أخطر مقال حول عمالة الإخوان المسلمين لبريطانيا وأمريكا … بقلم أحد أهم قياداتهم
الأردن العربي ( الأربعاء ) 25/3/2015 م …
كتب ثروت الخرباوي : الإخوان على فراش المخابرات البريطانية
اليوم: الثامن والعشرون من شهر مارس. العام: 2008. الشخص: كين لفنجستون. الوظيفة: عمدة لندن، وأحد أقطاب حزب العمال البريطانى، وأحد الأسماء البارزة فى سماء اليسار الأوروبى الداعم للعديد من القضايا العربية. المشهد: خرج كين لفنجستون من مكتبه ليقف أمام عشرات من الصحفيين، وبعد أن تحدث معهم عن بعض الشئون الخاصة بالعاصمة لندن، سأله أحد الصحفيين عن خطر الجماعات الإسلامية الأصولية، فقال لهم مطمئناً: جماعة الإخوان كبرى هذه الحركات تربطنا بها علاقة جيدة، وقد كانت تتلقى تمويلاً مالياً من الخارجية البريطانية منذ بداية نشأتها، فهى ليست بعيدة عنا إذن، وقد استخدمنا هذه الجماعة لسنوات طويلة وكانت مخلصة لنا، فقد كان نظام عبدالناصر خطراً علينا، وعلى الجانب الآخر مثّلت هذه الجماعة خطراً كبيراً على عبدالناصر ونظامه.
ورغم أن هذا التصريح كان بمثابة قنبلة، فإن أحداً عندنا فى الشرق لم يلتفت كثيراً له، كانت التبريرات التى خرجت من بعض قيادات الجماعة فى موقعهم الإلكترونى تذهب إلى أن «هذا العمدة رجل موتور حاقد كاره للإسلام، وهو شيوعى قح، فماذا تنتظرون منه؟ كما أن كلامه لم يكن موثقاً، وهذا وحده كفيل بهدم كلامه».
النتيجة: لم تلق تصريحات لفنجستون العناية الكافية من الباحثين فى المنطقة العربية، ولم يصل صداها إلى الجماهير.
يكتب الكاتب الأمريكى الأمريكى روبرت دريفوس كتابه الشهير «لعبة الشيطان» عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للجماعات الأصولية، وفى القلب منها جماعة الإخوان، ويقول فيه: (تأسست حركة الإخوان على يد حسن البنا بمنحة من شركة قناة السويس البريطانية، وخلال الربع قرن التالى تتلقى تلك الجماعة الدعم الكامل من الدبلوماسيين البريطانيين والمخابرات البريطانية).
ثم يقول أيضاً: (كانت هذه الجماعة هى القوة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمثل ثقلاً كبيراً فى عملية تحقيق التوازن ضد القوى المناهضة لبريطانيا، وهى القوميين واليسار العلمانى).
استمر دريفوس فى الكتاب قائلاً: (كان الدبلوماسى الأمريكى هيرمان إيلتس صديقاً لحسن البنا وقد التقى به كثيراً) وينقل دريفوس على لسان إيلتس: (أعرف أحد زملائى فى السفارة الأمريكية كان يلتقى بشكل دورى مع حسن البنا وذلك لأغراض التقارير).
قد يكون دريفوس مبالغاً، فلربما كانت فى نفسه موجدة من الإخوان، ولربما كان حاقداً على حسن البنا، ولكن الوثائق لا تحقد، ولا تميل، ولا تحمل موجدة إنما تحمل حقائق وتروى تاريخاً، لذلك كانت هناك أهمية بالغة لكيرتس، الذى أطلقت عليه كيرتس الرهيب.
وذات يوم وأثناء بحث كيرتس فى وثائق وزارة الخارجية البريطانية وقع على مجموعة من الوثائق أذهلته وغيرت مسار تفكيره، كان كيرتس مهتماً بالشأن العربى والجماعات الإسلامية، وكان يعرف وفقاً للظاهر أن الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان هو داعية مصرى أنشأ جماعة الإخوان التى أثارت جدلاً كبيراً واشتبكت مع كل الحكومات التى حكمت منذ عهد الملك فاروق حتى عهد حسنى مبارك، ولكن نهمه للبحث والتقصى وعقليته البحثية قادته إلى أروقة هيئة الأرشيف الوطنى البريطانى، ظل كيرتس يتردد على هذه الهيئة أربع سنوات كاملة عثر فيها على كنز من الأسرار يصعب أن يقع عليه باحث، وهناك وهو جالس وسط «الكنز المعلوماتى البريطانى» كان قراره: سأكتب كتاباً أضع فيه عشرات من هذه الوثائق، يجب أن يعلم العالم الصورة الحقيقية المختبأة فى الأرشيف، فليس كل ما كان يحدث فى العالم عفوياً أو من وحى خاطر أصحابه، ولكن صناعة الحدث كانت هى لعبة المخابرات فى عشرات الحوادث التى مرت على العالم».
فكان أن كتب كتابه الأشهر «العلاقات السرية.. تواطؤ بريطانيا مع الأصوليين الإسلاميين المتشددين» كان هذا الكتاب كارثة وقعت على رأس الإخوان، ولكنهم تجاهلوها ودفنوا رؤوسهم فى الرمال، وكأن شيئاً لم يحدث على الإطلاق، وكيف يعقّبون على هذا الكتاب وقد احتوى على «وثائق الحقائق» التى تكشف التعاون الكبير بينهم وبريطانيا، وكيف يكذّبونها وهى تحمل أخبار الأموال التى كانت تـُدفع بالتنسيق مع القصر لمؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا بغرض السيطرة عليه وعلى أتباعه.
يكشف كيرتس عن وثيقة مؤرخة عام 1942، حيث جاء فى تقرير بريطانى رسمى ما نصه: «سيتم دفع الإعانات لجماعة الإخوان المسلمين سراً من جانب الحكومة المصرية، وفقاً للاتفاق بيننا وبين القصر، وسيطلبون بعض المساعدات المالية فى هذا الشأن من السفارة البريطانية.. وستقوم الحكومة المصرية بالزج بعملاء موثوق بهم داخل جماعة الإخوان للإبقاء على مراقبة وثيقة لأنشطتها.. ما يجعلنا (السفارة البريطانية) نحصل على المعلومات من هؤلاء العملاء، ومن جانبنا، سنجعل الحكومة مطلعة على هذه المعلومات التى تم الحصول عليها من مصادر بريطانية».
وقبل منتصف خمسينات القرن الماضى، حسبما يوثق الكتاب، اتخذت المعاملات السرية بين البريطانيين والإخوان منحى آخر. إذ نظرت بريطانيا للجماعة باعتبارها معارضة مفيدة لسياسة الرئيس جمال عبدالناصر ذات التوجهات القومية العربية، وأنها أفضل وأقل ضرراً من التيارات القومية رغم أصوليتها الشديدة، ومن ثم عقد مسئولون بريطانيون اجتماعات مع قادة الإخوان المسلمين من أجل العمل كأداة ضد النظام الناصرى الحاكم أثناء مفاوضات إجلاء القوات العسكرية البريطانية من مصر، وكذا من أجل خلق موجة من الاضطرابات تمهد لتغيير النظام فى بلاد النيل.
وعند هذه الجزئية أجدنى مضطراً للتوقف عن نقل الملخص والانتقال إلى مكان آخر، حيث أنقل لكم لا من عندى ولكن من مذكرات كبار قادة الإخوان، وذلك من أجل إجراء مطابقة بين ما ذكره كيرتس عن طلب المخابرات البريطانية من الإخوان الوقوف ضد اتفاقية الجلاء، وما حدث فعلاً فى هذه الفترة وفقاً لمذكرات الإخوان أنفسهم، وقد كتب العديد من الإخوان مذكراتهم عن تلك الفترة، ولكننى فضلت أن أنقل من مذكرات شيخهم المفضل يوسف القرضاوى الذى قال عن توتر العلاقة بين الإخوان وعبدالناصر (كما وُجد عنصر جديد زاد العلاقة توتراً، والنار اشتعالاً، وهو الاتفاقية الجديدة التى عقدها عبدالناصر مع بريطانيا، ولم يرها الإخوان محققة لكل آمال البلاد، بعثوا مذكرة مفصلة إلى حكومة الثورة برأيهم فى الاتفاقية وملاحظاتهم عليها، وقد أغضب ذلك عبدالناصر، وزاد من تدهور الوضع.. وكان أثر نقد الهضيبى الجرىء الصريح لموضوعات الاتفاق مزعجاً ومقلقاً، وساءت الأمور إثر بيان طويل مفصل يحتوى على نقد الاتفاق أُرفق بخطاب بعث به «حميدة» نائب المرشد باسم مكتب الإرشاد فى الثانى من أغسطس إلى «عبدالناصر». وقد نُشر كذلك عن طريق جهاز النشرات السرية «منشورات»؛ فكان ذلك توثيقاً لحق الإخوان فى إعلان رأيهم فى الاتفاق، علاوة على كونه نقداً له. وقد زاد من تعكير الجو إصدار نشرتين أخريين «منشورين»: إحداهما نقد للاتفاق، بإمضاء محمد نجيب، ذكر فيها عدم صلته بالاتفاق، والثانية بإمضاء وزير سابق عُرف فيما بعد أنه «سليمان حافظ» الذى كان وزيراً للداخلية فى وزارة نجيب الأولى. وقد انتقد فيها الحكومة بوجه عام. وكانت النشرتان صادرتين بأحرف مشابهة للمنشورات الأخرى ومطبوعتين على نفس الشاكلة، وعلى ورق مشابه؛ مما يدل على أن مصدر النشر واحد، وهو مطابع الإخوان المسلمين، وقد سلمت النشرتان إلى عبدالقادر عودة لنشرهما، وكانت هناك صحف نظمت حملة ضد الهضيبى، قالت فيها إنه تفاوض مع الإنجليز، وفى اليوم التالى كان اجتماع الثلاثاء الأسبوعى، وكان آخر اجتماع من نوعه، وقد ساده التوتر. وقف الهضيبى أمام جمع غفير، مبدياً تفاصيل رحلته وتفسيره للمحادثات مع تريفور إيفانز التابع للسفارة البريطانية، وأن هذا تم بعلم عبدالناصر وتشجيعه».
وهكذا يكشف التاريخ عمالة الإخوان للإنجليز، ولكل من يدفع، لذلك لم يكن غريباً أن ترفض بريطانيا مؤخراً اعتبار جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، هل عرفتم السبب؟!
التعليقات مغلقة.