الرقة تدمير ام تحرير؟ وما هو دور قوات “سوريا الديمقراطية”؟ / إبراهيم شير

إبراهيم شير * ( الإثنين )30/10/2017 م …




عندما كنت اقرأ بكتب التاريخ عن مدينة تم مسحها عن وجه الارض او اخرى تم تغيير وجهها الديمغرافي كنت اتصور ان هذا حدث في الزمان الغابر ولن يتكرر، بسبب التطور العلمي والثقافي والمجتمعي، ولكن بعد ان شاهدت ما حدث بمدينة الرقة تأكدت بأن التاريخ يعيد نفسه ولن يفصل عن الحاضر والمستقبل مهما تطورنا.

لنتكلم اولا في الجغرافيا السورية، الرقة مثلا وريفها ليست مدنا ذات غالبية كردية ابدا، ليست مثل الحسكة او عفرين، اذا ما المبرر بدخولها مدمرة ولو لتحريرها من ارهابيي “داعش”؟ لماذا لم تحاصرها “قوات سوريا الديمقراطية” مع الدولة السورية وتجبر الارهابيين على الخروج منها دون تدمير؟ لماذا تسابقت مع الدولة السورية على الطبقة والرقة وقطعت الطريق ضد الجيش السوري وتقدمه في المحافظة؟ اذا كانت فعلا وطنية وليس لها اهداف خاصة وتنفذ اجندات واشنطن في سوريا.

بعد تدمير الرقة باكثر من 4 الاف غارة اميركية ومقتل وجرح الاف المدنيين، خرجت “داعش” باتفاق تسوية مع اميركا كانت قد رفضت مثيله قبل أشهر قليلة أبرمه حزب الله مع “داعش” في جرود رأس بعلبك اللبنانية، ولكن الفرق هنا أن من خرج من الرقة هم اكثر الارهابيين قوة، على عكس من خرج من لبنان، حيث أن غالبيتهم نساء واطفال.

وبعد استتباب الامن في مدينة الرقة واحكام السيطرة عليها، رفعت صورة القيادي الكردي عبد الله اوجلان، وذلك امر كشف عن نوايا “قوات سوريا الديمقراطية” وهدفها من التقدم داخل الاراضي السورية وعدم بقاءها ضمن الاراضي ذات الاغلبية الكردية والدفاع عنها بوجه الارهابيين، وهو ما كانت تأمله الدولة السورية من الاكراد في الحسكة، حيث انها سلت النواة الاولى لهم وفتحت لهم مخازن الاسلحة وكانوا يعرفون باسم وحدات حماية الشعب الكردي، ومدتهم بكل اشكال العون خلال معركتهم في مدينة عين العرب ضد ارهابيي “داعش”، ولكن بعد ان تدخل الاميركي على الخط تم تغيير هدفهم واعطاهم وهماً بانشاء دولة او فيدرالية واستغلال تشتت القوات السورية على خريطة البلاد خلال حربها ضد الجماعات الارهابية.

بالعودة الى الرقة فالمعلومات الواردة من هناك تؤكد وجود خطة لتكريد المدينة وتغيير وجهها الى وجه كردي، حيث يعرض على اللاجئين في المخيمات داخل محافظة الحسكة، بيع منازلهم لـ”قوات سوريا الديمقراطية” سواء بالترغيب او الترهيب، وهو امر بات يثير الخوف في قلوب الكثير من اهالي الرقة، وهو ما دفعهم للخروج بتظاهرات يطالبون فيها بحقهم الشرعي وهو العودة لمنازلهم، وقوبلت التظاهرة بالرصاص.

“قوات سوريا الديمقراطية” واصلت تقدمها في الاراضي السورية وفي محافظة دير الزور باتجاه الحدود العراقية، وهذا التقدم سيكتب نهايتها بالفعل، فلا عددها ولا عدتها تسمح لها بالبقاء في مناطق لا تمتلك فيها الحاضنة الشعبية، بالاضافة الى ان دمشق وضعت ملف الاكراد الاول بعد القضاء على “داعش”، وربما هذا الملف سيكون اكثر اهمية من ملف “النصرة” في ادلب، وربما الاشتباك بين الطرفين مرجح باي وقت، خصوصا وان الدولة السورية لاتزال تحتفظ بنقطتين مهمتين داخل محافظة الحسكة، الاولى في المدينة نفسها والثانية في مدينة القامشلي، وربما تبدأ شرارة المعارك بين الجانبين من هناك.

ولكن السؤال هل كانت الدولة السورية عاجزة عن تحرير الرقة؟ بالتأكيد لا ولكن دمشق لم تسع لتدمير المدينة وجعلها مدينة منسية، وايقاع الاف الشهداء والجرحى بصفوف المدنيين، ولكن “قوات سوريا الديمقراطية” لا تمانع في التدمير مقابل السيطرة، وهنا يظهر لنا الفرق بين الدولة والمسلحين.

* كاتب واعلامي سوري

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.