“الاستغراب”.. لمواجهة مخرجات حركة “الاستشراق”1/2 / عبدالحفيظ سليمان أبو قاعود

عبدالحفيظ سليمان  أبو قاعود ( الأردن ) الإثنين 6/11/2017 م …
تاريخيا ؛ واجهت البلاد العربية منعطفين تاريخيين، هما؛ ضروريان لاستكمال تطور” الامة” الاقتصادي، وتقدمها الفكري والثقافي، وتوافر الاسباب الموضوعية والعوامل المساعدة، لانتقال الوطن العربي من اسفل السلم الحضاري الى اعلاه ، ومن مرحلة النمط الاستهلاكي إلى النمط الانتاجي الرأسمالي،واختراق حضر المعرفة الانسانية في مجال امتلاك السلاح الاستراتيجي الكاسر ” تقانيه الناتو ” لولوج الدورة الثالثة للمساهمة التراكم الحضاري الانساني للبشرية ، والوصول الى العقد الاجتماعي ل”دولة مدنية ديمقراطية اتحادية عملاقة تتناوب مكونات السياسية والاجتماعية السلطة سليما، ولها مرجعيتها الدينية الاسلامية او” ليكون للعرب مكانا تحت الشمس بين الامم والشعوب.



وهل كان الفشل أم النجاح مصير هذين المنعطفين؟!!!. فالجواب ،هو؛ انه في استحضار الماضي البعيد والقريب ،نجد ان الفشل كان مصيرهما لسببين هما ؛
الأول:- قبل سقوط بغداد في 1258،وكان العامل الذاتي ،هو؛ السائد والطاغي ،وجاء العامل الخارجي ليساعد هذا الفشل ويكرس الهزيمة الكاملة للامة ويخرجها من معادلة الصراع الحضاري الانساني.
الثاني:- قبل سقوط بغداد الثاني والاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003،حيث كان العامل الخارجي هو السائد والطاغي ؛ سايكس بيكو والمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ،ليأتي العامل الذاتي ليكمل الفشل والهزيمة والانتكاس .للمشروع النهضوي العربي المعاصر في مصر والعراق .
لكن هناك تطابقاً، في كل النماذج التاريخية الكبرى، بين الحل التاريخي الموضوعي والأدوات الاجتماعية السياسية الذاتية ،لاستنهاض الامة العربية لإقامة دوله مدنية ديمقراطية عملاقه تتناوب مكونات السياسية والاجتماعية السلطة سلميا ولها مرجعية دينية إسلامية في بلاد الشام وارض الرافدين ، لاستعادة قيادة الملة .
التجربة التاريخية للامة تؤكد بأن الجغرافية السياسية العربية، وفي قلبها بلاد الشام، وجناحيها بلاد الرافدين وأرض الكنانة، هي ؛ محطة الانطلاق نحو الدولة العربية المدنية الديمقراطية العملاقة في زمن الربيع العربي المقبل ، كان لابد أن تعثر الامة على “كتلتها التاريخية” المؤهلة لقيادة نسقها العام ،لأحداث نقلة نوعية في ميزان القوى النسبي المحلي لصالح قيام دولة مدنية ديمقراطية عملاقه في بلاد الشام وارض الرافدين لها مرجعية دينية اسلامية.  فكان استيلاد هذه القيادة في بلاد “الشام” ً،غير مرتبطة بالأجنبي ، فأسست محور المقاومة العربي الاسلامي، لتكوًن” دولة عربية” مدنية ديمقراطية عملاقه في المشرق ،لها مشروعها النهضوي ولها حلفها في الاقليم ، وًفي الفضاء “الدولي” المكتظ بالصراعات السياسية المحتدمة ،لتصبح ” دمشق القلعة” ،هي؛ الامتداد الطبيعي لبلاد الشام و الرافدين ارض الكنانة ” علي الصالح “و”سلطان باشا الاطرش” وابراهيم هنانو” و”جمال عبدالناصر” و” وصفي التل” و”حافظ الاسد” و”صدام حسين” و”بشار الاسد”.
أن “المسألة العربية” في العصر الحديث لن تكون فقط في إطار الدفاع عن الأمن القومي فحسب ،بل تتعدى ذلك إلى الصراع الحضاري الانساني للبشرية في عالم متعدد الاقطاب والثقافات في زمن التطور غير المتكافئ، وفي زمن الحروب الاقليمية والاحتلالية المتلاحقة والدائمة ، أو في اطار فاعلية الوراث للحضارة العربية الانسانية المتراكمة في السلم والحرب.
وفي مرحلة تأريخيه  ؛ كانت أوهام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1969 الى الان، وفي المقدمة قيادة حركة فتح، في الاصرار على القرار الفلسطيني المستقل ،الذي هو معطوب افتراضيا وتابع عملياً للنظام الاقليمي العربي؛ زادت الطين بله بعد الانخراط في المسار الاستسلامي لإقامة دولة “فلسطينية” في حدود عام 1967 في اطار وعد اوسلو الكارثة الجديدة التي حلت بعرب فلسطين/ التي تبخرت الى ادارة ذاتية مدنية مؤقتة في منطقة “ا” في الضفة الغربية المحتلة .فكانت النتيجة الاولية لقرار الرباط  1974؛ النجاح المؤقت في تعطيل موضوعين مترابطين في البرنامج الناصري؛
ألأول:- اغتصاب فلسطين ؛ القضية المركزية للامة والملة ،وتحرير الارض والانسان العربي من الاحتلال الصهيوني والغربي المتصهين ، هو ؛ الخطوة الاولى في مشروع الاستنهاض الحضاري لقيادة الامة والملة .
الثاني :- لا يمكن أبداً نجاح “المسار القومي العروبي” بدون حل قضية فلسطين بالمقاومة المسلحة ،بعد ان أستعاد الصراع العربي – الاسرائيلي مساره الطبيعي “دورات حروب”، الى حين التحرير الكامل والشامل  للأرض والانسان العربي .    .
ظهور الاشتراطات الكبرى لزوال إسرائيل ، هو ؛ بداية زمن الانتصارات وتول  زمن الهزائم .. حروب تموز وتدمير غزه الثلاث نموذجا ،والحسم العسكري لتنظيف الجغرافيا السورية والعراقية من المجموعات التكفيرية المسلحة ، واستكمال جبهات “الهلال المقاوم ” من طهران الى دمشق لأحياء الجبهة الشرقية وفق العقيدة القتالية لمحور المقاومة العربي والاسلامي للتحرير .
وكما كان وصول الاخوان المسلمين” قادة التيار الاسلامي “الى الحكم في تركيا منذ عام 2002،وفي مصر بلد المنشأ في العام  2012 ،عن طريق صناديق الاقتراع، وليس عن طريق ثورة اطاحت بالنظام العلماني الاتاتوركي ، وبنظام حسني مبارك الموالي للغرب المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والمرتبط معها بمذكرة تفاهم وتعاون عسكري منذ عام 1988، والمرتهن لإسرائيل بمعاهدة كامب ديفيد منذ عام 1979، وحتى الان ، وخروج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني الى الابد ؛ ساهمت في تلوين المشهد السياسي العربي الى صراع مذهبي افتراضي في الاقليم.
انهيار” حكم  المرشد” في  مصر بثوره شعبية عارمة بعد عام من الوصول الى السلطة لأسباب كثيره ومتعددة ، لكن أطاله حكم حزب التنمية والعدالة مرتبط ومرهون بالدور والمهمة في مؤامرة الحرب الكونية على سورية ومن سوريه، وبتفاهم مع الادارة الأمريكية على استمرار العلاقات التركية الإسرائيلية بالانضواء في منظومة التحالف الامني الاقليمي، والارتهان الاقتصادي للغرب المتصهين، والاعتراف بيهودية الدولة في فلسطين المحتلة ، لقيادة “محور الشر ” لمواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي من خلال صراع مذهبي افتراضي بين هلالين ،وهو في الحقيقة بين مساري المقاومة والاستسلام.
أنخرط حزب التنمية والعدالة التركي في مؤامرة الحرب الكونية على سورية ومن سورية ، لأحياء السلطنة السلجوقية  في حكم البلاد العربية باسم المذهب السني، واستعادة  ” الخلافة  الاسلامية”  في هلال سني افتراضي ، وتكون فيه إسرائيل ” شرطي المنطقة” في اطار وظيفة اقليمية لمواجهة محور المقاومة العربي الاسلامي.
كما جاء انخراط “الوهابية التكفيرية ” والاسلام السياسي” الدواعش ” في مشاريع وخطط الولايات المتحدة الامريكية ، بهدف مواجهة وتدمير القوى التنويرية في الاقليم والعالم في اطار وظيفتها غير المعلنة في مؤامرة تفتيت الوطن العربي والاسلامي التي تنفذ ضمن مخرجات حركة الاستشراق التي تزامنت مع سايكس بيكو ووعد بلفور وفرساي. / يتبع 2/2
  صحافي ومحلل سياسي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.