منطقتنا على صفيح ساخن , نُذر الحرب تتجلى / شاكر زلوم
شاكر زلوم * ( الأردن ) الخميس 26/10/2017 م …
في ذكرى تفجير أحد مقرات المارينز في بيروت في العام 1983 خرج الرئيس الأمريكي (ترامب) علينا مهدداً حزب الله و ايران , لم ياتِ تصريحة مفاجئاً لأحد بل أتى في سياق سياسات تقودها (اسرائيل) و كفيلها الأمريكي و أتباعهما من نظم دول وجماعات في منطقتنا فالمخاطر واحدة و العدو واحد أي الدول الوطنية في المنطقة و حركات مقاومة ممثلة بمقاومة لبنان والمقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية المتمثلة بمعظم قوى الحشد الشعبي في العراق و كما حركة التحرر الوطني العربي على امتداد ساحات العمل العربي . تصريح الرئيس الأمريكي ترامب أتى في سياق تغيير السياسات العملانية الأمريكية لتنتقل المواجهة من خانة المواجهة بالوكلاء المتمثلين في جماعات الإرهاب الوهابي السلفي و الإخواني لتتحول بعد ذلك المواجهة بين دول و جيوشها مع دول محور المقاومة وتنظيماتها , نذر الحرب القادمة واضحة و تصريحات سياسيي الكيان الصهيوني كثيرة عن خطر سلاح حزب الله وخطر التواجد الإيراني على الحدود السورية وهذا ما لا يتحمله الكيان و لا كفلاء الكيان في عاصمة دولة الصهاينة الجدد واشنطن . كما أننا نشاهد مساعٍ حثيثة للملمة أدوات المستعمرين في مختلف الساحات والميادين على مستوى كل الإقليم و نشاهد بالمقابل مساعٍ مضادة من قوى محور الممانعة للتصدي لمحور الإستعمار .
منذ ابتدأت الحرب الكونية على سوريا كتبت أن صراع المشاريع يجري على ميادينها المختلفة من جنوبها لأقصى شمالها الشرقي , كتبت أن داعش والنصرة أدوات امريكية في تحقيق المصالح الإستعمارية , لم اكتبت ما كتبت من باب التخمين بل من يقين بعد قراءة مضامين كل ما كتب و قيل بالصوت والصورة عن الحرب على سوريا , من إقرار مخطط اليهودي الصهيوني العجوز برنارد لويس لتفتيت المنطقة و الذي اقر في الكوتغرس الأمريكي بغرفتيه في العام 1983 وبقي سرياً حتى نشر بعد انهيار الإتحاد السوفييتي على موقع عسكري امريكي في العام 1995 و ما كتبه تلميذ برنارد لويس (رالف بيترز) في 15\6\2006 في موقع عسكري أمريكي عن حدود الدم و تصريح كوندليزا رايس عن ( الفوضى الخلاقة ) بعد بدء تنفيذ مخطط برنارد لويس في منطقتنا بأقل من شهر أي في حرب تموز بلبنان في 12\7\2006 .
ابتدأ تنفيذ خطة الهيمنة الأمريكية ( القرن الأمريكي ) مبكراً بتنفيذ مسرحية تفجير برجي التجارة في نيويورك بترتيب بين الموساد والمخابرات الأمريكية كممثلين للقوى النيوليبرالية التي خططت للهيمنة على العالم وتسخير كل موارد شعوبه وتحويلها لجيوبهم , ابتدا تنفيذ الحرب في أفغانستان بعد اقل من شهر ليس بهدف الإنتقام من بن لادن وقاعدته بل كانت مسرحية تدمير البرجين لتحقيق مكاسب جيواستراتيجية تتعلق بتأمين تمرير خطوط الطاقة من آسيا الوسطى وصولاً للهند و الصين وكذلك لوجود أكبر احتياط في العالم من خام الليثيوم فيها والليثيوم هو المادة الأهم في صناعة بطاريات السيارات و الطائرات الكهربائية وكما الأجهزة الإلكترونية من صغيرها لكبيرها , من الضروري ان لا نغفل تجارة المخدرات التي تقوم بها امريكا في أفغانستان , ورد بالوثائق أن أمريكا قامت بنقل كميات هائلة من المخدرات بواسطة طائراتها العسكرية لتمويل عملياتها القذرة هنا أو هناك و تقوم بها بعض الأجهزة و دوائر معينة من دوائر الإدارة الأمريكية , من المهم أن ألفت نظر القارئ أن تسمية الحرب على افغانستان كانت (الحرب المستديمة) و التسميات تنتقى و لا تطلق جزافاً في الفكر الأمريكي و هنا اشير لتصريح ويسلي كلارك القائد السابق لحلف الناتو , ذكر ويسلي كلارك أنه بتاريخ 20\9\2001 اي بعد اقل من عشرة ايام من تاريح حَدَثِ مسرحية البرجين واثناء وجوده في البنتاغون بذلك اليوم قيل له أن الحرب ستشمل سبع دول عربية و اسلامية من بينها سوريا وايران والعراق , اقوال كلارك موجودة على النت بصوته وصورته . في تموز 2006 فشلت الحرب على لبنان من تحقيق اهدافها فغيرت أمريكا من سياساتها العملانية فقامت مباشرة بتغيير سياساتها العملانية باستخدام الوكلاء و نشرت بعد اقل من عام من حرب لبنان , نشرت الإستراتيجية الجديدة تحت عنوان ( اعادة المسار) بموقع نيويوركر ولا يزال تقرير سيمور هيرش منشوراً على موقع نشره الأصلي (نيويوركر) أي بتاريخه في 5\3\2007 , لقد تم تنفيذ ما ورد بتقرير إعادة المسار بكل تفاصيله في ( الربيع العربي) في سوريا . هزم نسبياً المشروع الغربي في سوريا فهل ستصمت أمريكا عن انتصارات محور المقاومة و تترك اسرائيل لتواجه قدرها المحتوم بالموت ؟ . الحرب على سوريا كانت بهدف حماية اسرائيل كما قال وزير خارجية فرنسا رولان دوما بالصوت والصورة , أثناء وجود رولان دوما لي لندن وبعد لقائه لأصدقاء له في بريطانيا أعلم بمخطط الحرب على سوريا ودعي للمشاركة في الحرب على سوريا في العام 2009 لكنه رفض وحين سئل عن سبب الإعداد للحرب قال لأنها تهدد أمن إسرائيل ,
في ميدان الصراع على منطقتنا نجد أن الكيان (اسرائيل) في فلسطين هو حجر الأساس لكل المشاريع الإستعمارية فمن خلالها تمت الهيمنة على شعوبنا والسيطرة على مواردنا و تم إحباط الطموح الوطني المتمثل بمشاريع الوحدة و نشر العدالة الإجتماعية و بناء الدولة الوطنية في القرن الماضي , إذاً فالكيان كان ولا يزال حجر الزاوية في السيطرة علينا كعرب حتى تحول للقوة الأهم المسيطرة على قرار عرب (الإعتدال) و أضحى الكيان هو الموجه لتلك النظم بآن معاً, من خلال اسرائيل تمت السيطرة على كل موارد العرب فبقاء اسرائيل أمر وجودي للغرب و للنظم الوظيفية العربية (المعتدلة) فهي الناظم لسياساتهم الداخلية والخارجية بآن معاً, الآن أضحى التخندق في خندق العدو الصهيوني غاية وهدف تسعى اليه النظم (المعتدلة) لضمان بقائها و ديمومة حكمها فلذلك اصبحت (اسرائيل) تتدلل علىهم فوجود نظام هنا أو إلغائه اصبح قراراً اسرائيلياً بعدما ابتعدت تلك النظم عن شعوبها مع الأسف, الكيان (اسرائيل) يأخذ بعين الإعتبار مصالحه لا مصالح حلفائه العرب و مصلحة (اسرائيل) الآن هي بتهويد واستكمال احتلال أرض فلسطين و لتحقيق غايتها تتخلى عن اي نظام مهما قدم لها من خدمات أمنية كبيرة أدت لإستمرار بقائها في السابق ولإستمرار وجودها ليومنا هذا , الغرب المستعمر لا يعارض (اسرائيل) في ذلك فمصالحه تتماهى مع مصالحها فما قاله بن غوريون في بداية الخمسينات عن تدمير ثلاثة جيوش عربية عُمل عليه وتم انجاز بعضه وما قاله أيضاً عن ضرورة تفتيت المفتت من دول سايكس بيكو التزم به الغرب المستعمر ونفذ وينفذ تحت مسمى الربيع العربي بواسطة كل قوى الشر ايضاً ,
في ختام هذا المقال أقول ان الحرب قادمة وان اسرائيل وقواها المعتدلة يسعون لترتيب أوراقهم استعداداً لها و أن تحضير بيئة الإشتباك جار على قدم وساق و لأن التفاصيل كثيرة فساتركها لمقال لاحق يتحدث عن الحرب و الأسباب الموجبة لها من قبل الصهاينة والغرب لكي لا يطول الكلام في مقام هذا المقال .
شاكر زلوم
*كاتب وباحث
التعليقات مغلقة.