى جزء من تلك الصياغة الحمساوية الجديدة!

السؤال الأهم، هل تقرأ قيادة فتح ورئيسها مضمون “الهاتف السياسي” كما يجب، ام تصر على أن لا ترى ما يجب أن تراه في وقته وزمنه، كي لا يقال لها ولغيرها “فات الميعاد”..ولا عزاء لـ”البلداء”!

ملاحظة: وقاحة رئيسة وزراء بريطانيا التفاخر بوعد بلفور والتحدى بأنها ستحتفل بالذكرى المشؤومة، لا يستحق بيانا إنشائيا بل غضبا شعبيا وطلبا رسميا بقطع العلاقات العربية معها..هل تفعلها هذه السلطة!

تنويه خاص: الحديث عن إعادة الروح لاتفاقية 2005 حول معبر رفح، تسليم مسبق بأن الوضع في قطاع غزة خارج النطاق الفلسطيني..دققوا جيدا قبل “البعبة” الكلامية!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.