عقدة القائم والبوكمال … هل تشهد انفجار صراع الاقطاب الإقليمية والدولية / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان* ( الأردن ) الثلاثاء 31/10/2017 م …
تزامناً مع التقدم العسكري الذي يحققه الجيش العربي السوري والحلفاء بعمق ريف ديرالزور الشرقي بعد تحرير بلدة الميادين ، تستمر عمليات الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة وإسناد الطيران الحربي السوري وبكثافة غير معتادة من الطيران الروسي وبإسناد قوي من خلف الكواليس من الإيراني باتجاه تحرير بلدة البوكمال اقصى ريف الدير الشرقي المقابلة لبلدة القائم غرب الانبار التي تشهد بدورها ” القائم “عملية عسكرية عراقية – أمريكية و(سعودية أيضاً ولكن أيضاً ومن خلف الكواليس )، تستهدف السيطرة على جزء من صحراء غرب الانبار المرتبطة بالحدود السورية شرقاً ، العملية الأمريكية غرب الانبار تستهدف تحقيق مجموعة اهداف رئيسية ، قد يكون أبرزها هو السيطرة على المثلث الحدودي السوري – العراقي من الناحية العراقية ” مرحلياً ” ليكون على الاقل تحت نظرها ولمنع أي تواصل بين العراق وسورية لا يخدم مصالح الأمريكي والصهيوني ،بالاضافة إلى مجموعة اهداف أمريكية اخرى ومن جملتها قطع الطريق على خطط الروسي والسوري الهادفة إلى تحرير البوكمال لقطع الطريق كذلك على مشاريع الأمريكي بالشرق السوري ، ولذلك رأينا كيف زج الأمريكي بميلشيا قوات سورية الديمقراطية لخلط الاوراق بمعادلة معركة دير الزور والبوكمال تحديداً لتكون لاعب رئيسي بمعركة دير الزور ولفرض وجود أمريكي بـ دير الزور وخصوصاً بمناطق تواجد حقول النفط والغاز وبالمناطق الحدودية الاستراتيجية مع العراق .
وهنا وليس بعيداً عن معركة البوكمال والقائم ، وعن مجمل معركة الحدود السورية والعراقية شرقاً وغرباً، فهذه المعركة تعني الأطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بمسار عموم ما يجري بالساحة السورية ، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالأمريكان المنغمسون بالحرب على سورية والطامحين للعودة وبقوة لتوسيع دائرة نفوذهم بـ العراق تحت عدة عناوين ،لا يريدون أن يتلقوا هزيمة جديدة وخصوصاً ان الانظار بمجموعها بدأت تتجه إلى معارك البوكمال والقائم،فحديث الروس والسوريين عن قرب التوجه للبوكمال ، بدأ يقض مضاجع الأمريكان وحلفائهم ،وهو بالتالي خسارة جديدة وكبيرة للأمريكان ومن معهم بحال تحرير الجيش العربي السوري والحلفاء لبلدة البوكمال ، فاليوم عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه تتجه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعمق ريف دير الزور الشرقي وعلى مراحل والعين على البوكمال والحدود العراقية – السورية شرقاً وغرباً، ولذلك اليوم نرى أن هناك تحرك “سريع “من الأمريكي بغرب العراق والسعي بالوصول وبسرعة عبر ميلشيا قوات سورية الديمقراطية للسيطرة على البوكمال.
الموقف الروسي بدوره من عموم ما يجري من تطورات بـ محيط البوكمال شرق سورية والقائم غرب العراق ،يمكن أن يقرأ من خلال التصريحات الرسمية السياسية والعسكرية الروسية للصحافة ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الروسية والدولية ،هذه التصريحات التي بدأت تتحدث عن فشل الرؤية والاستراتيجية الأميركية في سورية والخاصة بمحاربة الإرهاب والتي ثبت أنها تدعم وتتفاوض مع هذا الإرهاب الذي خدم ومازال يخدم مصالحها في سورية والعراق ،وتزامناً مع هذه التصريحات الإعلامية نرى تحركات عسكرية روسية مكثفة براً وجواً في شرق دير الزور بمحيط بلدة البوكمال ، فمعركة السيطرة على البلدة تحولت بشكل أو بأخر إلى معركة تحدي وصراع نفوذ وموازين قوى بين الروسي والأمريكي .
الجيش العربي السوري بدوره وهو صاحب الحق الوحيد والشرعي بتحرير بلدة البوكمال وعودتها لحضن الوطن السوري ،بات يدرك جيداً إن تحرير البلدة ،ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لوقت وعمل طويل نوعاً ما ،وهذا ما تدركة ايضاً القيادة السياسية السورية ،نظراً للمكانة الجغرافية للبلدة ،وتحولها بشكل أو باخر إلى بؤرة صراع دولي – إقليمي ، قد تنفجر لتفجر معها صراع دولي – إقليمي لا يمكن التنبؤ بنتائجه المرحلية والمستقبلية .
ختاماً ، يمكن القول اليوم ان الاقطاب الدولية والاقليمية تراقب ككلّ مسار معركة البوكمال السورية وارتباطها بمعركة القائم العراقية ، هذه المعركة التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المرحلية والمستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة مفتوحة على عدة احتمالات ،ستكون لها حتماً مجموعة نتائج ،مرتبطة بالنتيجة بخيارات الحسم الميداني لهذا الطرف أو ذاك .
* كاتب وناشط سياسي – الأردن.
التعليقات مغلقة.