مقاضاة بريطانيا من بلفور وحتى ماي واجب فلسطيني عربي إسلامي إنساني / عبدالحميد الهمشري

* عبدالحميد الهمشري* ( فلسطين ) الخميس 2/11/2017 م …




* كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني…

في ذكرى انقضاء قرنعلى نكبة شعب جرى تشريده بقوة السلاح وبالإرهاب الصهيو غربي من أرض آبائه وأجداده خدمة لأطماع استعمارية حاقدة مكنت الكيان الصهيوني الغاصب من بسط نفوذه وهيمنته على كل فلسطين ، بالتقاء دهاقنة الحلفالصهيو بريطاني أمريكي غربي ، الحاقدعلى كل من يتواجد على ما كان يطلق عليه بالشرق الأدنى ، والذي لم يشهد أمناً ولا استقراراً منذ بداية انهيار الخلافة العباسية حتى الآن ، حيث تتحكم فيه الأقدار التي يرسم معالمها كهنة السياسة الغربيين عموماً فخاضوا حروباً ضروساً بداية فيما أطلق عليه بالحروب الصليبية تبعها محاولة التنسيق مع المغول لرأب شأفة العرب والمسلمينومن ثم حرب تأمين ملاحة سفنها إلى الهند ما بعد فاسكودي جاما الذي وصل للهند بفضل البحارة العربي أحمد بن ماجد ، ومن ثم الاحتلال البريطاني الفرنسي للأرض العربية بعد الحرب العالمية الأولى ، ونتيجة التقاء مصالح بريطانيا خصوصاً والغرب عموماً بالمصالح الصهيونية جرى الترتيب لاقتطاع فلسطين من الجسم العربي لمنحها لليهود بوعد أصدره بلفور لتأمين حرية الملاحةلسفن الغرب في قناة السويس  .

والحديث في هذا الشأن يطول لأن ما جرى يفوق حدود المعقول واللامعقول والممكن وغير الممكن والمقبول وغير المقبول، كونه فيه اعتداء صارخ على كرامة أمة وعلى حقوق شعب تم سلب حق مواطنته في أرض آبائه وأجداده دون وازع من ضمير  من دول احتلالية لا تملك حقاً سوى  الحقد والكراهية النابعة من بواعث دينية واقتصادية واجتماعية وسياسية..

فما تحدثت به رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من أنهاتشعر بالفخر بالدور الذي لعبته بريطانيا في إقامة الدولة الصهيونية، وبتأكيدها على الاحتفال بهذه الذكرى المئوية ودعوتها لرئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو لحضور الاحتفال ورفضها الاعتذار للشعب الفلسطيني وتعويضه عما لحق به منإيذاء وأضرار جراء هذا الوعد المشين الذي منح أرضاً  لا  تملكها بريطانيا ولا سلطة لها عليها لمن لا يملكها ولا  حق له في امتلاكها ، لهو دليل قاطع على أن بريطانيا ما زالت نظرتها صهيونية أكثر من الحركة الصهيونية ذاتها ..  لكن ما يدمي القلب ويدمع العين هم ممن يلتف حول بريطانيا من بني جلدتنا ويسايرها في نهجها ويحاول السعي للعمل على ترويج الوجود الصهيوني في الأرض الفلسطينية  ، رغم يقينهم بأن هذا الوجود الصهيوني يشكل أكبر خطر على الأرض العربية برمتها ولا يسلم من مخاطر وجوده أحد من أهل المنطقة فالكيان الصهيوني الذي أصبح أشبه ما يكون بحاملة طائرات أمريكية ومذاخر لأسلحتها التقليدية المتطورة وغير التقليدية من نووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً أصبح وجودها هنا أشبه بقنبلة قابلة للانفجار في أية لحظة وفق ما يريد من صنعوها في منطقتنا رغم أنفنا جميعاً..

وعودة إلى بدء فإنه يمكنني وصف علاقة الغرب بالبلدان العربية بأنهاعلاقات قائمة على أطماع سياسية وتوجهات اقتصاديةودينية واجتماعيةوعلى ذلك انطلقت الحروب منذ عهد الاسكندر المقدوني والرومان ومن ثم الحروب الصليبية الأولى والتي امتدت لما يزيد عن القرنين من الزمان وكان انتهاؤها بجلاء  الجيوش الاحتلالية الأوروبية بعد إلحاق الهزائم بها في بلاد الشام خاصة فلسطين ،وفي  مصر، ولا يعني انتهاء تلك الحروب بانتهاء تطلعات الغرب ومحاولاته الاحتلالية المستميتة وبأساليب جديدة تمكنهم من فرض هيمنتهم وسلطتهم من جديد ، خدمة لبواعث متعددة يمكن تلخيصها بأربعة بواعث أولاها باعث ديني وهو صراع يقودونه حالياً ضدنا تحت بند مايسمى بـ “الحرب على إرهاب التطرف العربي والإسلامي ” من خلال أيادٍ يمولونها في سبيل تبيان صحة ما ينادون به ويفعلون بنا ، وآخراقتصادي وثالث اجتماعي ورابع سياسي ، وإن كان الباعث الديني قد فعل فعله إلا أنه بعد الثورات الصناعية في أوروبا يمكناعتبار العاملين الاقتصادي والسياسي هما الأهم في بواعث الهيمنة الغربية على العالمين العربي والإسلامي  وذلكجرياً وراء الثروات العربية والإسلامية  ، فأقاموا لهم مراكز ثابتة في قلب الوطن العربي بغية استغلال موارده والمتاجرة فيها ، والحصول على أكبر قدر ممكن من الثروة في منطقتنا العربية.
وهذا الباعث الاقتصادي هو ما يدفع بالحروب الأمريكية على البلاد العربية والإسلامية ، حيث حل البترول محل الأطماع الاقتصادية الأخرى ، فأطماع النفطدفع أمريكا في سبيل تأمين آبار ومنشآت بترول العراق لاحتلاله وفكفكته لأن السيطرة عليه أي البترول يحقق لها أي لأمريكا الهيمنة على العالم ناهيك عن حل الأزمة المالية التي تعاني منها إذ إنها تعاني من عجز في ميزانيتها يفوق الـ  سبعمائة مليار دولار وهذا ما دفعها أيضاً لتدمير ليبيا وفكفكتهوهو ذات النهج البريطاني الذي يسعى بعد أن فقد كل مناطق نفوذه لصالح أمريكا من خلال هذه الاحتفالية لكي يكون له نصيب في موطئ قدم في الشرق الأوسط ودول أخرى تتماشى مع النهج الصهيوني. 
وبطبيعة الحال  لليهود دور هام واستراتيجي في ذلك وهذا ما أكده السيناتور موران من أن الحرب على العراق هو من نسج أيدي اليهود الأمريكيين وإنه لولا دعم المجموعة اليهودية القوي لهذه الحرب لكان هناك تصرف أمريكي  بشكل مختلف ، وقد هاجمه اليهود على تحليله هذا وشهروا به لدفعه على الاستقالة من عضوية الكونغرس الأمريكي .

من هنا يمكن القول أن الصراع على الغنيمة هو ما تولد ما بعد الحربين العالمية الأولى والثانية بين الإدارة الأمريكية وبريطانيا ومختلف دول أوروبا التي تحالفت معها على غزو العراق وتدمير ليبيا وزعزعة الأمن والاستقرار في بلدان عربية مختلفة تحت بند ماأطلق عليه محاربة الإرهاب ونشر العدالةوهذه الحرب لا يمكن التكهن بموعد انتهائها أو الدول التي سوف تكون وقوداًلها خدمة لفرض الثقافة الصهيو أمريكية والغربية على المنطقة برمتهالتحقيق المشروع الصهيوني في إقامة إسرائيل الكبرى،فالأطماع الاستعمارية في المجتمعات الغربية عموماً وأمريكا خصوصاً بواعثها متأصلة وجذورهاممتدةوتعود منذ عهد الإسكندر المقدوني ولغاية الآن وبواعثها وأهدافها ومبرراتهاما زالت على حالها لا تتغير ولن تتغير ، وما نحتاجه هو نوايا صادقة في البحث عن كيفية سبر غور تلك الأطماع وأصحابها والتمعن جيداً  في كيفية الاستفادة من دروس نكثهم لعهودهم معنا ولماذا استمرار ثقتنا بهم ومداراتهم رغم أفعالهم المشينة ضدنا وعدم التزامهم بعهودهم معنا والتزامهم فقط بوعود قطعوها على أنفسهم ضدنا كما هو الحال بالنسبة لوعد بلفور السيئ الصيت ؟؟!!

وأمام إصرار بريطانيا على الاحتفال بمرور مائة عام على صدور وعد بلفور مطلوب جماهيرياً إظهار الغضب والتشديد على ضروة قيام بريطانيا بتقديم اعتذار رسمي عن إصدارها لهذا الوعد ومساهمتها بتنفيذه مما عرض الشعب الفلسطيني لنكبة شاهد عليها العصر ، عصر الظلم والحور والتطور التكنولوجي والاتصالاتوالذي يدعو لحق الإنسان في العيش بكرامة في موطنه أرض آبائه وأجداده.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.