حكومات نكرهها وتكرهنا / علي السنيد

 علي السنيد* ( الأردن ) الثلاثاء 31/10/2017 م …




*نائب سابق …

ها انا ذا على اعتاب الخمسين، وقد تمنيت ومنذ ان وعيت على هذه الدنيا ان لو جاءت حكومة تعتز بالبعد الوطني للاردن، او تمثل احلامنا وتطلعاتنا الوطنية، وان نمحضها الحب نظير ذلك.
او ان نجد ان رئيسها بمثابة الاخ للناس يحرص على توفير حياة كريمة لهم ، وان وزراء حكومته قريبون من نبض الشارع، ومن الهم الوطني، ويلاحقون التحديات والصعاب القابعة في وجوه الاردنيين كي يذللونها، وانهم يسعون حقاً نحو حياة كريمة لمواطنيهم.
تمنيت من كل قلبي لو وجدت حكومة تحترم الشعور الوطني للاردنيين، او تتخذ من القرارات ما يطمئننا على المستقبل، او يدفع الى تنامي الامل في حياتنا العامة، وكان دائما يتملكني المقت مع كل تشكيل حكومي جديد، وكأننا كتب علينا في الاردن الحكومات التي نكرهها وتكرهنا.
وتأتي الحكومات، وتعقبها الحكومات، ويمر الوزراء خلف الوزراء تترا، وتزداد المرارة في قلب كل اردني، ونادرا ما ان ترك مسؤول اثرا طيبا لدى الناس، حيث يأتون محملين بالضرائب والرسوم ورفع الاسعار والهاب معيشة المواطن الاردني الغلبان، وتعمد استفزازه في مشاعره الوطنية، فيحدث ان يطعن الشعب في كرامته الوطنية دون الاكتراث به من وزراء غلاظ جلاف، وتكون سياسة الحكومات الثابتة في الاقتراب والالتقاء مع الصهاينة مهما ادى ذلك الى التباعد والتباغض مع الشعب الاردني الصادق في عدائه للمحتل الصهيوني. ولا يجد رئيس- وهو الذي يطلق عليه صاحب السيادة- أي ضير في تهريب منتهك السيادة الوطنية وقاتل الاردنيين.
تمنيت ولو لمرة واحدة ان اشعر بالارتياح مع اخبار التشكيل الحكومي، وان ارى صورة وطني وفقراءه في محيا الرئيس ووزرائه، وان ارى الهم الشعبي هم الحكومة ، وان يتملكني الاحساس بحرص الرئيس ومخاوفه ولهفته لتطوير حياة الناس البسطاء، وكيفية تدبيرهم للقمة العيش، وان تكون القرارات الحكومية رحيمة، وتستهدف النهوض بالواقع الشعبي، وتنمية حواضر الوطن وبواديه.
وكان بودي لو استطيع ان احب رئيس الحكومة، وارى فيه صورة المحب لوطنه وشعبه، وان اشيد به، واعتز بادائه، وما تركه في حياة الاردنيين.
تمنيت قرارا يكون لصالح الفقراء في وطني، او سياسة حكيمة تدفع الاردنيين نحو غد افضل. تمنيت ابوابا مفتوحة في وجه الاردنيين ومكاتب رسمية تعمل على خدمتهم بتوجيه مباشر من دولة الرئيس ورقابة مستمرة منه لتثبيت سياسة الانفتاح على المواطن، وان تمتلئ وجوه الوزراء والمدراء بالطيبة والبشر عند أي انجاز لصالح مواطنيهم. وان يخفضوا جناحهم لشعبهم الطيب، ويجتهدوا لاخراجه من المعاناة، ومن قسوة الحياة ، ومن لهيب وسياط الفقر والبطالة ومرارة الحاجة، وعدم القدرة على توفير متطلبات الحياة اليومية لابنائهم.
وكان املي ان لو تحدث الوزراء وجدنا عبير الصدق في اقوالهم، وان يعبروا في ارائهم عما يجول في خاطر كل اردني، وان يكون لسان حالهم حال الشارع، وان لا يكون التدليس السمة الغالبة لتصريحاتهم.
غير ان الآمال قد تكون ضربا من السراب، وربما ان الدنيا تأتي غلابا، وتظل المعاناة مستمرة، وتستمر ذات الالية المتبعة مع كل تشكيل حكومي جديد، و تظل القنبلة الموقوتة مزروعة في حضن الوطن حيث الحكومات ماضية في تعذيب الاردنيين، والمس بكرامتهم الوطنية، والشعب يكن مشاعر العداء، وعدم الارتياح للغالبية ممن تسلموا دفة الحكم فيه، وطبقة الحكم والنفوذ تعيش في الاعالي، وتبتعد رويدا رويدا عن الشارع ، وهو الذي يفيض بمشاعر العداء لها، ويكن لها الشر، والغالبية العظمى ممن يدخلون سلك الحكم تتبدل شخصياتهم على التوالي ، وتنقلب مشاعرهم ، ويترفعون عن العامة، ويفقدون احساسهم بالناس فلا يجدوا مشاعر حقيقية تربطهم بشعبهم. ولم يعد بالامكان ان تنتقل الصورة الحقيقية الى موقع صنع القرار المعزول عن الحقيقية.
وهنالك من يخدع نفسه ، ويسوق صورة للحكم لم تعد تنطلي على الشعب، وان اخشى ما اخشاه ان تضمر لنا الايام انفجار هذه المعادلة العقيمة في الحكم.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.