هزيمة جديدة للإئتلاف السوري! / الدكتور خيام الزعبي

 

 

الدكتور خيام الزعبي ( سورية ) الجمعة 27/3/2015 م …

تنعقد القمة العربية الـ26 يوم السبت القادم  في شرم الشيخ برئاسة مصر للمرة الأولى منذ ثورتي 25 يناير و30 يونيو في وقت تواجه فيه دول المنطقة تحديات ومخاطر كبيرة، فقد نجحت المخططات الخارجية في تحقيق أهدافها في العديد من الدول العربية حيث إجتاح الإرهاب سورية ومصر والعراق وليبيا واليمن و…. مما يهدد المنطقة العربية بأسرها ويؤثر على إقتصادها وأمنها وإستقرارها، ما حدث ويحدث للعالم العربي ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة مخطط غربي لحماية أمن إسرائيل في المنطقة، إنهم لا يريدون لنا الوحدة بل يريدون أن ننشغل بالخلافات فيما بيننا للتغافل عن خطر الكيان الإسرائيلي الذي لا يعرف الحدود ولا يتوانى عن تمزيق المسلمين والتطاول على مقدساتهم، وبالتالي إثارة الخلافات بين العرب لتسويق أسلحته، وقد أعلنت فرنسا  إن مبيعاتها من الأسلحة بلغت 4 إضعاف مبيعاتها في السنوات السابقة.

اليوم يثير المقعد السوري في جامعة الدول العربية الذي منحته قطر للمعارضة السورية المتمثلة في “الإئتلاف السوري” خلال قمة الدوحة عام 2013 جدلاً واسعاً، فهناك رغبة لدول عربية أن يشارك الإئتلاف وحده كممثل للسوريين وعلى رأسها قطر، فيما تصر دول أخرى على ضرورة أن يكون هناك قوى أخرى معارضة غير الإئتلاف على أن تجتمع بالمسؤولين العرب على هامش القمة وليس كمشارك فيها، بينما تضع دول عربية فيتو على مشاركة المعارضة السورية والتهديد بالإنسحاب من عضوية الجامعة في حال إستمرار الإئتلاف في المقعد السوري خلال قمة شرم الشيخ، وأهم هذه الدول “الجزائر والعراق ولبنان ومصر” ، لاسيما وأن هناك ضغوط قطرية يتم ممارستها من أجل شغل “الإئتلاف” مقعد سورية خلال هذه القمة.

يطمح الإئتلاف أن يشارك في القمة العربية، لكنّه لم يتلق حتى الآن أي دعوة لحضور هذه القمة، إذ تواصل هيثم المالح مع الخارجية المصرية أكثر من مرة من أجل هذه الدعوة دون الوصول إلى أي نتيجة أو إقناع المجلس الوزاري العربي في منح المقعد للإئتلاف ليكون ممثلاً للشعب السوري في الجامعة، والسبب هو أن تسليم المقعد للإئتلاف يمثل مشكلة قانونية نظرا لعدم وجود حكومة للإئتلاف معترف بها أو وزارة خارجية تقوم بإستلام الهيئة التنفيذية الدبلوماسية، بالإضافة الى أن الإئتلاف  لم يفعل اي شيء يجعله أهلاً لًأن يشغل مقعد سورية، وهناك أسباب أخرى جديرة بالذكر، أولها سوري ذاتي يتعلق بالشكوك بأحقية إستلام الائتلاف مقعد سورية وأهليته لذلك، والثاني سياسي، حيث إن إستمرار المعارضة في المقعد يعني عمليا أن الحل السياسي ليس هو الأولوية للجامعة العربية، وهو عكس الاتجاه الشائع حاليا، سواء عربياً أم دولياً، بأن الحل السياسي للأزمة هو الأسلم والأقرب والأفضل للدولة والشعب السوري، من أجل وقف الصراع في سورية، أما السبب الثالث، فهو يتعلق بتحفظ بعض الدول العربية ومعارضة صريحة للبعض الآخر على قرار منح المقعد للمعارضة السورية التي ترفض تمرير هذا الأمر الذي يؤذي حليفها، خاصة أن سورية كانت من أوائل الدول المؤسسة والمنضمة إلى لواء جامعة الدول العربية التي وقعت ضمن الدول السبع المؤسسة على بروتوكول الإسكندرية في العام 1944ما يعني أن بقاء المقعد شاغرا وعدم توجيه الدعوة للمعارضة السورية هو أفضل الحلول حتى لا يتسبّب الأمر في خلاف جوهري بداخل القمة.

في سياق متصل إن المعادلة العسكرية والسياسية في سورية تغيرت، واذا كان الإئتلاف لم يستطع الحصول على مقعد سورية عندما كان النظام السوري مهدداً ومحاصرا من قبل الولايات المتحدة وقوى دولية واقليمية وكانت أيامه ىحسب قولهم معدودة وعلى حافة الهاوية ، فكيف له ان يحصل على مقعد سورية الآن، وخاصة أن النظام يعيد مد جسور تواصله مع بعض تلك القوى التي حاصرته، حتى بعض الدول العربية لم تعد تخفي رغبتها بإعادة علاقاتها مع النظام السوري، بعد  ظهور تنظيم داعش  في سورية والعراق إذ جعل الكثير من الدول تعيد حساباتها إزاء ما يجري في سورية، فسورية باتت المفتاح لوضع المنطقة على المسار الآمن، ومن هذا المنطلق أدرك العالم متأخراً أن سورية ليست معزولة وأنها دولة مركزية في منطقة الشرق الأوسط، وما يجرى فيها له إرتداداته وإنعكاساته على المنطقة بأكملها، لذلك بات الجميع مقتنعاً بحاجتهم لتسوية الأزمة في سورية وتوحيد الجهود بإتجاه وضع خطة مواجهة شاملة على كافة المستويات المختلفة هدفها الأساسي، تدمير إيديولوجية التنظيمات المتطرفة وتجفيف مصادر تمويلها.

 

هناك حقيقة أساسية مفادها إفلاس الإئتلاف الوطني حيث أبلغ رئيس حكومته “أحمد طعمة”، كافة الموظفين عبر المسؤولين عنهم، بضرورة تقديم إستقالتهم من الحكومة، أو البقاء في ممارسة أعمالهم كـ”متطوعين”في وقت رفعت فيه دولة قطر يدها بالكامل عن الإئتلاف، بعد أنباء عن نيتها تسليم مبالغ إسعافية لها لتدارك الكارثة المالية التي عصفت بأركانها، فضلاً عن الإنتقادات الكثيرة التي وجهت لحكومة الإئتلاف على خلفية قضايا فساد وسرقة الأموال التي تقدمها دول خليجية لهيئات ووزارت الحكومة، كما أن هناك قراراً صدر من رئاسة الحكومة بحل “الهيئة السورية للعدالة الانتقالية” التي يرأسها رضوان زيادة، وإيفاد قسم من موظفيها للإئتلاف الوطني، وتخيّير الأخرين بالإستقالة .

مجملاً…إن إستمرار قرار شغور المقعد السوري، صفعة جديدة ورسالة إلى المعارضة السورية مفادها إن تلك المعارضة لا تجمع السوريين، وإنها لا تملك رؤية خاصة أو خارطة طريق يمكن الإستناد عليها، لأنها باتت عبئاً على أصدقائها ورعاتها ومموليها, لكن الأصح لو أعيد المقعد للدولة السورية والتي لم تسقط أو تفقد سيطرتها على الأرض، من هنا أود التأكيد على أن سورية  ستظل رقماً صعباً يفرض على الآخرين طبيعة الإهتمام بها ووضعها في حساباتهم السياسية، وإذا ما وقفنا أمام ما يحدث اليوم من صراعات ونزعات وتعاطي بعض الدول لفرض أجندات مكشوفة لتحديد مساراتها،  سنجد أن تلك التدخلات لا يمكن أن تحصد سوى الخيبة والهزيمة، وبالتالي فإن خلاص سورية يكمن في وحدة الصف وعدم السماح بإشعال نار الفتنة، لأن سلامة الوحدة السورية وسلامة التراب السوري أمانة في أعناق كافة السوريين ونحن على يقين أن إصطفاف السوريين كافة سيكون الصخرة التي تتحطم عليها أطماع القوى الإستعمارية.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.